كيف تنعكس أحداث السويداء على المفاوضات بين دمشق وقسد؟
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
دمشق- في ظل الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء مؤخرا، تتصاعد التساؤلات حول تداعيات هذه التطورات الأمنية الحاسمة على مسار المفاوضات المتعثرة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومدى انعكاسها على مستقبل العلاقة بين الطرفين في ظل المشهد السوري المعقد.
ورغم أن ملفي الجنوب ذي الغالبية الدرزية والشمال الشرقي الذي تديره الإدارة الذاتية الكردية، يبدوان منفصلين من حيث الجغرافيا والديمغرافيا، فإن تزامن الأزمات يُعيد التأكيد على مركزية الحكومة في إدارتهما، ويكشف عن حدود استجابتها للمطالب المحلية.
ويرى مراقبون أن طريقة تعاطي دمشق مع أحداث السويداء، من حيث الخطاب الرسمي أو التعامل الأمني، قد تدفع قسد لإعادة حساباتها ضمن هامش ضيق تفرضه المواقف الإقليمية والدولية من الحكومة السورية، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الصراع العسكري.
ضغطيعتقد الباحث في مركز "جسور للدراسات" رشيد الحوراني أن ما جرى من أحداث دامية في محافظة السويداء قد يدفع قسد للمماطلة في تنفيذ الاتفاق مع الحكومة السورية بهدف كسب الوقت، مشيرا إلى أنها "غير قادرة على التعنت إلى ما لا نهاية".
وفي حديث للجزيرة نت، قال حوراني إن هناك أسبابا عديدة ستدفع قسد لاستكمال الاتفاق مع دمشق أبرزها ما كشفته فوزة يوسف رئيسة وفد قوات سوريا الديمقراطية المفاوض مع الحكومة السورية، أمس الثلاثاء، بأن الوسطاء الدوليين ودمشق يضغطون باتجاه تقديم تنازلات.
ورأى أن الانتهاكات التي حدثت في السويداء تؤثر على كل الأطراف و"بشكل خاص على سمعة الجيش والقوى الأمنية"، مضيفا أن "سعي قسد للحل وتخفيض مطالبها يوفر على الجميع الوقت والأرواح خاصة وأن سجلها أيضا ليس نظيفا فيما يتعلق بهذا الجانب".
وعن الموقف الأميركي، أشار حوراني إلى أن واشنطن تضغط على الحكومة السورية وتدعمها في آن واحد في ملف الاتفاق مع قسد وأي ملفات أخرى، "لأن الرئيس دونالد ترامب بعد رفعه العقوبات عن دمشق ينتهج إستراتيجية مساعدة سوريا على الاستقرار، مقابل إيجاد صيغة تفاهم مع إسرائيل".
ولا يمكن الحديث عن أي تأثيرات محتملة لأحداث السويداء والجنوب السوري على مستقبل قسد وشمال شرقي سوريا، دون الإشارة إلى دور العشائر العربية التي تشغل حيزا جغرافيا واسعا شرقي البلاد، حيث تسيطر قسد.
إعلانوتُعد العشائر -كقوة بشرية وعسكرية- عاملا حاسما في أي معادلة سياسية أو أمنية هناك، إذ لطالما شكلت موقفا متأرجحا بين التعاون الحذر مع قسد، والاحتقان نتيجة التهميش وغياب التمثيل الحقيقي داخل هياكل الإدارة الذاتية الكردية.
وتمثل "الفزعة العشائرية" التي ساندت الحكومة السورية في السويداء ورقة تفاوض قوية لدى دمشق، وفق الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، لافتا إلى أن المناطق التي تسيطر عليها قسد في سوريا "عشائرية بامتياز".
ويعتقد علاوي أن ما حدث في السويداء دفع إلى زيادة الدعم المجتمعي للحكومة السورية، وهو ما يعطيها ورقة ضغط أيضا خلال المفاوضات الأخيرة مع قوات سوريا الديمقراطية، فيما قد يكون هناك موقف دولي أقل زخما كما كان منذ أشهر لدعم دمشق والحكومة الجديدة.
ويقول للجزيرة نت إن الولايات المتحدة أمام خيارين وتبدو منقسمة في تعاطيها مع الملف السوري:
الأول: يتمثل في نهج ترامب الذي يدعو إلى دعم دمشق حتى النهاية. الثاني: فهو نهج أكثر تريثا تتبناه بعض الأوساط داخل الكونغرس، يقوم على الانتظار لمعرفة مآلات التصعيد في الجنوب السوري قبل حسم الموقف تجاه النظام الجديد في دمشق. فرص الحواروعن موقف الأحزاب الكردية، حذر مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، الذي يمثل الواجهة السياسية لقسد، أمس الثلاثاء، من أن "التصاعد غير المسبوق لأحداث السويداء يهدد بانزلاق البلاد نحو أزمات أعمق وينذر بانفجار داخلي ذي طابع طائفي أو مناطقي أو أهلي، لما تحمله من تهديدات وجودية لكيان الدولة السورية ومجتمعها المتعدد".
من جانبه، أكد الأكاديمي والمحلل السياسي الكردي فريد سعدون أن أحداث السويداء والساحل دفعت الأقليات في سوريا إلى الانكفاء على ذاتها وتعزيز موقفها وتحصين جبهتها الداخلية، موضحا أن ما جرى بمحافظة السويداء خلق "رعبا لدى الأقليات بأنها غير آمنة أمام تصاعد خطاب الكراهية وتحميلها مسؤولية تدهور الأحوال في سوريا وتوجهها نحو التقسيم أو التفتيت".
وقال للجزيرة نت "أعتقد أن قسد بعد أحداث السويداء باتت أكثر حرصا على التمترس خلف جبهتها الداخلية وتعزيز تماسكها بسلاحها، والإصرار على اللامركزية، لأنها وجدت أن أي سلطة مركزية قد تعمل على إقصاء الأقليات وتهميشها".
وحول فرص الحوار الوطني، رأى سعدون أن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق المصالحة الوطنية، ولكن فرص نجاحه -وفقا له- باتت ضئيلة في ظل تضعضع الثقة بين مكونات سوريا وأطراف الصراع، داعيا إلى إجراءات تؤكد التزام جميع الأطراف بأن تكون الأولوية لمصلحة الشعب والدولة، وليس لطائفة أو جهة سياسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات سوریا الدیمقراطیة الحکومة السوریة أحداث السویداء
إقرأ أيضاً:
سوريا تعتمد محمد كتوب مندوبا لها في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، اليوم الجمعة اعتماد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الدكتور محمد كتوب.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائيةوقال وزير الخارجية السوري إن هذا القرار جاء التزاماً من دمشق بإغلاق صفحة الإرث الأسود الذي خلّفه النظام البائد.
وقدم الشيباني الشكر والتقدير لدولة قطر على دعمها المتواصل منذ بداية التحرير في هذا الملف المعقد.
وأوضحت وزارة الخارجية السورية أن هذا القرار جاء نتيجة جهود دبلوماسية مكثفة خلال الأشهر الماضية، حيث اعتمدت اللجنة الأولى التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بدعم 151 دولة، قرارًا يشيد بالتعاون الإيجابي والمتقدم بين سوريا والمنظمة.
عودة سوريا إلى نظام سويفتوفي وقت سابق من اليوم الجمعة، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، بأن دمشق عادت إلى نظام المدفوعات الدولي "سويفت" SWIFT بعد 14 عاما من الاستبعاد.
وأعلن مصرف سوريا المركزي، عن إرسال أول رسالة رسمية عبر نظام المدفوعات الدولي "سويفت" SWIFT إلى جميع مراسلي المصرف حول العالم، بحسب ما أفادت به وكالة "سانا".
وجاءت عودة سوريا إلى نظام سويفت بعد انقطاع دام 14 عاما بسبب العقوبات الغربية التي كانت مفروضة ضد دمشق، وتعد هذه الخطوة إنجازا مهما في مساعي البلاد لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي.