ووصل الحال بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى توجيه الاتهام علنًا لصنعاء بأنها تحتجز عددًا من موظفي الأمم المتحدة بشكلٍ تعسفي، وترفض الإفراج الفوري عنهم.

وظل هذا الموضوع من أهم التناولات الإعلامية لوسائل إعلام المرتزقة، والتي تدّعي بأن الأجهزة الأمنية في صنعاء اعتقلت المدعو محمود سعيد عثمان الموظف في إدارة الأمن في برنامج الغذاء العالمي، معتبرين أن هذه الممارسات لا تقيم أي اعتبارٍ للقوانين والاتفاقيات الإنسانية، غير أن هذه الرواية والسردية تُناقضان جوهر الحقيقة، وتخادعان الرأي العام اليمني والخارجي، ولا تُظهران الممارسات الواقعية للعاملين في هذه المنظمات وتحولَهم من العمل الإنساني إلى العمل التجسسي.

وعلى الرغم من عدم إثارة القضية من قبل صنعاء على مدى الأشهر الماضية، إلا أن خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الخميس الماضي، جاء ليكشف ما كان خفيًا، ويوضح للداخل اليمني حقيقة هؤلاء العاملين في المنظمات، ودورهم الإجرامي في استهداف اليمن وقياداته، وفي المقدمة دورهم في استهداف حكومة التغيير والبناء برئاسة الشهيد الدكتور أحمد غالب الرهوي.

ويقول السيد القائد عبدالملك الحوثي: "إن الخلايا التجسسية التي نشطت تحت الغطاء الإنساني من منتسبين لمنظَّمات تعمل في المجال الإنساني، ومن أبرزها برنامج الغذاء العالمي وكذلك اليونيسف، كان نشاطًا عدوانيًا وسيئًا جدًّا، يستهدف هذا الشعب في أمنه، ويحاول أن يقدم الخدمة لأعدائه، وذكّرنا بـ[مصائد الموت]، التي نصبها الأمريكي مع الإسرائيلي في قطاع غزّة، التي هي ذات عنوانٍ إنساني، ولكنها بهدف القتل، وبهدف الإبادة، وبهدف الاستهداف."

ويؤكد: "حصلنا على معلوماتٍ قاطعة عن ذلك الدور التجسسي، العدواني، الإجرامي، للخلايا التي تم اعتقالها من الأجهزة الأمنية، وهي تنتسب إلى تلك المنظمات، ومن الجرائم البارزة لتلك الخلايا أن لها الدور الأساس في الاستهداف الإسرائيلي لاجتماع الحكومة، واستهداف رئيس الحكومة ورفاقه الشهداء (رحمةُ الله تغشاهم)، وكان هناك دورٌ أساس في هذه الجريمة في الرصد لاجتماع الحكومة، وفي الإبلاغ للعدو الإسرائيلي به، وفي مواكبة جريمة الاستهداف لاجتماع الحكومة، ودورٌ لخليةٍ تابعةٍ لبرنامج الغذاء العالمي، وعلى رأس هذا الدور مسؤول الأمن والسلامة في فرع البرنامج في اليمن".

ويشير إلى أن "هذه حقائق نحن على ثقةٍ وتأكّدٍ تامٍّ منها، ونمتلك عليها كل الدلائل، وحرصتُ على هذا التوضيح؛ لأن البعض لا يعون هذه الحقائق، ويتأثرون بالضجة الإعلامية التي يقوم بها الأعداء، ويتصورون أن هناك استهدافًا غير مبررٍ لتلك الخلايا، وعدم تقديرٍ لدورها في العمل في المنظمات الإنسانية".

ويوضح السيد القائد "أن هذه الخلايا امتلكت أجهزةً تقنيةً للرصد والاستهداف، لاختراق الاتصالات، واخترقوا بها الاتصالات الوطنية، ومنها أيضًا أجهزة وإمكانات لأنواع الرصد التجسسي التي تُستخدم عادةً لدى أجهزة الاستخبارات العالمية، ولدينا الأدلة على كل ذلك".

مسار خطير للعمل الإنساني

وتثبت الأحداث في غزة واليمن الدور المشبوه لعمل المنظمات الأممية، التي تدّعي أنها تعمل تحت ستار العمل الإنساني، لكنها في الواقع تعمل تحت غطاء القتل وتقديم الخدمات التجسسية للعدو الإسرائيلي الذي تجاوز في إجرامه كل الحدود.

وهنا يُثار تساؤلٌ مهم: ماذا لو انكشف الدور التجسسي لمنظماتٍ تابعةٍ للأمم المتحدة في بلدٍ ما في العالم؟ هل كان سيلتزم الصمت، أم سيسارع إلى اعتقال الخلايا التخريبية وإيداعها السجن، ومن ثم محاكمتها؟ أعتقد أن الجواب واضح لكل ذي عقلٍ سليم.

لقد كشف الخطاب التاريخي للسيد القائد النقاب عن حقائق مخيفة لعمل المنظمات الأممية، وتحولها إلى "مصائد موت" على غرار ما يحصل في قطاع غزّة، ما يضع الأمم المتحدة أمام امتحانٍ كبير، فما حدث يضرب مصداقيتها ويهزّ سمعتها على مستوى العالم، ويكشف حقيقة دورها المتماهي مع أمريكا والعدو الإسرائيلي، في وقتٍ كان يُفترض فيه أن تكون إلى جانب المظلومين والمعتدى عليهم من قبل قوى الاستكبار العالمي.

ومن هنا، وبعد كشف الحقائق الدامغة من قبل السيد القائد، فإن برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الطفولة "يونيسف" متورطان في جريمةٍ سياسيةٍ كبرى متمثلة في استهداف الحكومة، وامتلاك أجهزة تجسسٍ متطورة سُخّرت لصالح العدو، وتم استخدامها لاختراق الاتصالات الوطنية وتقديم خدماتٍ للعدو، في حين تقدمان نفسيهما إعلاميًا في موقف الضحية البريئة من كل هذه التهم، ما يجعل من مسألة المحاسبة أمرًا لا بدّ منه، حتى لا تتكرر جرائم أخرى.

إثر تصريحات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، والتي كشفت تورط المنظمات في النشاط التجسسي، فقد صرّح نائب وزير الخارجية والمغتربين عبدالواحد أبو راس، لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، وأكد في تصريحه اعتزام الوزارة إعادة النظر في الاتفاقيات الأساسية الموقعة مع كافة المنظمات العاملة في اليمن وتعديلها. موضحا أن إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع المنظمات العاملة في اليمن، سيسهم في ترسيخ وتثبيت أمن واستقرار وسيادة اليمن.

كما يمكن للدولة اتخاذ العديد من الخطوات الأخرى لفضح هذه الخلايا عبر وسائل الإعلام، والعمل على تفكيك الشبكات التجسسية بالكامل، ومحاكمة الخونة المتورطين في ذلك، وإنزال أشد العقوبات بهم، بما يعزز من هيبة الدولة، ويحافظ على المكاسب الكبيرة للأجهزة الأمنية التي كان لها الدور المشهود في الحفاظ على الأمن والاستقرار في اليمن خلال السنوات العشر الماضية.

وهي فرصة للإعلاميين والناشطين والحقوقيين للعمل بشكلٍ دؤوبٍ لفضح الخلايا التجسسية للمنظمات الأممية العاملة في اليمن، وتوضيح الحقيقة للشعب اليمني، كي يكون على بيّنةٍ من أمره، وألا ينجرّ وراء الحملات الإعلامية التابعة لخونة ومرتزقة اليمن التي تصوّر الحدث بسياق غير حقيقي.

ختامًا، فإن الحقيقة الدامغة التي كشف عنها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليست مجرد اتهاماتٍ عابرة، بل هي وثيقة إدانةٍ لنظامٍ دوليٍ منحرف، وهي رسالةٌ للشعب اليمني بأن يعي حجم المخاطر التي تهدده، فالعدو يعمل على كل المسارات بأدواته الصلبة والناعمة، بهدف إجبار اليمن على الخضوع والاستسلام، والعودة به إلى مربع الوصاية من جديد.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الغذاء العالمی السید القائد استهداف ا فی الیمن

إقرأ أيضاً:

46 منظمة إغاثية تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن وتدعو لتحرك دولي عاجل

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / خاص:

أطلقت 46 منظمة إغاثية دولية ومحلية تحذيراً مشتركاً من تفاقم أزمة الجوع في اليمن، التي تشهد واحدة من أسوأ الأوضاع الإنسانية في العالم، مع تزايد معاناة ملايين السكان جراء تدهور الأوضاع المعيشية وتراجع المساعدات الدولية.

وفي بيان صادر عنها تزامناً مع اليوم العالمي للغذاء، أوضحت المنظمات أن نحو نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما يواجه ما يقارب 18 مليون شخص خطر الجوع الحاد، بينهم أكثر من 41 ألفاً مهددون بالمجاعة مطلع عام 2026 إذا لم يتم التحرك العاجل.

وأشار البيان إلى أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة بلغت مستويات حرجة، حيث يعاني نحو 50% منهم من سوء تغذية مزمن، فيما تشهد أكثر من 100 مديرية في مختلف المحافظات حالة طوارئ غذائية، بينها مديرية عبس في محافظة حجة التي سُجلت فيها وفيات بين الأطفال بسبب الجوع.

كما حذّرت المنظمات من تدهور الوضع في محافظات الحديدة وتعز، متوقعة ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بنسبة تتراوح بين 15% و30% بنهاية العام الجاري، نتيجة الانخفاض الكبير في التمويل الدولي وتقليص برامج الدعم الغذائي والصحي خلال عام 2025.

وأكدت المنظمات أن استمرار الصراع، وتراجع الاقتصاد، ونقص المياه، وتأثيرات التغير المناخي، كلها عوامل تدفع البلاد نحو حافة المجاعة، داعية المجتمع الدولي إلى سرعة التدخل وزيادة تمويل خطط الأمن الغذائي ودعم سبل العيش للفئات الأشد ضعفاً.

وانتقد البيان القيود المفروضة من قبل جماعة الحوثي على عمل المنظمات الإنسانية، وخاصة على تحركات العاملات اليمنيات في المجال الإغاثي، مشيراً إلى أن تلك القيود تعرقل وصول المساعدات إلى المستحقين في المناطق المتضررة.

وطالبت المنظمات أطراف النزاع في اليمن باتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق سلام شامل ومستدام، وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية على الأسر اليمنية، مؤكدة أن معالجة الجوع لن تتحقق إلا من خلال حلول سياسية واقتصادية متكاملة تعيد الاستقرار والحياة إلى البلاد.

واختتمت المنظمات بيانها بالتحذير من أن الوقت ينفد، وأن أي تأخير في الاستجابة للأزمة قد يؤدي إلى فقدان آلاف الأرواح، داعية إلى تحرك دولي فوري قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة لا يمكن احتواؤها.

مقالات مشابهة

  • المنظمات الدولية في اليمن .. بين العمل الإنساني والدور الاستخباراتي المكشوف
  • تحت غطاء الإغاثة.. الوجه الخفي للمنظمات الإنسانية في اليمن
  • 46 منظمة إغاثية تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن وتدعو لتحرك دولي عاجل
  • جواسيس في الإعلام وشركاء بالمشاريع.. الحوثي في مهمة مزدوجة مع المنظمات الأممية
  • اليمن تعتزم اعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع المنظمات
  • قائد الثورة يكشف عن الدور التجسسي العدواني للخلايا المنتسبة للمنظمات الإنسانية
  • السيد القائد: تم تزويد خلايا المنظمات بأجهزة ووسائل للرصد والاستهداف، وأجهزة تقنية لاختراق الاتصالات وإمكانات تجسسية تستخدم عادة لدى أجهزة الاستخبارات العالمية، ولدينا الأدلة على كل ذلك
  • عشرات المنظمات: اليمن يعيش ثالث أكبر أزمة غذاء بالعالم
  • السيد القائد يحدد المتهم الرئيس باستهداف رئيس الحكومة ورفاقة