وسط تصاعد الغموض الإقليمي.. جولة مفاوضات نووية بين واشنطن وطهران
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
البلاد – جدة
في خطوة تحمل أبعاداً دبلوماسية تتجاوز حدود الملف النووي الإيراني، أكدت مصادر إعلامية إيرانية، عبر موقع “نورنيوز” المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي، أن الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران ستُعقد يوم الأحد 11 مايو في العاصمة العُمانية مسقط. وتأتي هذه الجولة بعد فترة من الانقطاع النسبي، لتعيد تحريك المياه الراكدة في مسار تفاوضي لا يخلو من التعقيدات الإقليمية والدولية.
وتزامناً مع هذا الإعلان، نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، أن إدارة ترامب ما تزال تسعى إلى حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني، مؤكداً إحراز “بعض التقدم” في المفاوضات، رغم غياب التفاصيل الدقيقة حول نقاط التفاهم أو الخلاف. تصريح يتسم بنبرة إيجابية مشروطة، ويكشف عن محاولة أميركية للعودة إلى مسار تفاوضي غير رسمي قد يُمهّد لاحقاً لتفاهمات أكثر علنية.
على الجانب الإيراني، بدت التصريحات الرسمية حذرة ولكن غير رافضة، فقد أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن طهران لا تمانع استئناف المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه أشارت إلى أن الكرة ما تزال في ملعب الطرف الآخر، في إشارة إلى واشنطن. وأبدت مهاجراني استعداد إيران لجميع “السيناريوهات”، وهي عبارة غالباً ما تستخدمها طهران للإيحاء بجاهزيتها السياسية والعسكرية في آن واحد. كما ربطت الحكومة الإيرانية التأخير بين الجولات السابقة بـ”اعتبارات لوجستية وتقنية”، إلا أن القراءة السياسية تُرجّح وجود اعتبارات أعمق، تتعلق بالتطورات الإقليمية، خاصة بعد التوترات في الخليج وتصاعد الاستقطاب بين المحاور الفاعلة، مما يجعل سلطنة عمان -كالعادة- ساحة مثالية للوساطات الصامتة.
ولا تخلو العودة إلى مسقط من رمزية، إذ سبق أن استضافت العاصمة العُمانية مراحل تمهيدية حاسمة قبل التوصل إلى الاتفاق النووي الأصلي عام 2015. اختيارها مجدداً يعكس رغبة الطرفين في الاستفادة من حياد عُمان الدبلوماسي، وابتعادها النسبي عن اصطفافات المحاور في المنطقة. كما أن توقيت هذه الجولة يثير التساؤلات، لا سيما مع قرب موسم الانتخابات الأمريكية، حيث تسعى بعض الأوساط داخل الحزب الجمهوري إلى تحييد الملف النووي الإيراني عن أي تصعيد ميداني، وتقديم إنجاز تفاوضي يُحسب للإدارة في أعين الناخبين. في المقابل، يُنظر في طهران إلى هذه المحادثات كأداة لشراء الوقت، وتقوية الموقف الداخلي في ظل العقوبات الخانقة والضغوط الاقتصادية.
المفاوضات غير المباشرة بطبيعتها تفتقر إلى الحسم السريع، خاصة حين تكون مشبعة بالتوترات المتراكمة. غياب الشفافية حول البنود المطروحة للنقاش، سواء ما يتعلق بجدول تخصيب اليورانيوم أو مستقبل العقوبات، يزيد من الضبابية حول ما يمكن أن تسفر عنه هذه الجولة، لكن الأكيد أن الجولة الرابعة في مسقط، حتى وإن لم تسفر عن اختراق حقيقي، تُعد مؤشراً على أن الخيار الدبلوماسي ما يزال حياً. ومع استمرار الانقسام الدولي حول طرق احتواء البرنامج النووي الإيراني، تظل الوساطة الإقليمية إحدى الأدوات القليلة المتبقية لتجنب الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة قد لا تكون في صالح أي طرف.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: النووی الإیرانی
إقرأ أيضاً:
جولة مفاوضات أميركية إيرانية رابعة في مسقط وتباين بشأن التخصيب
تنطلق اليوم الأحد في العاصمة العمانية مسقط جولة رابعة من المفاوضات الأميركية الإيرانية حول البرنامج النووي الإيراني، وسط مخاوف متزايدة من تداعيات تباين الطرفين بشأن تخصيب اليورانيوم الذي تتمسك به طهران، في حين ترفضه واشنطن وتعتبره "خطا أحمر".
وتأتي جولة التفاوض الرابعة قبل أيام من جولة إقليمية للرئيس الأميركي دونالد ترامب تشمل قطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وكان من المقرر في البداية أن تعقد الجولة الرابعة من المفاوضات في 4 مايو/أيار الجاري بالعاصمة الإيطالية روما، لكن تم تأجيلها وعزا خبراء ذلك إلى "خلافات وصعوبات أولية في المواقف التفاوضية".
لكن سلطنة عمان (الوسيطة في المحادثات) أرجعت التأجيل الذي أُعلن عنه بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران إلى "أسباب لوجستية".
ومن المتوقع أن يحضر جولة التفاوض اليوم في العاصمة مسقط مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي بأن الوفد الإيراني "يضم الخبراء والمتخصصين اللازمين في هذه المرحلة من المحادثات، بما يخدم المصالح العليا لبلادنا".
وتُجرى المفاوضات وسط تدقيق متجدد في جوانب رئيسية من برنامج طهران النووي، ولا سيما مخزونها من اليورانيوم المخصب ووتيرة أنشطة التخصيب.
إعلانوتخصب إيران حاليا اليورانيوم إلى درجة نقاء 60%، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 3.67% المنصوص عليها في اتفاق عام 2015 مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، ولكنها أقل من نسبة 90% اللازمة لإنتاج مواد صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة.
وقبل يومين من انطلاق جولة التفاوض الرابعة صرح ويتكوف لموقع بريتبارت نيوز قائلا "إن الخط الأحمر الذي وضعته واشنطن هو لا تخصيب، وهذا يعني التفكيك وعدم التسليح"، الأمر الذي يتطلب تفكيك المنشآت النووية الإيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان بالكامل.
وقال ويتكوف في المقابلة "إذا لم تكن المحادثات مثمرة اليوم الأحد فلن تستمر وسنضطر إلى سلك مسار مختلف"، مضيفا أن إيران أكدت خلال المحادثات أنها لا تريد امتلاك سلاح نووي، وهو أمر دأب المسؤولون الإيرانيون على قوله لسنوات.
وأضاف أنه إذا لم تكن المحادثات الجديدة يوم الأحد مثمرة "فلن تستمر، وسيتعين علينا اتخاذ مسار مختلف".
وردا على تعليقات ويتكوف قال عراقجي أمس السبت إن إيران" لن تقبل التنازل عن حقوقها النووية".
وأضاف وزير الخارجية الإيراني "تواصل إيران المفاوضات بنية حسنة، إذا كان هدف هذه المحادثات هو الحد من حقوق إيران النووية فإنني أقول بوضوح إن إيران لن تتخلى عن أي من حقوقها".
ويقول مسؤولون إيرانيون إن طهران تبدي استعدادها للتفاوض بشأن بعض القيود على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات، لكن إنهاء برنامجها لتخصيب اليورانيوم أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب من بين "الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساس بها" في المحادثات.
وقال مسؤول إيراني كبير مقرب من فريق التفاوض إن مطالب الولايات المتحدة المتمثلة في "عدم تخصيب اليورانيوم وتفكيك المواقع النووية الإيرانية لن تساعد في تقدم المفاوضات".
إعلانوأضاف المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- إن "ما تقوله الولايات المتحدة علنا يختلف عما يقال في المفاوضات".
وعلاوة على ذلك، استبعدت إيران بشكل قاطع التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، وتطالب المؤسسة الدينية بضمانات قاطعة بعدم انسحاب ترامب مرة أخرى من الاتفاق النووي.
وتأتي هذه المفاوضات -التي توسطت فيها عُمان وعُقدت في عاصمتها مسقط- في أعقاب جولات سابقة بدأت قبل نحو شهر، لتمثل أعلى مستوى من التواصل بين الخصمين منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي التاريخي عام 2018 خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
وسبق أن أفاد الجانبان بإحراز تقدم بعد المحادثات السابقة، ولكن حدثت بعض التأخيرات والخلافات بشأن حق إيران في تخصيب اليورانيوم.
ولطالما اتهمت الدول الغربية -إضافة الولايات المتحدة وإسرائيل- إيران بالسعي إلى امتلاك أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران باستمرار، مصرة على أن برنامجها النووي للأغراض السلمية.
وأكد ترامب رغبته في "التحقق الكامل" من توقف الأنشطة النووية الإيرانية المثيرة للجدل، وأصر وزير الخارجية ماركو روبيو على أن تتخلى طهران عن جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم.
والتزمت إيران باتفاق عام 2015 لمدة عام بعد انسحاب واشنطن منه، قبل أن تبدأ في التراجع عن التزامها.
ومنذ عودته إلى منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي أعاد ترامب إحياء نهجه القائم على "الضغط الأقصى" على طهران، داعما الدبلوماسية النووية، لكنه حذر من احتمال اللجوء إلى عمل عسكري في حال فشلها.
وتدرس الحكومات الأوروبية إمكانية تفعيل آلية "العودة السريعة" بموجب اتفاق عام 2015، والتي من شأنها إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة ردا على عدم امتثال إيران، وهو خيار ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المعارض للمحادثات الإيرانية الأميركية إلى تفكيك المنشآت النووية الإيرانية ووقف برنامجها للصواريخ الباليستية كجزء من أي اتفاق ذي مصداقية.
إعلان