جدل قانوني واجتماعي حول السماح للإيرانيات بقيادة الدراجات النارية
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
طهران- لطالما أثارت قيادة النساء للدراجات النارية في إيران جدلا متجددا خلال السنوات الماضية بين مؤيد يُطالب بحقوق المرأة ومعارض يستند إلى تفسيرات قانونية ودينية واجتماعية مختلفة، وأعاد إعلان الحكومة مؤخرا بأنه "لا يوجد ما يمنع الإيرانيات من قيادات الدراجات النارية" الملف إلى الواجهة من جديد.
وبعد أن أضحت مشاهد قيادة المرأة للدراجات النارية والهوائية مألوفة في شوارع العاصمة طهران وكبرى المدن الأخرى، أكدت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني أنه "لا مانع قانونيا" يحول دون قيادة النساء للدراجات النارية.
وأوضحت أن "الإيرانيات قادرات على قيادة الجرارات في المناطق الريفية، وهن طيارات يحملن رخص قيادة أساسية" مؤكدة أن القدرات النسائية "ليست موضع شك".
وكشفت مهاجراني أن مشروع قانون سابق في البرلمان حول هذا الموضوع "لم ينجح" في مساره التشريعي، بينما لا توجد حاليا أية "لوائح أو مشاريع قوانين" بالحكومة الحالية تمنع إصدار رخص قيادة الدراجات النارية للنساء.
القانون وتفسيراتهواستنادا إلى المادة 26 من لائحة المرور، يجب على كل فرد -يقود أي نوع من المركبات سواء خفيفة أو ثقيلة- أن يحصل مسبقا على رخصة قيادة مناسبة من شرطة المرور.
وبالرغم من أن هذه المادة تشترط فقط حصول الأفراد عامة على رخصة لقيادة الدراجات النارية، لكن تفسير المادة 20 من قانون مخالفات المرور، يوقف ضمنيا وعمليا إصدار رخص قيادة الدراجات النارية للنساء.
ومع أن الدستور ينص على المساواة بين الجنسين في المادة 20 -التي تنص على أن "قوات الشرطة بالجمهورية الإسلامية تتولى إصدار تراخيص قيادة الدراجات النارية للرجال"- إلا أن غياب نص صريح حول قيادة النساء للدراجات النارية أدى إلى تفسيرات متضاربة. فقد فُسرت عبارة "للرجال" في قوانين المرور على أنها حصرية، مما حوّل الأمر إلى معضلة قانونية واجتماعية امتنعت بموجبها قوات الشرطة عن إصدار الرخص للنساء، وبالتالي منعهن من قيادة الدراجات النارية.
إعلانمن جانبه، يقول المحامي محمد مقصود إنه من خلال مراجعة الدستور يتضح أنه "لا قانون مصادقا عليه" يمنع النساء قيادة الدراجات النارية، وتنص كل من المادتين 20 و22 من الدستور بشكل قاطع على مبدأ مساواة في الحقوق بين المرأة والرجل وضمان حريات المواطنين الأساسية فحسب، وبالتالي هذا الإطار الدستوري يضع أي تقييد للمرأة في موقف قانوني هش، ما لم يُسن قانون صريح يحدد الضوابط والإجراءات.
وفي مقال نشره تحت عنوان "قيادة النساء للدراجات النارية محرم أم حق؟" يوضح مقصود أن المادة 22 من الدستور تضمن صراحة "حق اختيار العمل والمهنة والدراسة" لجميع المواطنين دون تمييز، ويُفهم منها أن حرية التنقل تدخل في صميم هذا الحق، مما يجعل أي حظر على قيادة النساء للدراجات النارية "مخالفا لروح الدستور" ما دام غير منصوص عليه بقانون واضح.
ولا يقتصر الجدل حول منع قيادة الدراجات النارية في إيران على الجانب الحقوقي فحسب، بل يتعداه إلى التفسيرات الدينية. إذ يستند المعارضون إلى نصوص دينية تُحرّم على النساء ركوب "السُرج" كالخيل والإبل، ويعتبرون الدراجات النارية امتدادا لها.
وفي غضون ذلك، نشرت وكالة أنباء "شبستان" التابعة للمؤسسة الدينية تقريرا عن فتاوى المرجعيات الدينية التي تنهى عن ركوب النساء الدراجات الهوائية، ويخرج التقرير بنتيجة مفادها أنه يقلل من عفة المرأة ويجب التخلي عنه.
وأبرز التقرير فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تقول "ركوب الدراجات الهوائية للفتيات والنساء في الأماكن العامة وفي مرأى الرجال من غير المحارم يجذب انتباه الرجال ويوضع في موضع الفتنة، ويؤدي إلى إفساد المجتمع، وينافي عفة النساء، ويجب تركه، وفي حال عدم وجود غير المحارم فلا إشكال فيه".
ولم يكن نضال الإيرانيات من أجل الحق في التنقل بالدراجات النارية وليد اللحظة، بل يمتد لعقود، حيث سبق وواجهت فائزة رفسنجاني ابنة الرئيس الأسبق علي أكبر رفسنجاني انتقادات حادة لدعمها ركوب النساء للدراجات الهوائية، لكن الأمر أضحى مألوفا بعد نحو 3 عقود من كسرهن حاجز الحظر الذي كان مفروضا على ركوبها.
وعلى النقيض من نتائج الدراسات التي تظهر أن الإيرانيات أكثر احتراما للقوانين المرورية مقارنة بالرجال، إلا أن شريحة من الإيرانيين يعتقدون بأن زيادة عدد السائقات قد يرفع معدلات حوادث المرور، فضلا عن رفض شركات التأمين تعويض السائقات في حالات الحوادث بسبب عدم الاعتراف القانوني بحقهن في القيادة.
وتنشر الصحافة الفارسية -باستمرار- تقارير عن معارضة أوساط برلمانية لمنح المرأة رخصة قيادة الدراجات النارية، كما أن عددا من النواب يتوعدون برفض أي مشروع قرار يهدف لتشريع ذلك.
وفي السياق، يتحدث عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان محمد سراج عن مخاوف بشأن الحجاب من الناحية الشرعية والعرفية، وسلوك النساء عند ركوب الدراجات النارية، متوعدا بمعارضة مثل هذا التوجه في البرلمان.
إعلانوفي حوار مع وكالة أنباء "إيلنا" يعتبر سراج استخدام المرأة للدراجات النارية لا يتناسب مع ثقافة المجتمع، واصفا ذلك باعتباره "تبرجا" سيواجه حتما معارضة كبيرة من المتدينين، وتوقع أن البرلمان سيعارض مثل هذا التوجه.
ويرى مراقبون إيرانيون أن الجدل الدائر حول إصدار رخص قيادة الدراجات النارية ليس مجرد نقاش حول وسيلة تنقل، بل هو اختبار لقدرة الأوساط المعنية على التكيف مع متغيرات المجتمع، وانعكاس للصراع الأوسع بين الحقوق الفردية والهياكل التقليدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات قیادة الدراجات الناریة رخص قیادة
إقرأ أيضاً:
انقطاع الطمث المبكر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف
خلصت دراسة دولية جديدة إلى أن انقطاع الطمث (menopause) في سن مبكرة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف، وأظهرت الدراسة أيضا أن العلاج بالهرمونات البديلة بعد انقطاع الطمث ارتبط بانخفاض خطر الإصابة.
وانقطاع الطمث هو نقطة زمنية تقع بعد 12 شهرا من آخر دورة شهرية للمرأة.
وفي السنوات التي تسبق هذه النقطة تحدث لدى النساء تغيرات في دوراتهن الشهرية، وقد يعانين من هبات ساخنة أو أعراض أخرى، وتسمى فترة "ما حول انقطاع الطمث" (perimenopause).
وأجرى الدراسة فريق بحثي من جامعة غالواي في أيرلندا وجامعة بوسطن في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة مرض ألزهايمر في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
وأجريت على 1329 امرأة يتمتعن بصحة إدراكية جيدة، وذلك من خلال دراسة فرامنغهام للقلب لتحليل العلاقة بين العوامل الإنجابية وعلامات شيخوخة الدماغ.
وارتبط التعرض المتزايد للإستروجين خلال فترة الإنجاب بتعزيز الأداء الإدراكي وزيادة حجم الدماغ.
كما ارتبطت زيادة عدد الأطفال الذين أنجبتهم الأم وارتفاع مستويات هرمون الإستروجين في الدم والتقدم في السن عند انقطاع الطمث أيضا بأداء أفضل في الاختبارات الإدراكية، وتحديدا مهارات بصرية مكانية أفضل (أي القدرة على إدراك المعلومات البصرية والمكانية وتحليلها والتلاعب بها ذهنيا).
تتعرض النساء لخطر أكبر للإصابة بالخرف مقارنة بالرجال، حيث تمثل النساء ما يقرب من ثلثي المصابين بمرض ألزهايمر.
وبحثت الدراسة في عمر المرأة عند أول دورة شهرية لها، وعمر بداية انقطاع الطمث، ومدة حياتها الإنجابية، ومستويات هرمون الإستروجين في الدم، وما إذا كانت المرأة تستخدم العلاج بالهرمونات البديلة بعد انقطاع الطمث أم لا.
وتم ربط هذه العوامل بالأداء في الاختبارات العصبية المعرفية، وعلامات انكماش الدماغ في فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، وخطر إصابة المرأة بالخرف في المستقبل.
إعلانوعلى الرغم من الأهمية الصحية لهذا الموضوع، فإن فهم العلاقة بين الفروق المرتبطة بالجنس في مرض ألزهايمر وأنواع الخرف المرتبطة به ما زال متأخرا بشكل كبير مقارنة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وفي حين يمكن أن يُفسِّر متوسط العمر الأطول لدى النساء جزءا من ارتفاع خطر الإصابة بينهن، إلا أن عوامل مثل الصحة الإنجابية ومستويات الهرمونات لدى النساء قد تلعب دورا مهما أيضا.