هل حقا ساهم أحمد زويل في تطوير منظومة الصواريخ الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران مؤخرا، عادت للواجهة المزاعم بأن العالم المصري "أحمد زويل" تبرع بنصف جائزة نوبل لإسرائيل، وأن أبحاثه في مجال الليزر ساهمت في تطوير الصواريخ الإسرائيلية، ونظام الدفاع الجوي المعروف بـ"القبة الحديدية".
ويتم تمرير هذا الاتهام عبر حقيقة لم ينكرها الدكتور زويل نفسه، وهي حصوله عام 1993 على "جائزة وولف" في الكيمياء، التي يمنحها معهد وايزمان الإسرائيلي، وسلمها له آنذاك وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الدولة لاحقا.
وحين سُئل مرارا عن قبوله للجائزة، أوضح أنه يرى أن "العلم لا وطن له ولا دين"، وفي هذا السياق، كتب الدكتور عبد الرحمن ياسر، الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة القاهرة، منشورا مطولا عبر صفحته على "فيسبوك"، أكد فيه رفضه قرار زويل قبول الجائزة من إسرائيل، مضيفا: "في النهاية هذا قراره الشخصي الذي سيحاسب عليه أمام الله، لكن خلافي معه لا يبرر أن أكذب عليه أو أتهمه زورا".
وشدد ياسر على أن من يروجون لهذا الاتهام لا يدركون طبيعة أبحاث زويل، التي لم تكن لها أي علاقة بتطوير الأسلحة، موضحا أن "أبحاثه كانت تركز على استخدام نبضات الليزر في مدى زمني بالغ القصر (الفيمتوثانية) لتصوير التفاعلات الكيميائية، ما أتاح لأول مرة في تاريخ البشرية رؤية لحظات تكسر وتكون الروابط الكيميائية أثناء حدوثها".
وأضاف: "هذا الإنجاز العظيم لا علاقة له إطلاقا بالأسلحة أو الأنظمة الدفاعية، فالرجل لم يكن عالم ليزر بالمفهوم التقليدي، بل استخدمه كأداة ضمن تخصصه الدقيق في التفاعلات الكيميائية".
وتابع: "من غير المنطقي أن تتخلى إسرائيل عن علمائها المتخصصين في الليزر مثل آشر فريسم، لتستعين بعالم من أصول مصرية لم يتخصص في الليزر ولا يعرف شيئا عن الديناميكا الهوائية، من أجل تطوير صواريخها!".
إعلانوأكد ياسر أن اختلافه مع قرار زيارة إسرائيل لا يعني تجاهل الأدوار الكبرى التي لعبها زويل، سواء في المجال البحثي أو في خدمة الوطن، موضحا أن "أبحاثه تركت بصمة في مجالات متعددة، منها الأدوية التي نتناولها يوميا، إذ أسهمت بشكل مباشر في فهم التفاعلات الكيميائية، وهو فهم غيّر مجرى العلم مثلما غيرت قوانين نيوتن والنسبية لأينشتاين فهمنا للفيزياء".
وأشار كذلك إلى جهوده الكبيرة في خدمة الشأن العام، قائلا: "كثير من العلماء العرب لم يهتموا بالشأن العربي أصلا، لكن الدكتور زويل أفنى سنوات من عمره في محاولة بناء مستقبل علمي لمصر، وكانت مدينة زويل للعلوم هي حلمه الكبير، وقال ذات مرة لزملائه: أريد أن تكون معامل المدينة نسخة طبق الأصل من معامل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا".
شريك زويل العلمي يتحدثومن جانبه، يقول الدكتور محمد ثروت حسن، الأستاذ المشارك في الفيزياء والعلوم البصرية بجامعة أريزونا الأميركية، لـ"الجزيرة نت": "بعيدا عن تلك الزيارة، دعنا نركز على السؤال العلمي الأهم: هل يمكن أن تقود أبحاث الدكتور زويل إلى تطوير أسلحة؟".
ويجيب: "قولا واحدا: لا". ثم يستطرد: "الدكتور زويل لم يطور تكنولوجيا الليزر، بل اعتمد على التقنيات المتاحة آنذاك لاستكشاف التفاعلات الكيميائية ودراستها".
ويشير الدكتور حسن إلى أن بدايات أبحاث الفيمتوثانية التي أجراها زويل تعود إلى أوائل الثمانينيات، حين حصل على منحة أتاحت له استخدام أحدث تقنيات الليزر المتوفرة في ذلك الوقت، وهو ما لم يكن متاحا له قبل هذا التاريخ، الأمر الذي حال دون تمكنه من تحقيق حلمه في رصد التفاعلات الكيميائية في زمن الفيمتوثانية.
ويضيف أن التكنولوجيا الوحيدة التي ساهم زويل في تطويرها بناء على أبحاثه، كانت "الميكروسكوب رباعي الأبعاد"، وهو نوع متقدم من المجاهر لا يكتفي بتقديم صور ثلاثية الأبعاد للعينات (الطول، العرض، العمق)، بل يضيف بعدا رابعا هو الزمن، ما يسمح برصد العمليات البيولوجية والكيميائية المعقدة لحظة بلحظة داخل الخلايا والجزيئات، ويؤكد أن هذا الإنجاز، الذي تحقق خلال الفترة من 2002 إلى 2006، لا علاقة له على الإطلاق بتطوير الأسلحة.
ويتأكد ما سبق بأنه لا توجد أي أبحاث منشورة، في قواعد بيانات الأبحاث المعروفة عالميا، باسم أحمد زويل في أي نطاق عسكري، كما أنه لم يرصد حضوره في أي من مؤتمرات هذه النطاقات، وهو غير معروف في أوساطها.
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الدكتور علي عبده، أستاذ الهندسة النووية في الولايات المتحدة، إن تخصص زويل كان في الكيمياء، مع تركيزه الدقيق على تطبيقات الليزر في تصوير التفاعلات الذرية في الزمن الفيمتوثانية، والتي توسع لاحقا في استخدامها ضمن التطبيقات البيولوجية.
وأضاف: "كلنا نعلم أن التطبيقات العسكرية لتكنولوجيا الليزر، خصوصا في الصواريخ، تأتي في مراحل متقدمة ومختلفة تماما، فكيف وصل البعض إلى الجزم بأن الرجل ساهم في تطوير برنامج الصواريخ الإسرائيلي؟ وأين الدليل؟".
إعلانوتساءل عبده مستنكرا: "هل من المعقول أن تُشرك إسرائيل عالما عربيا، مصريا وطنيا، في برامجها العسكرية السرية بهذه السهولة؟"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ذاتها، تشترط على الباحثين في برامجها العسكرية التنازل عن أي جنسية أخرى، إلى جانب الحصول على تصاريح أمنية من أعلى المستويات، وهو ما اختبره شخصيا خلال تقدمه للعمل في مختبرات بحثية مثل لوس ألاموس وسانديا، حيث تم رفض طلبه بسبب هذه الاشتراطات الأمنية المعقدة.
وشدد عبده على أن زويل "قدم علما نافعا للبشرية، وتتلمذ على يديه عشرات الباحثين، وانتفع بنتائج أبحاثه ملايين البشر حول العالم"، لافتا إلى أنه كان من المؤسسين الأوائل لجامعة زويل، والتي رأى فيها مشروعا تعليميا ينافس أعرق المؤسسات البحثية في العالم.
وأشار إلى أن زويل كان حريصا على دعم الطلاب غير القادرين ماديا، قائلاً: "أشهد أنه كان يردد دائما: لن يُحرم طالب من القبول بسبب المصاريف، وإذا توفرت فيه شروط الجدارة، فالجامعة مسؤولة عن دعمه"، موضحا أنه خصص منحا مجانية شاملة لنحو 300 طالب في الدفعة الأولى، بلغت تكلفة الطالب الواحد أكثر من 200 ألف جنيه مصري، كما أنشأ مدينة جامعية متكاملة لهم.
واختتم الدكتور عبده تصريحه بالقول: "عرفت فيه التسامح، وسلامة الصدر، والعمل الجاد في صمت، بعيدا عن المهاترات أو المزايدات، ولعل هذا كله يكون شفيعا له بين يدي ربه، فلعل بينه وبين الله خبيئة لا يعلمها إلا هو".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدکتور زویل أحمد زویل فی تطویر إلى أن
إقرأ أيضاً:
"الغرفة" تناقش تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني لضمان تلبية احتياجات سوق العمل
مسقط-- الرؤية
ناقشت لجنة التعليم والتدريب والابتكار بغرفة تجارة وصناعة عُمان خلال لقاءها بوزارة العمل أمس، تعزيز الشراكة الوطنية في تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني؛ بما يلبي مع احتياجات سوق العمل، ويسهم في تمكين الكوادر الوطنية وتأهيلها وفق متطلبات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وعقد اللقاء بحضور سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية، والمهندس حمود بن سالم السعدي النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، والشيخ القاسم بن محمد الحارثي رئيس لجنة التعليم والتدريب والابتكار بالغرفة، وأصحاب وصاحبات الأعمال، وذلك بالمقر الرئيسي للغرفة بمسقط.
ويأتي اللقاء تأكيدًا على أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص في رسم الخطط التدريبية، وحرصا على مواءمة المخرجات التعليمية والتدريبية مع متطلبات المرحلة المقبلة، انسجامًا مع رؤية "عُمان 2040" والتوجهات الاستراتيجية لغرفة تجارة وصناعة عُمان الرامية إلى تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز جاهزية مؤسسات القطاع الخاص.
وقال الشيخ القاسم بن محمد الحارثي رئيس لجنة التعليم والتدريب والابتكار بالغرفة إن اللقاء يسعى إلى دعم جهود موائمة مخرجات التعليم والتدريب مع فرص العمل المتاحة، وتفعيل الأدوار التكاملية بين الغرفة والجهات الحكومية المعنية. وبيّن أن اللقاء يعمل على ترسيخ أهمية المسار المهني كمداخل وطنية استراتيجية، إلى جانب تحفيز مؤسسات القطاعين العام والخاص على تبني برامج تدريب نوعية تؤسس لجيل مؤهل قادر على الإسهام الفاعل في مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة. وأضاف أن محاور التعليم والتعلم وبناء القدرات الوطنية تشكل إحدى الأولويات الرئيسة في رؤية "عُمان 2040"؛ ما يستدعي تطوير نظام تعليمي محفز وتدريب مهني فعال يعزز قيم الكفاءة والتنافسية، ويُؤهِّل الأفراد لسوق العمل من خلال اكتساب المهارات اللازمة ورفع الإنتاجية.
وأشار الحارثي إلى أن القطاع الخاص ممثلا بغرفة تجارة وصناعة عُمان يعد شريكا استراتيجيا ومحوريا في تحقيق الرؤية الوطنية، وفي إيجاد حلول فعّالة ومستدامة للباحثين عن عمل، وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل.
من جانبه، قدَّم إبراهيم الشكيلي مدير عام مساعد المديرية العامة للمؤسسات التدريبية الخاصة بوزارة العمل عرضًا مرئيًا حول منظومة التدريب المهني في سلطنة عُمان، مُستعرضًا الأهداف الرئيسة لقطاع التدريب المهني، كما تطرق إلى الوضع الراهن لمشاريع خطة تطوير منظومة التدريب المهني في سلطنة عُمان. واستعرض الشكيلي أبرز لوائح وتشريعات منظومة التدريب المهني.
وشهد اللقاء تنظيم جلسة حوارية ناقشت خطط وزارة العمل الحالية والمستقبلية تجاه قطاع التدريب، إضافة إلى دراسة مواد قانون العمل المتعلقة بهذا الشأن، وهي المادة (20) والمادة (21)، التي تمثل الإطار القانوني لتنظيم التدريب والتوظيف في القطاع الخاص. فيما ناقشت الجلسة برامج التدريب المقرون بالتشغيل السنوية المخصصة للقطاع الخاص، بالإضافة إلى دور القطاع الخاص ممثلا بالمؤسسات التدريبية الخاصة، والدعم الذي تقدمه وزارة العمل لتنمية وتطوير هذا القطاع الحيوي.
وتحدث خلال الجلسة سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية، والدكتور محمد النجار مدير عام التدريب بوزارة العمل، وإبراهيم الشكيلي مدير عام مساعد المديرية العامة للمؤسسات التدريبية الخاصة بوزارة العمل، وعبدالرحمن العلوي مدير دعم التدريب بوزارة العمل.