إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نقاط وفواصل)
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
الكاتب يوسف إدريس، وقصته “البوسطجي”… وفيها:
البوسطجي يزهج من إفشال حياته، وهو ينقل الكلام الفارغ من العقول الفارغة إلى العقول الفارغة.
وفى يوم، يرقد البوسطجي ويفضّ الخطابات… ويقرأها.
والمخرج، الذي يحوّل الرواية إلى فيلم، يجعل الخطابات تتكلم بالصوت.
ومثل مئة راديو في غرفة واحدة، كان المشهد يكشف ما في نفوس الناس.
والمشهد ينتقل… إلى نفوس الركاب داخل أحد البصات.
كلٌّ يحدث نفسه… و…
العالم كله، هو ذلك المشهد.
والحكيم القديم الأحنف يقول:
“لو تكاشفتم، ما دفن أحدٌ أحدًا.”
وفي مسرحية أرض النفاق، أحدهم يدخل “كنتينة” قديمة…
والعجوز فيها يقول للزائر:
هذه أعشاب… هذا عشب للأحلام… وهذا عشب للعبقرية… وهذا عشب للبصر… و…
والزائر يرى نوعًا لا تمسه الأيدي، ويسأل عنه.
والعجوز يهز رأسه محذرًا، ويقول:
“هذا عشب الحقيقة… إن شربت ماءه، أخرج لسانك كلّ شيء على حقيقته. لن تنافق أحدًا، ولن تجامل. وكلّ أحدٍ سوف يعرف حقيقته عندك.”
الزائر يشتري.
والمشاهد بعدها… كارثة.
الرجل، الذي ينطلق يقول الحقيقة، يخسر كل العالمين.
(المسرحية كتبها “شريدان”، واقتبسها — ربعها، نصفها، تسعة أعشارها — كاتب… وكتب اسمه عليها.)
ولو أن الرجل شرب عصير الفضيحة… لكان له شأن آخر!
وهذا كله… يصبح مقدمة لسؤال هو:
لو أن مؤرخين كتبوا تاريخ السودان بعد أن يشربوا عصير عشبة الحقيقة هذه… ترى، كيف هو المشهد؟
مشهد ما يكتبونه… ومشهد كثيرين بعد نشر الكتاب؟
الحمد لله أن العشبة هذه… ليست موجودة.
(2)
وفي ذكرى توفيق الحكيم، تتلفّت مكتبتنا لتجد أن العبقري كتب في المسرح:
“شهرزاد”، و”الطعام لكل فم”، وعشر روايات، وكثير من البراعة.
حين كتب “أهل الكهف”، كان يقول للناس: اصحوا.
وحين كتب “شهرزاد”، كان يقول للعرب: أيام شهرزاد انتهت.
وحين كتب عن العز بن عبد السلام — ذلك الذي أفتى بأن الحاكم المملوكي لا تصح بيعته لأنه “عبد مملوك لبيت مال المسلمين”…
كان توفيق يومها يقول:
العبودية خشم بيوت…
ورؤساء كثيرون اليوم، لا تصحّ بيعتهم!
والحكيم، يومها، وبعد أن صدقته نكسة سبعة وستين…
شرب عصير الصدق… وكتب رسالته الصادمة:
“عودة الوعي”.
والرسالة… يكفي عنوانها عنها.
لكن…
الشعب كان شيئًا قد فات فيه الفوات،
والمعرفة ما عادت تنفع.
و…
المعرفة ما عادت تنفع…
هي جملة يعرفها السودانيون،
بعد الاعتصام.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
دعوة عاجلة.. إيهود باراك يقول إن إسرائيل تنهار ويدعو للعصيان المدني
اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك أن "إسرائيل التي عرفناها والرؤية الصهيونية تنهاران ويجب تأمل الواقع بشجاعة"، مشيراً إلى أن إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة في العالم وأغلبية الشعب فقدت ثقتها في الحكومة. اعلان
وفي مقال رأي نشرته صحيفة "هآرتس"، وجه باراك "دعوة عاجلة لرصد الواقع بشجاعة والعمل لوقف الانهيار" مطالباً بـ "حالة الطوارئ".
"حرب خداع"
ودعا إلى ضرورة إدراك خمسة أسئلة: ماذا يحدث لنا؟ من المسؤول عن هذا؟ ما هو العمل، وهدفه، والنتيجة المرجوة؟ من يجب أن يدعو إلى هذا العمل ويقوده؟ ومن يجب أن يعمل ويحققه؟.
وفي إجابته على هذه الأسئلة، اعتبر باراك أن الجيش الإسرائيلي "حقق إنجازات كبيرة في لبنان وإيران وسوريا لكننا عالقون في حرب استنزاف بقطاع غزة"، ووصفها بأنها "حرب خداع".
وفي حديثه عن الوضع في إسرائيل، اعتبر باراك في مقاله أن "الدماء تسيل وعائلات جنود الاحتياط تنهار وتم التخلي عن المخطوفين على مذبح البقاء في السلطة". وأضاف أن الحراك الوحيد الذي يمكنه إنقاذ إسرائيل يتمثل في "عصيان مدني وإضراب عام حتى تغيير الحكومة أو استقالة رئيسها" في إشارة لبنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة.
Related "لست واهمًا.. ما أقوله يحدث": رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت يحذّر من اندلاع حرب أهلية في إسرائيلأولمرت يصف حكومة نتنياهو بأنها "عصابة بلطجية" ويتهمها بارتكاب جرائم حربٍ في غزةإيهود باراك يحذر: استراتيجية نتنياهو ستترك إسرائيل غارقة في "مستنقع غزة""الوقت المناسب"
وقال باراك إنه عندما يتم تعطيل إسرائيل كلها فستخضع الحكومة لإرادة الشعب وتُخلّي مكانها لأخرى أفضل منها، وإنه "عندما يخرج مليون إسرائيلي إلى الشوارع فستسقط الحكومة وقد آن الأوان لنخرج جميعا على مدار الأسبوع".
واقترح باراك الخروج في التظاهرات في ثلاث نوبات في الساحات، والتقاطعات، والجسور، والجلوس على الطرق، وفي مواكب السيارات، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حتى تُطرد الحكومة ورئيسها، معتبراً أن هذا الوقت هو المناسب وبعده يكون قد فات الأوان.
ارتفاع حدة الانتقادات
انتقد باراك مراراً الحرب على غزة، في أبريل/ نيسان الماضي، اعتبر أن الحرب لا تضغط على حركة حماس بل تحكم على الأسرى المحتجزين في القطاع بـ"الإعدام"، واتهم رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو بمواصلتها بهدف البقاء في الحكم والحفاظ على ائتلافه الحكومي.
من بين رؤساء الوزراء السابقين لم يكن باراك وحدة من انتقد استمرار الحرب، فإيهود أولمرت انتقدها بشدّة واتهم إسرائيل بارتكاب "جريمة حرب".
آخر الانتقادات من أولمرت كانت، الخميس، حيث قال في مقابلة تلفزيون إن "لا حاجة لتوسيع أو إطالة أمد الحملة العسكرية في قطاع غزة"، معتبرا أن استمرار الحرب "جريمة يجب أن تتوقف فورًا".
أولمرت هو الآخر كتب مقالاً في "هآرتس" في مايو/ أيار الماضي، بعنوان "كفى، طفح الكيل! إسرائيل ترتكب جرائم حرب"، قال فيه إن حكومة إسرائيل تشنّ حالياً حرباً بلا غاية، وبلا أهداف أو تخطيط واضح، وبلا فُرَص للنجاح.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة