لندن- يبدو أن حكومة حزب العمال البريطاني بدأت تستشعر خطر التحريض المتزايد على المسلمين في البلاد، بعد توالي الأرقام التي تؤشر إلى انتشار غير مسبوق لهذا السلوك المتطرف ضد الجاليات المسلمة، ويسود قلق من تبنٍّ لافت لخطاب اليمين الشعبوي، لا سيما في الفضاء الرقمي.

ومع تعالي الأصوات المحذرة من تراخي الحكومة في التصدي للإسلاموفوبيا على غرار سابقاتها، أعلن وزير شؤون العقيدة واجد خان -قبل أيام- تخصيص ما يقارب مليون جنيه إسترليني (1 جنيه إسترليني يساوي 1.

29 دولار) لإنشاء هيئة مستقلة لرصد جرائم الكراهية ضد المسلمين والتبليغ عنها ودعم الضحايا.

هذه الخطوة جاءت مدفوعة بأرقام صادرة عن أكثر من جهة، في مقدمتها الشرطة البريطانية التي حذرت من ارتفاع غير مسبوق في شكوى التحريض والعنصرية ضد الأقليات المسلمة، حيث كشفت عن ارتفاع يقدر بـ73% في نسب الحوادث التي على صلة بالإسلاموفوبيا خلال السنة الماضية، مشيرة إلى أن 40% من حوادث العنف المرتبطة بأسباب دينية عام 2024 كان ضحيتها مسلمون.

بطء التدخل

بدورها، أعلنت مؤسسة "تيل ماما" البريطانية الحقوقية، التي تُعنى بقضايا الكراهية ضد المسلمين، أنها سجلت العام الماضي أكبر عدد للشكوى من حوادث العنصرية والكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة منذ تأسيسها قبل 12عاما.

إعلان

لكن الصورة المقلقة التي ترسمها -على حد سواء- الجهات الحكومية والمستقلة للانتشار السريع للإسلاموفوبيا في بريطانيا، يقابلها بطء في سن التشريعات القانونية لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم.

فقبل أسابيع بادرت حكومة حزب العمال لتشكيل لجنة استشارية من الخبراء لوضع تعريف للإسلاموفوبيا يساعد الدوائر الحكومية والشرطة على التعامل مع شكوى التحريض والكراهية ضد المسلمين.

وكان الحزب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل هذا التعريف حيز الوجود حال وصوله للسلطة، حيث أعلن تبنيه تعريفا للإسلاموفوبيا صاغته لجنة برلمانية تمثل مسلمي بريطانيا عن كل الأحزاب "إيه بي بي جيه" (APPG) عام 2019 يصفها بأنها "العنصرية المعادية لأي مظهر من مظاهر الإسلام أو أي تصورات عن المسلمين".

وسرعان ما قررت حكومة حزب المحافظين السابقة برئاسة ريشي سوناك إيقاف عمل لجنة شكلتها لصياغة تعريف للإسلاموفوبيا عام 2022، دون أن تنتهي من وضع إطار واضح لتعريف جرائم الكراهية ضد المسلمين يسمح بملاحقة الضالعين فيها.

حلول فعالة

لكن ما التزم به حزب العمال هو على مقاعد المعارضة، ويبدو أنه يتمهل في تبنيه مع وصوله للحكم، حيث قال وزير شؤون العقيدة واجد خان إن "التعريف الذي قدمته المجموعة البرلمانية يتعارض مع قانون المساواة البريطاني ويمس بحرية الرأي والتعبير والحق في انتقاد الأديان".

وفضلت الحكومة البريطانية حصر مهام اللجنة الحكومية التي ألفتها في تقديم استشارات غير ملزمة للهيئات الحكومية لمساعدتها على محاربة جرائم الكراهية ضد المسلمين، مما أثار مخاوف من غضها النظر عن سن تعريف قانوني ملزم للإسلاموفوبيا يوفر إطارا تشريعيا لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم.

وفي حين رحب مسعود أحمد نائب الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني، أكبر هيئة إسلامية في بريطانيا، بسعي حكومة حزب العمال لوضع تعريف للإسلاموفوبيا، فإنه يرى أن صياغته والتوافق عليه قد تمت في السابق وأيده الحزب ولم تعارضه إلا المجموعات اليمينية المتطرفة المعروفة بعدائها للمسلمين في البلاد.

إعلان

ودعا الحكومة للعمل مع المجتمعات المحلية لإيجاد حلول فعالة تحاصر كل أنواع السلوك التحريضي ضد المسلمين. وأضاف للجزيرة نت أن الساسة البريطانيين أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تجاهل خطاب الكراهية المتنامي وتحمل التداعيات المترتبة عن ذلك، أو مواجهته بشكل صحيح من خلال التصدي للتمييز الممنهج ضد المسلمين في الخطاب السياسي والإعلامي والفضاء الرقمي.

موجة متنامية

ومع بلوغ حالة الاستقطاب الحاد، التي تعيش على وقعها الساحة السياسية البريطانية، ذروتها في ظل حرب الإبادة في غزة، ارتفعت أصوات في الفضاء الافتراضي والمجال العام تَسم المسلمين بمعاداة السامية والتطرف ودعم الإرهاب، قبل أن ينفجر هذا التحريض على شكل موجة أعمال شغب غير مسبوقة في البلاد قادها محسوبون على اليمين المتطرف الصيف الماضي ضد الأقليات المسلمة.

كما لم تستثنِ موجة الإسلاموفوبيا المتنامية مؤخرا وجوها سياسية بارزة، كعمدة لندن صادق خان، المسلم من أصول باكستانية، حيث كشفت إحصاءات صادرة عن السلطات البريطانية أن خان أصبح هدفا لهجوم عنصري ممنهج يعادي أصوله المسلمة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن تضاعفت التعليقات التي تبث خطاب كراهية ضده خلال السنة الماضية مقارنة مع السنوات السابقة منذ توليه منصبه.

وقال محمد كوزبر أحد أمناء مجلس مسلمي بريطانيا -للجزيرة نت- إن اليمين المتطرف في بريطانيا يحاول الاستثمار في الظرف الدولي الذي يتميز باستمرار الانقسام حول الحرب في غزة ووصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلطة الداعم للتيارات الشعبوية في أوروبا، لنشر ثقافة كراهية المسلمين والتخويف منهم.

وبرأي كوزبر، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس مسجد فينسبري بارك أكبر مساجد لندن، أن الصرامة التي تواجه بها الحكومات البريطانية حوادث معاداة السامية غائبة بشكل لافت في مواجهة انتشار خطاب التحريض ضد المسلمين في البلاد.

إعلان

وحذر من أن ارتفاع منسوب الكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة يعمق إحساس الأقليات المسلمة في البلاد بعدم الأمان ويضعف قدرتهم على الاندماج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الکراهیة ضد المسلمین ضد المسلمین فی حزب العمال حکومة حزب فی البلاد

إقرأ أيضاً:

ديدان “سامّة” تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان

الولايات المتحدة – أدت موجة الأمطار الغزيرة الأخيرة في ولاية تكساس الأمريكية إلى انتشار واسع لـ”ديدان المطرقة السامة”، ما أثار حالة من الذعر بين السكان في مناطق مثل دالاس-فورت وورث وهيوستن.

وهذه الديدان، التي قد يتجاوز طولها 30 سم، تتميز برأسها العريض الذي يشبه شكل المطرقة، وتعد من الكائنات الغازية والمفترسة التي تهاجم ديدان الأرض والقواقع، مسببة خللا في النظم البيئية.

وورغم أنها لا تشكل خطرا مباشرا على الإنسان، فإن جلدها يفرز مادة سامة تعرف باسم “تترودوتوكسين”، يمكن أن تسبب طفحا جلديا أو تهيجا عند لمسها، وقد تضر بالحيوانات الأليفة التي تبتلعها، إذ سُجّلت حالات تقيؤ لدى الكلاب نتيجة ذلك.

وأعرب عدد من السكان عن خوفهم واشمئزازهم من شكل الديدان وحركتها. وكتب أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعي: “هيوستن، لدينا مشكلة!”، بينما نشر آخر مقطعا يظهر فيه 3 ديدان على شرفته قائلا: “احذروا، فهي سامة عند اللمس”.

وفي هيوستن، وصفت إحدى السكان الدودة بأنها “مخيفة”، بينما قالت أخرى: “صغيرة لكن لا يمكن تجاهلها. يجب الحذر منها لحماية حيواناتنا الأليفة”.

وحذّر “معهد تكساس للأنواع الغازية” من أن هذه الديدان تهدد التوازن البيئي لأنها تفترس ديدان الأرض المفيدة. وبما أنها تتكاثر لاجنسيا، فإن مجرد تقطيعها يؤدي إلى تكاثرها. لذا يُنصح بعدم لمسها مباشرة وارتداء قفازات أو استخدام منشفة ورقية، ووضعها في كيس بلاستيكي يحتوي على ملح أو خل، أو تجميدها في كيس محكم الغلق.

ويرجّح الخبراء أن سبب خروج هذه الديدان إلى سطح الأرض هو تشبّع التربة بالماء، ما يدفعها للبحث عن الهواء والفرائس.

المصدر: ديلي ميل

مقالات مشابهة

  • ديدان “سامّة” تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان
  • ضغوط على الحكومة البريطانية لنشر الرأي القانوني بشأن ضربات محتملة ضد إيران
  • تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد
  • "فاينانشال تايمز": رئيس الوزراء البريطاني ينذر الحكومة بهجوم أمريكي محتمل على إيران
  • الحكومة السودانية تدعو المجتمع الدولي إلى تصنيف "الدعم السريع" ميليشيا إرهابية
  • البرازيل: احتجاجات بسبب طرح الحكومة مزادا لبيع تراخيص استغلال النفط قرب الأمازون
  • «حكماء المسلمين»: التصدي لخطاب الكراهية والعنصرية ضرورة إنسانية وأخلاقية ودينية
  • الزُبيدي يدعو المجتمع الدولي لمساندة الحكومة اليمنية لإستئناف تصدير النفط
  • الحكومة البريطانية تُلجم لوبيات جزائرية في أروقة البرلمان وتجدد دعمها للحكم الذاتي
  • الدبيبة يبحث مع السفير البريطاني مستجدات الوضع ويؤكد التزام الحكومة بفرض النظام