القاهرة- بحذر، تترقب مصر آثار الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترامب على قناة السويس وصادراتها، حيث يتوقع أن تتسبب الرسوم الجديدة في تباطؤ سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.

وتأتي زيادة الرسوم الجمركية في 2 أبريل/نيسان، على الواردات القادمة من القاهرة بنسبة 10%، ضمن 180 دولة بالعالم، تلاحقها رسوم وصلت إلى 46%، وسط حديث عن تأثيرات سلبية وآمال بفرص استثمارية مهمة لمصر، وفق خبراء اقتصاد تحدثوا لـ"الجزيرة نت".

وفي مقدمة الآثار السلبية المتوقعة تضرر حصيلة رسوم قناة السويس، وفق خبراء، في ظل التباطؤ المتوقع في سلاسل الإمداد والتجارة الدولية عقب قرارات ترامب، وهو ما يضيف أعباء على القاهرة مع استمرار التطورات الجيوسياسية في البحر الأحمر وخسائرها التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات شهريا، وفق بيانات رسمية.

ولم يعلن مجلس الوزراء المصري موقفا بعد، لكن مركز المعلومات واتخاذ القرار به قلل من تأثير القرار الأميركي على الدول العربية عامة، فيما أعلنت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية دراستها تداعيات القرار بشكل غير رسمي، وذهبت بعض وسائل الإعلام الحكومي إلى الحديث عن قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات.

التجارة بين مصر والولايات المتحدة سجلت ارتفاعا بنسبة 35.8% خلال يناير/كانون الثاني 2024 (غيتي) الوضع التجاري بين القاهرة وواشنطن

وتعمقت علاقة القاهرة التجارية والاستثمارية مع واشنطن منذ أن وقّعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في مارس/آذار 1979، فيما أنشئت الغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة في عام 1984، وتطورت إلى شبكة تجارية تربط بين أكثر من 1900 شركة محلية مصرية وأميركية.

إعلان

وبحسب النشرة التجارية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (مرصد حكومي)، سجلت قيمة التجارة بين مصر والولايات المتحدة، ارتفاعا بنسبة 35.8% خلال يناير/كانون الثاني 2024، لتبلغ 202 مليون و357 ألف دولار، في مقابل 148 مليونا و971 ألف دولار، خلال الشهر نفسه من عام 2023، وتصدرت الملابس والسجاد والأغطية الصادرات المصرية لأميركا.

ووفق بيانات المجلس التصديري للملابس الجاهزة، تصدرت الولايات المتحدة الدول المستقبلة لمنتجات الملابس الجاهزة المصرية بما قيمته 105 ملايين دولار خلال يناير/كانون الثاني الماضي مقابل 104 ملايين دولار في الشهر نفسه من العام الماضي.

ووفق الغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة، تدخل مصر الأسواق الأميركية عبر مبادرتين هما: نظام الأفضليات المعمم الأميركي (GSP)، وهو برنامج معاملة تجارية تفضيلية تُعفى فيه منتجات معينة من الرسوم الجمركية بموجب شروط محددة، ومبادرة المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، وهي اتفاقية تجارة بين مصر وإسرائيل معفاة سلعها المصنعة بطريقة مشتركة من الرسوم الجمركية الأميركية.

رفع رسوم قناة السويس والاستفادة من المتضررين

أستاذ اقتصاديات التمويل بكلية تجارة جامعة القاهرة، حسن الصادي، يرى في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أهمية تشكيل المجلس الأعلى للتصدير بمصر، لخلية عمل عاجلة والدعوة إلى اجتماع طارئ للمختصين فنيا، لرسم خارطة واضحة لتعظيم المكاسب المحتملة وتقليل أي خسائر.

وطبقاً للقرار رقم 142 سنة 2023، يترأس المجلس الأعلى للتصدير، رئيس الجمهورية أو من ينيبه، وعضوية رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، وأكثر من 20 وزارة وهيئة متخصصة وممثلين للمصدرين وذوي الخبرة، بهدف تشجيع وتنمية الصادرات المصرية.

ويقترح الصادي رفع رسوم المرور في قناة السويس لجبر ما يعتقده من حدوث ضرر من التباطؤ المرجح في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية التي تستفيد منها قناة السويس، في ظل توقعاته بانخفاض التجارة العالمية ككل، مؤكدا أن من حق مصر تحصيل حصة مناسبة من رسوم شريانها الملاحي في ظل تلك الارتفاعات الأميركية التي تضر بالعالم.

قناة السويس قد ترفع رسوم المرور لجبر التباطؤ المرجح في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية (إعلام قناة السويس)

كما يدعو الخبير الاقتصادي، المجلس الأعلى للتصدير إلى تحضير قوائم واضحة ومدروسة من الدول التي تعرضت لرسوم جمركية كبيرة من 20% فأكثر، ونسب حصتها التجارية مع الولايات المتحدة، للاستفادة من تضررها المتوقع بدخول مصر السوق الأميركية بمنتج تنافسي، في ظل توافر ما يطلبه السوق الأميركي من منتجات غذائية وغزل ونسيج، في مصر.

إعلان

ويضرب المثل بتصدير القاهرة العنب إلى فرنسا ودول أوروبا، والذين يقومون بدورهم بتصديره إلى أميركا، مطالبا بدراسة تصديره مباشرة من مصر بأسعار تنافسية، وفق المعايير الأميركية.

ويشير الصادي إلى أن لدى مصر ميزة تنافسية في السوق الأميركي مع وجود اتفاقية الكويز، حيث تم فرض رسوم جمركية 17% على إسرائيل، بما يسمح لمصر بتقديم منتج مطابق للمواصفات الأميركية بأسعار أفضل من إسرائيل وغيرها.

مصر وتجربة الصين في المكسيك

وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، يرجح الباحث الاقتصادي وخبير أسواق المال، أحمد قطب، تأثر الشركات العاملة في مجال الصادرات المصرية لأميركا بشكل سلبي، بنفس نسبة التعريفة الجديدة (10%)، وبخاصة المنسوجات، والملابس، والسجاد، دون تأثر شركات اتفاقية الكويز المحمية بترتيبات مختلفة، مؤكدا توقعه كذلك تضرر الشريان الملاحي لمصر" قناة السويس" من قرار ترامب، للأسباب ذاتها.

ويعلق المحلل الاقتصادي، نجاح مصر في تلافي السلبيات واستغلال قرار ترامب لصالحها، على نجاحها في تسويق نفسها، وجذب استثمارات الدول المتضررة من تعريفات ترامب، عبر إقناعهم بالاتجاه إلى إنشاء مصانعهم بمصر واستخدامها كحل بديل ذات تعريفة جمركية أقل والتصدير من خلالها كبوابة وقنطرة لأميركا.

ويشير أحمد قطب إلى أن الصين لجأت في وقت سابق للمكسيك، وأنشأت مصانع عدة لإنتاج سياراتها هناك والتصدير منها لأميركا لاستغلال الضرائب المنخفضة.

تسونامي هائل يجب استغلاله مصريا

الباحث المصرفي والاقتصادي رائد سلامة، أحد منسقي المحور الاقتصادي بالحوار الوطني المصري، يذهب إلى أهمية نظر القاهرة إلى المخاطر المتوقعة من القرار باعتبارها فرصا وليس باعتبارها تحديات سلبية فقط.

وأوضح لـ"الجزيرة نت" أن رسوم ترامب الجديدة ستتسبب في "تسونامي هائل"، لا مجرد موجة تضخمية، يضرب أسس التبادل التجاري العالمي، ويفاقم الفجوة بين العرض والطلب العالميين ما يشعل الأسعار، خصوصا مع النقص الحاد في المواد الغذائية وارتفاع معدلات الفقر والمرض والدمار بسبب حرب أوكرانيا والإبادة والمذابح بحق الإنسانية في غزة.

إعلان

ويرى الباحث المصرفي والاقتصادي البارز، أن هناك إمكانات تصديرية هائلة أمام مصر خصوصا في ظل نسبة تعريفتها الجمركية المنخفضة، في مقابل تلك الدول المتضررة بنسب أكبر، عبر طرح منتجاتها بالسوق الأميركي بأسعار منافسة مع توافر معايير الجودة العالية.

ويؤكد أهمية أن تحدد مصر وبسرعة حزمة من المنتجات التي تقوم دول أخرى تخضع لتعريفة جمركية عالية بإنتاجها، ودراسة إمكانات إنتاجها بمصر سواء كانت إمكانات مادية أو بشرية أو موارد طبيعية، وذلك بأسعار تنافسية للتصدير للسوق الأميركي وتوسيع حصة مصر به، بعيدا عن حصتها من اتفاقية "الكويز".

البنك المركزي المصري (الأوروبية) نقاشات في مجتمع المال والغرف التجارية

وتدور نقاشات حول القرار الأميركي، في مجتمع رجال المال والأعمال والغرفة التجارية بمصر، وفق حديث رجل الأعمال محسن التاجوري عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالعاصمة القاهرة، لـ"الجزيرة نت"، مشيرا إلى أن انزعاج الدول الأوروبية من القرار، يجعل الجميع في انتظار ما ستسفر عنه الأيام.

ويوضح التاجوري، أنه سيتم قريبا عقد عدد من الاجتماعات بالغرفة لمناقشة كيفية استغلال قرار الرئيس الأميركي لصالح مصر، مشيرا إلى أن النقاشات الأولية في دوائر الغرفة التجارية أكدت أهمية أن تستغل مصر القرار لتعزيز صادراتها في ظل حصولها على التعريفة الجمركية الأقل بين دول أخرى.

لكن رجل الأعمال في مجال الاستيراد والتصدير والعضو السابق بمجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، أسامة جعفر، يتوقع في حديثه لـ"الجزيرة نت"، تراجع ترامب، عن قراراته مع اعتراض العالم عليها وميله لفتح باب التفاوض، معتقدا أنه لا وجه لأي استفادة منها أو ضرر كبير لمصر، في ظل ضعف الحضور الأميركي بالسوق المصري.

فيما يدعو عضو الاتحاد العام للغرف التجارية، بمصر، مصطفى المكاوي، الجهات الحكومية إلى زيادة الدعم التصديري الموجه للأسواق الأميركية، وإعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة، لضمان قدرة الصادرات المصرية على التكيف مع الأوضاع التجارية الجديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الصادرات المصریة الغرفة التجاریة الرسوم الجمرکیة قناة السویس الجزیرة نت إلى أن

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. انحراف مفاجئ لسفينة شحن في قناة السويس يتسبب بتعطل مؤقت للملاحة

تعرضت سفينة الشحن “RED ZED 1″، المتخصصة في نقل معدات الغوص والحمولات الثقيلة، لعطل فني مفاجئ في نظام التوجيه أثناء عبورها قناة السويس باتجاه الشمال، ما تسبب في انحرافها واصطدامها بمعدية القنطرة، إحدى المعديات التي تنقل الركاب والمركبات عبر القناة.

وأعلنت هيئة قناة السويس أن الحادث تم التعامل معه بسرعة وكفاءة بمساعدة ثلاث قاطرات إنقاذ، وهي “بورسعيد” و”سفيتزر السويس 1″ و”علي الشلبي”، مما حال دون تفاقم الوضع ومنع وقوع كارثة محتملة.

وتم نقل السفينة إلى البحيرات المرة، المنطقة المخصصة لإصلاح السفن وإجراء الفحوصات الفنية، دون أن يؤثر الحادث على حركة الملاحة التي استمرت بشكل طبيعي، حيث عبرت القناة نحو 32 سفينة في المتوسط خلال هذه الفترة.

تعتبر قناة السويس ممرًا بحريًا حيويًا يربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وتمر عبرها حوالي 12% من التجارة العالمية و9% من إمدادات النفط. وتواجه القناة تحديات مستمرة، منها انخفاض حركة الملاحة بنسبة 60% منذ عام 2023 نتيجة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، بالإضافة إلى حوادث سابقة بارزة مثل جنوح سفينة “إيفر جيفن” عام 2021 التي أوقفت الملاحة لستة أيام.

أكدت هيئة قناة السويس في بيان رسمي أن الحادث لم يتسبب في إصابات أو أضرار جسيمة، وأشادت بكفاءة فرق الإنقاذ البحري وسائقي المعديات الذين تمكنوا من إخلاء المنطقة بسرعة وضمان استمرار حركة الملاحة دون تعطيل.

مقالات مشابهة

  • اقتصادية قناة السويس تستعرض فرص الاستثمار الصحي في معرض «Africa Health ExCon 2025»
  • الفريق أسامة ربيع: إيرادات قناة السويس لا تزال في مرحلة التعافي
  • قناة السويس: بدء عودة السفن العملاقة للمرور تدريجيا
  • حادثة القنطرة.. بيان من "قناة السويس" حول حركة الملاحة
  • فيديو كارثي لسفينة في قناة السويس
  • جنوح سفينة عملاقة في قناة السويس
  • عاجل | كارثة في قناة السويس بسبب اصطدام سفينة بمعدية
  • بالفيديو.. انحراف مفاجئ لسفينة شحن في قناة السويس يتسبب بتعطل مؤقت للملاحة
  • قناة السويس تبدأ جني الثمار بعد هدوء الأوضاع في البحر الأحمر
  • اصطدام مروع لسفينة RED ZED 1 برصيف ركاب القنطرة في قناة السويس .. فيديو