اختُتِمتْ فعالياتُ المؤتمرِ العلميِّ الدوليِّ الخامس الذي نظَّمتْهُ كليةُ الشريعةِ والقانونِ جامعة الأزهر بالقاهرةِ، وتمَّ انعقادُه بمركز الأزهرِ للمؤتمراتِ بمدينةِ نصر، يومَي السبتِ والأحدِ، تحت عنوان: «بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة» برعايةٍ فضيلةِ الإمامِ الأكبر، الدكتورِ  أحمد الطيب، شيخِ الأزهر الشريف، والدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة.

أستاذ شريعة بالأزهر: الإسراف في استخدام المياه يمثل تعديًا على النعمةالإمام الأكبر يهنئ مستشار رئيس جامعة الأزهر للابتكار وريادة الأعمال.. اعرف السبب

وألقى الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، البيان الختامي للمؤتمر وما أسفر عنه من توصيات، وقال: إن المؤتمر جاء انطلاقًا من رسالةِ كليةِ الشريعةِ والقانونِ بالقاهرةِ، المنبثقةِ من رسالةِ الجامعةِ ورؤيتِها، والأزهرِ الشريفِ، القائمةِ على العنايةِ بالإنسانِ، قصدًا لتحقيقِ مصالحِه وحمايتِه في ضوء التحديات المعاصرة، وقد ارتأت الكلية أن يكون (بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة)، موضوعا لمؤتمرها العلمي الدولي الخامس، برئاسة الدكتور عطا السنباطي، عميد الكلية رئيس المؤتمر؛ اتساقا مع رسالتها العلمية في خدمة المجتمع الإنساني.

وتابع: وامتدادًا لرسالة الأزهر الشريف العالمية بشأن تحقيق بناء الأفراد والمجتمعات، وانطلاقا من رؤية الدولة المصرية في السعي المتواصل الحثيث نحو توفير حياة كريمة للإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة في شتى المجالات التنموية مع الرصد الدقيق للتحديات التي تعرقل مسيرة التنمية، والعمل بجودة وإتقان لإبراز الآليات والوسائل الشرعية والقانونية لمواجهة تلك التحديات ومعالجتها، من أجل واقع أفضل ومستقبل مشرق.

وعُنِي المؤتمر على مدار جلساته ومن خلال أبحاثه وما دار حولها من مناقشات علمية هادفة بتسليط الضوء على سُبُل وآليات بناء الإنسان والارتقاء به في ظل التحديات القائمة، لا سيما ما تمر به منطقتنا العربية في الوقت الراهن من تحديات كبرى، تلك التحديات التي تجعلنا في أمس الحاجة إلى الاصطفاف الواعي خلف قيادتنا السياسية الحكيمة، واجتناب أسباب التشرذم والشتات، وتكثيف الجهود نحو استثمار العقول والأفكار والطاقات استثمارًا جادًّا وفعالًا، يهدف إلى صناعة العمران، وحماية الأوطان، وخلق بيئة آمنة تتمدد فيها التنمية بجميع مجالاتها، من أجل تحقيق بناء إنسان متزن ومستقيم نفسيًّا وفكريًّا وصحيًّا واقتصاديًّا.

وحَظِيَتْ جَلَسَاتُ المؤتمرِ بمشاركةِ نخبةٍ من السَّادةِ العلماءِ والباحثينَ المتخصصينَ من الجامعاتِ، والهيئاتِ القضائيةِ، ودُورِ الفتوى، والساسةِ، والحقوقيينَ، من داخلِ مصرَ وخارجِها، حيث أُثرِيَتْ جلساتُ المؤتمرُ بأبحاثِهم ومناقشاتِهم ومداخلاتِهم حول محاورِ المؤتمرِ وموضوعاتِه.

وأوضح أن الهدف من المؤتمر هذا هو إبرازُ موقفِ الشريعةِ الإسلاميةِ، وكذلك موقفِ القوانينِ الإنسانيةِ من قضيةِ بناء الانسان، بما يتضمَّنُه ذلك من حمايةَ الإنسانِ ورعايةَ حقوقِه وصولًا إلى إعداد جيل واع مستنير قادر على مواكبة تحديات العصر، ومؤهل للإسهام في مسيرة البناء والتنمية، وفق رؤية واضحة، تضع الإنسان في مقدمة الأولويات.

وانطلاقًا من هذه الأهداف، وفي ضوء ما تضمنتهُ البحوثُ المقدَّمةُ من نتائج، ومن خلال ما زخرت به جلساتُ المؤتمرِ من مداخلاتٍ ومناقشاتٍ ومساجلاتٍ، خَلَصنَا إلى مجموعةٍ من النتائج والتوصيات، أهمُّها ما يلي:
        
- إبراز مرونة الشريعة الإسلامية واستيعابها لجميع المستجدات والنوازل ومعالجتها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، والعناية بالجانب الإنساني في صياغة الأحكام الفقهية، وترسيخ قيمة الإنسان كونها محور التشريع الإسلامي.

إبراز دور المنظومة التشريعية في تحقيق مقتضيات بناء الإنسان وتفعيل خطط التنمية المستدامة.استخلاص حلول نوعية ومبتكرة تسهم في تحقيق حياة كريمة للإنسان نابعة من رؤية الدولة المصرية وهي ذات ما تهدف إليه رسالة الأزهر الشريف العالمية نحو بناء الأفراد والمجتمعات.ضرورةُ تحركِ المجتمعِ الدوليِّ لوقف الإعتداءات التي تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وللمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وتفعيل دور المنظمات الدولية في حماية حقوق الأبرياء، والإسهام في رفع معاناتهم.إنشاء كيان قومي مركزًا رئيسًا، يتم من خلاله وضع أسس الاستثمار في رأس المال البشري، وآليات النهوض به ومواجهة معوقاته، وتنشيط دور الإعلام في نشر الوعي التثقيفي بأهمية رأس المال البشري، والاستثمار فيه، وتسليط الضوء على نماذج ناجحة تكون قدوة للشباب في هذا الإطار.تنمية الوعي المجتمعي والارتقاء بالمنظومة الأخلاقية وإحياء منظومة القيم الأصيلة للمجتمع المصري بما تمثله من عراقة وأصالة ورسوخ في مواجهة الأفكار والتوجهات الدخيلة عليها.ترسيخ أسس السلام والتعايش السلمي وقبول الآخر.التنسيق التكاملي بين المؤسسات العامة والكيانات المدنية من أجل تحقيق سبل صناعةالحضارة والاستفادة من مكتسباتها.تطوير منظومة التعليم وتحديث المناهج التعليمية بما يلائم الواقع ومتطلبات عصر العلم والتكنولوجيا الرقمية، مع  التوصية باستحداث مقرر على تلاميذ مراحل التعليم الأساسي يتناول رأس المال البشري بأسلوب مبسط، يوضح أهميته على المستوى الفردي والمجتمعي.زيادة المخصصات المالية اللازمة لدعم آليات التدريب والتعليم والبحث العلمي، لما لذلك من أثر واضح على تحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الدخل الفردي.تعميقُ الوعيِ بأهميةِ حقوقِ الإنسانِ وسبلِ المحافظةِ عليها، وذلك من خلال عملِ برامج توعوية من خبراء مختصين من رجال الدين والقانون والفكر والثقافة، تستهدف فئات المجتمع.ضرورةُ الاستفادةِ من دورِ الأزهرِ الشريفِ الرياديِّ، ومنهجِه الوسطيِّ المعتدلِ، في نشر الوعيِ بين أبناء الأمة، والدعوةِ إلى صحيحِ الدين، والتمسك بالقيم والأخلاقِ النبيلة، والحدِّ من انتشارِ الظواهرِ السلبيَّةِ؛ انطلاقًا من الدور الحضاري للأزهر الشريف في الماضي والحاضر.الاستفادة من مكتسبات التقنية الحديثة في دعم وتعزيز جهود التنمية المستدامة والإسهام بفاعلية في بناء الوطن وحماية الإنسان. طباعة شارك كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الأزهر الشريف شيخ الأزهر الإمام الأكبر بناء الإنسان توصيات المؤتمر الدولي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الأزهر الشريف شيخ الأزهر الإمام الأكبر بناء الإنسان توصيات المؤتمر الدولي الأزهر الشریف جامعة الأزهر بناء الإنسان رئیس ا فی ضوء

إقرأ أيضاً:

دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني

أبو الخطّاب سُلطان اليحيائي

 

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾.

تكريمٌ إلهيٌّ لم يُفرِّق بين لونٍ أو لسان ولا بين شِمالٍ وجنوب ولا بين مسلمٍ وغير مسلم.

لكنّ هذا التكريمَ اليوم يُهان جهارًا في غزّة ويُغتال بصمتٍ دوليّ وتُطوى معه آخر ورقةٍ من أوراق "الضمير العالمي".

 

فهل ثمّة قانونٌ بعد حيّ يُذكَر؟!

 

إنّها دعوةُ تأبينٍ رسميّة نرفعها للعالم أجمع.

فقانونُكم الإنسانيُّ لم يُقتَل برصاصة، بل طُمر حيًّا تحت الأنقاض وجُرِّد من معناه وتحوّل إلى مسوّدةٍ جوفاء لا تحمي طفلًا ولا تردع مجرمًا، بل تُستخدم غطاءً للخراب.

هل يُعقَل أن يُشرَّع قانونٌ باسم "الإنسانيّة" ثم لا يكون الإنسانُ المسلمُ العربيُّ فيه شيئًا مذكورًا؟

هل يُعقَل أن تُبجَّل معاهداتٌ تُجرِّم العدوان وتحظر استهداف المدنيين وتكفل الحمايةَ للنساءِ والأطفالِ ثم تُنتهك هذه كلُّها في كلّ غارة ويتبادل المجرمون والمطلوبون للعدالةِ الدوليّة التهاني على الهواء مباشرة من منهم الأحقُّ بجائزة نوبل للسلام؟!

أين الإنسانيّةُ التي تتغنّون بها؟

أين مبادئُكم حين تُقطَع المياهُ عن الأطفال وتُنسف المستشفياتُ على رؤوس المرضى ويُدفن الناسُ أحياءً تحت الركام ولا يُسعفهم أحدٌ إلّا الدّعاء؟!

أيُّ خزيٍ هذا الذي تجرّعته الأنظمةُ العربيّة بصمتها؟!

وأيُّ سقوطٍ أخلاقيٍّ هذا الذي جعل بعضَها شريكًا في الحصار وبعضَها الآخر يُبرِّر المجازرَ تحت شعار "مكافحة الإرهاب" وكأنّ الصهاينة يقصفون شياطين لا بشرًا من بني آدم؟!

 

العربُ اليوم ليسوا على الحياد.. فلم تُحرِّكهم دماءُ الأطفال، ولا صرخاتُ الأمهات، ولا نداءاتُ الجرحى، بل حرّكتهم "قوائمُ التطبيع" ومناصبُ الدبلوماسيّة وخوفُهم المزمن من غضب البيت الأبيض وضياعِ دُوَلِهم إن دخلوها حربًا مع واشنطن.

غزّة ليست مجرّد مدينةٍ تُقصف، بل مرآةٌ عاكسة عرّت الأنظمة والمنظمات وكشفت أن القانونَ الدوليَّ ليس أكثر من وثيقةٍ هشّة لا تقوى على حماية طفلٍ واحدٍ في بيت حانون أو رفح.

غزّة قتلت الكذبة الكبرى أن "العالم المتحضّر يحمي الإنسان" فبانت حقيقة الإنسانُ العربيُّ المسلم، دمه رخيصٌ في الميزان الغربي، وحقُّه مُعلّقٌ على توقيع الفيتو.

نحن لا نرثي القانونَ الدولي فقط، بل نرثي منظومةَ القيم التي صدّع بها الغرب رؤوسنا.

تلك القيم التي سقطت أمام مشهدِ أمٍّ تحت الأنقاض، تُمسك يد رضيعها وقد توقّف نبضه، بينما ترفع إحدى السفارات علم "حقوق الإنسان" في احتفالٍ مشبوهٍ مخزٍ.

كفى خضوعًا للسرديّات الكاذبة.

كفى تبريرًا للقهرِ باسم "الشرعيّة الدوليّة".

فلا شرعيّةَ لشيءٍ يقتلُ الإنسانَ باسم القانون ولا قانونَ يُحترم إذا فُصِّل على مقاس الدم الغربي فقط.

لا تظنّوا أنّنا نبكي ضعفًا، بل نصرخ من شدّة القهر والغيظ.

نحن لا نرثي القانون، بل نغضب لكرامةٍ تُهدَر، ولإخوانٍ مسلمين يُبادون، والذي يتحسّس من هذا الوصف الربّاني، فليضرب رأسه على جدار المبكى المزعوم فليس هو منهم ببعيد.

وفي المقابل تنعقد القممُ العربيّة تحت القبب المكيّفة وتخرج ببياناتٍ باهتةٍ مزيّفة لا تُسمن من الحقّ شيئًا ولا تُغني غزّة عن دمعة أو شهيد.

إنّهم لا يملكون شجاعة أن يُسمّوا الجريمة جريمة، ولا أن يوصّفوا المجزرة مذبحة، بل يخطّون بياناتهم بمداد الخزي تصلح لدفن القضيّة لا لنُصرتها.

غزّة لم تَكفُر، بل آمنت بحقّها وصبرت وثبّتت ووقفت على ثغرٍ من ثغور الإسلام.

وأرادت أن تُعيد تعريف الإنسان بوجهه الحقيقي، لا بتصريحات اليونسكو، ولا بمعايير مجلس الأمن، بل بقول الله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ فهل بعد هذا تكريم؟!

 

هذا العالمُ الذي لم يَعُد يرى لا يستحقّ أن يُرى.

وهذا القانونُ الذي لا يحمي إخوانَنا المسلمين لا يستحقّ أن يُحترم.

وغزّة التي تسكن في كلّ قلبٍ حرّ ستُحرِّر القوانين من نفاقها كما حرّرتنا من أوهامنا.

 

فيا مَن تحمّلتم أمانةَ الحفاظ على أوطانكم حرّة وكرامةَ شعوبكم محفوظة.

إمّا أن تنهضوا بما عليكم من واجبٍ شرعيٍّ وتاريخيّ.

وإمّا أن تلحقوا بمأتم القانون الدولي الإنساني وتُدفنوا معه في حفرةِ النسيان.

فلا أنتم مأسوفٌ عليكم ولا هو قانونٌ يُبكَى عليه.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ؟ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشهد ختام دورة التربية الوطنية لطالبات الاقتصاد المنزلي بطنطا
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشهد ختام دورة التربية الوطنية للطالبات.. صور
  • وعظ الغربية تشارك وفد الأزهر والأوقاف احتفالية محاكاة الحياة النيابية والتشريعية بجامعة الأزهر
  • رئيس جامعة الأزهر يهنئ الناجحين في الثانوية.. ويعلن بدء التسجيل لاختبارات القدرات
  • الأزهر الشريف يطلق قافلة مساعدات جديدة لإغاثة غزة
  • رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات مؤتمر اختر كليتك بحضور محافظ البحيرة
  • حكومة التغيير والبناء تدفع بعجلة التنمية في معركة بناء الدولة
  • دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني
  • الآن.. إتاحة نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 على بوابة الأزهر الشريف
  • أشرف صبحي: المنشآت الشبابية والرياضية تدعم رؤية الدولة في بناء الإنسان