ما أهداف الحكومة البريطانية من خطط الإنفاق الدفاعي السخية؟
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
لندن- اختار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لهجة تحذير صارمة من مواجهة عسكرية وشيكة وقد يصعب تجنبها، ليقدم مراجعة شاملة لخططه الدفاعية، ويحدد النهج الذي ستتبعه حكومته العمالية لرسم ملامح السياسيات العسكرية البريطانية خلال السنوات العشر المقبلة.
ولم يكن ستارمر، وهو يكشف عن تفاصيل تلك الخطط، يفي فقط بوعد قطعه لناخبيه، بل بدا أيضا مصرا على رفع سريع لمستوى الجهوزية القتالية للقوات البريطانية تحسبا لمستقبل أكثر قتامة، بعد أن أصبح ما وصفه بالتهديد الروسي واقعا لا يمكن تجاهله وانتقل لمرحلة أكثر خطورة.
وقالت صحيفة الإندبندت البريطانية إن السبب المعلن -بحسب الحكومة- لإعلان حالة الاستعداد الحربي كان تعاظم خطر التهديد الروسي وتزايد قوة الغريم الصيني، في حين فضلت عدم توجيه اللوم لسلوك الرئيس الأميركي دونالد ترامب "المربك" لحلفائه، واكتفت بالإشارة إلى تحول في أولويات السياسات الدفاعية الأميركية وتغيير جذري في الأسس التي حكمت النظام العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
تعبئة عامةوفي الوقت الذي قدمت فيه الخطة الحكومية تفاصيل إعادة تأهيل البنيات التحتية العسكرية وتحديث الترسانة الحربية، كان رئيس الوزراء البريطاني مشغولا أيضا بالحشد في صفوف الرأي العام لسياسات العسكرة التي ستتبناها حكومته، والتي يتوقع أن تكلف خزينة البلاد أزيد من 68 مليار جنيه إسترليني.
إعلانوقال ستارمر إنه راغب في تعبئة كل فرد من "الأمة البريطانية" للانخراط في سياسات الإصلاح الدفاعي التي يرى أنها يجب أن تصبح شأنا يعني كل مواطن، في وقت لم يعد يبدي فيه البريطانيون -خصوصا من فئات الشباب- حماسة للالتحاق بصفوف القوات العسكرية.
ورغم تقديم خطة التحديث العسكري حلولا لتطوير القدرات الحربية، لكنها بدت عاجزة عن حل مأزق الانخفاض غير المسبوق في العديد من جنود الجيش البريطاني الذي لا يتجاوز 70 ألف جندي، وهو معضلة يقول وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إنه سيكون من الصعب تداركها خلال الولاية الحكومية الحالية.
ويرى كيريس ناينهام نائب ائتلاف "أوقفوا الحرب"، في حديث للجزيرة نت، أن إصرار المسؤولين على تخويف البريطانيين من التهديد الروسي، يهدف لاستغلال حالة عدم اليقين لتبرير خطط الإنفاق الدفاعي السخية التي ستُقتطع من أموال يفترض أن توجه للخدمات العامة وتحسين المعيش اليومي للبريطانيين.
واعتبر الناشط السياسي البريطاني أن ضخ المزيد من الأموال في ميزانية الدفاع سيجبر الحكومة على نهج سياسة تقشفية تزيد متاعب البريطانيين ولا تستجيب لاحتياجاتهم، بل تلبي ضغوط الإدارة الأميركية التي "تبتز" الحكومات الأوروبية باستعدادها للتخلي عن حماية أمن القارة وتطالبهم بتحمل كلفة تلك الأعباء.
قتال بأي كلفة؟وكان وزير الدفاع البريطاني قد تجنب الحديث عن خيارات الحكومة لتمويل تحديث برنامجها العسكري، حيث لم يفصح عن مدى قدرتها على الوفاء بتعهدها برفع مستوى الإنفاق ليصل إلى 3% في غضون العقد المقبل، بينما التزمت بزيادة ميزانية الدفاع بـ2.5% من النتاج الداخلي الخام في حدود العامين المقبلين.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن حكومة ستارمر قد توافق على طلب لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بتخصيص ما لا يقل عن 3.5% من الناتج الداخلي الخام على الإنفاق الدفاعي، في ظل ضغوط أميركية لا تهدأ على أعضاء الحلف لتحمل قدر أكبر من النفقات الدفاعية.
إعلانورغم التلويح الأميركي بفك الارتباط بالحلف، تصر لندن على صياغة خططها الدفاعية ووضع طموحها العسكري تحت سقف الحلف، حيث نصت وثيقة المراجعة الدفاعية على توجيه خطط التأهيل العسكري أيضا لحماية الحلفاء الأوروبيين الذين يتقاسمون معها الأخطار الجيوسياسية نفسها.
ويبدو أن الحفاظ على قوة الردع النووية تُعد أحد أبرز بواعث قلق البريطانيين، في ظل تساؤلات متواترة بشأن مدى استعداد إدارة الرئيس ترامب لمواصلة توفير مظلة الردع النووي لأوروبا في حال تعرضها لتهديد نووي روسي.
وأعلنت الخطة الدفاعية البريطانية عن بناء 12 غواصة نووية جديدة في أفق عام 2030، في محاولة لتوسيع الترسانة النووية، حيث تجوب غواصة واحدة على الأقل بشكل دائم المياه الإقليمية البريطانية لضمان الردع.
الشريك الأميركيورغم توقيع لندن قبل أسابيع اتفاقا دفاعيا جديدا مع الاتحاد الأوروبي يهدف لتوحيد جهود إعادة بناء المنظومة العسكرية بما فيها تنسيق إستراتيجيات الردع النووي، ترى صحيفة الإندبندنت أن البريطانيين ليسوا في وارد التخلي عن ارتباطهم التاريخي بالصناعات العسكرية الأميركية.
واختارت بريطانيا تطوير تلك الغواصات الهجومية بالتعاون مع الولايات المتحدة وأستراليا، في سياق شراكة ثلاثية تُعرف بحلف "أوكوس".
في هذا السياق، يرى أناند ساندر الخبير في شؤون الدفاع في المركز الأوروبي لسياسات الخارجية، في حديث للجزيرة نت، أن السياسات الدفاعية البريطانية يصعب أن يتم تطويرها بمعزل عن الشراكة مع واشنطن خاصة تلك المرتبطة بالردع النووي، حيث ترتبط الترسانة النووية البريطانية بالتكنولوجيا الأميركية ولا تستطيع مواجهة التهديد الروسي من دون دعم تقني ولوجيستي أميركي.
ويضيف أن المملكة المتحدة تتوفر فيها رؤوس نووية أقل بكثير من تلك التي تملكها روسيا، في حين تقتصر قدرتها النووية على الغواصات التي توفر حماية من البحر، وتحاول بريطانيا تجاوز ذلك القصور اعتمادا على الدعم الأميركي بتزويد البلاد بطائرات "إف-35" القادرة على شن هجمات نووية.
إعلانواستبعد المتحدث أن تغيّر لندن -رغم المراجعات الواسعة لسياساتها- عقيدتها العسكرية التي ترى في الولايات المتحدة أحد أهم شركائها الدفاعيين الأساسيين، رغم الضغوط التي تفرضها اللحظة الجيوسياسية بالغة الحساسية والتي لا يبدي فيها الرئيس الأميركي اندفاعا للحفاظ على تماسك الحلف التقليدي الغربي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الحكومة البريطانية تعرب عن قلقها لتدهور صحة والدة علاء عبد الفتاح
قالت الحكومة البريطانية الثلاثاء إنها "قلقة للغاية" إزاء صحة ليلى سويف والدة المعارض المصري المسجون علاء عبد الفتاح الحاصل على الجنسية البريطانية بعد نقلها إلى المستشفى مع استمرار إضرابها عن الطعام.
ونقلت سويف (69 عاما)، أستاذة الرياضيات، إلى مستشفى في لندن الأسبوع الماضي، وقالت إنها مستعدة للموت من أجل المساعدة في إطلاق سراح ابنها من السجن.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الحكومة البريطانية قلقة على صحة سويف وتواصل حث الحكومة المصرية على الإفراج عن ابنها.
وقال المتحدث: "نحن قلقون للغاية بشأن نقل ليلى إلى المستشفى ونبقى على اتصال دائم مع عائلتها بشأن سلامتها".
وأشار إلى أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، تحدث إلى نظيره المصري يوم الأحد، وحثه على إطلاق سراح عبد الفتاح.
وأضاف "الحكومة ملتزمة تماما بالإفراج عن علاء عبد الفتاح.. والتواصل مستمر مع الحكومة المصرية على أعلى المستويات".
ونقلت والدة علاء عبد الفتاح، إلى المستشفى، بعد تدهور جديد على حالتها الصحية، جراء إضرابها المتواصل عن الطعام لليوم لأكثر من 240 يوما، للمطالبة بالإفراج عن ابنها.
وقالت الحملة الداعمة لليلى سويف، إنها نقلت إلى مستشفى في لندن، الاثنين الماضي، جراء معاناتها مع هبوط حاد لمستوى السكر في الدم.
ومنذ شباط/فبراير الماضي، نقلت سويف للمرة الثانية إلى المستشفى، وكانت بدأت الإضراب عن الطعام في أيلول/سبتمبر 2024، في اليوم الذي كان من المفترض فيه إطلاق سراح ابنها بعد إنهاء محكوميته البالغة 5 سنوات.
ورغم تخفيفها الإضراب، بتناول بعض المكملات الغذائية، إلا أنها أعلنت العودة إلى الإضراب الكامل قبل أكثر من 10 أيام.
وكانت لجنة خبراء بالأمم المتحدة، قالت إن احتجاز علاء عبد الفتاح "تعسفي ومخالف للقانون"، داعية إلى إطلاق سراحه فورا.
وبدأ عبد الفتاح إضرابا عن الطعام في الأول من مارس/آذار الماضي بعد علمه بدخول والدته المستشفى، ولا يزال مستمرا في إضرابه، وفقا لحملة الإفراج عنه.
وكان عبد الفتاح اعتقل من قبل السلطات المصرية، عام 2019، بتهمة "نشر معلومات كاذبة"، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، لكنه السلطات تواصل احتجازه على الرغم من إنهاء مدته.