أثار مقتل المواطن التونسي هشام الميراوي، المقيم في فرنسا، صدمة واسعة داخل تونس وخارجها، بعد أن قُتل برصاص جاره الفرنسي يوم السبت 31 أيار/ مايو، في مدينة Puget-sur-Argens جنوب شرق فرنسا.

الجريمة التي وثّقها الجاني عبر تسجيلين مصورين أحدهما قبل تنفيذها، أثارت موجة تنديد عارمة، ووضعت فرنسا مجددًا في مرمى الاتهامات بشأن تصاعد الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين.



وفي تسجيل مصور نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك، وصف السياسي والدبلوماسي التونسي السابق أحمد القديدي الجريمة بأنها "نتيجة مباشرة للعنصرية المتفشية"، مضيفًا أن "القاتل دخل على جاره وقتله، ثم نشر فيديو يفتخر فيه بعمله ويدعو الفرنسيين إلى التخلص من هؤلاء لأنهم يريدون أسلمة فرنسا".

لكن القديدي لم يتوقف عند الجريمة، بل حمّل النظام السياسي التونسي الحالي جزءًا من المسؤولية المعنوية، قائلًا: "المنقلب أهان التونسيين قبل أن يهينهم عنصري فرنسي.. الرئيس التونسي يسمي الاستعمار المجرم حماية.. لقد تمّت إهانة التونسي من قبل رئيسه الذي قبّل كتف الرئيس الفرنسي"، في إشارة رمزية إلى المشهد السياسي الذي رآه القديدي تنازليًا في علاقة تونس بفرنسا، مذكرًا في الوقت نفسه بجرائم الاستعمار الفرنسي في تونس.

كما انتقد طريقة تعاطي السفير التونسي مع وزير الداخلية الفرنسي الذي زاره في مقر السفارة عقب الحادث، مشيرًا إلى أن تصريحات السفير التي وصف فيها الجالية التونسية في فرنسا بـ"المنصهرين في قوانين الجمهورية"، وهو تعبير وصفه القديدي بأنه يحمل دلالة "الذوبان الثقافي"، مضيفًا أن "هذا غير معقول أيها السفير"، في انتقاد لطريقة تعاطي ممثل الدبلوماسية التونسية مع الخطاب الفرنسي الرسمي، فقد كان الأصل القول بأن "التونسيين يحترمون قوانين الجمهورية".

وأنهى القديدي تصريحاته بالإشارة إلى الطموحات السياسية لوزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، معتبرًا أن مواقفه قد تحمل خلفيات انتخابية في ظل نيته الترشح للرئاسة.



تصريحات القديدي تعكس حجم الغضب الشعبي في تونس تجاه سياسات فرنسا الداخلية، وتجاه ما يعتبره كثيرون عجزًا رسميًا تونسيًا عن الدفاع الصلب عن كرامة الجالية في الخارج، خاصة في ظل أجواء سياسية داخلية معقّدة وعلاقات دولية غير متوازنة.



في هذا السياق، يستمر التحقيق الفرنسي في الجريمة، وسط تأكيدات بأن الجاني قد يكون متطرفًا يمينيًا مدفوعًا بدوافع عنصرية، وهو ما دفع مكتب مكافحة الإرهاب في فرنسا لتولي الملف. وأكدت الخارجية التونسية أنها تتابع القضية عن كثب، بينما شددت سفارة تونس في باريس على ضرورة ضمان حقوق الضحية ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.

وفي أول تعليق رسمي من القضاء الفرنسي، قال المدعي العام في دراجنيون بجنوب فرنسا في بيان، إن المواطن التونسي هشام الميراوي قُتل بالرصاص على يد جاره الفرنسي، مؤكدًا أن الجريمة قيد التحقيق باعتبارها جريمة بدوافع عنصرية، في إشارة واضحة إلى الخلفية الأيديولوجية التي دفعت الجاني لارتكاب فعلته.

من جهته، نشر وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو تصريحًا على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، شدد فيه على أن "العنصرية يجب أن تُعاقب بشدة"، مضيفًا أنه "لا تهاون مع استخدام السلاح وإطلاق النار"، في محاولة لطمأنة الرأي العام الفرنسي والتونسي على حد سواء، وسط تصاعد الانتقادات للبيئة السياسية التي يُتهم فيها مسؤولون وسياسيون بـ"تغذية الكراهية" ضد المسلمين والمهاجرين.

J’ai une pensée pour la famille, les proches et la communauté tunisienne. Je me suis entretenu à ce sujet avec l’ambassadeur de Tunisie en France. Je remercie le GIGN d’Orange et les gendarmes du Var pour leur efficacité et cette interpellation en un temps record. pic.twitter.com/STL7GNErlt — Ministre de l'Intérieur (@Interieur_Min) June 2, 2025

جريمة هشام الميراوي أعادت تسليط الضوء على الواقع الصعب الذي يعيشه المسلمون والعرب في فرنسا، حيث تتصاعد مشاعر التهميش والكراهية وسط خطاب سياسي يعيد تدوير الخوف من الإسلام باعتباره تهديدًا ثقافيًا وأمنيًا، في بلد يزعم قيادة قيم الجمهورية وحقوق الإنسان.

وشهدت فرنسا خلال السنوات الماضية تصاعدًا في السياسات المقيدة للجالية المسلمة، بدءًا بتشديد الرقابة على الجمعيات الإسلامية، ومرورًا بقانون "الانفصالية"، وصولاً إلى تقرير رسمي صدر مؤخرًا يربط بين عدد من الجمعيات الإسلامية وتنظيم الإخوان المسلمين، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تُمهد لشيطنة العمل المدني الإسلامي وشرعنة التضييق عليه.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المواطن التونسي فرنسا وفاة فرنسا تونس مواطن ردود المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فرنسا تصاعد ا

إقرأ أيضاً:

اليوسف يكشف عن التفاصيل.. كويتي يقتل أخته والأسرة ترفض الإبلاغ عن الجريمة

كشف وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف عن تفاصيل جريمة بشعة وقعت في البلاد، تسببت في عدم قدرته على النوم بسبب بشاعتها، إذ قتل أخ أخته عام 2022، دون أن يهتز قلب أي فرد من أفراد أسرتها ليبلغ عن الجريمة، ولولا كفاءة رجال الشرطة ما اكتُشفت.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); قال اليوسف: "كنت أتوقع أن يحدث أي شيء لكن ما حدث معي أمس قضية ما حدث مثلها في تاريخ الكويت، أخ يقتل أخته بسبب المخدرات في شهر يناير عام 2022 دون أن يبلغ أحد، لولا مجهود الأخوة في وزارة الداخلية ما ضبطنا الجاني".
أخبار متعلقة صحة غزة: وفاة رضيعة بسبب البرد يعكس هشاشة الوضع الإنساني في غزةارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 70373 شهيدًاوأضاف: "لا أب ولا أم ولا 3 إخوان ولا 3 أخوات ولا زوج أبلغوا عن الجريمة، لم يمر عليّ مثل هذه العائلة، أمس تحدثت مع أخواتها الثلاث، لم أجد منهن اهتمامًا، واستخرجنا العظام، لم يبق منها إلا الهيكل، منظر لم يجعلني أنام حتى الآن، مثل هذه الهائلة لا تمثل الكويت".
واختتم حديثه بالقول: "ابنها كسر خاطري، يسأل عنها منذ 4 سنوات، دون أن يهتز قلب واحد منهم".

جريمة بشعة وقلوب من حجر
وزير الداخلية الكويتيالشيخ فهد اليوسف أنا من أمس مو نايم و يكشف عن جريمة قتل ( أخ قتل أخته) سنة 2022 ، لا أب ولا أم ولا إخوان ولا خوات ولا زوج بلغوا عن الجريمة
ولدها كسر خاطري من 4 سنين يسأل أمي وينها وما انهز قلب واحد فيهم
بيض الله وجهك أبو فيصل pic.twitter.com/YIC45VuyX4— فهد( أخوان مريم )(@fahadddd83) December 11, 2025

مقالات مشابهة

  • الداخلية: مقتل عنصر شديد الخطورة وضبط نصف طن مخدرات بقيمة 99 مليون جنيه
  • فرنسا... هجوم سيبراني يستهدف خوادم وزارة الداخلية
  • تراث الجمال العربي يُتوج عالميًا.. الكحل التونسي على لائحة اليونسكو
  • بنزيما لا يقفل باب العودة إلى المنتخب الفرنسي
  • تراث الجمال العربي يتوج عالميًا… الكحل التونسي على لائحة اليونسكو
  • النقل بالسكك الحديدية محور لقاء سعيود مع وزير النقل التونسي
  • تونس: افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي
  • اليوسف يكشف عن التفاصيل.. كويتي يقتل أخته والأسرة ترفض الإبلاغ عن الجريمة
  • وزير التجارة الخارجية الفرنسي يؤكد عزم بلاده توسيع الشراكة الاقتصادية مع سلطنة عمان
  • البرلمان الفرنسي يقرّ ميزانية الضمان الاجتماعي بأغلبية ضئيلة وسط انقسام سياسي حاد