توصلت لجنة الخبراء المستقلة، المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان عام 2021، برئاسة نافي بيلاي المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، «استناداً إلى أسس معقولة»، إلى أن السلطات الإسرائيلية وقوات الأمن الإسرائيلية، ارتكبت ولا تزال ترتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. وقالت بيلاي، في مؤتمر صحافي يوم 16 سبتمبر: «اليوم، نشهد في الوقت الحقيقي، كيف يُكسر وعد «لن يتكرر أبدا» أمام أعين العالم، إن الإبادة الجماعية في غزة فضيحة أخلاقية وحالة طوارئ قانونية، لا داعي لانتظار محكمة العدل الدولية لإعلانها إبادة جماعية».



وتشمل الأفعال التي ارتكبتها إسرائيل، التي تكوّن معا أرضية لاعتبار ما يجري إبادة جماعية، كما جاء في التقرير: «إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بأفراد الجماعة؛ وفرض ظروف معيشية متعمدة على الجماعة، بهدف تدميرها المادي كليا أو جزئيا؛ وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخل الجماعة، ونقل أطفال الجماعة قسرا إلى جماعة أخرى». وفي أغسطس 2025، أعلنت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية – وهي مجموعة من الأكاديميين المتخصصين في هذا الموضوع – في قرارٍ لها، أن أفعال إسرائيل في غزة منذ بدء الحرب التي استمرت 22 شهرا، تُشكل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي يوليو 2025، اتهمت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. كما أن محكمة العدل الدولية تنظر أيضا في قضية رفعتها حكومة جنوب افريقيا، تتهم فيها القوات الإسرائيلية بارتكاب إبادة جماعية.

التهجير القسري والقانون الدولي
من بين الجرائم التي تعتبر جرائم حرب، العقوبات الجماعية، التي تطال عددا كبيرا من أبناء الشعب المستهدف. وأهم هذه الجرائم التهجير القسري، وقد وثقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مثل، منظمة العفو الدولية وهيومان رايتش ووتش ومنظمة الحق والميزان وبتسيلم أوامر الإخلاء القسري، التي طالت كل سكان غزة بلا استثناء. والإخلاء القسري عبارة عن أوامر صادرة عن جيش الدفاع الإسرائيلي، أو السلطات الإسرائيلية في غزة، تطالب السكان بمغادرة مناطق معينة، عادة بسبب عمليات عسكرية وشيكة، أو غارات جوية أو إعلانها «مناطق قتال». وقد اتخذت هذه الأوامر أشكالا مختلفة: المنشورات التي تسقط من الجو، والرسائل النصية والمكالمات الهاتفية، وإعلانات وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيانا عبر تحذيرات صاخبة أو رسائل مسجلة. وفي كثير من الحالات، تُحذر الأوامر من لا يُخلي المنطقة، قد يُعتبر معاديا أو «متواطئا»، أو يواجه خطرا ما يجعله هدفا لقوات الجيش الإسرائيلي.

ولم تغفل محكمة العدل الدولية مسألة التهجير القسري، ففي 19 يوليو 2024، أثناء نظرها في قانونية التدابير التي اتخذتها إسرائيل، أولت محكمة العدل الدولية الاعتبار الواجب لـ»مصادرة الأراضي على نطاق واسع، وحرمان السكان الفلسطينيين من الوصول إلى الموارد الطبيعية.. ما أدى إلى رحيلهم» (الفقرة 143). وأشارت المحكمة إلى عدد من التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة للبت في طبيعة نزوح السكان الفلسطينيين. وذكرت المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها لا تترك للفلسطينيين «خيارا سوى الرحيل» (الفقرة 147). وفسرت المحكمة هذا الإكراه على الرحيل، بأنه يندرج ضمن معنى «القسر» بموجب الفقرة الأولى من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

انتشرت هذه الأوامر على نطاق واسع في جميع أنحاء غزة. وتشير التقديرات إلى أن جميع سكان غزة خضعوا لأوامر الإخلاء، أو التهجير مرة واحدة على الأقل. فعلى سبيل المثال، بحلول أواخر أغسطس 2024، صرّح مسؤولو الأمم المتحدة، بأن أوامر الإخلاء المتتالية شردت حوالي 90% من سكان غزة منذ بدء الحرب. وفي كثير من الأحيان، نزح الناس عدة مرات – حيث أُجبروا على الفرار من منطقة إلى أخرى، وهكذا. وكانت أوامر الإخلاء أحيانا واسعة جدا، كأن تشمل مدينة غزة بكاملها أو تهجير شمال غزة بأكمله إلى الجنوب.

بدأت عمليات الإخلاء القسري منذ بداية العمليات العسكرية. فقد طلب الجيش الإسرائيلي من سكان شمال غزة إخلاء أماكنهم في منتصف أكتوبر 2023 خلال 24 ساعة، وشمل الإخلاء هذا أكثر من مليون شخص من شمال غزة إلى جنوبها. وفي 13 أكتوبر 2023، صدرت أوامر بإخلاء حوالي 23 مستشفى في شمال غزة ومدينة غزة. وكانت هذه المستشفيات تعالج أعدادا كبيرة من المرضى والمصابين، واستخدمت ملاجئ للنازحين كذلك. وفي نوفمبر 2024، خضع حي الشجاعية في مدينة غزة لأمر الإخلاء، حيث طُلب من السكان المغادرة إلى المناطق الوسطى أو الجنوبية من المدينة قبل القصف. وزير الدفاع الإسرائيلي أصدر أوامر بإخلاء كل مدينة غزة في الأول من أكتوبر2025 محذرا من يبقى سيُعتبر مؤيدا «للإرهابيين».

وفي 28 مارس 2025 اتهم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إسرائيل بانتهاك القانون الدولي بتهجير الفلسطينيين قسرا في غزة بموجب «أوامر إخلاء إلزامية». وقال المتحدث باسم المكتب: «إن عمليات الإخلاء هذه لا تمتثل لمتطلبات القانون الإنساني الدولي». إن أوامر الإخلاء مستحيلة، أو صعبة التنفيذ للغاية، نظرا لنقص الطرق الآمنة، وتضرر البنية التحتية، وتدمير الطرق، ونقص وسائل النقل، أو عدم قدرة الفئات الضعيفة (كبار السن، والمرضى، وذوي الإعاقة) على التنقل. كما أن ما يسمى المناطق الآمنة (مثل المواصي) غالبا ما تصبح مكتظة، مع محدودية الوصول إلى المياه والرعاية الطبية والغذاء والمأوى.

وفي بعض الأحيان، تتعرض هذه المناطق نفسها للقصف. وقد اضطر العديد من الناس إلى الانتقال عدة مرات، وغالبا إلى مناطق مكتظة بشكل متزايد، ما ضاعف من معاناتهم. وهناك تساؤلات عديدة حول قانونية أوامر الإخلاء ومدى التزامها بالقانون الدولي الإنساني. فهل أوامر الإخلاء تُعطي تحذيرا كافيا؟ وهل لدى المدنيين ممر آمن؟ وهل وجهة الترحيل آمنة؟ وهل الإمدادات والخدمات الأساسية متوفرة في المناطق المقصودة؟ لقد صرح مسؤولو الأمم المتحدة، بمن فيهم الأمين العام، «لا يوجد مكان آمن في غزة». وقد أقر مجلس حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بالسكن بعض المبادئ التوجيهية لمسألة الإخلاء القسري تسمى «المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة»، بهدف السعي إلى الحد من عمليات الإخلاء والتهجير.
فأين هذه المبادئ والتوجيهات مما قامت به إسرائيل في قطاع غزة؟
وتنص هذه المبادئ على أن عمليات الإخلاء لا تُنفذ إلا في «ظروف استثنائية» لحماية صحة السكان ورفاههم ويجب اتباعها في كل مرحلة من مراحل عملية الإخلاء: 
قبلها وأثناءها وبعدها، بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويجب أن تكون هذه العمليات مُصرّحا بها قانونا، وأن تكون معقولة ومتناسبة، وأن تضمن تعويضا وإعادة تأهيل كاملين وعادلين. وتؤكد أن لكل شخص الحق الإنساني في السكن اللائق، الذي يشمل الحق في الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية والأسرة والمنزل.

القانون الدولي الإنساني يستوجب الحماية من عمليات الإخلاء القسري، ولجميع الأشخاص والجماعات والمجتمعات، الحق في إعادة التوطين، الذي يشمل الحق في أرض ومسكن بديلين يجب أن يستوفيا معايير الكفاية، وهي: إمكانية الوصول، والقدرة على تحمل التكاليف، وصلاحية السكن، والملاءمة الثقافية، وملاءمة الموقع، والحصول على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. فأين هذه المبادئ والتوجيهات مما قامت به إسرائيل في قطاع غزة؟ النتيجة التي لا جدال فيها أن عمليات التهجير القسري التي قامت بها إسرائيل خلال سنتي الحرب، تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان، يجب على المحاكم الدولية أن تلاحق من أمر بها ومن نفذها ومن حرّض عليها لاستكمال تفاصيل المساءلة في جريمة الإبادة الجماعية.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة التهجير القانون الدولي غزة الاحتلال القانون الدولي التهجير مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإخلاء القسری عملیات الإخلاء التهجیر القسری لحقوق الإنسان الأمم المتحدة أوامر الإخلاء حقوق الإنسان إبادة جماعیة شمال غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يطلع ترامب على الخطوات التي تعتزم إسرائيل اتخاذها في غزة

أطلع رئيس الوزراء الإسرائييلي، بنيامين نتنياهو ، مساء الخميس،16 أكتوبر 205 ،  الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على الخطوات التي قام بها إسرائيليون باتخاذها في قطاع غزة ، بالإضافة إلى جثث أسرى هوليوود، التي تدّعي تل أبيب أن حركة حماس ية لم تلتزِم بتسليمها، وفق ما نَصّ يحدث وقف إطلاق النار.

وجاء ذلك وفقا لما ذكرته تقارير إسرائيلية، وذلك بعد وقت وجيز من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، للحركة، وأصبح إن "استمرت بقتل الناس في غزة، وهو ما لم يكن كافيا من الاتفاق، ولن يكون أمامنا سوى خيار فقط لتمضيتهم".

كما قال ترامب: "نأمل أن تفي حماسها، وإذا لم تتصرف بالشكل المناسب، فسنتولى التعامل مع الأمر".

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن الجريدة "أجريت لهاتفيا مع الرئيس العمل، هذا المساء (الخميس)".

ولذلك فإن "الطرفين يناقش تراجع جثث الليبرالي، إذ أطلع على البروتين على الإيقاع الذي يعتزمها، ردا على تأخيرات حماسية".

ونجحت في تسجيل الدخول، فقد "أعرب العمل في رده دعمه للخطوات الإسرائيلية".

وأكد إسرائيل نقل معلومات استخباراتيّة، للوسطاء باتفاق وقف الحرب على غزة، منتشرة في جميع أنحاء العالم في مكان جثث الأسرى الألمان، غداة إعلان "كتائب القسّام" تسليم جميع جثث النازيين، الذين تمكنوا من الوصول إليها في الوقت الحاضر، وتحتاج إلى الجثث الأُخرى، "تحتاج إلى جهود كبيرة، ومتعددات خاصة لاستخراجها".

جاء ذلك بحسب ما أوردت القناة الإسرائيلية 12 في تقرير مساء الخميس.

هذا، وقال رئيس الحكومة اليهودي بنيامين بنيامين، في نقاش مصغّر، عُقد مساء الخميس: "أعلم تمامًا أن لديه متحمس، وإذا لم يستلمهم، فستعرف الإسرائيلي كيف تتصرّف، وفقًا لذلك".

واقتبست القناة 12 عن مسؤول سياسيّ، القول "إسرائيل، بالتنسيق مع المتحدة والوسطاء، تضغط لا استكمال إعادة جميع الجثث التي بحوزة حماس".

وكبد المصدر أن "إسرائيل أطلعت الوسطاء على المعلومات المضادة للمقاومة، لديها، مكان الجثث وتمام هذه الطريقة".

لا إجبارية على إتاحة دخول "قوات أجنبية" للمساعدة في البحث

وبحسب ما أوردت هيئة الإذاعة السينمائية العامة ("كان 11")، فقد قرّرت الحكومة الإسرائيلية، "عدم الموافقة في هذه المرحلة على دخول الحرب الأجنبية إلى قطاع غزة، في تحديد مكان الرهائن".

"بما أن ذلك يأتي في الوقت المناسب للوسطاء بين الإسرائيليين وحماس لمساهمة التفاعل، بتسليم اقرأ من الاستخدام، "مع إدراك أن هذه الآثار المترتبة على التقدُّم في التعاون والتعاون، والمشاركة في مرحلته الثانية".

ونقلت هيئة الإذاعة عن المصدر الإسرائيلي لمسماه، قوله "إذا لم تُفرج حماسة الرهائن خلال أيام، فسنُقلص المساعدات الإنسانية، بشكل كامل".

"الضغط على حماس سيزداد"

هذا، وقال منسّق شؤون الأُسرى والمفقودين معطفين بمكتب رئيس الحكومة، غالي هيرش، لعائلات الرهائن، إنه "اختُتم في القدس ، نقاش عمليّاتيّ مطوّل، بقيادة رئيس الحكومة، والمشاركة في الهدف في الأجهزة الأمنية، وأعضاء فريق التفاوُض، ووزير الأمن، ووزير الشؤون المختلفة، رون) ديرمر".

أضاف أن "قضية عودة الممنوعين، كانت موضوعًا محوريًا، بالطبع".

وذكر هيرش أنه "خلال النقاش، استُقطعت استراحةٌ لمحادثةٍ بين رئيس الحكومة، والرئيس ترامب".

وأعلن أن "قضية عودة الممنوعين، نوقشت خلال حديثهما، وبعدها تواصَل الاجتماع".

وقال إن "التواصل بيننا وبين الأمريكيين والوسطاء ييتواصَل، والضغط على الحماسة، وسيزداد، ولن يتنوع بالتفاصيل".

وأضاف: "نحن مُصِرّون على عودة جميع (الملكين)، كما هو مُتفق عليه؛ ولن نتنازل".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية ضغوط أميركية على إسرائيل لاستكمال اتفاق غزة والبدء بإعمار رفح وزير الخارجية الإسرائيلي يحدد موعدا لإعادة فتح معبر رفح زامير: المعركة لم تنته وسنواصل القتال حتى إعادة آخر أسير قتيل الأكثر قراءة سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 بالفيديو: الجيش الإسرائيلي يبدأ الانسحاب التدريجي من قطاع غزة انتشال 35 شهيدا.. غارة وقصف مدفعي على غزة وخانيونس رغم وقف إطلاق النار طقس فلسطين: ارتفاع طفيف على درجات الحرارة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بإلغاء مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت
  • الأونروا: ارتفاع الأسعار بغزة بسبب تدمير إسرائيل الأرض الزراعية
  • نتنياهو يطلع ترامب على الخطوات التي تعتزم إسرائيل اتخاذها في غزة
  • حسام زكي : مؤتمر شرم الشيخ للسلام أنهى عمليا حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على غزة
  • نادي الأسير: قضية جثامين الشهداء المحتجزة شاهد على الجرائم التي مارسها الاحتلال بعد حرب الإبادة
  • أسرى بلا أثر.. نداء دولي لمحاسبة إسرائيل على الإخفاء القسري للفلسطينيين
  • كوبا: اعتداءات إسرائيل على غزة بعد اتفاق شرم الشيخ تكشف استخفافها بالسلام والقانون الدولي
  • إسرائيل: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس لا تتطابق مع أي من الرهائن
  • إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي آمالها في كأس العالم