كيف تعمل الصين على زيادة نفوذها في أفريقيا؟
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
تعمل الصين على زيادة نفوذها في أفريقيا في إطار مساعيها الرامية للتنافس مع الولايات المتحدة وتعزيز هيمنتها على الدول النامية، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتناولت الصحيفة في تقرير نشرته، الأربعاء، زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أفريقيا هذا الأسبوع وهي الأولى له منذ خمس سنوات، حيث شارك في قمة "بريكس" التي اقيمت في جنوب أفريقيا.
خلال الزيارة، تعهد الرئيس الصيني بتعزيز التعاون مع جنوب أفريقيا "لتعزيز صوت الدول الفقيرة"، وأشاد بالدول النامية لأنها "تخلصت من نير الاستعمار".
تقول الصحيفة إن شي سعى خلال الزيارة لتصوير نفسه كزعيم للعالم النامي، مضيفة أن الاستقبال الحافل الذي حضي به الزعيم الصيني في جنوب أفريقيا عزز الرسالة التي تأمل بكين في إرسالها للرأي العام الداخلي والخارجي.
تتمثل هذه الرسالة وفقا للصحيفة في أن جهود الصين الرامية لإنشاء نظام بديل عن النظام العالمي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة تحظى بشعبية خارج الغرب.
يقول رئيس تحرير موقع "ذي تشاينا غلوبال ساوث بروجكت" إريك أولاندر إن شي يحاول تشويه سمعة الغرب وإظهار أن البديل موجود".
ويضيف أن الرئيس الصيني "يحاول الاستفادة من كم المظالم الهائل والإحباط الموجود في العديد من البلدان النامية حول ما يعتبرونه ازدواجية ونفاق من جانب البلدان الغنية."
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الاحباط ناجم بشكل كبير عن سنوات طويلة من الوعود التي لم يتم الوفاء بها من قبل البلدان المتقدمة بتقديم لقاحات كوفيد-19 إلى البلدان الفقيرة والشعور بأن الغرب لا يبذل ما يكفي بشأن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وتعد أفريقيا ساحة تنافس ناشئة للنفوذ العالمي، حيث ضخت بكين مليارات الدولارات على شكل قروض ومساعدات واستثمارات في بلدان طالما تجاهلها الغرب.
وكانت نتيجة هذا التحرك الصيني حصولها على الدعم الدبلوماسي من قبل دول نامية في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والوصول إلى المعادن الحيوية اللازمة لتشغيل الصناعات المتنامية مثل السيارات الكهربائية.
أدت فورة الإنفاق الصينية في أفريقيا إلى ظهور الطرق السريعة والسدود في العديد من البلدان الأفريقية.
لكن هذه المشاريع ترافقت مع ديون مرهقة في دول مثل زامبيا وأنغولا، وكلاهما مدينتان بمليارات الدولارات للبنوك الصينية المملوكة للدولة.
وفي حين أعادت الصين هيكلة بعض الديون الثنائية مع دول مثل إثيوبيا وزامبيا، إلا أن محللين يؤكدون أن هذا لا يغطي سوى جزء صغير من المستحقات.
خلال قمة "بريكس" استهدف الزعيم الصيني الولايات المتحدة من دون أن يذكرها بالاسم.
وعلى النقيض من ذلك، صور شي الصين باعتبارها قوة للاستقرار وأشار إلى "مبادرات غامضة" حول التنمية والأمن، وفقا للصحيفة.
ويقول محللون إن شي أراد من كل ذلك مواجهة انتشار القيم الليبرالية الغربية وتأثير منظمة حلف شمال الأطلسي في أفريقيا ودول أخرى حول العالم، لكنها رغم ذلك تواجه معضلة حقيقية.
يرى الزميل البارز في معهد أبحاث جيمس تاون في واشنطن ويلي لام إن "الصين تعاني بشكل عام من نفاد الأموال، وخاصة النقد الأجنبي".
ويضيف أن "هذا الأمر كان عائقا كبيرا أمام خطط بكين لتوسيع نفوذها في العالم النامي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعيد صياغة استراتيجيتها في أفريقيا ورسالتها لدول المنطقة: أديروا أمنكم بأنفسكم
تُعيد الولايات المتحدة ترتيب أولوياتها في أفريقيا، وتقلّص تركيزها على المشاريع طويلة الأمد لبناء المؤسسات، لصالح دعم القدرات العسكرية المحلية وتشجيع الدول على تحمل مسؤولية أمنها الذاتي. يأتي هذا التحوّل في ظل تصاعد النفوذ الروسي والصيني وتنامي التهديدات الجهادية في القارة. اعلان
تعيد الولايات المتحدة مراجعة موقفها العسكري في أفريقيا، حيث تبتعد تدريجيًا عن تركيزها السابق على تعزيز الحكم الرشيد ومعالجة الأسباب الجذرية لحركات التمرد في القارة السمراء.
وفي تحوّل لافت، تركز واشنطن الآن على دعم الشركاء الإقليميين ودفعهم نحو الاعتماد على أنفسهم في مواجهة التحديات الأمنية.
وظهر هذا التحوّل بوضوح خلال مناورات "الأسد الأفريقي"، التي تعد أكبر تدريبات عسكرية مشتركة تُجرى سنويًا في القارة. وفي تصريحات أدلى بها الجنرال مايكل لانغلي، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أفريقيا، لوكالة أسوشيتد برس في ختام المناورات التي استمرت أربعة أسابيع، أكد أن الهدف هو "رفع مستوى الشراكات إلى مرحلة العمليات المستقلة".
وأضاف لانغلي: "لا بد أن يكون هناك تقاسم للأعباء"، موضحًا أن الأولوية الحالية للولايات المتحدة هي "حماية الوطن". وشاركت في المناورات قوات من أكثر من 40 دولة، في عمليات مشتركة تضمنت طلعات جوية بطائرات مُسيَّرة، ومحاكاة للاشتباك الميداني، وإطلاق صواريخ دقيقة في الصحراء.
ينصب التركيز الجديد لواشنطن في أفريقيا على بناء القدرات العسكرية بدلاً من التركيز على بناء الدولة.
وأكد الجنرال مايكل لانغلي أن وزارة الدفاع الأمريكية، خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، أولت اهتمامًا بـ"قوة أصغر حجمًا وأكثر فتكًا"، وهو توجه قد يؤدي حتى إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي في مناطق مثل القارة الأفريقية.
يأتي هذا التحوّل في ظل تصاعد المنافسة بين القوى العالمية على النفوذ في هذا الجزء من الكرة الأرضية. فقد شنّت الصين حملات واسعة لتدريب الجيوش الأفريقية، في حين عززت الشركات العسكرية الروسية نفوذها في شمال وغرب ووسط القارة، حيث برزت كشريك أمني رئيسي.
في السنوات السابقة، دافع لانغلي عن نهج "الحكومة بأكملها"، مشيراً إلى أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق الاستقرار في الدول الهشة. واعتبر أن التعاون بين الأمن والتنمية هو السبيل الأمثل لذلك
وقد سبق له أن أشار إلى الجهود المتكاملة في ساحل العاج، التي تجمع بين الجانبين، كمثال ناجح على هذا النهج، لكن مثل هذه الحالات تظل حتى الآن استثناءً أكثر مما هي قاعدة.
Relatedشراكة جديدة بين أوروبا وإفريقيا للاستثمار في الثروة المعدنية والطاقة الخضراءإدارة ترامب تدرس نقل دور القيادة الأمريكية في إفريقيا إلى أوروباترامب يلتقي رئيس جنوب إفريقيا في المكتب البيضاوي ويعرض ما يقول إنها أدلة على إبادة جماعية بحق البيضقال لانغلي، الذي من المقرر أن يتنحى عن منصبه في وقت لاحق من هذا العام: "لقد رأيت تقدمًا ورأيت تراجعًا".
وفيما تعيد الولايات المتحدة تنظيم أولوياتها، يستمر التمرد في التوسع. وأشار مسؤول دفاعي أمريكي رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن أفريقيا باتت تُعتبر الآن "مركزًا" لكل من تنظيمي القاعدة وداعش، مع ازدياد عدد الفروع الإقليمية التابعة للتنظيمين، وبحسب التقارير، فإن القيادة العليا للتنظيم قد انتقلت إلى القارة.
رغم أن أفريقيا لا تُعدّ من الأولويات المتقدمة لدى البنتاغون، إلا أن الولايات المتحدة نشرت نحو 6500 جندي في أنحاء القارة، واستثمرت مئات الملايين من الدولارات في المساعدات الأمنية.
وتواجه القوات الأمريكية في العديد من المناطق منافسة مباشرة من النفوذ الروسي والصيني، وفي مناطق أخرى، ما زالت التهديدات الجهادية تتطلب تدخلًا أمريكيًا مباشرًا.
في عام 2024، استحوذت منطقة الساحل على أكثر من نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب في العالم، وفقًا لمعهد الاقتصاد والسلام. وحدها الصومال سجلت 6% من تلك الوفيات، مما يجعلها أكثر الدول الأفريقية تضررًا من الإرهاب خارج منطقة الساحل.
على الرغم من تصاعد الغارات الجوية الأمريكية ضد أهداف حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال خلال إدارة ترامب، فإن الجنرال مايكل لانغلي اعترف بأن الجيش الصومالي لا يزال بعيدًا عن تحقيق القدرة على ضمان الاستقرار على المدى الطويل.
وقال لانغلي: "يحاول الجيش الوطني الصومالي أن يجد طريقه. هناك بعض الجوانب التي ما زال بحاجة إليها على ساحة المعركة ليكون فعالًا للغاية."
وبحسب المحللة الأمنية بيفرلي أوتشينج من شركة "كونترول ريسكس"، فإن العديد من الجيوش الإقليمية كانت تعاني، حتى قبل الانسحابات الغربية، من نقصٍ في الموارد والقدرات اللازمة للتعامل مع حجم التهديدات التي تواجهها من المسلحين.
وأضافت: "العديد من هذه الجيوش لا تمتلك قوات جوية قوية ولا القدرة على مراقبة تحركات المسلحين، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها عبر الطرق التقليدية."
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة