في خطاب أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السودانية أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أنه «لا مجد بعد اليوم للساتك» في إشارة رمزية إلى الأسلوب الذي اتبعه الثوار خلال ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بنظام البشير في أبريل 2019 إذ كان المحتجون يحرقون إطارات السيارات المعروفة محليا بـ « اللساتك » لمنع تقدم القوات الأمنية نحو مواقع التجمعات السلمية للمواكب.

التغيير – كمبالا

هذا التصريح الذي أتى في وقت يشهد فيه السودان حرباً دامية منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع و الذي اعتبره العديد من السودانيين استفزازاً صريحاً لثورتهم التي ما زالوا يرونها حية في الوجدان وفي الميدان رغم تعقيدات الحرب وانقسام الجغرافيا والسياسة.

و عقب الخطاب اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي موجة من الغضب والرفض عبر خلالها العديد من النشطاء والمواطنين عن استيائهم من محاولة تقزيم رمزية نضالهم السلمي ومقايضته بالبندقية التي يعتبرونها سببا في إراقة دماء السودانيين وتدمير البلاد بسبب الحرب الحالية.

و كتب أمجد جعفر أحد نشطاء ثورة ديسمبر معلقاً: “عندما يقال إن المجد للبندقية وليس للساتك فهذه ليست مجرد عبارة بل إعلان صريح لانحياز كامل للعنف على حساب إرادة الناس فالساتك لم تكن أداة تخريب بل كان رمزية واضحة لاحتجاج شعبي سلمي في وجه الاستبداد و دخان اللساتك لم يكن عبثا بل صوتا مبحوحا ينادي بالعدالة والحرية أما البندقية فمكانها الطبيعي هو حماية الوطن لا حكمه”.

و من جانبها اعتبرت مها سليمان أن ربط المجد بالبندقية هو انقلاب على الإرادة الوطنية، مضيفة بحدة “إن البندقية التي لا ترجع لنا حلايب وشلاتين وأبورماد لا تمثلهم كشعب سوداني حر لأن البندقية التي توجه ضد المدنيين ليست بندقية مجد بل أداة قمع وإذلال”.

و في السياق ذاته ذكرت آنان محمد بأن اللساتك كانت وسيلة للبقاء قائلة :”لو لا الساتك ما كنا قادرين نقول كلامنا ونوصل صوتنا و من متى كان المجد للحرب؟ المجد دائما للسلام”.

أما وضاح الصديق ذهب إلى أبعد من ذلك معتبرا أن البرهان يستلهم خطابه من الرئيس المعزول عمر البشير وقال “إن عبارة المجد للبندقية هي اقتباس مباشر من خطابات المعزول الجماهيرية و يبدو أن البرهان مفتون بذات الخطاب الرجولي الذي استخدمه البشير في لحظاته الأخيرة”.

و وصف نور بابكر خطاب البرهان بأنه «سقوط القناع » وكتب قائلا “البرهان لا يخشى البندقية فهي لعبته وأداته لكنه يخشى صوت الجماهير لذلك يسعى لطمس رموز المقاومة السلمية و لكننا نقول الساتك ستعود والهتاف سيعود والمجد للشهداء”.

و في حين نوه كباكا محمد على تبعات العسكرة قائلا “سبعون عاما ونحن نحمل السلاح في وجه بعض ولم نجني سوى التراجع والدمار والانقسام فالمجد لا يكون بالبندقية بل بالعدالة والتنمية والتعليم ونهضة المواطن”.

بينما قال محمد كاربينوا  “إن البرهان الذي كان يناشد التفاوض أيام البدروم عاد اليوم ليمجد البندقية وهكذا دائما الطغاة يتحدثون عن الحرب وهم في مأمن بينما يدفع الشعب الثمن”.

و يرى مراقبون أن خطاب البرهان الأخير ليس فقط محاولة لتحوير سردية ثورة السودانين بل يعكس عمق الأزمة داخل المؤسسة العسكرية في السودان إذ تحاول استعادة زمام المبادرة في وقت يتسع فيه نطاق الحرب وتزداد فيه الضغوط الإقليمية والدولية.

و على الرغم من محاولات التشويه والتقليل من رموز الحراك السلمي يرى كثير من السودانيين أن ثورة ديسمبر لم تكن لحظة عابرة بل ميلادا لوعي جديد يصعب قمعه حتى في ظل الحرب.

الوسومالبرهان البندقية الثورة المجد للساتك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البرهان البندقية الثورة

إقرأ أيضاً:

هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟

تدرس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خيارات عدة بعد انتهاء عملية "عربات جدعون"، التي لم تنجح في إحداث تحول في قضية الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، وفق هيئة البث الإسرائيلية، ومن هذه البدائل ما وصفته بـ"خيار متطرف" إلى جانب ضم أراضٍ أو الحكم العسكري.

وأوضحت الهيئة، أن الخيار المتطرف هو فرض حصار على التجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول أي مساعدات أو طعام أو ماء، سواء عبر الشاحنات برا أو بالإسقاط جوا، وذلك لإجبار الفلسطينيين على التوجه جنوبا.

وحسب هيئة البث، فإن من يغادر المناطق المحاصرة سيحصل على مساعدات دون قيود.

وفي هذا السياق، يرى المحلل العسكري العميد حسن جوني، أن المؤسسة الأمنية تبحث هذه الخيارات مع المستوى السياسي، لكن "لا يعني بالضرورة أن تكون فكرة المستوى العسكري".

ووصف جوني -في حديثه للجزيرة- هذه البدائل بأنها جرائم حرب وليست خيارات عسكرية، معربا عن قناعته بأن التهجير القسري والتغيير الديموغرافي "غير قابل للتنفيذ عمليا في غزة"، في ظل وجود دور للمقاومة واستمرار تحركاتها وعملياتها وكمائنها المركبة.

وحسب جوني، فإن جزءا من أهداف عملية "عربات جدعون" كان تهجير سكان شمالي القطاع بشكل كامل للتعامل مع المقاومين في المنطقة بشكل ساحق، في وقت لا تزال فيه المقاومة تفرض نفسها في الميدان ومنها مناطق أقصى الشمال.

وشدد الخبير العسكري على أن المستوى العسكري في إسرائيل يبحث خيارات عسكرية "قابلة للتنفيذ"، خاصة أن أهداف الحرب متضاربة، وهو ما أظهر خللا كبيرا في التخطيط الإستراتيجي في بداية الحرب.

ووفق جوني، فإن جيش الاحتلال أخذ 22 شهرا لتنفيذ عملية عسكرية في غزة أهدافها متضاربة، مما أدى إلى سقوط خسائر بشرية أكبر.

وبناء على هذا المشهد الميداني، فإن جيش الاحتلال وصل إلى نقطة الذروة، وهو ما يدركه رئيس الأركان إيال زامير، الذي صار يدعو إلى حل سياسي في قطاع غزة، بعدما "لم يعد بمقدور الجيش تحقيق أشياء إضافية".

إعلان

وأشار الخبير العسكري إلى أن جيش الاحتلال لم يحقق أهداف الحرب طيلة المدة التي تمتع فيها بالطاقة القصوى لقدراته، لافتا إلى أنه يستحيل عليه حاليا تحقيق هذه الأهداف بعدما تناقصت هذه القدرات العسكرية بشكل كبير.

ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل 898 عسكريا إسرائيليا، وفق إحصائيات جيش الاحتلال المعلنة، في وقت تؤكد فيه فصائل المقاومة أن الأرقام المعلنة أقل بكثير من الخسائر الحقيقية.

مقالات مشابهة

  • خالد عكاشة: تصريحات حماس مؤسفة ومضللة.. وما يحدث في السودان جرس إنذار
  • خالد عكاشة: تصريحات حماس «مؤسفة ومُضللة» وما يحدث في السودان «جرس إنذار»
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • الأقصر التي لا تعرفها.. مدن صناعية وحرفيون مجهولون بنوا المجد من الطوب والنار| صور
  • تصريحات وزير إسرائيلي تثير غضب عائلات الأسرى: "فشل أخلاقي"
  • البرهان يلتقي ممثل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم يدين الحكومة الموازية
  • تصريحات لوزير التراث الإسرائيلي تثير غضب واشنطن.. ماذا قال؟
  • ‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”
  • السيسي في خطاب شخصي الى ترامب: من فضلك اوقف الحرب على غزة
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)