هل مصطلح المدنية غطاء لفشل سياسي ؟
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
أن مصطلح " القوى المدنية" الذي يحاول البعض احتكاره في مواجهة الآخرين يبين حالة الفقر الثقافي السياسي وسط النخبة السياسية، و البحث عن المصطلح لا تجده في قواميس السياسة و حتى لا يستخدم في الفكر السياسي إلا في عقود قريبة في محاولة للتفريق بين أنظامة الحكم التي تأتي عبر انقلابات عسكرية و أخرى عبر انتخابات حرة.
نجد في أوروبا أن التطور الاجتماعي أخذ منحى أخر.. باعتبار أن المجتمع أوروبي في عهده الكنسى أو بعد الثورة الصناعية كان يتكون على شكل هرمي .. حيث كان رجال الدين و النبلاء و العامة.. و بعد الثورة التي حدثت داخل الكنيسة، و التي قادها مارتن لوثر فتحت الباب لظهور الثورة الصناعية و قد أدت إلي تغير في التراتبية "سلطة رأس المال و الطبقة الوسطى و العامة".. فالطبقة الوسطى هي التي قادت عملية الوعي السياسي الجديدة " الديمقراطي" هي التي نادت بالعقد الاجتماعي و سلطة القانون و التبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات العامة بمواقيت محددة.. فالجيش في أوروبا لم يكن جزءا في المعادلة السياسية..
أن مصطلح المدنية ظهر في السودان من خلال دعوات الحزب الشيوعي للعصيان و الاضراب المدني في عقدي الخمسينيات و ستينيات القرن الماضي ، و كانت الدعوة موجهة للقوى العاملة و الخدمة المدنية، و هي مستلفة من حركة السود في أمريكا للحقوق المدنية.. و أخذت بعدها السياسي بعد مؤتمر نيروبي 1963م الذي عقدته قوى " التجمع الوطني الديمقراطي" الهدف منه كان الوصول لصيغة مشتركة تبعد الناس من العلمانية و الثيوقراطية، فكان الوصول " الدولة المدنية الديمقراطية" و تبني ما جاء في صحيفة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. و كتب عنها محمد إبراهيم نقد السكرتير الساب للحزب الشيوعي لكي يتبناها الحزب كحل وسط... لكن الحزب في عهد محمد مختار الخطيب تراجع عنها و رجع إلي الدعوة للعلمانية عندما وقع وثيقة مع الحركة الشعبية في سبتمبر 2020م..
بعد استلم المكون العسكري السلطة في أكتوبر 2021م بدأ المصطلح يأخذ بعد التفريق بين العسكريين و القوى الأحزاب و منظمات المجتمع المدني، و هي محاولة لإرجاع الحكومة للسلطة، و لكن ظل الصراع بين المكون العسكري و الأحزاب الممثلة في " قحت المركزي" و لكن بعد الحرب التي جاءت نتيجة انقلاب الميليشيا و اتباعها في 15 إبريل 2023م، ظلت القوى السياسية تعرف الصراع بينها و بين المكون العسكري، و لكن الحرب قد غيرت المعادلة السياسية مرة أخرى، فالشارع الذي كان يقف ضد المكون العسكري و يهتف ضده، تحول إلي مؤيد له، بل استجاب إلي لدعوة الاستنفار التي كان القائد العام للجيش دعا إليها، عندما خسرت " قحت المركزي" مكانتها في الشارع، جاءت بالفكرة الأمريكية " تقدم" من خلال البيان السياسي الذي يحمل مصطلح "القوى المدنية" و الذي وقعه كل من " نور الدين ساتي و الباقر العفيف و عبد الرحمن الأمين و بكري الجاك" و كان الهدف منه هو تغيير القيادات التي خسرت أمام الشارع، و تم تنصيب عبد الله حمدوك بديلا عنهم..
بعد تأسيس " تقدم" بدأت محاولات الداعمين لها أحتكار المصطلح، و أستخدامه للتفريق بينهم و القوى السياسية الأخرى، أو أية قوى مخالفه لرؤيتهم يحاولون تجريدها من المدنية.. و هي نفس استخدام الفزاعة التي فقدت سطوتها " الكيزان و الفلول" التي أيضا تستخدم ضد الرأي المخالف بهدف اسكاته.. و هي ظاهرة جديدة في السياسة السودانية تضاف لحالة العداء الأيديولوجي التي بدأت منذ عام 1965م بين الإسلاميين و الشيوعيين ثم العداء بين الإسلاميين و الجمهوريين التي بدأت في ستينات القرن الماضي ثم تعمقت في 1983م بعد إعلام محمود محمد طه.. و ظلت السياسة تأخذ هذا المنحى العدائي.. و استلفته الأحزاب الجديدة التي تأسست في عهد الإنقاذ.. الغريب أيضا.. أصبحت هناك فئة في الشارع السياسي تنعت كل الذين تختلف معهم بأنهم يقفون ضد القوى المدنية، كأن المدنية ماركة مسجلة على الفئة القليلة التي أصبحت طواعية داعمة للميليشيا، و الأجندة الخارجية التي تديرها دولة الأمارات.. هي مشكلة تبين حالة التدهور التي حدثت في الأحزاب السياسية، و بدلا من استخدام العقول في البحث عن الحلول و المبادرات التي تخلق حوارا جادا بين كل مكونات المجتمع، أصبح استخدامها فقط للتخويف و أن يخرسوا اصوات الضد.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدولة المدنیة القوى المدنیة
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة القاهرة يستقبل بعثة اتحاد ألعاب القوى فى البطولة الإفريقية بنيجيريا
استقبل الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، بعثة الاتحاد المصري لألعاب القوي المشاركة في البطولة الإفريقية تحت سن 18، 20 عام بنيجيريا والمؤهلة إلي أولمبياد دكار 2026.
يأتى هذا اللقاء في اطار رعاية جامعةالقاهرة لأبطال الاتحاد المصري لألعاب القوى،حيث تتولى الجامعة توقيع الكشف الطبي على اللاعبين، وإجراء التحاليل الطبية وتوفير التطعيمات اللازمة للفريق، وإتاحة ملاعب الجامعة للتدريب، بالإضافة إلى تقديم خدمات التأهيل والدعم النفسي من خلال المراكز المتخصصة التابعة للجامعة، وذلك تحت إشراف قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة القاهرة.
وأكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، أن جامعة القاهرة تضع دعم الأبطال الرياضيين ضمن أولوياتها إنطلاقا من دورها كشريك وطني فاعل في دعم وتمكن الشباب الذين يمثلون مصر في المحافل الدولية، لافتًا إلى أن الجامعة ستواصل التعاون مع الاتحاد لأجل إعداد جيل قادر على تمثيل مصر وحصد المراكز الاولى في مختلف المسابقات، مشيرًا إلى أن الجامعة لا تدعم فقط التفوق العلمي والبحثي بل تؤمن أيضًا بأن الرياضة تمثل جزءًا أساسيًا في بناء الشخصية المتكاملة، وتسهم في ترسيخ قيم الولاء والانتماء والانضباط والتميز.
من جانبهم، عبر أعضاء البعثة من المسئولين والرياضيين عن امتنانهم لهذا التكريم والدعم المقدم من جامعة القاهرة، مؤكدين عزمهم على بذل أقصى جهد لتحقيق نتائج تليق بمكانة مصر وتلبي تطلعات الجماهير المصرية.
وكانت الدكتورة غادة عبد الباري نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، قد توجهت مع أعضاء البعثة إلى مستشفى قصر العيني التعليمي الجديد "الفرنساوي"، حيث استقبلهم د.إيهاب الشيحى مدير المستشفى الذي أشرف بدوره على إجراء التحاليل والفحوصات الطبية، وإعطاء التطعيمات اللازمة للاعبين استعدادا للسفر، وذلك فى إطار المسئولية المجتمعية.