منال الشرقاوي تكتب: كيف تدفع للموافقة دون أن تدري؟
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
في الأفلام والمسلسلات لا تُنتزع الموافقة دائمًا بالقوة؛ كثيرًا ما تُصاغ بهدوء عبر “هندسة المشهد”، موسيقى تُطمئن، زوايا كاميرا تُجمل، روتين يومي يُعود، وحبكة تضغط بحيث يبدو الخيار الوحيد “طبيعيًا”. هكذا تُدفع الشخصيات ــ وأحيانًا نحن كمشاهدين ــ إلى القبول دون أن ننتبه أن القبول نفسه مُصمم سلفًا.
هنا، يكمن لغز الموافقة المُهندَسة — حكاية قصيرة جدًا عن كيف نقول “حاضر” دون أن نلاحظ
لكن، قبل أن نبدأ، فلنسم الأشياء بأسمائها.
ثم يأتي "التطبيع البصري"، فتعرض الصورة نفسها عدة مرات كافية حتى تصبح عادية—كوب القهوة المثالي، المكتب المرتب، الابتسامة المطمئنة، فتجد نفسك توافق لأنه ببساطة “هكذا تبدو الدنيا عادةً”، والعادي مريح...
يبدأ بعدها "الضغط العاطفي"، فيتم انتظارك عند نقطة تعبك، خسارة صغيرة، خوف مباغت، وحدة مسائية، ويقدمون الحل ملفوفًا بورق هدايا، نغمة موسيقى دافئة، كلمة “لا تقلق”. في لحظات الوهن، كلمة “نعم” تنزلق من الفم أسرع.
وأخيرًا يأتي "السرد المُحابي" وهنا، تلصقنا الكاميرا بجبهة البطل؛ نسمع دقات قلبه، نرى دموعه، فنمشي بقدميه وننسى أن هناك آخرين خارج الإطار. حين نحمل رأسه على أكتافنا، نحمل قراره أيضًا دون أن نسأل كثيرًا.
في النهاية، لا أحد قال لك “وقع هنا وإلا…”. أنت فقط قلت “ماشي” لأن الطريق مُمهد، والإضاءة جذابة، والقصة تحكي من زاوية تجعل الرفض يبدو قاسيًا. وهذه بالضبط هي اللعبة.
أول ما تعلمه الشاشة أنها لا تنتزع منك كلمة نعم، وإنما تربيها في قلبك حتى تمشي وحدها.
تبدأ الحكاية بضحكة خفيفة ولمعة عيون في « بـ100وش»، عملية وراء عملية، فيتحول الاحتيال إلى لعبة لطيفة ويمشي الضمير على أطراف أصابعه لأن الفريق جذاب والنتيجة مسلية. ثم تأخذك إلى «هذا المساء» حيث الهاتف يعرف كل شيء عن صاحبه، فيصبح الاختيار شكلاً مهذبًا للخوف، تقول نعم لأن الأسرار قاب قوسين من الانكشاف ولأن من يهمس لك لا تقلق يضعك في زاوية ضيقة. وفي «سهر الليالي» نفهم كيف يجمل الدفء صورة الحياة حتى نؤجل الرفض لليلة أخرى، نرضى بما هو مألوف لأن الطاولة مليئة بالأصدقاء ولا نريد كسر الكأس. وفي «جراند أوتيل» الفن والإضاءة والموسيقى تصنع ممرًا ناعمًا للطاعة، الفندق نفسه يعلمك أن تنحني بابتسامة وأن تمرر الورقة من دون جدال. وفي «ليه لأ» نرى العكس الجميل حين تتغير بنية الاختيار لصالح الحرية، لكن قبل ذلك كانت العيون كلها تراقبك حتى توافق حفاظًا على السلام الاجتماعي. و«تحت السيطرة» يثبت أن كلمة مطمئنة في توقيت هش تكفي لجر خطوة كاملة، ليس لأننا ضعفاء لكن لأن المشاعر الداخلية تريد راحة سريعة. وحتى «خلي بالك من زيزي» يعلمنا أن العلاج نفسه يمكن أن يصبح إطارًا ذهبيًا لدفع القرار، نوقع لأننا نبحث عن نسخة مرتبة من حياتنا. في النهاية لا أحد يجبرك حقًا، كل ما هنالك ترتيب لطيف للمشهد حتى يبدو الطريق الأقرب هو الطريق الوحيد، وهذا هو سر الصنعة...
وقبل أن نسدل الستار، يلزمنا اعتراف صغير، الشاشة لا تقول لك وافق، لكنها ترتب المواقف كي تقولها من نفسك. موسيقى تصعد خطوة خطوة مع البطل فتبرر له ما يفعل، ولقطة قريبة تحاصر وجهًا واحدًا فننسى الوجوه الباقية خارج الإطار. مونتاج سريع يقطع الطريق إلى نجاحات متتالية فيبدو الصعب سهلًا بطبيعته، وصوت الراوي يهب دوافعه شكل الحقيقة الهادئة. يدخل “الخبير” بثوب طبيب أو مدير فيمنح الاختيار لمعانًا رسميًا، وتمسح النكتة اعتراضك في اللحظة الحرجة. ثم يأتي الروتين الدافئ، قهوة تتبخر كل صباح، تحية على السلم، طريق محفوظ… فتلتصق الراحة بخيار واحد، ويضيق قلبك عن الباقي.
وهنا، علينا أن نتعلم أن السؤال الأهم ليس: هل وافقت؟
ولكن: كيف صُنِعت موافقتك؟
حين نُدرب أعيننا على كشف هذه الهندسة، لا نفقد متعة المشاهدة؛ لكننا نربح متعة أعمق، أن نرى الفيلم أو المسلسل مرتين في آنٍ واحد — قصة تُروى، وآلة تعمل
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الضغط العاطفي دون أن
إقرأ أيضاً:
الموافقة على الطرح والتعاقد لـ9 مشروعات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص
ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اليوم؛ اجتماع اللجنة العليا لشئون المشاركة، وذلك بحضور كل من الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، القائم بأعمال وزير البيئة، و أحمد كجوك، وزير المالية، والمستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ومحمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، و ياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية، و عاطر حنورة، رئيس وحدة "المشاركة مع القطاع الخاص" بوزارة المالية، ومسئولي الوزارات والهيئات المعنية.
وجدد رئيس الوزراء في مستهل الاجتماع، حرص الحكومة على تعزيز دور القطاع الخاص، وتوسيع مشاركته في العديد من الأنشطة الاقتصادية والخدمية، لافتا إلى دور اللجنة العليا لشئون المشاركة في المساهمة في تحقيق هذا الهدف، وذلك بما يسهم في الدفع نحو تحقيق المزيد من أوجه التنمية المستدامة في العديد من القطاعات.
و استعرض عاطر حنورة، نتائج أعمال اللجنة المشتركة لوزارات المالية، والتخطيط، والإسكان، والنقل، والتنمية المحلية، وما تضمنته من قائمة لعدد من المشروعات المستقبلية في العديد من القطاعات التنموية والخدمية على مستوى الجمهورية، مقدمة من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومحافظات الجيزة، والقليوبية، والبحيرة، وفي هذا الصدد وافقت اللجنة العليا لشئون المشاركة على إدراج قائمة هذه المشروعات، كمشروعات مشاركة بنظام "PPP"، للبدء في إعدادها للطرح، وعرض كل مشروع على اللجنة للموافقة على الطرح.
كما تناول عاطر حنورة، موقف المشروعات التي تم إعدادها للطرح بنظام المشاركة مع القطاع الخاص، مشيراً إلى أنها تتضمن خمسة مشروعات حق استغلال لمحطات محولات وشبكات كهربائية، الأول: مشروع حق استغلال محطة محولات المطورين وشبكات الكهرباء الخاصة بها بمدينة السادات، والثاني: مشروع حق استغلال محطة محولات المنطقة الصناعية الثامنة وشبكات الكهرباء الخاصة بها بمدينة السادات، والثالث: مشروع حق استغلال محطة محولات أسوان الجديدة وشبكات الكهرباء الخاصة بها بمدينة أسوان الجديدة، والرابع: مشروع حق استغلال محطة محولات المنصورة الجديدة وشبكات الكهرباء الخاصة بها بمدينة المنصورة الجديدة، والخامس: مشروع حق استغلال محطة محولات مأخذ مياه العياط وشبكات الكهرباء المغذية للمأخذ بمدينة 6 أكتوبر.
ووافقت اللجنة العليا لشئون المشاركة على طرح المشروعات السابق الإشارة إليها بالمزايدة العامة وفقاً لأحكام قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة رقم 67 لسنة 2010 وتعديلاته واعتماد ما سبق من اجراءات (مرحلة التأهيل المسبق المجمع).
وخلال الاجتماع، وافقت اللجنة العليا لشئون المشاركة على إنهاء التعاقد مع الشركة الوطنية لتكنولوجيا الكهرباء لتنفيذ مشروع محطة محولات روافع مأخذ العاشر من رمضان بمنطقة أبو سمران ببلبيس، وكذا على حق استغلال محطة المحولات وخطوط ربطها وشبكات الكهرباء المغذية للرافع، وذلك بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.
كما تم خلال اجتماع اللجنة العليا لشئون المشاركة الموافقة على إنهاء التعاقد مع الشركة الوطنية لتكنولوجيا الكهرباء لتنفيذ مشروع محطة محولات المنطقة الصناعية الشرقية، وكذا حق استغلال محطة المحولات وخطوط ربطها وشبكات الكهرباء بمدينة برج العرب الجديدة، وذلك بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.
وتمت الموافقة على إنهاء التعاقد مع شركة إنجاز للطاقة الذكية لتنفيذ مشروع محطة محولات رافع دهشور بمدينة 6 أكتوبر، وذلك بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.
كما وافقت اللجنة على طرح مشروع تصميم وبناء وتمويل وتشغيل وصيانة ونقل الملكية لمحطة تحلية مدينة العلمين بسعة 180 ألف م3/يوم، بنظام المشاركة مع القطاع الخاص، وفقاً لأحكام قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة رقم 67 لسنة 2010 وتعديلاته.