د. عبد المنعم مختار

يشكّل قصف الطيران الحربي للجيش السوداني للتجهيزات العسكرية واللوجستية التابعة لمليشيا الدعم السريع في نيالا، وقصف المليشيا لمستودعات الوقود في مطار وميناء بورتسودان خلال الأيام القليلة الماضية، فرصة نادرة للتعقّل والتفكّر لدى الطرفين، تمهّد للانتقال نحو تفاوض غير مباشر كمرحلة أولى.



إنّ تدمير البنية الدفاعية التي أنشأها الدعم السريع في نيالا منذ مطلع العام، بهدف تحصين مواقعه من غارات الجيش الجوية، يعني عمليًّا تأجيل إعلان حكومته "التأسيسية" إلى أجل غير معلوم، أو ترحيلها إلى كاودا، ما سيفرض بالضرورة العودة إلى طاولة التفاوض حول موقع الحركة الشعبية – جناح الحلو – في المعادلة العسكرية، وعلى رأسها وزارة الدفاع. غير أن احتمالية قبول الدعم السريع بكاودا، أو تنازل الحلو عن مطلبه في وزارة الدفاع، تبدو بعيدة.

وبالمثل، فإنّ تدمير مستودعات الوقود في مطار وميناء بورتسودان يهدد بانهيار الاقتصاد المتداعي أصلًا، ويقطع شرايين الإمداد للجيش والدولة على حد سواء. إذ بدون وقود، لا مجال للتقدّم العسكري، وبدون نفط، لن يكون بالإمكان توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية بل والغذاء للمدنيين.

القصف الشامل الذي نفّذه الجيش ضد المواقع العسكرية في نيالا بعث برسالة واضحة للدعم السريع: بإمكاننا ضرب وإعادة ضرب منصّات الصواريخ، والرادارات، ومضادّات الطيران، وجميع المنشآت التي شيّدها الخصم على مدى شهور، بتمويل خارجي ضخم.

وفي المقابل، فإن ضربات الدعم السريع المتتالية للبنية التحتية الحيوية في بورتسودان أظهرت أن استهداف مراكز القرار السيادي والعسكري ممكن، حتى لو كانت بعيدة جغرافيًّا، وأن أمن البحر الأحمر بأكمله قد يصبح مهددًا إن تفاقمت الفوضى في العاصمة البديلة.

هذان التطوّران الخطيران يوضّحان دون مواربة أنّ الحرب قد بلغت مرحلتها الأخطر، وأنّ الانخراط في التفاوض لم يعد خيارًا يمكن تأجيله، بل صار ضرورة ملحّة. ففكرة الحكم الموازي التي يسعى إليها الدعم السريع، بما تحمله من تهديد لوحدة السودان، لم تعد ممكنة. كما أنّ رفض التفاوض من قِبل الجيش، بعد هذا التدهور، لم يعد مقبولًا.

قصف نيالا وبورتسودان يؤكّد، أولًا، أنّ الحسم العسكري مستحيل عمليًّا لأي من الطرفين، وثانيًا، أنّ التوازن العسكري وتجمد خطوط المواجهة صار واقعًا ماثلًا، وأخيرًا، أنّ تكلفة الحرب تجاوزت قدرة الطرفين على التحمّل دون استدعاء تدويل أكبر وتمويل خارجي أوسع، يحملان بدورهما مخاطر جمّة على ما تبقى من الأمن القومي السوداني، إن أردنا الدقة.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

100 فرصة عمل في أول أيام مبادرة بنبني وطن بالإسكندرية

شهدت محافظة الإسكندرية اليوم الخميس انطلاق فعاليات ملتقى التوظيف "شركاء التنمية بنبني وطن"، الذي نظمته جمعية "خليك إيجابي" بالتعاون مع أحدي الشركات الإعلامية و برعاية مديرية التضامن الاجتماعي بالإسكندرية، ضمن مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان" التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

بدأت الفعاليات بالسلام الوطني، أعقبه افتتاح رسمي قدمته الإعلامية الدكتورة نشوى فوزي، التي رحّبت بالحضور، مشيدة بالدور المجتمعي للمبادرة وأهميتها في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، لا سيما المرأة المعيلة والشباب الباحثين عن فرص عمل حقيقية.

شهد الملتقى توقيع بروتوكول تعاون بين جمعية "خليك إيجابي" وشركة السلام، يهدف إلى توفير 100 فرصة تدريب عملي للشباب، كخطوة أولى نحو التوظيف المباشر داخل الشركة كما أتيحت للحضور فرصة إجراء مقابلات مباشرة مع ممثلي الشركات المشاركة، وطرح الأسئلة والنقاش حول فرص التعاون المستقبلية، في أجواء شهدت تفاعلًا واسعًا بين المتقدمين وممثلي القطاع الخاص ويأتي هذا الملتقى في إطار رؤية وطنية متكاملة لبناء الإنسان المصري من خلال تمكين اقتصادي شامل، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وخلال الملتقى، أعلن رامي يسري، منسق مبادرة "بنبني وطن"، عن تدشين المبادرة رسميًا، موضحًا أنها تهدف إلى توفير فرص عمل وتدريب مهني وربط الفئات المستهدفة بسوق العمل، بما يعزز من جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعلى رأسها القضاء على الفقر والجوع، وتوفير العمل اللائق وتحفيز النمو الاقتصادي.

من جهتها، أكدت الدكتورة نرمين سويدان، مدير إدارة الجمعيات والمؤسسات الأهلية بمحافظة الإسكندرية، على الدور الحيوي الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في تمكين الأسر وتحويلها إلى طاقات إنتاجية فاعلة عبر دعم المشاريع التنموية.

وفي السياق ذاته، أشار الدكتور محمود سالم، رئيس مجلس إدارة شركة السلام، إلى التزام الشركة بدورها المجتمعي في تشغيل المرأة والشباب، معتبرًا أن الاستثمار في الكوادر البشرية يمثل أحد روافد التنمية المستدامة كما استعرض الدكتور محمد مصطفى، مدير إدارة الموارد البشرية بشركة السلام، آليات التدريب والتوظيف داخل الشركة، موضحًا أهمية الربط بين التعليم المهني واحتياجات سوق العمل.

مقالات مشابهة

  • إيران تهدد باستهداف شحنات الدعم العسكري لإسرائيل: هدفًا مشروعًا
  • حكومتان وحرب واحدة
  • تركوا جثثهم وهربوا.. درموت يسرد تفاصيل معركة الجيش السوداني ضد الدعم السريع
  • إعتقال صحفي سوداني في معبر أرقين بتهمة التعاون مع الدعم السريع
  • ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي
  • جوتيريش لـ إسرائيل وإيران: اعطوا السلام فرصة
  • الأمم المتحدة تحذّر من تداعيات "الأعمال العدائية المتصاعدة" في السودان
  • جهود دبلوماسية غربية للوصول إلى تسوية مع إيران.. وطهران ترفض التفاوض تحت النار
  • 100 فرصة عمل في أول أيام مبادرة بنبني وطن بالإسكندرية
  • هجمات انتقامية وحصار ومجاعة.. النزاع في السودان يزداد حدة