وصف النبي كأنك تراه لعله أهم وصف تشتاق إليه نفوس المؤمنين، وصفت لنا كتب السيرة والحديث صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلقية والخُلقية، وفي وصف قدمي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان أخمص القدمين، يعني أن قدمه كان ضامراً يرتفع باطنه عن الأرض، ويتجافى عنها عند وضعه عليها، وأنه كان مسيح القدمين، يعني أنهما متساويان ليس في ظهورهما تكسر، ولهذا ينبو عنهما الماء عند نزوله عليهما.

وصف العلماء شعر رأس النبي -صلى الله عليه وسلم- ولحيته وحاجبيه وأنه موصول ما بين اللبة «الصدر» والسرة بشعر يجري كالخيط، وأنه أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، ولم يذكروا شيئاً عن شعر الرجلين.

ومن أدق ما قيل في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- ما وصفه به هند بن أبي هالة التميمي للحسن بن علي رضي الله عنهما حين سأله عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم -وكان وصافاً-، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر إن تفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يتجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرين، له نور يعلوه يحسبه من يتأمله أشم، كثّ اللحية، سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان

 دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن متماسك سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخيط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، يبدر من لقي بالسلام».

وصف شكل النبي وهيئته

شكل النبي 1- حُسنه -صلى الله عليه وسلم-:‏

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس في كل شيء‏، ‏ وقد تكلم أصحابه عن حسنه في الأحاديث المختلفة نذكر منها‏:‏ ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم إذ قالوا‏: (‏فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجها‏، وأحسنهم خلقا‏، ‏ ليس بالطويل البائن‏، ‏ ولا بالقصير‏)‏ أخرجه السيوطي في الجامع الصغير وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سر استنار وجهه‏، ‏ حتى كأن وجهه -صلى الله عليه وسلم- قطعة قمر‏. (أخرجه البخاري ومسلم‏)‏ كان وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل الشمس والقمر وكان مستديرا (أخرجه مسلم)‏.‏

2- لونه -صلى الله عليه وسلم- ‏:‏
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبيض اللون أزهر‏، ‏ حسن الوجه‏، ‏ وقد ثبت في صحيح سنته ذلك‏، ‏ فد ورد في وصف أصحابه رضي الله عنهم له أنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيض مليح الوجه (أخرجه مسلم) كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أزهر اللون أبيض مشرب بحمرة (‏أخرجه البخاري ومسلم‏).‏

3- وجهه -صلى الله عليه وسلم- ‏:

‏وكان وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- كالقمر يتلألأ كما ذكر هند بن أبي هالة رضي الله عنه وغيره حيث قال‏:‏ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فخما مفخما‏، ‏ يتلألأ وجهه كتلألؤ القمر ليلة البدر‏ (أخرجه البخاري ومسلم‏)‏ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سر استنار وجهه‏، ‏ حتى كأن وجهه قطعة قمر ‏(أخرجه البخاري ومسلم‏)‏ كان وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل الشمس والقمر مستديرا‏ (أخرجه مسلم‏)
مقتنيات النبي من خيول وسيوف.. الأزهر للفتوى يوضح حقيقتهاهل احتفل صحابة النبي بمولده؟ .. الإفتاء توضحاسم النبي كاملا .. هذه أسهل طريقة لحفظ نسب الرسول علّمها لأولادككيف وصف أبو بكر الصديق ملامح النبي.. تعرف على جمال هيئته وبهائه

4- عيناه -صلى الله عليه وسلم- ‏:‏

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- جميل العينين‏، ‏ متسعتان‏، ‏ وقد ذكر ذلك سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‏، ‏ عظيم العينين‏، ‏ أهدب الأشفار‏، ‏ مشرب العينين بحمرة‏، ‏ كث اللحية ‏(رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما‏)، ‏ وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه‏:‏ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضليع الفم –أي واسع الفم-‏، ‏ أشكل العينين‏، ‏ -أي طويل شق العينين- منهوس العقب –أي قليل لحم العقب-‏ (رواه مسلم ، والترمذي‏)‏ وقال علي رضي الله عنه‏:‏ كان في الوجه تدوير‏، ‏ أبيض‏، ‏ أدعج العينين‏، ‏ أهدب الأشفار ‏(رواه الترمذي في الشمائل المحمدية وفي الجامع‏، ‏ وابن أبي شيبة في مصنفه‏).

- أشفاره صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

ويقصد بأشفاره صلى الله عليه وآله وسلم ما يعرفه الناس بلفظ ‏(رموش العين‏)، ‏ وكانت أشفاره صلى الله عليه وآله وسلم طويلة وجميلة المنظر كما وصفه أصحابه رضي الله عنهم فقد ثبت في وصفه في السنة أنه‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏، ‏ عظيم العينين‏، ‏ أهدب الأشفار‏، ‏ مشرب العينين بحمرة‏، ‏ كث اللحية ‏(رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما‏).

‏6- فمه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كان صلى الله عليه وآله وسلم عظيم الفم‏، ‏ فكان فمه كبيرا متناسقا مع وجهه صلى الله عليه وآله وسلم‏، ‏ وثبت ذلك في الآثار المروية في سنته الشريفة‏، ففي جزء الحديث الذي يرويه شعبة‏، ‏ عن سماك بن حرب‏، ‏ عن جابر بن سمرة رضي الله عنه‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضليع الفم‏..‏ قال شعبة‏:‏ قلت لسماك‏:‏ ما ضليع الفم؟ قال‏:‏ عظيم الفم ‏(أخرجه مسلم في صحيحه‏).

7- أسنانه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كانت أسنان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيضاء رقيقة ليست بالغليظة‏، ‏ وكان بين أسنانه صلى الله عليه وآله وسلم انفراج يضفي جمالا على بياضها‏، ‏ فإذا تكلم صلى الله عليه وآله وسلم وكأن النور يخرج من فمه الشريف‏، ‏ وثبت ذلك الوصف كذلك في سنته في وصف أصحابه رضي الله عنهم له‏، ‏ فثبت أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشنب مفلج الأسنان ‏(رواه الترمذي في الشمائل‏)، ‏ والفلج‏:‏ هو انفراج ما بين الأسنان‏، ‏ والأشنب‏:‏ هو الذي أسنانه بيضاء رقيقة‏، ‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفلج الثنيتين‏، ‏ إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه ‏(رواه الدارمي في سننه وعنه الترمذي في الشمائل‏).‏

8- أنفه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

وكان صلى الله عليه وآله وسلم أقنى الأنف أي أن أنفه لها ارتفاع ليست منبطحة على الوجه‏، ‏ وكان هذا الارتفاع مع دقة في طولها‏، ‏ في مظهر رائع متناسق مع جمال وجهه وصورته صلى الله عليه وسلم‏، ‏ وثبت ذلك في وصفه في السنة الشريفة فقد ثبت في حديث هند بن أبي هالة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان‏:‏ أقنى العرنين‏، ‏ له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم‏ (الأنف يكون فيه دقة مع ارتفاع في قصبته‏) (رواه الترمذي في الشمائل‏).‏

9- خده صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض الخد وسهل الخدين وفي بياضهما حمرة‏، ‏ وقد ثبت وصف خده كذلك في سنته الشريفة كما ذكر هند بن أبي هالة وغيره أنه‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهل الخدين ‏(رواه الترمذي في الشمائل‏)، ‏ وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون‏، ‏ مشربا بحمرة‏، ‏ دعج العين‏، ‏ سبط الشعر‏، ‏ كث اللحية‏، ‏ سهل الخد ‏(رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى).‏

‏10- جبينه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

وكان صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبهة والجبين وكأن الشمس تجري في جبهته الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم‏، ‏ وذلك عين ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم فقد ثبت عنهم في وصفهم له أنه‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبين ‏(‏رواه الترمذي في الشمائل‏).

 وصف النبي جسديا

جاء وصف النبي جسديًا في كتاب ابن هشام “السيرة النبوية” عن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَتْ صِفَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا- ذَكَرَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إذَا نَعَتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ (الممتد) ، وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ.

و ورد فيه أنه َكَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ (الشديد جعودة الشعر) وَلَا السَّبِطِ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا (مسرح الشعر) ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ (العظيم الجسم) وَلَا الْمُكَلْثَمِ [(المستدير الوجه في صغر) ، وَكَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا، أَدْعَجَ (الأسود العينين) الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبَ (طويلها) الْأَشْفَارِ.

وورد فيه أنه -صلى الله عليه وسلم- جَلِيلَ الْمُشَاشِ (عظام رؤوس المفاصل) وَالْكَتَدِ (ما بين الكتفين) ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ (الشعر الذي يمتد من الصدر إلى السرة) ، أَجْرَدَ (الْقَلِيل شعر الْجِسْم) شَثْنِ (الغليظ) الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، إذَا مَشَى تَقَلَّعَ (لم يثبت قَدَمَيْهِ) ، كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ (مَا انحدر من الأَرْض) ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ -صلى الله عليه وسلم- خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا، وَأَجْرَأُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وَأَوْفَى النَّاسِ ذِمَّةً (العهد) ، وَأَلْيَنُهُمْ.


 

طباعة شارك وصف النبي كأنك تراه وصف النبي صفات النبي وصف شكل النبي وصف شكل النبي وهيئته وصف النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه وجه رسم الرسول حسب الوصف جمال وجه النبي محمد صفات الرسول الخلقية أجمل وصف للنبي صفات الرسول بالتفصيل صفات الرسول العشر وصف الرسول كيف كان شكل وجه الرسول ما هي صفات الرسول الجسدية كيف يكون شكل الرسول في المنام ما هو شكل وجه النبي صلى الله عليه وسلم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وصف النبي كأنك تراه وصف النبي صفات النبي وصف شكل النبي وصف النبي صلى الله عليه وسلم كأنك تراه وصف الرسول کان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه وسلم صفات الرسول شکل النبی وجه النبی وصف النبی کان النبی کأنک تراه ما وصفه ما بین ذلک فی فی وصف

إقرأ أيضاً:

كيفية بر الزوجة بعد وفاتها.. دار الإفتاء تكشف الطريقة ونماذج منها

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (هل يشرع للزوج التصدق عن زوجته أو بِرُّها بعد وفاتها بأيِّ عملٍ من أعمال الخير؟

الدعاء يصل للميت كهدية تحول قبره إلى جنة.. بـ25 طريقة لا تعرفهاأعمال صالحة تصل للميت وتخفف عنه في قبره.. تعرف عليها

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه يُشرع للزوج بِرُّ زوجته بعد وفاتها بأنواع البر المختلفة، والتي منها أن يبرَّها بالثناء والذكر الحسن، وبالدعاء والاستغفار لها، وبالتصدق عنها، أو بأيِّ عمل آخر من أعمال الخير التي يصل ثوابها للمتوفى.

بر الزوجة بعد وفاتها

وتابعت دار الإفتاء: جعل اللهُ الرباطَ الأوثقَ بين الزوجين هو المودة والرحمة، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

وقد حرص الإسلام على استدامة هذه المودة، حتى لو طرأ على الحياة الزوجية أسوأ ما يمكن أن تتعرض له، وهو انتهاؤها؛ وهو ظاهر قول الله تعالى بعد بيان الحقوق عند الطلاق قبل الدخول: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: 237].

وأوضحت أن والفضل والمودة بين الزوجين اللذين عاشا معًا -أوثق وأعمق ممَن تفرقَا قبل الدخول، وأنه أشد عمقًا بين من فرقهما موتُ أحدهما؛ إذ لا يوجد في الغالب ما يُضْعِفُ هذه المودة أو يؤثر على سلامتها، كما في الطلاق، فيكون خطاب الشارع الطالب لاستدامة المودة متوجهًا بالقياس الأولوي للزوجين عند انتهاء الزوجية بموت أحدهما.

وليس في الشرع الشريف ما يمنع من إحسان الزوج لزوجته وبرِّها بعد موتها، بل إن نصوص السُّنَّة النبوية المطهرة، ووقائعها أصَّلَت للبر بالزوجة المتوفاة بصور متعددة، تجعل الناظرَ في هذه النصوص مُدركًا بإيقانٍ معالم الإنسانية في أسمى معانيها.

صور بر الزوجة بعد وفاتها

ومن صور بِرِّ الزوج بزوجته بعد وفاتها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُكثر من ذكر زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بعد موتها، وكان يُكْرِمُ أقرباءها؛ إكرامًا لها وبرًّا بها، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِيَّاهَا»، قَالَتْ: «وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.

وعنها رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: "اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فَغِرْتُ" متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، فدلَّ على امتداد المودة والوفاء بحقِّ الزوجة بعد موتها.

ومن هذه الصور: أنه عليه الصلاة والسلام كان يُكرم أصدقاءها، ويتعهدهم بالهبات والعطايا، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أُتِيَ بالشيء يقول: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلَانَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةَ خَدِيجَةَ. اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ فُلَانَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خَدِيجَةَ» رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في "المستدرك".

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ»" رواه الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وغيرهم.

ومن هذه الصور: دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها، واستغفاره لها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكُنْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارِ لَهَا" رواه الطبراني في "المعجم الكبير".

التصدق عن الزوجة بعد وفاتها

أما عن التصدق عنها بخصوصه، فمع كونه مشروعًا باعتباره أحد أنواع البر الذي يسن فعله -كما قررنا-، إلا أنه من جملة الأعمال التي لا يقطعها عن الإنسان قاطع حتى الموت، بل تكون متصلة به من حيث انتفاعُه بها بعد موته.

كما روي أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم، ووجه الدلالة من الحديث ظاهرة بأن الصدقة على الميت جائزة من أيِّ أحد من جهة، ويصل ثوابها إليه وينتفع بها من جهة أخرى، وقد نُقل الإجماع على ذلك.

طباعة شارك الزوجة كيفية بر الزوجة بر الزوجة بعد وفاتها دار الإفتاء أعمال الخير

مقالات مشابهة

  • معنى الصلوات المسنونة وحكمها بالكتاب والسُنة النبوية
  • معنى الكرب وطرق التفريج عنه شرعًا
  • فضل الجيش المصري في القرآن الكريم.. الإفتاء توضح
  • الحكمة من مشروعية الرفق ودعاؤه بالأحاديث النبوية
  • أدعية رددها رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام
  • أحمد عمر هاشم: رأيت النبي في المنام فاخترت التخصص في علم الحديث
  • حكم الاحتفال بذكرى الانتصارات الوطنية؟.. الإفتاء تجيب
  • إلقاء الموعظة قبل صلاة الجنازة وعند الدفن.. اعرف رأي الشرع
  • كيفية بر الزوجة بعد وفاتها.. دار الإفتاء تكشف الطريقة ونماذج منها
  • شاهد.. ماذا قال الرسول عن الجيش المصري؟.. الإفتاء: شهد له بأمرين