لجريدة عمان:
2025-10-15@17:10:47 GMT

من طروادة إلى إزكي

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

يعدّ علم الآثار من العلوم الحديثة، فقد نشأ قبل أقل من قرنين، وقد أكّد عالم الآثار واللغات القديمة د. نائل حنون أنّ علم الآثار تأسّس أصلا عند قيام المستكشف الألماني هنريك شليمان بالبحث عن مدينة طروادة التي قرأ عنها في إلياذة هوميروس، على الرغم من وجود اعتقاد في حينه بأنها ليست مدينة حقيقية، وإنما من نسج الخيال.

وقاد بحثه إلى البدء في أوّل أعمال تنقيب أثري في الموقع الذي توقّع أنّه يضمُّ بقايا تلك المدينة. كان هذا في عام 1870م، وأدّى بالفعل إلى اكتشاف، كما يقول حنّون "يعدّ حتى اليوم من أعظم وأولى الاكتشافات الأثرية في التاريخ" وهذه المعلومة تفتح الباب لاستنتاج مهم وهو أن المستكشفين استعانوا بكتب الأدب للانطلاق في رحلة كشوفاتهم، وفي كتابه الجديد "الاستكشاف الأثري من وادي الرافدين إلى عمان" الصادر ضمن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق يأخذنا د. نائل حنّون الباحث في مركز الفراهيدي للدراسات بجامعة نزوى في رحلة مع عالم الاكتشافات الأثرية عبر ثلاثة أبواب، خصّص الأول للاستكشاف الأثري في وادي الفرات في سورية، والثاني للمدن القديمة المكتشفة في وادي الفرات الأوسط في العراق، أمّا الباب الثالث، فقد خصّصه لشبه الجزيرة العربية وعُمان، وتضمّن دراسة للتاريخ القديم لسلطنة عمان من خلال ما وثّقته النصوص المسمارية لحضارة وادي الرافدين وعمليات التحري والتنقيب.

ويوضح المؤلّف في مقدمة الكتاب هدف الاستكشافات الأثرية التي تتلخّص في "الحصول على الأدلة والعناصر التي تركتها الحضارة القديمة في الأرض، لكي يستعان بها للتعرّف على ما جرى في الماضي وما حدث أبّان تطوّر حضارة ما وانتقالها من مرحلة إلى أخرى وتوسعها وانتشار تأثيرها.. وفهم دور الإنسان في تكوين البيئة الثقافية التي تشكلت منها حضارته وتفاعله مع البيئة التي عاش فيها".

وبفضل هذا العلم توصّل العلماء إلى معرفة العلاقات التاريخية والصلات الحضارية التي تربط بلدان العالم القديم، ويشير المؤلف إلى ورود ذكر العرب في النصوص المسمارية وذلك في حوليات الملك الآشوري شلمنصر الثالث (823-858 ق.م)، إذ شهد القرن الثامن قبل الميلاد دورا أكبر للعرب في العلاقات الآشورية، فلم يكن يهمّهم التوسع الآشوري بقدر اهتمامهم بسلامة طرق تجارتهم، وكان الآشوريون يهابونهم ولم يكن أمامهم سوى التعاون معهم لضمان أعمالهم التجارية.

وأبرز الكتاب الصلة بين التاريخ القديم للمدن ومواقعها الأثرية، كمدن سوريا التي نعرف أسماءها القديمة، وقدّم عرضا لنتائج التنقيب الأثري في مواقعها ويكشف وجود مدن في الوطن العربي ما تزال تحتفظ بأسمائها، التي ذُكرت في النصوص المسمارية، كتيما، وفدك، ويثرب في السعودية، وإزكي في عُمان التي وصفت في النصوص المسمارية على أنها عاصمة ملكية، كما أن الكتاب يقدم دليلا على أن مجان لم يكن اسما لبلاد فقط، وإنما اسم لمدينة ازدهرت في الألف الثالث قبل الميلاد.

وهذا ليس بغريب، فالتاريخ الجيولوجي لعُمان، يحمل شواهد تعود لأزمنة سحيقة، ففي رحلة نظّمتها الجمعية الجيولوجية العمانية، قبل سنوات رأينا في العامرات صخورا يعود عمرها إلى 420-450 مليون سنة، كما قال د. محمد الكندي دليلنا في تلك الرحلة، ووقفنا في قرية الحمّام بولاية بوشر، على صخور الأفيوليت الخضر التي تعود إلى عصور سحيقة.

وحول التنقيبات في سلطنة عمان يرى د. نائل أنها بدأت "حينما أجرت البعثة الأثرية الأمريكية تحرياتها في ظُفار في عامي 1952- 1953م، ونشرت نتائج أعمالها في عام 1982م. وفي عام 1973م قامت بعثة من جامعة هارفرد بأعمال المسح الأثري لمواقع من عصور ما قبل التاريخ في عُمان نشرت نتائجه في عام 1974م"، وكم سررت عندما قرأت في الكتاب أنّ مستوطنة رأس الحمراء في شاطئ القرم التي تقع على مقربة من سكني كانت مزدهرة قبل أكثر من أربع آلاف سنة، وشهدت فعاليات اقتصادية واسعة في الزراعة والصيد!

ورغم أن عمر التنقيب قصير نسبيا إلّا أن المنقّبين قطعوا أشواطا جيّدة، وتوصّلوا إلى نتائج مهمّة بفضل الجهود المبذولة في توفير بيئة مناسبة للعاملين في هذا المجال، خصوصا أن العالم عرف أهمّيّة الاستكشاف الأثري، وقد نجحت بعض البعثات الأثرية الأجنبية، في الكشف عن مواطن سكنى قديمة، ومواد أثرية فائقة الأهمية، وما زال أمام المنقبين مهمات كثيرة تتطلّب تنشيط أعمال الاستكشاف، والتنقيب الأثري في أرجاء سلطنة عمان، وأرى أن المعلومات التي تخصّ التاريخ القديم لسلطنة عمان في هذا الكتاب الذي ينطوي على قيّمة معرفيّة أن تكون نواة لدراسات مستقبلية أوسع وصولا إلى بناء علم آثار عمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

افتتاح منفذ لبيع إصدارات هيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة في أسوان

 

 افتتح اللواء الدكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، والدكتور خالد أبو الليل القائم بأعمال رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والسفير رضا الطايفي مدير صندوق مكتبات مصر العامة، منفذ بيع جديد لإصدارات هيئة الكتاب بمقر مكتبة مصر العامة في محافظة أسوان.

 

 

جاء ذلك بحضور عدد من القيادات الثقافية ومسؤولي العمل الثقافي في جنوب مصر، ومن بينهم المهندس عمرو حلمي لاشين نائب محافظ أسوان، والدكتورة رانيا شرعان مدير مكتبة مصر العامة الرئيسية، والدكتور أحمد أمان المنسق العام علي المكتبات الإقليمية، والدكتورة نهلة الأنصاري مدير مكتبة مصر العامة بأسوان، وايمان حلمي مدير المكتب الفني لمكتبة مصر العامة، وأماني حسن منسق المكتبات المتنقلة الإقليمية، ومحمد محمود المدير المالي لمكتبة مصر العامة، ومحمد عمر مدير العلاقات العامة لمكتبة مصر العامة.

يأتي افتتاح المنفذ الجديد في إطار استراتيجية وزارة الثقافة الهادفة إلى توسيع نطاق انتشار الكتاب المصري، وإتاحة إصدارات الهيئة العامة للكتاب في مختلف محافظات الجمهورية، دعمًا لحق المواطن في المعرفة، وتشجيعًا على القراءة والتنوير الفكري في جميع أرجاء مصر، لاسيما في صعيدها الجنوبي.
وخلال الافتتاح، أكد الدكتور خالد أبو الليل أن افتتاح منفذ هيئة الكتاب في مكتبة مصر العامة بأسوان يُعد خطوة جديدة نحو تحقيق العدالة الثقافية التي تتبناها وزارة الثقافة، مشيرًا إلى أن الهيئة تسعى من خلال هذه المنافذ إلى تقريب الكتاب من القارئ في كل المحافظات، لا سيما في المناطق البعيدة عن المركز، بحيث يجد المواطن إصدارات الهيئة بين يديه بأسعار مناسبة وجودة متميزة. 


وأضاف أن الهيئة تعمل على توسيع شبكة منافذها بالتعاون مع المكتبات العامة والجامعات ومراكز الشباب، في إطار خطة متكاملة لنشر الثقافة والوعي عبر الكتاب الورقي والإلكتروني.
ومن جانبه، عبّر السفير رضا الطايفي عن سعادته بالتعاون المستمر بين صندوق مكتبات مصر العامة والهيئة المصرية العامة للكتاب، مؤكدًا أن هذا التعاون يُثري منظومة العمل الثقافي ويحقق أهداف المكتبات العامة في تقديم المعرفة والتنوير لكل الفئات العمرية. 
وأشار إلى أن مكتبة مصر العامة بأسوان تُعد واحدة من الصروح الثقافية المهمة في الجنوب، إذ تؤدي دورًا محوريًا في نشر الثقافة والقراءة بين الشباب والأطفال، وتنظيم الفعاليات الأدبية والفنية التي تُسهم في رفع الوعي الثقافي لدى المواطنين.
وأكد الحاضرون أن المنفذ الجديد سيُسهِم في إتاحة أحدث إصدارات هيئة الكتاب من المؤلفات الأدبية والفكرية والعلمية وكتب الأطفال والمجلات الثقافية، مما يُسهم في خلق جسر تواصل مستمر بين الكاتب والقارئ في الجنوب.
كما أثنى المشاركون على حرص وزارة الثقافة وهيئاتها التابعة على الوصول إلى المواطن المصري في كل مكان، مؤكدين أن هذه المبادرات تُعزّز الانتماء الوطني وتدعم التنمية الثقافية المستدامة التي تُعد أحد محاور «رؤية مصر 2030».
ويُعد منفذ مكتبة مصر العامة بأسوان أحد المنافذ الجديدة التي أطلقتها الهيئة العامة للكتاب خلال عام 2025 ضمن خطة طموحة لزيادة عدد نقاط البيع في المحافظات، بعد النجاحات التي حققتها منافذ الهيئة في مكتبات مصر العامة بالقاهرة والجيزة والمنصورة ودمياط، وتستهدف الهيئة من هذه الخطوة إحياء عادة القراءة بين الشباب، وإتاحة المؤلفات القيمة بأسعار رمزية تناسب جميع الفئات، تأكيدًا على أن الثقافة حق لكل مواطن.
وبهذا الافتتاح، تواصل وزارة الثقافة وهيئاتها العمل على مد جسور التواصل المعرفي بين المواطن والكتاب، وجعل القراءة أسلوب حياة، تعزيزًا لرسالتها في بناء الإنسان المصري الواعي والمستنير.

 

 

مقالات مشابهة

  • محافظ الأقصر يتفقد المواقع الأثرية مع بدء الموسم السياحي
  • افتتاح منفذ لبيع إصدارات هيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة في أسوان
  • افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثري الإيبروأمريكي" بمكتبة الإسكندرية
  • مكتبة الإسكندرية تفتتح معرض التراث الأثري الإيبروأمريكي
  • افتتاح منفذ بيع لهيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة في أسوان
  • الكاتبة السويسرية دوروتيه إلمجر تفوز بجائزة الكتاب الألماني
  • محمد عمران.. مهندس عملية وادي النصارى ينجو من 13 مؤبدا
  • استمرار زيارات المناطق الأثرية ضمن فعاليات مسابقة حراس الهوية المصرية بالإسكندرية
  • انقلاب موتوسيكل يُصيب 3 أطفال في وادي النطرون بالبحيرة
  • اتحاد حضرموت بطلاً للدوري التنشيطي لأندية وادي حضرموت