زجاجات الأمل.. مبادرة رمزية تكسر حصار غزة وتفضح جوع الأطفال (شاهد)
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
في زمنٍ عز فيه النصرة، وتضاعف فيه الجوع، واشتد الحصار على أهل غزة حتى أصبح رغيف الخبز أمنية، وحبة العدس أملا بعيد المنال، أطلق عدد من الشباب المؤيد لفلسطين مبادرة "زجاجة الأمل لغزة" التي تهدف بإلقاء زجاجات الأمل في البحر، محمّلة بالغذاء.
وجاءت مبادرة "زجاجة الأمل لغزة" كصرخة رمزية تعبر عن عمق الألم، وعن الشعور بالعجز والرغبة في كسر حصار أهل عزة بأي وسيلة، حتى وإن كانت بزجاجة، في ظل غلق المعابر الحدود بمشاركة دول عربية.
الولادة من رحم الوجع
لم تأتِ المبادرة من مؤسسات كبرى أو حملات حكومية، بل بدأت بتغريدة، بفيديو صغير، لشاب مصري يملأ زجاجات بلاستيكية بالطعام ويلقيها في البحر أملا منه في الوصول لغزة ويدعوا الله مؤكدا على ضعفه لإيصال المساعدات وأن الله قادر على ارسالها وكتب عليها إنما الأعمال بالنيات.
واقتبست الشاب المصري دعواته المرافقة للفكرة من القصص القرآني، وتحديدا قصة أم موسى حين ألقته في اليم، مع إيمان عميق بأن الله قادر أن يحمل هذه الزجاجات لمن يحتاجها:"اللهم يا من شققت البحر لموسى، احمل عنا هذا إلى غزة".
وكتب شاب مصري في منشور على فيسبوك أثناء تصويره وهو يلقي زجاجة في البحر، الإزازة دي ممكن تبقى سبب نجاتك يوم القيامة"، حيث حمل المشهد المؤثر الذي تكرر عشرات المرات حمل دلالات دينية وإنسانية، وهو ما أكد عليه أحد المشاركين: "دي مش مجرد زجاجة، دي نية صافية، وقلوب بتدعي، وناس بتسعى، ووسيلة بسيطة بيبارك فيها رب عظيم".
وسرعان ما انتشرت الفكرة، ووجدت من يلتقطها ويحولها إلى مشهد جماعي، إنساني، هائل، وأكد المشاركون أن الزجاجة قد لا تصل، لكن يكفيهم أن يصل معناها.
وتحولت الفكرة لمشهد إنساني نادر، وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بمبادرة شعبية من بلاد عدة بدلا من قوافل الإغاثة المعقدة التي غالبا ما تمنع من الوصول، وقرر عدد من النشطاء والأفراد من سواحل عربية المشاركة في المبادرة وإرسال الحبوب إلى قطاع غزة المحاصر عبر البحر.
وانتشرت الصور ومقاطع الفيديو لأشخاص من مختلف الأعمار وهم يلقون الزجاجات في البحر، مع الدعاء أو البكاء، وكتب عليها: "مش بنعتمد على الزجاجة.. إحنا بنعتمد على الله".
جوع غزة وحصار المعابر
لكن ما بدا عملًا رمزيًا بسيطًا، لا يمكن فصله عن السياق القاسي في قطاع غزة، فبحسب تقرير الأمم المتحدة الأخير، يواجه سكان غزة خطر المجاعة الكاملة، وتحديدا في شمال القطاع، بعد شهور من الحصار العسكري للاحتلال الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الغذائية أو إبطاء وصولها بشكل ممنهج.
وقد قال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في آذار/ مارس إن "سكان غزة في سباق مع الموت جوعًا"، مؤكدًا أن ما لا يقل عن 500 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ومع فشل المفاوضات المتكررة لفتح المعابر البرية بشكل كامل، وفشل تجربة "الرصيف البحري الأمريكي" وانسحاب المنظمات الإنسانية بسبب المخاطر أصبحت أي محاولة لإيصال الغذاء إلى غزة، ولو كانت عبر زجاجة، تعبيرًا عن صرخة إنسانية تتحدى الحصار والخوف والصمت.
هل تصل الزجاجات؟ وما الجدوى؟
من الناحية العملية، لا توجد ضمانات لوصول هذه الزجاجات بشكل فعلي إلى شواطئ غزة، بسبب التيارات البحرية، وبعد المسافة، واحتمالات فقدانها، لكن أصحاب الفكرة لا يقدمونها باعتبارها بديلاً لخطوط الإغاثة الرسمية، بل يرونها فعالية احتجاجية رمزية، وربما فعل عبادة في حد ذاته.
وسائل التواصل.. ساحة التعبير الوحيدة
رغم أن الحملة فردية وعفوية، إلا أن انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي كان هائلًا، مئات التغريدات والمنشورات اجتاحت منصة إكس وفيسبوك وتيك توك، مرفقة بالصور.
من بين أكثر المنشورات تداولاً:"سامحونا يا إخوتنا في غزة.. لا نملك إلا الدعاء، وهذه الزجاجة لعلها تكون شفيعة لنا يوم القيامة."
صدق النوايا . تخيل ان هذه الزجاجه ممكن تكون سبب دخولك الجنة يوم القيامة .! #غزة_تقتل_جوعاً #غزه_تباد_وتحرق #فلسطين #انقذوا_غزه_من_المجاعه #معبر_رفح_مغلق #صباح_الخير pic.twitter.com/KhUSbXR5GJ — Yara ???????? (@Yerosh_lebanon) July 24, 2025
وكتب آخر:"من لم يستطع كسر الحصار بالسياسة أو القوة، يمكنه أن يُلقي زجاجة، محمّلة بالأمل، وبذرة من عدس".
وبينما رأى البعض في الفكرة "ساذجة"، دافع كثيرون عنها باعتبارها صرخة إنسانية في وجه الصمت العربي والدولي. قال أحد المشاركين:
"الزجاجة مش هدفها توصيل الطعام، الهدف الحقيقي هو كسر هذا الجمود العالمي تجاه جوع غزة".
رمزية عالية.. وغضب من الحدود المغلقة
ولا تعد هذه الحملة الأولى من نوعها، لكنها تأتي في لحظة حرجة بعد مرور عام و10 أشهر على حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والتي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء ومجاعة وشيكة في شمال القطاع، ورغم الدعوات لفتح المعابر، لا تزال المساعدات شحيحة، بينما يعيش المدنيون في ظل قصف ودمار وندرة غذائية.
في تقارير الأمم المتحدة، يُشير برنامج الغذاء العالمي إلى أن نحو 80 بالمئة من سكان غزة يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، بينما أكثر من مليون طفل مهددون بالمجاعة في ظل توقف شبه كامل للمساعدات.
في الثاني من آذار/ مارس الماضي، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا كاملا على قطاع غزة، ومنع دخول أي مساعدات إنسانية، ما تسبب بانهيار شبه تام لسلاسل الغذاء والخدمات الأساسية، ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار الغذاء إلى مستويات قياسية، وقال برنامج الأغذية العالمي إن تكلفة الطحين ارتفعت أكثر من 3000 بالمئة خلال أشهر
وقد أُخرجت المخابز والمعامل عن العمل، وتوقف تشغيل المطابخ المجتمعية، إذ أعلن برنامج الأغذية العالمي عن نفاد جميع مخزونهم بحلول نهاية نيسان/ أبريل الماضي بعدما كانت تدعم الطهي المباشر في غزة.
انعدام الأمن الغذائي على نطاق كارثي
يشير أحدث تصنيف غذائي عالمي (IPC) إلى أن 93 بالمئة من سكان غزة، أي نحو 1.95 مليون شخص، يعيشون في حالة غذائية طارئة
,ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 111 شخصًا، معظمهم من الأطفال، توفوا جوعا أو من الأمراض المرتبطة بسوء التغذية خلال الأسابيع الأخيرة، مع ما يزيد عن ألف حالة وفاة في أماكن توزيع الغذاء حسب تقارير ميدانية من منظمات عالمية.
ورغم أن المجاعة لم تعلن رسميا بعد، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الناس يموتون جوعا بالفعل، وأن أكثر من 500 ألف شخص يعيشون في ظل ظروف مجاعة فعلية ويموتون بينما المواد الغذائية تنتظر في المعابر المغلقة
وخلص تقرير مشترك لأكثر من 100 منظمة حقوقية وإنسانية إلى أن حصار الاحتلال الإسرائيلي والغارات على المدنيين وتوزيع الطعام خلقت وضعا شبيهًا بـ"جوع مفصل خصيصا لكي يستخدم كسلاح حرب".
سنكسر الحصار من مكاننا، دون أن نتحرك.
زجاجة بلاستيك 1.5 لتر، فيها كيلو عدس أو أرز، ونرميها في البحر.
تيارات المتوسط القوية ستوصلها شرقًا… وربما تصل إلى غزة.
نحن سكان سواحل شمال إفريقيا بالملايين.
فلنملأ البحر بالأمل.
لن نخسر شيئًا… وربما نكسب كل شيء.
هل نبدأ؟ pic.twitter.com/4fD3NpL5Ud — Bahja Tunisia (@BahjaTunisia) July 24, 2025
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة كسر الحصار غزة كسر الحصار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر سکان غزة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
باب المندب ... وحصار الجيش الثالث !
شكل إغلاق مضيق باب المندب دورا بارزا يفوق مجرد كونه عنصر ضغط على الملاحة الصهيونية , لقد لعب دورا عسكريا واقتصاديا وسياسيا في وقت واحد .
-إغلاق باب المندب
( إن هناك عاملا هاما , هو إن باب المندب عند مدخل البحر الأحمر مغلق تماما لجميع السفن المتجهة إلى إسرائيل , بما في ذلك ناقلات البترول , وبذلك اصبحت اسرائيل كلها محاصرة بحريا بقفل باب المندب , الأمر الذى سبب لها اكبر الخسائر اقتصاديا ومعنويا وسياسيا في داخل اسرائيل ) الاهرام 30 اكتوبر 1973م .
وقد وضحت نتائج ذلك في عدم ( وصول أية واردات من البترول إلى اسرائيل , الأمر الذى دفع حكومة اسرائيل إلى فرض قيود على السيارات وفي نفس الوقت ادي الحصار إلى حرمان اسرائيل من تصدير منتجاتها إلى آسيا واستراليا ) الجمهورية 8 نوفمبر 1973م .
-صراخ الصهاينة
لقد كان صراخ العدو الصهيوني ومطالبته حلفاءه واصدقاءه وبمقدمتهم امريكا بضرورة انهاء الحصار المضروب على مضيق باب المندب , ومن ذلك الصراخ تلك التصريحات المتشنجة التي ادلت بها " جولدا مائير " رئيسة وزراء العدو الصهيوني خلال زيارتها لأمريكا ( عن اغلاق باب المندب يشكل مشكلة صعبة جدا , ويعد انتهاكا لوقف اطلاق النار من جانب مصر ) .
وإن ( تحديد خط وقف اطلاق النار يجئ في المرتبة الثالثة في قائمة الاسبقيات بعد تبادل الأسرى وانهاء اغلاق باب المندب ) . الجمهورية 2 نوفمبر 1973م , الأهرام 4 نوفمبر 1973م.
فيما أعلنت سلطات ميناء ايلات " أم الرشراش " ( إن 13 سفينة شجن قد احتجزت في ميناء ايلات الاسرائيلي بسبب الحصار على مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي ) .
كما اكدت صحيفة " معاريف " الصهيونية : ( إن جزءا كبيرا من الاسطول البحري المصري يشترك في فرض هذا الحصار الذي كان من نتائجه اصابة الحياة في ميناء ايلات بالشلل التام , وعجز السفن القادمة عن دخول مضيق باب المندب ) .
وحيث ذكرت وكالة " الاسوشيتدبرس " من واشنطن ايضا : ( إن المصادر الأمريكية ذكرت ان سفينتين حربيتين مصريتين مدمرة وفرقاطة تقومان الآن بحراسة باب المندب , وتحولان دون مرور السفن المتجهة شمالا إلى ميناء ايلات الاسرائيلي ) .
-تحرك دولي
افصاح مصر بكل قوة وجلاء إن الحصار الذى ضربته على مضيق باب مندب لن يرفع إلا في ضوء التوجه العملي نحو تسوية عامة لمشكلة الشرق الأوسط .
وان اغلاق باب المندب كان احد اهم المواضيع الهامة التي تناولها حديث الرئيس انور السادات وهنري كيسنجر وزير خارجية امريكا خلال زيارته للقاهرة بين 7/8 نوفمبر 1973م , في حين صرح المتحدث العسكري المصري اللواء عزالدين مختار : ( كانت مصر سترفع الحصار عن باب المندب في حالة موافقة اسرائيل على سحب قواتها إلى خطوط 22 اكتوبر ) .
لقد عرض المستر هيث رئيس وزراء بريطانيا وقتها على الرئيس المصري أنور السادات بمقترح رفع الحصار المصري على باب المندب مقابل رفع حصار اسرائيل عن الجيش الثالث المصري المرابط في شرق السويس مع تبادل تسليم الاسري والجرحي العرب والاسرائيليين .
وكانت عملية إغلاق مضيق باب المندب في حرب 6 اكتوبر 1973م , من الخطورة إلى حد إن الأوساط الاستعمارية الغربية طالبت برفع الحصار الإسرائيلي للجيش الثالث المصري مقابل رفع الحصار المضروب فعلا على باب المندب , وإن يكون ذلك ضمن عملية تصفية الجيب الإسرئيلي في الضفة الغربية لقناة السويس .
فيما نشرت صحيفة معاريف الصهيونية من ( أن كيسنجر لم يكف طوال محادثاته مع جولدا مائير عن الاصرار على رضوخ إسرائيل لمسألة الانسحاب إلى خطوط 22 اكتوبر , مقابل حدوث اتفاق على موضوع الاسري ورفع حصار باب المندب ) .
-حصار الجيش الثالث
تمكنت قوات العدو الصهيوني في حرب 6 اكتوبر 1973م , من ايجاد ثغره في منطقة الدفراسور وعبرتها في ليلة 15/ 16 من اكتوبر بقوة لواء مشاة ولواء مدرع , وفي مساء يوم 18 اكتوبر كان للعدو الصهيوني غرب قناة السويس خمسة ألوية مدرعة ولواء مشاة و فرض حصار على الجيش الثالث في 23 اكتوبر , وانه عند وقف إطلاق النار يوم 24 من اكتوبر كان له ثلاث فرق مدرعة غرب القناة مقابل مدرعة مصرية واحدة .
وبحلول يوم 24 اكتوبر اتم العدو حصار قوات الجيش الثالث المصري الموجود شرق القناة وعزلها عن مركز قيادة الجيش الثالث غرب القناة , لقد اصبحت فرقتا مشاة مدعمتان قوامهما بحوالي 45 ألف ضابط وجندي ومعهم 250 دبابة ومن خلفهم مدينة السويس أصبح كلهم محاصرين حصارا تاما .
لقد احتل العدو الصهيوني مساحة في الضفة الغربية لقناة السويس بلغت حوالي 1500كم2 , وبقيت تحتل هذه البقعة لمدة تزيد على ثلاثة أشهر إلى أن انسحبت منها خلال شهر فبراير عام 1974م بناء على اتفاقية فصل القوات .
وخلال تلك المدة انتهك العدو الصهيوني جميع قواعد القانون والعرف الدوليين ومبادئ الأخلاق .
وما حدث من حصار وتجويع ومنع الغذاء والماء والدواء للجيش الثالث المصري من قبل قوات العدو الصهيوني خلال مفاوضات لتركيع مصر من قبل السياسة الامريكية القذرة يعود اليوم وبصورة اشد جرما وقتلا وتدميرا في حصار وتجويع وتدمير ابناء غزة , وكان لإغلاق مضيق باب المندب دورا هاما في رفع الحصار عن الجيش الثالث المصري مقابل رفع الحصار عن الملاحة الصهيونية في مضيق باب المندب .
18 صورة
في اثناء المقابلة التي تمت بين الرئيس المصري أنور السادات والمستر كوسيجين رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي بعد ظهر يوم 17 اكتوبر 1973م , حاول السادات أن يقلل من اهمية ثغرة الدفرسوار فقال له كوسيجين : ( إن صديقنا السادات يقلل من الخطر الذي تواجهه القوات المصرية .
وأنا مضطر لأن أوضح أمامه الحقيقة حتى يستطيع أن يقيم حساباته على أساس سليم ) .
ثم وضع كوسيجين أمام 18 صورة التقطتها الأقمار الصناعية السوفيتية تظهر فيها قوات للعدو الصهيوني التي في فرب قناة السويس وعلق كوسيجين على تلك الصور بما يلي : ( هذه الصور تظهر انه حتى ساعة التقاطها ظهر اليوم , كان لإسرائيل في الغرب 760 قطعة مدرعة ما بين دبابات وعربات مصفحة . وهذه قوة كبيرة وتطويرها مازال مستمرا ) .
-انهاء الحصار البحري
( للاستفادة من حصار الجيش الثالث أرغمتنا إسرائيل على إعلان فك الحصار البحري عنها , عندما سمحنا لناقلة بترول تحمل 123000 طن بأن تدخل البحر الأحمر وتتجه شمالا إلى إسرائيل تحت نظرنا وفي مرمي صواريخنا .
كان إغراق هذه الباخرة يعني التضحية بالجيش الثالث . كانت إسرائيل تعرف هذه الحقائق وتعرف أن غواصاتنا ولنشات صواريخنا التي تعمل في جنوب البحر الأحمر كان في استطاعتها أن تغرق هذه الباخرة ولكننا سمحنا لها بالمرور ثمنا لإمداد الجيش الثالث .
و أرادت إسرائيل أن يكون إلغاء الحصار البحري بطريقة علنية يعلم بها العالم أجمع , وهكذا اعلنت أن الباخرة الاسرائيلية بيرسبع ستتحدى الحصار البحري وستدخل مضمور باب المندب يوم 2 أو 3 من ديسمبر 1973م , وتتجه شمالا إلى إسرائيل , ودخلت السفينة ومرت أمام قطعنا البحرية وهي تتهادي بينما ينظر إليها رجالنا في غيظ وحنق مكظومين .... ما اغلى الثمن الذي دفعته مصر نتيجة حصار الجيش الثالث يوم 23 من اكتوبر لقد اجهض حصار الجيش الثالث انتصارات اكتوبر المجيدة وأجهض سلاح البترول واجهض الحصار البحري الفعال الذي فرضته مصر على العدو الصهيوني بإغلاق مضيق باب المندب .) . ( مذكرات حرب أكتوبر , الفريق سعد الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية ).
-تسوية شاملة
لعب حصار باب المندب دورا بارزا يفوق مجرد كونه عنصر ضغط على الملاحة الصهيونية , لقد لعب دورا عسكريا واقتصاديا وسياسيا في وقت واحد , لقد اسهم بقسط وافر في تحريك القضية برمتها , حتى ارتبط رفع الحصار عنه بتنفيذ الشروط الممهدة لمعالجة المعضلة من اساسها , وبالتقدم المضطرد نحو التسوية الشاملة , وبالتحرك الفعلي نحو عقد مؤتمر السلام , وبتحقيق نتائج عملية ومؤكدة في اتجاه الحل الجذري للمشكلة , فضلا عن ارتباطه بانسحاب القوات الصهيونية من غرب قناة السويس .
وهكذا سارت الأمور في خطين , خط الحلول الجزئية التمهيدية , وخط المطالبة بالحلول العامة والكلية , بحيث يترتب على أي اخلال أو تهرب صهيوني من السير نحو حل حقيقي كامل لمشكلة الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية تشديد عملية الحصار على باب المندب وجعلها اكثر شمولية واحكاما , بحيث انه إذا كانت مصر - كما تحدثت بعض المصادر الغربية آنذاك - قد اظهرت من جانب واحد وبصفة خاصة ومستقلة ودون التزام محدد ومكتوب استعدادا لرفع الحصار , إذا ما مضت الأمور من وجهة نظرها في طريق الحل الشامل للمشكلة , فأنها قد أجادت اللعب بورقة باب المندب إلى اقصى حد .