6 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تميل مؤشرات المشهد السياسي العراقي إلى ترجيح كفة “الواقعية السياسية” على حساب النزعة الأيديولوجية التي حكمت قرارات بعض الكتل سابقاً، حيث يبدو أن قوى الإطار التنسيقي بدأت تميل إلى خفض سقف مطالبها بشأن تمرير قانون الحشد الشعبي، بعدما تلقت رسائل مباشرة من واشنطن تُحذر من العواقب.

وتؤكد تسريبات من داخل أروقة البرلمان العراقي أن مشروع قانون الحشد الشعبي قد يُرحَّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، رغم إدراجه سابقاً كأولوية تشريعية. ويبدو أن هذا القرار لا يعود فقط إلى خلافات داخلية بين الكتل، بل إلى تدخلات أميركية تعتبره تحدياً مباشراً لمعادلة النفوذ التي تحاول واشنطن إعادة ضبطها في العراق بعد الانسحاب النسبي لقواتها.

وتتعامل الإدارة الأميركية مع ملف قانون الحشد من زاوية “العقاب السياسي”، حيث بات واضحاً أن من لا يستجيب لضغوطها ويتجاهل مطالبها في كبح نفوذ الفصائل المسلحة ، يتعرض لعقوبات غير معلنة تبدأ بالعزلة الدبلوماسية ولا تنتهي عند التهديد الاقتصادي أو التسقيط السياسي.

وتقرأ بعض دوائر القرار في بغداد هذا الضغط الأميركي كإشارة حاسمة إلى أن الولايات المتحدة ما زالت تمتلك أدوات التأثير الناعم والخشن في آن واحد، ما دفع بعض أطراف الإطار إلى مراجعة موقفها، حفاظاً على شبكة مصالحها الدولية، أو خشية انزلاق العراق إلى مسار صدام مباشر بين واشنطن والفصائل المسلحة.

وتكشف مصادر أن هناك تياراً بدأ يروّج لفكرة تأجيل القانون باعتباره خطوة “تكتيكية” وليس تراجعاً استراتيجياً، على أمل أن تسمح التحولات الإقليمية أو نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة بهامش أوسع للمناورة لاحقاً.

وتعكس هذه المراجعة الحذرة داخل الإطار رغبة في تجنب كسر العصا مع واشنطن، مقابل الحفاظ على ماء الوجه داخلياً، وهو ما يتطلب خطاباً مزدوجاً: تصعيدي في العلن، وانحناء مؤقت خلف الكواليس.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: قانون الحشد

إقرأ أيضاً:

البرلمان الغائب: حين يتواطأ النظام الداخلي مع التعطيل السياسي

3 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تواصلت حالة الانسداد داخل مجلس النواب العراقي، بعدما أُعلن عن تأجيل جلسة السبت رغم تسجيل حضور 149 نائباً، وهو عدد يتجاوز النصاب القانوني بكثير، ما فتح الباب واسعاً لتساؤلات عن الجهة التي تقف خلف تعطيل العمل التشريعي والرقابي.

وتفاقمت الاتهامات الموجهة إلى رئاسة المجلس، التي يرى مراقبون أنها تتحمل مسؤولية هذا الشلل البرلماني، سواء بسلوكها الإداري أو عبر تغاضيها المتكرر عن خروقات النظام الداخلي. إذ لا ينص النظام صراحة على إمكانية “تعليق” الجلسات بعد تحقق النصاب، ما يُفهم منه أن تأجيل الجلسة رغم توفر العدد المطلوب يعكس إرادة سياسية تتجاوز النصوص الإجرائية.

وتُطرح في هذا السياق تساؤلات جوهرية عن مدى التزام رئاسة البرلمان بواجباتها الدستورية، خصوصاً في ما يتعلق بتفعيل آليات المساءلة بحق النواب المتغيبين. فرغم أن القانون الداخلي ينص بوضوح على وجوب فصل النائب المتغيب عن خمس جلسات متتالية، إلا أن هذا النص ظلّ بلا تطبيق فعلي، ما يؤكد أن الحصانة النيابية تحولت عملياً إلى غطاء للغياب والتعطيل، وليس أداة لضمان حرية الأداء النيابي.

وتتحدث مصادر سياسية عن أن قوى متصارعة داخل المجلس تتعمد توجيه نوابها لعدم الحضور، كوسيلة ضغط سياسي لإفشال جلسات تشريعية يُتوقع أن تُتخذ فيها قرارات لا تتوافق مع مصالحها، أو في إطار رسائل سياسية يُراد إيصالها للداخل والخارج، لتكريس الانقسام وإبقاء البرلمان رهينة الحسابات الحزبية الضيقة.

وبات البرلمان في صورته الحالية بعيداً كل البعد عن كونه سلطة تشريعية رقابية فاعلة، وتحول إلى ساحة تناحر سياسي، وصندوق رسائل متبادلة بين مكونات النظام السياسي، يُستثمر لتعطيل القوانين وتمييع الرقابة وخلق فراغ مؤسساتي مقصود. ومن الواضح أن الأزمة البرلمانية باتت انعكاساً مكثفاً للأزمة السياسية البنيوية في العراق، حيث تغيب الدولة وتتصدر الفصائل والمصالح.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

 

 

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رصاص بارد في نص ساخن: حين يُكتب قانون التظاهر برائحة النوايا السياسية
  • كتلة المالكي تتوعد بكشف أسماء المعترضين على قانون الحشد: وصمة عار
  • رداً على تشريع قانون الحشد .. سبعة خيارات خطيرة لدى واشنطن تنتظر العراق
  • دبلوماسي سابق:الحشد الشعبي “اللغم الإيراني الأرضي لتفجير الدولة العراقية”
  • لا رجعة في التنفيذ| حمدي عرفة: قانون الإيجار القديم يطبق على الجميع دون استثناء.. والمحافظون أمام اختبار الحصر والتصنيف
  • قانون الحشد في ثلاجة الدورات.. هل تؤجل واشنطن إعادة تعريف السيادة العراقية
  • واشنطن تجدد التحذير من تشريع قانون الحشد الشعبي: يقوّي نفوذ إيران ويهدد سيادة العراق
  • الضغط الأمريكي يرّحل قانون الحشد الشعبي إلى الدورة البرلمانية المقبلة
  • البرلمان الغائب: حين يتواطأ النظام الداخلي مع التعطيل السياسي