أكدت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن المغرب يتوفر على مؤهلات كبيرة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، كالميثانول والأمونياك الحرارية، مما يتيح إمكانيات واسعة لتزويد الأساطيل البحرية العالمية بوقود نظيف وبأسعار تقل عن كلفة الغاز الطبيعي المسال، مبرزة أن هذه المؤهلات تجعل من المملكة فاعلاً استراتيجياً في التوازنات الطاقية المستقبلية.

جاء ذلك خلال مشاركتها، اليوم الثلاثاء، في أشغال الدورة الرابعة لمنتدى أوربا-إفريقيا، المنعقد بمدينة مرسيليا الفرنسية، والمنظم من طرف المجلة الاقتصادية الفرنسية “لا تريبون” و”إيكس مرسيليا بروفانس ميتروبوليس” تحت شعار “لنبتكر معا”، تحت رعاية الملك محمد السادس ورئيس الجمهورية الفرنسية.
وشددت بنعلي على أهمية إدماج سلسلة القيمة المعدنية في جهود التحول الطاقي، موضحة أن المغرب، الذي يضم قطاع المعادن ضمن اختصاصات وزارة الطاقة، يعمل إلى جانب شركائه الأفارقة والدوليين على إعادة صياغة معايير الاستدامة وشهادات ESG الخاصة بالمعادن الاستراتيجية، وذلك في إطار ما أسمته بـ”السوبر-ريجيون” الممتدة من كازاخستان إلى جنوب إفريقيا، مرورا بالمغرب.

وأبرزت الوزيرة أن هذا التوجه يندرج في إطار الاستراتيجية الملكية الرامية إلى تعزيز الاندماج الإفريقي، وتموقع المغرب كفاعل مركزي في سلاسل التوريد العالمية المستدامة، لا سيما في القطاعات الحيوية التي تشكل رافعة لتحول اقتصادي إقليمي عميق، مؤكدة أن المملكة المغربية تأمل في الإعلان عن إطار مرجعي موحد جديد في هذا المجال خلال المؤتمر الوطني المقبل حول المناجم بالمغرب.

وأشارت الوزيرة إلى أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كمركز إقليمي لإنتاج الطاقات المتجددة وتطوير سلسلة القيمة المرتبطة بالمعادن الاستراتيجية، وذلك في إطار الرؤية الملكية السامية التي جعلت من الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة خياراً استراتيجياً ومحرّكاً أساسياً للنموذج التنموي الجديد، مشددة على أن المملكة تطمح لأن تكون من بين الدول الرائدة في هذا المجال خلال القرن الحادي والعشرين.

وأبرزت الوزيرة، أن المغرب راكم خلال العشرين سنة الماضية استثمارات ضخمة في مجال البنيات التحتية الطاقية، مكنت من تعزيز قدرته على إنتاج كهرباء تنافسية من مصادر متجددة، مشيرة إلى أن كلفة إنتاج الطاقات المتجددة في المغرب تقل عن ثلث كلفة الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية في بعض الدول الأوربية.

وفي هذا السياق، أكدت الوزيرة أن هذه الدينامية الطاقية تأتي تنزيلاً للتوجيهات الملكية السامية التي جعلت من الانتقال الطاقي ركيزة استراتيجية لتحقيق السيادة الطاقية للمملكة، وتعزيز أمنها الطاقي في ظل التحولات العالمية المتسارعة، مبرزة أن هذه الدينامية ترتكز على تنمية الطاقات المتجددة، وتوطين التكنولوجيا، وتطوير سلاسل صناعية محلية محدثة لفرص الشغل.

يشار إلى أن منتدى أوربا-إفريقيا يشكل منصة سنوية للحوار والتبادل بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والمجتمع المدني من القارتين، ويهدف إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية، إطلاق مشاريع مشتركة، وتحقيق نمو مستدام ومندمج.

وقد خُصّصت للمملكة المغربية، بصفتها ضيف شرف هذه الدورة، جلسة خاصة سلطت الضوء على الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المملكة، ومشاريعها المهيكلة، ودورها الريادي كجسر بين أوربا وإفريقيا في مجالات متعددة، لاسيما في قطاعي الطاقة والمعادن.

كلمات دلالية الانتقال الطاقي الطاقات المتجددة الطاقة المغرب ليلى بنعلي

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الانتقال الطاقي الطاقات المتجددة الطاقة المغرب ليلى بنعلي الطاقات المتجددة الانتقال الطاقی أن المغرب

إقرأ أيضاً:

احتمالات تعاظم الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين

 

 

د. كلثوم لغدايش **

 

يتّسم التعاون الاقتصادي بين الصين والمغرب بالدينامية والحداثة المتسارعة. واليوم تسير الصين والمغرب في مسارٍ متقارب نحو ترقية العلاقات الثنائية من مستوى دبلوماسي إلى شراكة استراتيجية، وذلك بعد توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة خلال الزيارات الرسمية التي قام بها العاهل المغربي للصين في ماي 2016، وقد شملت هذه الاتفاقيات إحداث منطقة صناعية، وتعزيز التعاون في مجالات الاستثمار، المالية، والنقل السككي، الجيولوجيا والمعادن، الهيدروكربونات والطاقة، السياحة وغيرها، والتي ستساهم في سد الفجوة الاقتصادية بين البلدين. ورغم أهميتها الكبرى، إلا أن هذه الشراكة الاستراتيجية جاءت متأخرة نوعا ما، نظرا إلى أن العلاقات المغربية الصينية كانت قائمة منذ عام 1958، وكان المغرب ثاني بلد إفريقي وعربي يعترف بجمهورية الصين الشعبية، في خضم الحرب الباردة، لكنها بقيت محدودة التأثير على المستويين الإقليمي والدولي، بخلاف علاقات الصين مع دول عربية أخرى كجمهورية مصر التي عرفت انفتاحا شاملا على الصين. وفي وقت مبكر شمل التبادل الثقافي، والمنح الدراسية، وتبادل الوفود… بالتالي شكل البعد الجغرافي الكبير بين البلدين عائقًا طبيعياً أمام نشوء علاقات قوية ومباشرة، كما ساهمت الحرب الباردة في تعميق الفجوة السياسية والإيديولوجية بين البلدين، حيث كان المغرب أقرب إلى المعسكر الغربي (فرنسا، أمريكا)، في حين كانت الصين ضمن المعسكر الشيوعي. هذا التناقض الإيديولوجي ساهم في إبطاء تطور العلاقات المغربية-الصينية، وجعلها تقتصر لسنوات طويلة على مجرد تمثيل دبلوماسي دون تفعيل فعلي على أرض الواقع. غير أن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيًا، لتشهد العلاقات بين البلدين تطورا مفاجئا وسريعا بعد أن وسّعت الصين في السنوات الاخيرة من رؤيتها الاستراتيجية لتشمل شمال إفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق سنة 2013 والمعروفة أيضا بطريق الحرير الجديد في تعزيز هذا التحول، رغم أن تركيزها الأولي كان منصبًا على الدول الآسيوية. وقد انخرط المغرب رسميا في المبادرة سنة 2017، بعد أربع سنوات من إطلاقها، وذلك بعد اتباعه نهجًا استراتيجيًا قائمًا على المراقبة الدقيقة لتطور المبادرة وتقييم أهدافها بعيدة المدى ومنافعها الفعلية. ثم تعزز هذا الانخراط في يناير 2022، حين وقّع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وهي اتفاقية تحدد سُبل التعاون العملي والمجالات ذات الأولوية بين البلدين في إطار المبادرة. وقد انعكست هذه الدينامية الجديدة على مستوى الشراكة الاقتصادية، إذ أصبحت الصين في سنة 2022 ثالث شريك اقتصادي للمغرب بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. أما في سنة 2023، فقد احتل المغرب المرتبة الثالثة ضمن أكثر الدول الإفريقية جذبًا للاستثمارات الصينية، بعد كل من مصر وجنوب إفريقيا. هذا التسارع في وتيرة التعاون المغربي الصيني تم خلال فترة زمنية قصيرة، وبإيقاع لم تعرفه حتى بعض الدول التي تربطها بالصين علاقات ممتدة منذ عقود. ويُعزى ذلك إلى الدور المحوري الذي أصبح المغرب يلعبه في إنجاح هذه المبادرة العملاقة على مستوى القارة الإفريقية، بالإضافة إلى مجموعة من العوامل الجديدة التي أعادت تشكيل العلاقة الثنائية. فقد نجح المغرب في جذب اهتمام الصين بفضل مجموعة من المعطيات الاستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية، جعلت منه شريكًا محوريًا لها في شمال إفريقيا، ومن أبرز هذه العوامل: 1. الاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب في المنطقة، والذي جعله شريكًا موثوقًا ويشجع على إقامة مشاريع طويلة الأمد في المملكة. 2. السياسة الخارجية المتوازنة للمغرب تفتح المجال للتعاون مع القوى الكبرى دون انحياز، والانفتاح على تنويع شركائه الاقتصاديين والدبلوماسيين، في إطار سياسة متعددة الأقطاب، بالاضافة لتشارك الصين والمغرب في عدد من الرؤى السياسية والاقتصادية: عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاهتمام بالاقتصاد الافريقي 3. الأهمية الاستراتيجية للموقع الجغرافي للمغرب؛ باعتباره بوابة محورية للصين نحو شمال وغرب إفريقيا، ونقطة عبور حيوية نحو السوق الأوروبية 4. امتلاك المغرب بنية تحتية متطورة تشمل موانئ حديثة، وشبكة طرق وسكك حديدية متقدمة، إضافة إلى مدن صناعية ذكية، وهو ما يعزز مكانتها كحلقة وصل استراتيجية في سلاسل التوريد بين القارتين الإفريقية والأوروبية. 5. توفر المغرب على أكبر احتياطات الفوسفات في العالم، إلى جانب موارد معدنية استراتيجية تدخل في صلب الصناعات التكنولوجية المتقدمة، لا سيما تلك المرتبطة بصناعة البطاريات والطاقات المتجددة 6. التواجد القوي للمغرب في القارة الإفريقية، ومساهمته الراسخة في تطوير اقتصادات الدول الإفريقية، وهو ما يتجلى في مبادراته الرائدة، وعلى رأسها المبادرة الأطلسية، التي تعكس التزامه الراسخ بتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي وبناء شراكات جنوب-جنوب مستدامة 7. المغرب "همزة وصل اقتصادية" يمكن للصين التعاون معها لتصدير منتجاتها الصناعية إلى أوروبا وأميركا الشمالية وقد بدأت ثمار هذه الشراكة تظهر اليوم، إذ أصبحت المملكة المغربية وجهة رئيسية للاستثمارات الصينية، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية، والتكنولوجيا، إلى جانب إطلاق عدد من المشاريع التنموية والاستثمارية المشتركة وهي خطوة مهمة جدا بالنسبة للمغرب من أجل خلق مزيد من فرص العمل، وتطوير مهارات الموارد البشرية، والموازنة اعتمادها على اقتصاداتها ما بعد الاستعماري. وفي مارس 2024 خلال زيارته إلى المغرب، التقى وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو وزير التجارة المغربي رياض مزور، وعرض الأخير إمكانات منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، والتي تعد وسيلة لتطوير المنتجات المغربية والصينية للأسواق الأفريقية الواعدة، وأشار وانغ إلى أن المملكة أصبحت وجهة مفضلة للشركات الصينية. باختصارٍ.. يتّضح أن المغرب والصين يسيران بخطى ثابتة نحو بناء شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد. غير أن هذا التقارب يطرح تساؤلات جوهرية: هل سينجح المغرب في الحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق بين شراكته الجديدة مع الصين وعلاقاته التقليدية والراسخة مع المعسكر الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة؟ أم أن تنامي التعاون مع بكين قد يُلقي بظلاله على تحالفاته التاريخية؟ كما يبقى السؤال مطروحًا حول مدى تأثير التنافس الصيني الأمريكي على مستقبل العلاقات الصينية المغربية ومسار تطورها. ** باحثة وأستاذة جامعية مغربية مختصة باللغة الصنية والعلاقات العربية الصينية

 ** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان

 

 

مقالات مشابهة

  • احتمالات تعاظم الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين
  • طلب إحاطة بشأن ضوابط تأمين خطوط الغاز الطبيعي
  • اتفاق بين دمشق وأنقرة على نقل الغاز الطبيعي إلى سوريا
  • وزير: المغرب يطمح لارساء شراكة من جيل جديد مع موريتانيا
  • اتفاق لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر تركيا
  • وزير الطاقة المهندس محمد البشير: اتفقتُ مع نظيري التركي السيد ألب أرسلان بيرقدار على تزويد سوريا بـ6 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، عبر خط نقل كلّس–حلب، بما يسهم في زيادة ساعات تشغيل الكهرباء وتحسين واقع الطاقة في سوريا. (تغريدة عبر X)
  • وزير الطاقة التركي: من المخطط تصدير 6 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً لسوريا
  • اجتماع بالعقبة لبحث مستجدات مشروع ميناء الشيخ صباح لتأمين الغاز الطبيعي
  • كفر الشيخ.. عودة فتح باب التعاقد لتوصيل الغاز الطبيعي في بيلا
  • «دبي البحرية» تبحث آليات تقديم الخدمات في مراسي الإمارة