بين الشراكة والشك: البرلمان العراقي يحاصر الاستثمار السعودي داخل قاعة الجد
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
6 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: تتسع دائرة الجدل داخل البرلمان العراقي بشأن الاتفاقية التجارية المقترحة مع السعودية، في لحظة سياسية واقتصادية تبدو حساسة لتوازنات الداخل والخارج على حد سواء.
وتُقرأ هذه التجاذبات لا بوصفها خلافًا على بنود فنية فحسب، بل كمؤشر على انقسام أعمق يتعلق بموقع العراق في الخارطة الاقتصادية الإقليمية، وحدود الانفتاح على دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، التي باتت خلال السنوات الأخيرة لاعبًا مركزيًا في ملفات الطاقة والاستثمار وإعادة التشكيل الجيوسياسي للمنطقة.
وتسعى بعض الكتل إلى تمرير الاتفاقية كأداة لتفعيل “الدبلوماسية الاقتصادية” وإرسال إشارات طمأنة لبيئة الاستثمار الإقليمي، بينما ترى أخرى أن المشروع المطروح يفتقر إلى التوازن، ويمنح امتيازات غير مدروسة لطرف واحد، بما قد يُضعف “الندية السيادية” التي يُفترض أن تحكم أي شراكة استراتيجية.
ويتقاطع النقاش النيابي مع مشروع قانون “حماية المستثمر السعودي”، الذي وإن بدا في ظاهره تقنيًا، إلا أنه يُحمّل في باطنه رسائل سياسية مزدوجة: أحدها يتجه صوب الرياض لتأكيد نوايا الشراكة، والآخر يتجه إلى الداخل في محاولة لتقديم نموذج تشريعي قابل للاستنساخ في بيئة توصف غالبًا بأنها طاردة للاستثمار.
وتتبدى الحيرة العراقية هنا في أوضح صورها: بين من يطالب بتسريع الانفتاح وتحقيق طفرات في مجالات الطاقة والبنية التحتية، ومن يشدد على “تحصين السيادة الاقتصادية” قبل فتح الأبواب أمام الشراكات العابرة للحدود.
ويتكرّر حضور المجلس التنسيقي العراقي السعودي كإطار مؤسسي يجسّد هذا التوجه، لكنه يظل محاصرًا بإرث من الشكوك السياسية وغياب الثقة المستدامة، رغم أنه أنتج في سنواته السابقة حزمة اتفاقات ومشاريع واعدة في الاستثمار والطاقة والتجارة.
وإذا كانت السعودية ترى في السوق العراقية “امتدادًا طبيعيًا” لعمقها الإقليمي، فإن العراق ما زال يتعامل مع هذا الامتداد بحذر مفرط، وكأن المطلوب منه أن يثبت كل مرة جدارته في أن يكون شريكًا لا تابعًا.
وفي هذا السياق، تصبح الملاحظات الفنية التي تحدّث عنها بعض النواب مجرد واجهة لنقاش سياسي عميق، يتعلّق بتوازنات القوى داخل البرلمان، وبمآلات العلاقة مع محور عربي يعيد ترتيب أولوياته، ويبحث عن شركاء لا عن ساحات نفوذ.
وقد تبدو الدعوات لتأجيل التصويت أو تعديل البنود خطوات طبيعية في المسار التشريعي، لكنها تُقرأ في الخارج كمؤشرات على هشاشة القرار الاستثماري في بغداد، خاصة حين يُترك القانون رهينة لمزايدات الداخل، بدل أن يُصاغ كأداة لتعزيز الجدارة الاقتصادية للعراق.
ومهما تعددت الأسباب الظاهرة للجمود، فإن المعضلة الحقيقية لا تكمن في صياغة الاتفاقات، بل في قدرة العراق على إرسال رسالة واضحة: هل يريد بيئة استثمار فعليّة أم يفضّل الحفاظ على مساحات الغموض باسم السيادة؟.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
هيئة الاستثمار: التأسيس الإلكتروني يمثل 85% من حجم الشركات التي يتم تأسيسها
أكد ياسر عباس، نائب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن التأسيس الإلكتروني يمثل 85% من حجم الشركات التي يتم تأسيسها بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حالياً، ما يُظهر نجاح جهود رقمنة وتيسير إجراءات الاستثمار في مصر، مشيراً إلى أن المنصة الإلكترونية الموحدة لتراخيص الاستثمار التي أطلقتها وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية هذا العام، ستكون جزء رئيسي من منصة الكيانات الاقتصادية التي تخطط وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لإطلاقها قريباً، لتحصل الشركات على الخدمات الاستثمارية إلكترونياً بكفاءة مرتفعة وفي مدة زمنية محدودة.
جاءت هذه التصريحات خلال مشاركة ياسر عباس، في جلسة نقاشية بعنوان "فرص الاستثمار للمصريين بالخارج" في النسخة السادسة لمؤتمر المصريين في الخارج، بدعوة من الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، وبحضور باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، واللواء مجدي أنور، رئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والوزير مفوض تجاري مصطفى شيخون، نائب رئيس الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس، والدكتورة ناهد يوسف، رئيس هيئة التنمية الصناعية، و أحمد عبد الرحمن الشيخ، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية.
وأكد ياسر عباس على نجاح جهود التعاون والتنسيق المستمر مع وزارة الخارجية، والذي نتج عنها المشاركة في النسخ السابقة من المؤتمر، بالإضافة إلى تخصيص الهيئة لشباك مستقل لتأسيس الكيانات الاقتصادية الخاصة بالمصريين المقيمين بالخارج، كما تم إنشاء وحدة الاستقبال والمشورة داخل الهيئة ومهمتها توجيه المشورة للسادة العاملين بالخارج وتوجيههم لأفضل النظم الاستثمارية وتعريفهم بالإجراءات وتسهيل مهمة إنشاء شركاتهم بالإضافة إلى تعريفهم بالفرص الاستثمارية المتاحة على خريطة مصر الاستثمارية، والتي تضم حوالي ألفي فرصة استثمارية.
ودعا نائب الرئيس التنفيذي للهيئة المصريين العاملين بالخارج إلى استغلال البيئة الاستثمارية الجاذبة لضخ استثمارات جديدة، خاصةً مع الطفرة التي شهدتها البنية التحتية في مصر، حيث تم إنشاء وتطوير 18 ميناء بحري، وإضافة 7800 كم من الطرق الجديدة، مع التوسع في إنشاء مراكز تقديم الخدمات اللوجستية، ما أدى إلى تحسين ربط مصر بسلاسل القيمة المضافة عالمياً، هذا بالإضافة إلى بيئة تشريعية تتسم بالاستقرار والمرونة معاً، حيث يتم منح حوافز عامة لكل الاستثمارات، وحوافز خاصة للقطاعات التي تستهدف الحكومة تسريع تنميتها وفق استراتيجية التنمية "رؤية مصر 2030"، حيث أطلقت الدولة استراتيجيتين متكاملتين لدعم صناعتي السيارات والهيدروجين الأخضر، ما أدى إلى استقبال مصر استثمارات ضخمة في هذين القطاعين بالذات.
وأرسل ياسر عباس برسالة طمأنة للمستثمرين المصريين والأجانب، حيث تم إنشاء منظومة متدرجة لمواجهة تحديات الاستثمار، تبدأ من لجنة المبادئ وتيسير الإجراءات ومركز متخصص في التفاوض والوساطة لحل منازعات الاستثمار فضلا على الإدارة المركزية لرعاية المستثمرين داخل الهيئة العامة للاستثمار، والتي نجحت في حل من 90% إلى 95% من مشاكل المستثمرين في مصر، هذا كله علاوة على لجنة وزارية لفض منازعات الاستثمار.