صُدم المسئولون الإسرائيليون الأسبوع الماضي بتقارير إخبارية عن اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع “جماعة الحوثيين”، هذا الاتفاق، الذي سينهي القصف الأمريكي على اليمن مقابل توقف أنصار الله عن هجماتهم على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، تم التوصل إليه بوساطة عُمانية دون علم إسرائيل.

كانت هذه رسالة واضحة مفادها أن موقف إسرائيل في واشنطن ليس كما كان يأمل "بنيامين نتنياهو" عندما دعم عودة ترامب ضد جو بايدن في عام 2024، مع أنه يجب علينا الحذر من المبالغة في هذا الأمر، فمن المرجح جدًا أن قلة من المسئولين في الكنيست ومكتب رئيس الوزراء يفتقدون أيام الإبادة الجماعية التي قادها جو بايدن.

ترامب لن يتخلى عن إسرائيل

في وقت سابق من هذا الأسبوع، كرر السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل أورين، شعارًا إسرائيليًا شائعًا، كتب أورين: "في أوقات الأزمات، يُمكننا الحصول على مساعدات مالية خارجية وتعزيز دفاعنا المضاد للصواريخ، لكن هذه الإجراءات لا يُمكن أن تُغني عن دفاع إسرائيل عن نفسها، بنفسها، ضد المخاطر الوجودية".

لطالما كان هذا محور نقاش متكرر بين إسرائيل وداعميها الأمريكيين، وعادةً ما يُستشهد به عند وصفهم لمستوى المساعدات العسكرية الضخمة التي ينبغي للولايات المتحدة، من وجهة نظرهم، تقديمها لإسرائيل.. وترامب يُطبّق هذا المعيار الآن.

بدا السيناتور الجمهوري المُتملق "ليندسي غراهام" من بين الأعضاء القلائل في الكونجرس من كلا الحزبين الذين فهموا هذا الأمر.

وقال غراهام: "أعتقد أن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. أُقدّرها. آمل أن تُدرك إيران أنها والحوثيون سواء في نظرنا، أما بالنسبة لإسرائيل، فليست بحاجة إلى تحمّل المزيد من هذا الهراء من الحوثيين أو إيران".

بينما أدرك الكثيرون أن ترامب قد اتخذ خطوةً في سبيل تحقيق أولويات الولايات المتحدة، على الأقل كما يراها هو، برز "غراهام" في فهمه أن ترامب يُظهر أيضًا لامبالاته المألوفة الآن تجاه ما تفعله الدول الأخرى، سواءً أكانت حليفة أم عدوة، طالما أنها لا تتعارض مع طموحاته.

يدرك "غراهام" أن ترامب لم يكن يقصف اليمن أبدًا لصالح إسرائيل، بل لوقف هجمات أنصار الله في البحر الأحمر التي كانت تُعيق حركة الشحن، ونظرًا لآثار رسومه الجمركية، التي بدأت تظهر للتو.

يشعر ترامب الآن بالقلق أيضًا بشأن تكلفة القصف، ويتجلى ذلك في التكلفة المالية - التي تجاوزت مليار دولار بكثير في الأسابيع الستة الماضية فقط - بقدر ما ينعكس في إمدادات الذخائر، فقد أسقطت القوات الأمريكية أكثر من 2000 قنبلة على اليمن منذ أن صعّد ترامب هجماته المدمرة. 

وهذا العدد الكبير من القنابل بحاجة إلى إعادة تعبئة، إن حاملات الطائرات وغيرها من الأصول العسكرية الأمريكية التي حوّلها ترامب إلى المنطقة، سواءً لشن هجمات على اليمن أو لتهديد إيران، لا بد أن تأتي من جهة ما.

يشعر القادة العسكريون الأمريكيون بالقلق من أنه، للحفاظ على هذه الإجراءات، سيضطر الجيش إلى تحويل المزيد من الموارد من منطقة آسيا والمحيط الهادئ. 

بالنسبة للجيش الأمريكي، فإن الاستعداد لما يعتقدون أنه مواجهة قادمة مع الصين أهم بكثير من اليمن أو التهديد الوهمي لإيران النووية.

كل هذا وأكثر دخل في قرار إبرام اتفاق مع الحوثيين، ولكن، بينما ركز الكثيرون على حقيقة أن الاتفاق لا يوفر أي راحة لإسرائيل من الهجمات من اليمن، فإن معظمهم يتجاهل حقيقة أنه لا يمنع إسرائيل بأي شكل من الأشكال من مواصلة هجماتها.

انتقادات الكونجرس أخف من المتوقع

أشار جوناثان شانزر، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية يمينية متطرفة، إلى القلق الحقيقي الذي تشعر به القوى المؤيدة لإسرائيل.

ولفت "شانزر" إلى أن إسرائيل حرة في مهاجمة اليمن، وأنه في حين أنه "من غير الملائم" للطائرات الإسرائيلية أن تتوجه إلى اليمن بينما تتمركز القوات الأمريكية في المنطقة، إلا أنها قادرة تمامًا على القيام بذلك بنفسها!!

ونشير هنا إلى أنه إذا توصل ترامب إلى اتفاق مع طهران بشأن القضية النووية التي تعترض عليها إسرائيل، فإن هذا الاتفاق يُشير إلى أن إسرائيل لن تمتلك حق النقض (الفيتو) عليه، كما كان الحال مع بايدن.

في الواقع، إن قدرة إسرائيل على التأثير في نتائج تلك المحادثات أقل بكثير مما كانت عليه عندما تفاوض باراك أوباما على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

 فعلى عكس أوباما، الذي واجه سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ آنذاك، يُسيطر حزب ترامب على مجلسي الكونجرس، علاوة على ذلك، واجه أوباما معارضة كبيرة من داخل حزبه، وصوّت عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الرئيسيين آنذاك ضد الاتفاق.

ومن غير المرجح أن يُخضع ترامب اتفاقه لمثل هذه العملية، وإذا فعل، فلن "يجرؤ" أي جمهوري على معارضته. 

هذا يُقيّد بشدة قدرة إسرائيل على تقويض الاتفاق، كما كادت أن تفعل في عام 2015.

مخاوف إقليمية

ومع ذلك، فإن قرار ترامب بالتوصل إلى هذا الاتفاق مع الحوثيين كان متأثرًا بحليفه: المملكة العربية السعودية، تُعيد المملكة تأكيد هيمنتها على واشنطن، كما فعلت في ولاية ترامب الأولى، لكنها هذه المرة تعمل على ترسيخ مكانتها كأبرز مؤثر سياسي في الشرق الأوسط، مُحلّةً محلّ إسرائيل، ومُبقيةً الإمارات العربية المتحدة في مرتبة ثانوية.

سيزور ترامب الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، وهي رحلةٌ لا تشمل إسرائيل تحديدًا، قبل الزيارة، ربما ضغط السعوديون على ترامب لوقف الهجمات على اليمن، ووفقًا لعدد من المسئولين الأمريكيين، كان الطلب السعودي سببًا رئيسيًا لتعاون ترامب مع عُمان للتوصل إلى هذا الاتفاق مع جماعة الحوثي.

إدارة ترامب فصلت المحادثات حول "برنامج نووي مدني للمملكة العربية السعودية" عن اتفاق التطبيع مع إسرائيل،  ويُمثّل هذا خطوةً مهمةً أخرى للمملكة العربية السعودية وانتكاسةً أخرى لإسرائيل.

طباعة شارك ترامب الحوثيين الحرب الهندية الباكستانية أحمد ياسر كاتب صحفي اليمن

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الحوثيين الحرب الهندية الباكستانية اليمن هذا الاتفاق على الیمن اتفاق مع اتفاق ا

إقرأ أيضاً:

ترامب يعلن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة قطرية: تفاصيل الاتفاق والكواليس

صراحة نيوز-

دخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيز التنفيذ مساء الثلاثاء، بعد إعلان مفاجئ من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في خطوة غير متوقعة كشفت عن وساطة معقدة قادتها قطر، وشارك فيها مسؤولون أميركيون وإسرائيليون وإيرانيون.

ووفقًا لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن ترامب فاجأ حتى أقرب مساعديه بإعلانه الاتفاق، وذلك عقب اتصالات أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولين إيرانيين، بوساطة مباشرة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله بالتصريح، أوضح أن نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، قادوا اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع إيران منذ أبريل الماضي، في إطار جهود التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وأشار إلى أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار بشرط أن تتوقف إيران عن تنفيذ أي هجمات جديدة ضدها. كما اعتبر أن الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية السبت الماضي – وهي أصفهان ونطنز وفوردو – لعبت دورًا حاسمًا في الضغط على طهران لقبول التهدئة.

وأشاد ترامب، في منشور على منصته “تروث سوشيال”، بالطيارين الأميركيين الذين قادوا قاذفات B-2 ونفذوا الهجمات على منشأة فوردو المحصنة، واصفًا إياهم بـ”الأبطال الذين أنهوا الحرب قبل أن تبدأ”.

في المقابل، أطلقت إيران مساء الاثنين نحو 14 صاروخًا على قاعدة العديد الجوية الأميركية في قطر، إضافة إلى قاعدتي عين الأسد والتاجي في العراق، دون أن تسفر عن إصابات بشرية، وفقًا لما أكدته وزارة الدفاع الأميركية.

وكانت إسرائيل قد شنت في 13 يونيو الجاري هجمات مركزة على مواقع داخل إيران، شملت منشآت نووية ومواقع عسكرية في طهران ومدن أخرى، وأسفرت عن اغتيال أكثر من 14 عالمًا نوويًا وعدد من القادة العسكريين البارزين.

وردت طهران بسلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة استهدفت مدنًا إسرائيلية كبرى بينها تل أبيب، حيفا، وبئر السبع، ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية شاملة.

ورغم إعلان الاتفاق، لم تتضح بعد شروط إيران للموافقة على وقف إطلاق النار، غير أن مسؤولين أميركيين رجّحوا أن تكون طهران قدمت تعهدات تتعلق بالكشف عن مواقع تخزين اليورانيوم المخصب.

يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان هذا الاتفاق مؤقتًا لاحتواء التصعيد، أم بداية لمسار تفاوضي جديد بشأن الملف النووي والتوازنات الإقليمية

مقالات مشابهة

  • ‏إسرائيل هيوم عن مصدر إسرائيلي: ننتظر تراجع حماس عن "موقفها المتشدد" بشأن مفاوضات تبادل الرهائن
  • ترامب يعتقد بأن اتفاق وقف الحرب على غزة بات وشيكًا
  • ترامب: غير راضٍ عن إسرائيل وإيران.. ووقف إطلاق النار تم انتهاكه رغم الاتفاق الكامل
  • ترامب يعلن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة قطرية: تفاصيل الاتفاق والكواليس
  • تضارب الموقف الإيراني حول وقف إطلاق النار.. قبول عبر وساطة قطرية ونفي رسمي وتصعيد مرتقب | تقرير
  • ترامب يعلن وقف إطلاق النار بين إيران و إسرائيل خلال ساعات
  • التنفيذ خلال 6 ساعات .. ترامب: التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • ترامب يعلن وقف الحرب بين إيران و إسرائيل
  • ترامب: تم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وايران
  • د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)