أوكيو توقع ثلاث اتفاقيات لتعزيز الشراكة العُمانية-الهولندية وترسيخ مكانة السلطنة كمركز عالمي للهيدروجين الأخضر
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
تعزّز مجموعة أوكيو التعاون العُماني-الهولندي من خلال توقيع ثلاث مذكرات تفاهم استراتيجية، تهدف إلى ترسيخ مكانة سلطنة عُمان كمركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وشريك موثوق في دعم أمن الطاقة العالمي.
ففي إطار زيارة الدولة التي قام بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى مملكة هولندا، وقّعت المجموعة اتفاقيات تعاون مع عدد من المؤسسات الرائدة في قطاع الطاقة، تعكس الإرادة المشتركة لتسريع التحول العالمي في مجال الطاقة النظيفة.
وجاءت المذكرة الأولى مع شركة "رويال فوباك"، لتُجسد التزام أوكيو بتحويل منطقة الدقم إلى مركز صناعي وتخزيني عالمي المستوى، أما المذكرة الثانية فقد شملت تعاونًا مع شركة "هايدروم"، وميناء الدقم، إلى جانب عدد من الشركاء الأوروبيين، لتمهّد الطريق لإنشاء أول ممر تجاري في العالم مخصص للهيدروجين السائل، يربط ميناء الدقم بميناءي أمستردام ودويسبورغ، في خطوة طموحة ترسم ملامح جديدة لتدفق الطاقة النظيفة بين القارات.
وفي سياق متصل، وقّعت أوكيو لشبكات الغاز، الجهة المشغلة الحصرية لشبكة نقل الغاز في السلطنة، مذكرة تفاهم مع شركة "غازوني وترستوف بي. في" الهولندية، بهدف دراسة وتطوير البنية الأساسية للهيدروجين داخل السلطنة، وتعزيز تبادل المعرفة في مجالات تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.
وأكدت هذه الاتفاقيات مجتمعة على التزام أوكيو بدعم "رؤية عُمان 2040" وتوجهات الاتحاد الأوروبي البيئية، عبر تسريع وتيرة التصنيع الأخضر، وبناء منظومة طاقة مرنة ومستدامة، تحقق قيمة اقتصادية طويلة الأمد وتفتح آفاقًا رحبة أمام الابتكار وتوطين المعرفة.
وفي تعليقه على هذه التطورات، صرّح أشرف حمد المعمري، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوكيو، بأن الشراكات تُعد المحرك الحقيقي للتقدم، مؤكدًا أن التعاون مع مملكة هولندا يمثل تحولًا نوعيًا نحو شراكة استراتيجية تُسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة السلطنة كمزوّد رئيسي للطاقة النظيفة.
كما أشار المهندس منصور بن علي العبدلي، الرئيس التنفيذي لأوكيو لشبكات الغاز، إلى أن هذه الشراكة مع "غازوني" تأتي في الوقت المناسب لتطوير البنية الأساسية للهيدروجين، مؤكّدًا أن الجانبين سيعملان سويًا على تقييم وتنفيذ المتطلبات الأساسية لهذه المبادرة الاستراتيجية، بما يعزز من دور سلطنة عمان في مشهد الطاقة العالمي، ويدعم الجهود الدولية لتحقيق أهداف المناخ والاستدامة.
وتُعد هذه المبادرات امتدادًا لمذكرة التفاهم التي وُقعت بين حكومتي سلطنة عمان ومملكة هولندا خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP27) عام 2022، ما يعكس التزام البلدين بدعم التعاون في مجال الطاقة الخضراء، وتطوير البنية الأساسية للهيدروجين، بما يخدم تطلعاتهما نحو مستقبل مستدام للطاقة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
د. ثروت إمبابي يكتب: التحول الأخضر في الزراعة المصرية.. دور الطاقة المتجددة لتحقيق الاستدامة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه مصر، لا سيما في قطاع الزراعة، برزت الطاقة المتجددة كأحد الحلول الواعدة لتحقيق التنمية المستدامة. إن اعتماد مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح في العمليات الزراعية لم يعد رفاهية، بل ضرورة ملحّة لمواجهة ندرة المياه، وارتفاع تكلفة الوقود، وتغير المناخ.
ومن واقع اهتمامي الشخصي بالقضايا البيئية، أرى أن دمج الطاقة المتجددة في الزراعة يمثل نقطة تحول استراتيجية نحو مستقبل زراعي أكثر أمنًا وكفاءة واستدامة. يعاني القطاع الزراعي في مصر من عدة مشكلات مزمنة، أبرزها ندرة المياه نتيجة الاعتماد شبه الكامل على نهر النيل، وارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب أسعار الوقود المستخدمة في تشغيل ماكينات الري والنقل، إضافة إلى ضعف البنية التحتية التكنولوجية، وتأثيرات التغير المناخي التي تهدد الإنتاجية الزراعية وتُخلّ بتوازن النظم البيئية.
ومن هنا، تأتي أهمية البحث عن حلول بديلة وفعالة. تتمتع مصر بإمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية التي توفر أكثر من 3,000 ساعة سطوع شمسي سنويًا، والطاقة الريحية في مناطق مثل خليج السويس وسيوة، إلى جانب إمكانية الاستفادة من الكتلة الحيوية عبر تحويل المخلفات الزراعية إلى مصادر طاقة. إن إدخال هذه التقنيات في العمليات الزراعية يمكن أن يُحدث تحولًا نوعيًا؛ إذ يمكن استخدام أنظمة الري بالطاقة الشمسية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتشغيل البيوت المحمية بالطاقة النظيفة، فضلًا عن توليد الكهرباء من المخلفات الزراعية وتخزين المنتجات الزراعية في وحدات تبريد تعمل بالطاقة المتجددة، وهو ما يسهم في تقليل الفاقد وتحسين جودة المنتجات.
ومن التجارب التي أتابعها باهتمام، هناك مشروع تركيب أنظمة ري تعمل بالطاقة الشمسية في بعض قرى الصعيد، بتمويل مشترك بين الدولة وبعض المنظمات الدولية، وقد ساهم في تقليل استهلاك الديزل، وزيادة ساعات تشغيل المضخات دون الحاجة إلى وقود خارجي. هذا النوع من المشروعات لا يوفر فقط الطاقة، بل يمنح المزارع الصغير شعورًا بالاستقلالية ويقلل من اعتماده على دعم حكومي دائم. كذلك، فإن الطاقة المتجددة تسهم في تمكين المرأة الريفية، حيث إن وجود مصدر طاقة موثوق ومستدام داخل المزارع والمنازل الريفية يساعد في تحسين جودة الحياة، وتمكين النساء من الدخول في مشاريع صغيرة مثل إنتاج الأغذية المصنعة أو إدارة وحدات تبريد وحفظ المنتجات، ما يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة في المجتمعات الزراعية.
ومن الجوانب التي لا يمكن إغفالها كذلك، أن استخدام الطاقة المتجددة في الزراعة يحد بشكل كبير من الأثر البيئي السلبي الناجم عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. فالمحركات التي تعمل بالديزل تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الدفيئة، مما يسهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. أما التحول إلى الطاقة الشمسية والرياح، فهو يقلل من البصمة الكربونية للأنشطة الزراعية، ويحافظ على نقاء الهواء والتربة والمياه.
وهذا أمر بالغ الأهمية، خاصة في المناطق الزراعية التي تعتمد على مصادر المياه الجوفية والسطحية، إذ أن تقليل التلوث يعني الحفاظ على جودة الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للاستخدام البشري والزراعي على حد سواء. ومن ناحية أخرى، فإن إدخال الطاقة المتجددة في الزراعة له أثر اقتصادي مباشر على المزارع الصغير.
فخفض تكلفة تشغيل المضخات ووحدات التبريد والتخزين ينعكس على خفض تكلفة الإنتاج، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية. كما أن التخلص من تقلبات أسعار الوقود يعني استقرارًا أكبر في ميزانية المزارع، ما يشجعه على الاستثمار والتوسع، ويقلل من مخاطر الديون والاعتماد على التمويل الخارجي. ومن وجهة نظري، لا يكفي الحديث عن الطاقة المتجددة كحل تقني فحسب، بل يجب أن يكون هناك إرادة سياسية قوية واستثمار طويل الأمد في البنية التحتية، إلى جانب رفع وعي المزارعين بأهمية الطاقة النظيفة. إنني أؤمن بأن مستقبل الزراعة في مصر سيكون مرهونًا بمدى قدرتنا على استيعاب هذا التحول الأخضر، لا بوصفه خيارًا بيئيًا فحسب، بل كحل اقتصادي استراتيجي يحافظ على الأمن الغذائي ويخلق فرص عمل جديدة في الريف.
كما أرى ضرورة أن تتكامل الجهود بين وزارات الزراعة والكهرباء والبيئة والتعليم، لتنشئة جيل جديد من المزارعين على أسس المعرفة التكنولوجية والاستدامة.
وفي ضوء ما سبق، يتضح أن للطاقة المتجددة دورًا محوريًا في إنقاذ الزراعة المصرية من التحديات المتفاقمة التي تواجهها. ومع أن الطريق لا يزال طويلاً، فإن الخطوات الأولى قد بدأت، وما علينا إلا أن نسرّع هذا المسار برؤية واضحة وتعاون جاد بين الدولة والمجتمع والمزارعين أنفسهم. إن الزراعة المستدامة ليست حلمًا بعيدًا، بل مشروعًا واقعيًا يبدأ من ألواح شمسية في حقل صغير، وينتهي بمنظومة زراعية حديثة تضمن الأمن الغذائي للأجيال القادمة.