يُعد "عيد النصر" أبرز عطلة عامة لبوتين، لكن للمرة الرابعة يقام العرض من دون ضيوف كبار وتحت حراسة مشددة، في ظل مخاوف روسية من هجمات أوكرانية محتملة تستهدف قلب موسكو خلال المناسبة. اعلان

في تصعيد جديد للتوترات السياسية بين كييف وموسكو، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلاده لا تستطيع ضمان سلامة المسؤولين الأجانب الذين يخططون لحضور العرض العسكري الروسي المقرر في موسكو يوم الجمعة، بمناسبة "يوم النصر".

وقال زيلينسكي في تصريحات له يوم السبت: "موقفنا واضح وبسيط لجميع الدول التي تعتزم السفر إلى روسيا في 9 مايو/أيار: لا يمكننا تحمّل أي مسؤولية عمّا قد يحدث على الأراضي الروسية". وأضاف: "السلامة مسؤوليتهم، ولن نقدّم أي ضمانات، لأننا لا نعرف ما الذي قد تُقدِم عليه روسيا خلال هذه الفترة".

وقد أثارت تصريحات زيلينسكي موجة من الانتقادات، خاصة من سلوفاكيا، حيث رد رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، المعروف بقربه من موسكو، على تلك التحذيرات بقوله: "أرفض مثل هذه التهديدات بذريعة المخاوف الأمنية. إن سلامة المشاركين مسؤولية داخلية تخص روسيا، وإذا كان السيد زيلينسكي يعتقد أن تهديداته ستثني الوفود الأجنبية عن المشاركة، فهو مخطئ تمامًا".

ورغم أن فيكو لم يؤكد حتى الآن مشاركته في العرض العسكري، فإن غيابه عن عدد من الفعاليات الرسمية في الآونة الأخيرة، بما فيها احتفالات عيد العمال، أثار تكهنات حول احتمال عدم ظهوره في موسكو أيضًا.

وفي سياق متصل، طرأت مستجدات على جدول زيارة الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، الذي كان من المقرر أن يحضر العرض العسكري إلى جانب فيكو؛ إذ اضطر لقطع زيارته إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بعد إصابته بوعكة صحية، ليعود إلى بلغراد حيث أُدخل المستشفى لفترة وجيزة.

وتجدر الإشارة إلى أن فيكو وفوتشيتش كانا الزعيمين الأوروبيين الوحيدين اللذين أعلنا رسميًا عن نيتهما حضور العرض العسكري الروسي. وقد قوبل هذا الإعلان بانتقادات شديدة من الاتحاد الأوروبي، حيث أعربت بروكسل عن رفضها الواضح للمشاركة، مشيرةً إلى أن هذه الزيارة قد تمثل انتهاكًا لمعايير الانضمام إلى الاتحاد، وتلحق الضرر بمسار مفاوضات انضمام صربيا إلى التكتل الأوروبي المكوَّن من 27 دولة.

ورغم الغياب المحتمل لبعض القادة الأوروبيين عن المناسبة، إلا أن الضيف الأبرز الذي سيحضر الفعالية هو أقرب حلفاء موسكو.

فقد أعلن الكرملين يوم الأحد أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيقوم بزيارة رسمية إلى روسيا في الفترة الممتدة من 7 إلى 10 مايو، للمشاركة في احتفالات الذكرى الثمانين لهزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، في خطوة تُبرز عمق الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين في ظل تصاعد العزلة الغربية على روسيا.

هل سيكون عرض "يوم النصر" آمنًا وسط التحذيرات الأوكرانية؟

وفي ظل تصاعد التوترات بين موسكو وكييف، يطرح سؤال جوهري نفسه: إلى أي مدى سيكون العرض العسكري الروسي بمناسبة "يوم النصر" آمنًا في ظل التصعيد الميداني والتحذيرات الأمنية؟

فقد كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا اقترحت وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار مع أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام، من 7 إلى 9 مايو/أيار، بالتزامن مع احتفالات النصر. غير أن كييف رفضت المقترح بشكل قاطع، حيث وصفه زيلينسكي بأنه "عرض مسرحي" يهدف فقط إلى تخفيف عزلة موسكو الدولية وتهيئة الأجواء للاحتفالات.

وأكد زيلينسكي أن هذا الاقتراح لا يمثل محاولة جادة لإنهاء الحرب، مجددًا دعم بلاده لمبادرة تدعمها الولايات المتحدة تدعو إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يومًا. كما أشار إلى أن موسكو لطالما انتهكت الهدن القصيرة، مما يجعل أي التزام منها محل شك، وقال: "إنهم يواصلون القتل حتى 7 مايو، يتوقفون لبضعة أيام مريحة، ثم يستأنفون الهجمات في 11 من الشهر ذاته".

وفي سياق متصل، ومع اقتراب موعد العرض، شهدت موسكو تصعيدًا ميدانيًا جديدًا. ففي الساعات الأولى من صباح الاثنين، أعلنت السلطات الروسية عن اعتراض أربع طائرات مسيّرة أوكرانية اقتربت من العاصمة. ورغم عدم وقوع إصابات أو أضرار تُذكر، بحسب ما أعلنه عمدة المدينة سيرجي سوبيانين على تطبيق تيليغرام، فإن الحدث يعكس تزايد التهديدات الأمنية.

وتأتي هذه الحادثة بعد أقل من شهرين على أكبر هجوم بطائرات بدون طيار تتعرض له موسكو، حين أعلنت الدفاعات الجوية الروسية عن إسقاط أكثر من 70 طائرة مسيّرة في منتصف مارس/آذار، في عملية وصفت بأنها الأكثر كثافة منذ بدء الحرب.

وبحسب زيلينسكي، فإن الطائرات المسيّرة الأوكرانية باتت قادرة على الوصول إلى أهداف في عمق الأراضي الروسية، بمدى يصل إلى 3,000 كيلومتر. وتستخدم كييف هذه المسيّرات بعيدة المدى لاستهداف بنية روسيا التحتية العسكرية، بما في ذلك المطارات، ومصافي النفط، والمستودعات، ومراكز الخدمات اللوجستية.

في ظل هذه المعطيات، تبدو موسكو مقبلة على احتفالات غير معتادة بيوم النصر، إذ تتقاطع الأجواء الاحتفالية الرسمية مع أجواء حرب مفتوحة واحتمالات أمنية معقّدة، لتبقى الأنظار شاخصة نحو العاصمة الروسية خلال الأيام القليلة المقبلة.

اعلانWorkers assemble a model of the main Soviet order, the Order of Victory prior to Victory Day celebration in front of the historical main gates of VDNKh, April 30, 2025AP Photoإلغاء عرض النصر في سيفاستوبول وسط تصاعد الهجمات البحرية الأوكرانية

وفي مؤشر على تنامي التهديدات الأمنية، أعلنت روسيا إلغاء عرض "يوم النصر" العسكري في مدينة سيفاستوبول الساحلية الواقعة في شبه جزيرة القرم المحتلة. وأوضح حاكم المدينة أن القرار اتُّخذ بسبب "مخاطر تتعلق بالسلامة"، في وقت تشهد فيه المنطقة تزايدًا في الهجمات الأوكرانية البحرية.

ويأتي هذا الإعلان عقب تقارير عن هجوم نفذته طائرة مسيّرة بحرية أوكرانية، يُعتقد أنها دمرت مقاتلة روسية من طراز "سو-30" قرب ميناء نوفوروسيسك، يوم الجمعة الماضي. وقد وصفت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية العملية بأنها "غير مسبوقة"، باعتبارها أول مرة يتم فيها إسقاط طائرة مقاتلة بواسطة طائرة بحرية بدون طيار.

وهذا الإلغاء هو الثالث على التوالي لعرض سيفاستوبول العسكري، إذ كانت آخر مرة نُظّم فيها العرض في عام 2022، بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

رمزية "يوم النصر" في عهد بوتين: من مناسبة وطنية إلى أداة دعائية

ولم تعد احتفالات 9 مايو/ أيار مجرد ذكرى للنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، بل تحوّلت، في عهد بوتين، إلى حدث وطني بالغ الرمزية واستعراض ضخم للقوة العسكرية الروسية.

اعلان

ومنذ بدء الحرب على أوكرانيا عام 2022، ازدادت رمزية هذه المناسبة، إذ عمد الكرملين إلى توظيف شعارات الحرب العالمية الثانية وتاريخها لصالح روايته الرسمية بشأن الغزو. فشعارات مثل "سنكررها مجددًا" –في إشارة إلى النصر السوفيتي– أصبحت شائعة على ملابس الجنود الروس في أوكرانيا، كما انتشر استخدام "شريط القديس جورج" باللونين البرتقالي والأسود، وهو رمز تقليدي للنصر السوفيتي، وأصبح شعارًا للغزو الروسي ومؤيديه.

ولم يقتصر الأمر على الرموز البصرية، بل تجاوز إلى اللغة والخطاب السياسي. فروسيا تسوّق غزوها لأوكرانيا على أنه "عملية عسكرية خاصة"، وهي التسمية التي تعكس محاولة لمضاهاة مصطلح "الحرب الوطنية العظمى" الذي يُستخدم للإشارة إلى الحرب العالمية الثانية داخل روسيا.

وقد دأب بوتين على الترويج لفكرة أن "الشعب السوفيتي قاتل بمفرده" في تلك الحرب، متجاهلًا مساهمات الحلفاء. كما برّر غزوه لأوكرانيا بمزاعم "نزع السلاح" و"محاربة الفاشية"، وهي حجج لم تُدعّم بأي أدلة دامغة حتى اليوم.

هذا الاستخدام المفرط والتوظيف السياسي لـ"يوم النصر" أصبح له مصطلح خاص في اللغة الروسية: "بوبيدوبيسي"، وهي كلمة تحمل دلالة سلبية وتعني الهوس المبالغ فيه بالاحتفال بالنصر، إلى درجة الابتذال والاستغلال.

اعلان

في المقابل، سعت أوكرانيا إلى النأي بنفسها عن رمزية الحقبة السوفيتية وتواريخها، حيث وقع زيلينسكي قانونًا في عام 2023 ينقل إحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية إلى يوم 8 مايو/ أيار، تماشيًا مع معظم الدول الأوروبية، في خطوة تعكس قطيعة رمزية مع سرديات موسكو وتأكيدًا على انتماء أوكرانيا للفضاء الأوروبي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا الحوثيون حركة حماس إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا الحوثيون حركة حماس فولوديمير زيلينسكي أوروبا الشرقية روسيا فلاديمير بوتين الحرب في أوكرانيا إسرائيل دونالد ترامب قطاع غزة أوكرانيا الحوثيون حركة حماس إيران باكستان كشمير البابا فرنسيس الهند جمهورية السودان الحرب العالمیة الثانیة العرض العسکری یوم النصر

إقرأ أيضاً:

لميس الحديدي: إسرائيل لم تستطع تحقيق كامل النصر على إيران ولا توفير الحماية لشعبها

أكدت الإعلامية لميس الحديدي، أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية تجسد أوضاع المنطقة التي تُعد منطقة مشتبكة، قائلة: «الحرب الأخيرة تمثل تجسيدًا للأوضاع في المنطقة التي تشهد تغولًا إسرائيليًا مدعومًا أمريكيًا، بقصد ليس فقط تغيير خارطة الشرق الأوسط، ولكن إعادة تغيير التوازنات الاستراتيجية في المنطقة».

وأضافت، خلال تقديمها برنامج «كلمة أخيرة» على شاشة ON: «رغم أن الحرب تبدو وكأنها إيرانية إسرائيلية فقط، لكن المنطقة كلها مشتبكة، المنطقة كلها في قلب العاصفة».

وواصلت: «نحن في قلب العاصفة، ليس مصر فقط، بل المنطقة العربية كلها مشتبكة في هذا الصراع، سواء استهداف القواعد الأمريكية بالأمس أو المخاوف من إغلاق مضيق هرمز».

وأوضحت أنه من العلامات الفارقة أنه بالرغم من القوة الجامحة لإسرائيل وبدعم من الولايات المتحدة، إلا أن تل أبيب، وإن أنكرت، أدركت أنها لم تستطع تحقيق كامل النصر، قائلة: «لم تستطع أن تحقق كامل الحماية لشعبها حتى وفق نظرية الأمن الإسرائيلي أو الأربع طبقات التي تصد الصواريخ، ومنها القبة الحديدية، التي لم تتمكن من حماية الإسرائيليين من الإصابات، والذين قضوا ليلهم في الملاجئ وتحت الأرض، أو باتوا بلا منازل».

واختتمت: «إسرائيل لم تستطع، رغم قوتها الجامحة، لا تحقيق كامل النصر ولا توفير كامل الحماية لشعبها، حيث كانت أمام خصم عنيد كبّدها الخسائر واضطرت أن تقبل بوقف إطلاق النار بعد لجوئها إلى قوة (ماما أمريكا)».

وقالت إن قلب قضية الشرق الأوسط هي القضية الفلسطينية، فحماس تطالب بوقف حرب الإبادة، وكل ليلة حتى في وقت الحرب الإسرائيلية الإيرانية يسقط عشرات الفلسطينيين والذين يستشهدون يوميًا، إما تحت القصف أو تحت الأقدام سعيًا للحصول على الطعام.

وتساءلت: «هل سيكون لترامب نفس النشاط لإنهاء مأساة غزة؟ وهل سيكون لدى العالم نفس الحماس على غرار الحماس الذي أبداه لإنهاء النزاع الإيراني؟ أم أن ترامب لا يعترف إلا بالأقوياء، وقد كانت إيران خصمًا قويًا رغم الخسائر؟».

اقرأ أيضاًوزير الخارجية الإيراني: لا مفاوضات مع الولايات المتحدة ما دامت الاعتداءات مستمرة

واشنطن: لا إصابات بين الأمريكيين والقطريين في هجوم إيران على قاعدة العديد

ترامب: لن أسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي

مقالات مشابهة

  • حرب روسيا وأوكرانيا.. مقتل 19 شخصًا في ضربات على منطقة دنيبروبيتروفسك
  • لميس الحديدي: إسرائيل لم تستطع تحقيق كامل النصر على إيران ولا توفير الحماية لشعبها
  • رماة بوتين السود في أتون حرب أوكرانيا
  • 12 يوماً الضربات المتبادلة... ترمب يعلن نهاية الحرب الإسرائيلية الإيرانية
  • الخرطوم تشدد الإجراءات الأمنية بالطرق القومية والجسور
  • أوكرانيا تتوعد بتكثيف هجماتها في العمق الروسي
  • روسيا تخشى توماهوك الأمريكي.. اللواء مرزوق يكشف سر تخوف موسكو وتفوق الصواريخ الأمريكية
  • أوكرانيا تهدد برد مكثف يشمل العمق الروسي بعد هجمات موسكو الأخيرة
  • زيلينسكي للجزيرة: دعم أميركا لأوكرانيا سيتراجع جراء حرب إسرائيل وإيران
  • هل تدخل روسيا على سكة الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟ كاتب صحفي يفسر