ما تأثير تعريفات ترامب الجمركية على مصر وقناة السويس؟
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
القاهرة- بحذر، تترقب مصر آثار الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترامب على قناة السويس وصادراتها، حيث يتوقع أن تتسبب الرسوم الجديدة في تباطؤ سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.
وتأتي زيادة الرسوم الجمركية في 2 أبريل/نيسان، على الواردات القادمة من القاهرة بنسبة 10%، ضمن 180 دولة بالعالم، تلاحقها رسوم وصلت إلى 46%، وسط حديث عن تأثيرات سلبية وآمال بفرص استثمارية مهمة لمصر، وفق خبراء اقتصاد تحدثوا لـ"الجزيرة نت".
وفي مقدمة الآثار السلبية المتوقعة تضرر حصيلة رسوم قناة السويس، وفق خبراء، في ظل التباطؤ المتوقع في سلاسل الإمداد والتجارة الدولية عقب قرارات ترامب، وهو ما يضيف أعباء على القاهرة مع استمرار التطورات الجيوسياسية في البحر الأحمر وخسائرها التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات شهريا، وفق بيانات رسمية.
ولم يعلن مجلس الوزراء المصري موقفا بعد، لكن مركز المعلومات واتخاذ القرار به قلل من تأثير القرار الأميركي على الدول العربية عامة، فيما أعلنت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية دراستها تداعيات القرار بشكل غير رسمي، وذهبت بعض وسائل الإعلام الحكومي إلى الحديث عن قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات.
وتعمقت علاقة القاهرة التجارية والاستثمارية مع واشنطن منذ أن وقّعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في مارس/آذار 1979، فيما أنشئت الغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة في عام 1984، وتطورت إلى شبكة تجارية تربط بين أكثر من 1900 شركة محلية مصرية وأميركية.
إعلانوبحسب النشرة التجارية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (مرصد حكومي)، سجلت قيمة التجارة بين مصر والولايات المتحدة، ارتفاعا بنسبة 35.8% خلال يناير/كانون الثاني 2024، لتبلغ 202 مليون و357 ألف دولار، في مقابل 148 مليونا و971 ألف دولار، خلال الشهر نفسه من عام 2023، وتصدرت الملابس والسجاد والأغطية الصادرات المصرية لأميركا.
ووفق بيانات المجلس التصديري للملابس الجاهزة، تصدرت الولايات المتحدة الدول المستقبلة لمنتجات الملابس الجاهزة المصرية بما قيمته 105 ملايين دولار خلال يناير/كانون الثاني الماضي مقابل 104 ملايين دولار في الشهر نفسه من العام الماضي.
ووفق الغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة، تدخل مصر الأسواق الأميركية عبر مبادرتين هما: نظام الأفضليات المعمم الأميركي (GSP)، وهو برنامج معاملة تجارية تفضيلية تُعفى فيه منتجات معينة من الرسوم الجمركية بموجب شروط محددة، ومبادرة المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، وهي اتفاقية تجارة بين مصر وإسرائيل معفاة سلعها المصنعة بطريقة مشتركة من الرسوم الجمركية الأميركية.
رفع رسوم قناة السويس والاستفادة من المتضررينأستاذ اقتصاديات التمويل بكلية تجارة جامعة القاهرة، حسن الصادي، يرى في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أهمية تشكيل المجلس الأعلى للتصدير بمصر، لخلية عمل عاجلة والدعوة إلى اجتماع طارئ للمختصين فنيا، لرسم خارطة واضحة لتعظيم المكاسب المحتملة وتقليل أي خسائر.
وطبقاً للقرار رقم 142 سنة 2023، يترأس المجلس الأعلى للتصدير، رئيس الجمهورية أو من ينيبه، وعضوية رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، وأكثر من 20 وزارة وهيئة متخصصة وممثلين للمصدرين وذوي الخبرة، بهدف تشجيع وتنمية الصادرات المصرية.
ويقترح الصادي رفع رسوم المرور في قناة السويس لجبر ما يعتقده من حدوث ضرر من التباطؤ المرجح في سلاسل الإمداد والتجارة العالمية التي تستفيد منها قناة السويس، في ظل توقعاته بانخفاض التجارة العالمية ككل، مؤكدا أن من حق مصر تحصيل حصة مناسبة من رسوم شريانها الملاحي في ظل تلك الارتفاعات الأميركية التي تضر بالعالم.
كما يدعو الخبير الاقتصادي، المجلس الأعلى للتصدير إلى تحضير قوائم واضحة ومدروسة من الدول التي تعرضت لرسوم جمركية كبيرة من 20% فأكثر، ونسب حصتها التجارية مع الولايات المتحدة، للاستفادة من تضررها المتوقع بدخول مصر السوق الأميركية بمنتج تنافسي، في ظل توافر ما يطلبه السوق الأميركي من منتجات غذائية وغزل ونسيج، في مصر.
إعلانويضرب المثل بتصدير القاهرة العنب إلى فرنسا ودول أوروبا، والذين يقومون بدورهم بتصديره إلى أميركا، مطالبا بدراسة تصديره مباشرة من مصر بأسعار تنافسية، وفق المعايير الأميركية.
ويشير الصادي إلى أن لدى مصر ميزة تنافسية في السوق الأميركي مع وجود اتفاقية الكويز، حيث تم فرض رسوم جمركية 17% على إسرائيل، بما يسمح لمصر بتقديم منتج مطابق للمواصفات الأميركية بأسعار أفضل من إسرائيل وغيرها.
مصر وتجربة الصين في المكسيكوفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، يرجح الباحث الاقتصادي وخبير أسواق المال، أحمد قطب، تأثر الشركات العاملة في مجال الصادرات المصرية لأميركا بشكل سلبي، بنفس نسبة التعريفة الجديدة (10%)، وبخاصة المنسوجات، والملابس، والسجاد، دون تأثر شركات اتفاقية الكويز المحمية بترتيبات مختلفة، مؤكدا توقعه كذلك تضرر الشريان الملاحي لمصر" قناة السويس" من قرار ترامب، للأسباب ذاتها.
ويعلق المحلل الاقتصادي، نجاح مصر في تلافي السلبيات واستغلال قرار ترامب لصالحها، على نجاحها في تسويق نفسها، وجذب استثمارات الدول المتضررة من تعريفات ترامب، عبر إقناعهم بالاتجاه إلى إنشاء مصانعهم بمصر واستخدامها كحل بديل ذات تعريفة جمركية أقل والتصدير من خلالها كبوابة وقنطرة لأميركا.
ويشير أحمد قطب إلى أن الصين لجأت في وقت سابق للمكسيك، وأنشأت مصانع عدة لإنتاج سياراتها هناك والتصدير منها لأميركا لاستغلال الضرائب المنخفضة.
تسونامي هائل يجب استغلاله مصرياالباحث المصرفي والاقتصادي رائد سلامة، أحد منسقي المحور الاقتصادي بالحوار الوطني المصري، يذهب إلى أهمية نظر القاهرة إلى المخاطر المتوقعة من القرار باعتبارها فرصا وليس باعتبارها تحديات سلبية فقط.
وأوضح لـ"الجزيرة نت" أن رسوم ترامب الجديدة ستتسبب في "تسونامي هائل"، لا مجرد موجة تضخمية، يضرب أسس التبادل التجاري العالمي، ويفاقم الفجوة بين العرض والطلب العالميين ما يشعل الأسعار، خصوصا مع النقص الحاد في المواد الغذائية وارتفاع معدلات الفقر والمرض والدمار بسبب حرب أوكرانيا والإبادة والمذابح بحق الإنسانية في غزة.
إعلانويرى الباحث المصرفي والاقتصادي البارز، أن هناك إمكانات تصديرية هائلة أمام مصر خصوصا في ظل نسبة تعريفتها الجمركية المنخفضة، في مقابل تلك الدول المتضررة بنسب أكبر، عبر طرح منتجاتها بالسوق الأميركي بأسعار منافسة مع توافر معايير الجودة العالية.
ويؤكد أهمية أن تحدد مصر وبسرعة حزمة من المنتجات التي تقوم دول أخرى تخضع لتعريفة جمركية عالية بإنتاجها، ودراسة إمكانات إنتاجها بمصر سواء كانت إمكانات مادية أو بشرية أو موارد طبيعية، وذلك بأسعار تنافسية للتصدير للسوق الأميركي وتوسيع حصة مصر به، بعيدا عن حصتها من اتفاقية "الكويز".
وتدور نقاشات حول القرار الأميركي، في مجتمع رجال المال والأعمال والغرفة التجارية بمصر، وفق حديث رجل الأعمال محسن التاجوري عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالعاصمة القاهرة، لـ"الجزيرة نت"، مشيرا إلى أن انزعاج الدول الأوروبية من القرار، يجعل الجميع في انتظار ما ستسفر عنه الأيام.
ويوضح التاجوري، أنه سيتم قريبا عقد عدد من الاجتماعات بالغرفة لمناقشة كيفية استغلال قرار الرئيس الأميركي لصالح مصر، مشيرا إلى أن النقاشات الأولية في دوائر الغرفة التجارية أكدت أهمية أن تستغل مصر القرار لتعزيز صادراتها في ظل حصولها على التعريفة الجمركية الأقل بين دول أخرى.
لكن رجل الأعمال في مجال الاستيراد والتصدير والعضو السابق بمجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، أسامة جعفر، يتوقع في حديثه لـ"الجزيرة نت"، تراجع ترامب، عن قراراته مع اعتراض العالم عليها وميله لفتح باب التفاوض، معتقدا أنه لا وجه لأي استفادة منها أو ضرر كبير لمصر، في ظل ضعف الحضور الأميركي بالسوق المصري.
فيما يدعو عضو الاتحاد العام للغرف التجارية، بمصر، مصطفى المكاوي، الجهات الحكومية إلى زيادة الدعم التصديري الموجه للأسواق الأميركية، وإعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة، لضمان قدرة الصادرات المصرية على التكيف مع الأوضاع التجارية الجديدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الصادرات المصریة الغرفة التجاریة الرسوم الجمرکیة قناة السویس الجزیرة نت إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب يحث الصين على شراء النفط الأميركي
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الصين يمكنها مواصلة شراء النفط الإيراني، داعيا إياها إلى شراء كميات كبيرة من النفط الأميركي.
وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال أمس الثلاثاء "يمكن للصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران. ونأمل أن تشتري كميات كبيرة من الولايات المتحدة أيضا"، وذلك بعد أيام قليلة من إصداره أوامر بقصف 3 مواقع نووية إيرانية.
ونقلت رويترز عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن ترامب كان يقصد عدم وجود محاولات من جانب إيران حتى الآن لإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط، إذ إن إغلاقه كان سيؤدي لعواقب وخيمة على الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني في العالم.
وأضاف المسؤول "يواصل الرئيس دعوة الصين وجميع الدول إلى استيراد نفطنا الرائع بدلا من استيراد النفط الإيراني في انتهاك للعقوبات الأميركية".
وبعد إعلان وقف إطلاق النار، كانت تعليقات ترامب بشأن الصين إشارة انخفاض أخرى لأسعار النفط التي هوت بنحو 6% أمس الثلاثاء.
وسيمثل أي تخفيف للعقوبات المفروضة على إيران تحوّلا في السياسة الأميركية بعد أن قال ترامب في فبراير/شباط الماضي إنه سيعيد فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران بسبب برنامجها النووي وتمويلها جماعات مسلحة في الشرق الأوسط.
عقوبات على إيرانوفرض ترامب جولات من العقوبات المتعلقة بإيران، بما في ذلك على عدد من المصافي الصينية المستقلة ومشغلي الموانئ بسبب شراء النفط الإيراني.
وقال سكوت موديل المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية والرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة الطاقة رابيدان إنرجي، "الضوء الأخضر الذي منحه الرئيس ترامب للصين لمواصلة شراء النفط الإيراني يعكس عودة إلى تطبيق متساهل" للعقوبات.
وبالإضافة إلى عدم تطبيق العقوبات بشكل فعال، ربما يعلق ترامب أو يصدر إعفاءات من تنفيذ العقوبات بأوامر تنفيذية أو بموجب صلاحيات ممنوحة للرئيس عبر القوانين التي يقرها الكونغرس.
إعلانوقال موديل إن ترامب لن يتنازل على الأرجح عن العقوبات قبل الجولات المقبلة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية، وتمثل هذه الإجراءات مصدر نفوذ في ظل طلب طهران بأن يشمل أي اتفاق رفعها نهائيا.
وقال الشريك في شركة هيوز هوبارد آند ريد للمحاماة جيريمي بانر إنه إذا اختار ترامب تعليق العقوبات المتعلقة بالنفط الإيراني، فسيتطلب ذلك الكثير من العمل بين الوكالات، إذ سيتعين على وزارة الخزانة إصدار تراخيص، وستضطر وزارة الخارجية إلى إصدار إعفاءات، مما يتطلب إخطار الكونغرس.
وقال متعاملون في النفط ومحللون في آسيا إنهم يتوقعون ألا يكون لتعليقات ترامب تأثير في الأمد القريب على مشتريات الصين النفطية سواء من إيران أو الولايات المتحدة.
ويمثل النفط الإيراني نحو 13.6% من مشتريات الصين من النفط هذا العام، إذ يوفر الخام المنخفض السعر شريان حياة للمصافي المستقلة التي تعمل بهوامش ربح ضئيلة، ويشكل النفط الأميركي 2% من واردات الصين، كما أن الرسوم الجمركية التي تفرضها بكين بنسبة 10% على النفط الأميركي تعوق المزيد من المشتريات.
وقال محللون إن الأسواق ستستغرق وقتًا لاستيعاب تصريحات ترامب نظرًا للتقلبات في المنطقة.
وقال مدير المخاطر الجيوسياسية في شركة رابيدان إنرجي الاستشارية فرناندو فيريرا "سنرى ما إذا كانت الإدارة ستنفذ بيان الرئيس ترامب برفع العقوبات رسميا عن إيران.. يظل هذا مستبعدًا من دون اتفاق يتناول المسائل العالقة بشأن البرنامج النووي الإيراني".
يأتي هذا التراجع في الوقت الذي يُجري فيه المفاوضون التجاريون الأميركيون محادثات مع الصين سعيًا لحل بعض القضايا الأساسية في الحرب التجارية بين البلدين. وقد انتقدت الصين مرارًا العقوبات الأميركية، التي تصفها بأنها محاولة لتقويض الاقتصاد الصيني.
ضغط على الصيندأبت الصين على معارضة ما وصفتها بأنها "إساءة استخدام واشنطن للعقوبات الأحادية الجانب غير القانونية".
وردا على سؤال في مؤتمر صحفي دوري حول منشور ترامب، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون إن بكين ستتخذ تدابير معقولة لتحقيق الأمن في مجال الطاقة وفقا لمصالحها الوطنية.
ومن شأن زيادة الصين ومستهلكين آخرين مشترياتهم من النفط الإيراني أن تزعج منتجين آخرين للنفط.
مع ذلك، كان تأثير العقوبات الأميركية على صادرات إيران محدودا منذ ولاية ترامب الرئاسية الأولى عندما اتخذ إجراءات صارمة ضد طهران.
وقال موديل إن ترامب "لوّح بالمسدس" هذا العام بعقوبات على شركات تجارية وموانئ صينية. وأضاف موديل أن النتائج كانت "أقل الضغوط" وليس أقصاها.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس للصحفيين إن ترامب أشار إلى ما يريد أن يحدث وما تركز إدارته على تحقيقه، لكنها لم تفصح عن طبيعة الأمر.
وأضافت بروس "لكن من الواضح أننا نركز على التأكد من أن إرشادات الرئيس ترامب تسود وتدفع هذه الحكومة إلى الأمام، لذا سيتعين علينا أن ننتظر ونرى كيف سينتهي الأمر".