موقع النيلين:
2025-12-13@19:44:30 GMT

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نقاط وفواصل)

تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT

الكاتب يوسف إدريس، وقصته “البوسطجي”… وفيها:
البوسطجي يزهج من إفشال حياته، وهو ينقل الكلام الفارغ من العقول الفارغة إلى العقول الفارغة.
وفى يوم، يرقد البوسطجي ويفضّ الخطابات… ويقرأها.
والمخرج، الذي يحوّل الرواية إلى فيلم، يجعل الخطابات تتكلم بالصوت.
ومثل مئة راديو في غرفة واحدة، كان المشهد يكشف ما في نفوس الناس.


والمشهد ينتقل… إلى نفوس الركاب داخل أحد البصات.
كلٌّ يحدث نفسه… و…
العالم كله، هو ذلك المشهد.
والحكيم القديم الأحنف يقول:
“لو تكاشفتم، ما دفن أحدٌ أحدًا.”
وفي مسرحية أرض النفاق، أحدهم يدخل “كنتينة” قديمة…
والعجوز فيها يقول للزائر:
هذه أعشاب… هذا عشب للأحلام… وهذا عشب للعبقرية… وهذا عشب للبصر… و…
والزائر يرى نوعًا لا تمسه الأيدي، ويسأل عنه.
والعجوز يهز رأسه محذرًا، ويقول:
“هذا عشب الحقيقة… إن شربت ماءه، أخرج لسانك كلّ شيء على حقيقته. لن تنافق أحدًا، ولن تجامل. وكلّ أحدٍ سوف يعرف حقيقته عندك.”
الزائر يشتري.
والمشاهد بعدها… كارثة.
الرجل، الذي ينطلق يقول الحقيقة، يخسر كل العالمين.
(المسرحية كتبها “شريدان”، واقتبسها — ربعها، نصفها، تسعة أعشارها — كاتب… وكتب اسمه عليها.)
ولو أن الرجل شرب عصير الفضيحة… لكان له شأن آخر!
وهذا كله… يصبح مقدمة لسؤال هو:
لو أن مؤرخين كتبوا تاريخ السودان بعد أن يشربوا عصير عشبة الحقيقة هذه… ترى، كيف هو المشهد؟
مشهد ما يكتبونه… ومشهد كثيرين بعد نشر الكتاب؟
الحمد لله أن العشبة هذه… ليست موجودة.
(2)
وفي ذكرى توفيق الحكيم، تتلفّت مكتبتنا لتجد أن العبقري كتب في المسرح:
“شهرزاد”، و”الطعام لكل فم”، وعشر روايات، وكثير من البراعة.
حين كتب “أهل الكهف”، كان يقول للناس: اصحوا.
وحين كتب “شهرزاد”، كان يقول للعرب: أيام شهرزاد انتهت.
وحين كتب عن العز بن عبد السلام — ذلك الذي أفتى بأن الحاكم المملوكي لا تصح بيعته لأنه “عبد مملوك لبيت مال المسلمين”…
كان توفيق يومها يقول:
العبودية خشم بيوت…
ورؤساء كثيرون اليوم، لا تصحّ بيعتهم!
والحكيم، يومها، وبعد أن صدقته نكسة سبعة وستين…
شرب عصير الصدق… وكتب رسالته الصادمة:
“عودة الوعي”.
والرسالة… يكفي عنوانها عنها.
لكن…
الشعب كان شيئًا قد فات فيه الفوات،
والمعرفة ما عادت تنفع.
و…
المعرفة ما عادت تنفع…
هي جملة يعرفها السودانيون،
بعد الاعتصام.

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم

ما أجمل أن نتدبر القرآن ونربطه بحياتنا، وهناك سور نقرأها كثيراً ولكن للأسف دون التوقف عندها. بالأمس وأنا أقود سيارتي في طريقي من قريتي قلي إلى مدينة الشارقة، كنت أتفكر بالنعم التي من حولي، وبالأمان الذي نعيشه، والرفاه الذي منّ به الله علينا، وتذكرت قوله تعالى: «لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» (التكاثر: الآية 8).
آية قصيرة تهزّ الوجدان، وتوقظ الغافل مما اعتاد عليه، ونداءٌ لطيف من الله ليعيد الإنسان النظر في معنى النعمة، قبل أن يُسأل عنها، فالنعيم ليس ثروةً تُكنَز، ولا جاهاً يُفاخر به، بل هو تلك التفاصيل التي نمر بها كل يوم دون أن نلحظ قيمتها.

هل تأملنا يوماً في الماء عندما نفتح الحنفية فيصب علينا حاراً أو بارداً كما نريد، النَفَس الذي نتنفسه، يدخل الهواء برحمةٍ إلى صدورنا، يوزع الحياة على خلايانا، ثم يخرج وقد حمل ما لا نحتاج إليه، رحلة تتكرر كل يوم بعدد لا يمكن حصره. وهل تأملنا يوماً في رحلة الغذاء الذي نأكله؟ من بذرةٍ نبتت في أرضٍ، إلى مزارعٍ سقاها، إلى من قطفها، إلى طباخ طبخها، ثم إلى يدك التي وضعتها في فمك، الذي قام بدوره ثم المعدةٍ التي تكمل الرحلة إلى نهايتها.

هل تأملنا في رمشة العين التي تحمي البصر دون أن نستدعيها؟ هل تأملنا في تمييزنا لصوتٍ واحدٍ بين العشرات. هل تأملنا في النوم الذي يزورنا دون موعدٍ، ثم في استيقاظنا الدقيق، كأن داخلنا حارس يوقظنا بعد اكتفاء الجسد؟ هل تأملنا في اللغة، حركة لسان صغيرة تنقل فكرة أو تثير عاطفة أو تُصلح بين قلبين؟
هذه النعم لا تُحصى، لكنها تنتظر منّا نظرة امتنان، وسجدة شكر، وتأملاً يعيدنا إلى جوهر الحياة، وأن نكمل القول بالفعل فنشكر نعمة المال بالإنفاق، ونعمة العلم بالتعليم، ونعمة الوقت بالعمل، ونعمة الصحة بالعطاء، وأن نرى في كل ما تملك فرصة للخير، لا وسيلة للترف. ونتذكر قوله تعالي: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم: 7)

أخبار ذات صلة اتفاق أوروبي لمراجعة لوائح الأدوية الخاصة بالاتحاد كوزمين: التركيز سلاح «الأبيض» لمواجهة الجزائر في كأس العرب


* تأمل.:. ما النعم التي تمرّ بك كل يوم؟
. هل تُعامل النعم كأمانةٍ ستُسأل عنها؟

مقالات مشابهة

  • إغراءات من العيار الثقيل.. لماذا قد يقول محمد صلاح «نعم» للدوري السعودي؟
  • شرب عصير الرمان يوميًا يحسن صحة القلب ويقلل الالتهابات
  • حكم تعويض المماطلة في سداد الدين
  • هل قامت الكائنات الفضائية ببناء الأهرامات؟.. زاهي حواس يكشف الحقيقة (فيديو)
  • الانتقالي يكشف الحقيقة… وينفي مزاعم انسحاب قواته من حضرموت
  • الحكومة تطرح المطارات المصرية للبيع .. وزارة الطيران تكشف الحقيقة
  • عاطل يدعي تعرضه للتهديد بالشرقية.. الداخلية تكشف الحقيقة
  • كأس العرب ... وكأسك يا وطن!
  • “اغتيال الحقيقة”.. كتاب من الرئاسة التركية يوثق “حرب إسرائيل على الصحافة”
  • د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم