أسواق المال العالمية تنهي أسبوعاً متقلباً وسط ترقب لخفض الفائدة الأميركية
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
أحمد عاطف (القاهرة)
أنهت الأسواق المالية العالمية أسبوعاً متقلباً، وسط تباين في أداء الأسهم بين مكاسب محدودة في وول ستريت وخسائر في أوروبا وآسيا، في وقت يترقب فيه المستثمرون إشارات أكثر وضوحاً من البنوك المركزية بشأن مسار خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.
وعزّزت نتائج شركات التكنولوجيا الأميركية وتوقعات التوسع في استثمارات الذكاء الاصطناعي حالة التفاؤل في الأسواق الأميركية، بينما ضغطت المخاوف الائتمانية على البنوك الأوروبية والآسيوية، مما أعاد أجواء الحذر إلى الساحة المالية العالمية.
وول ستريت
سجّلت مؤشرات الأسهم الأميركية ارتفاعات متواضعة مع نهاية الأسبوع، بعد جلسات شديدة التذبذب تأثرت بإعلانات أرباح متباينة للبنوك.
وأغلق مؤشر S&P 500 مرتفعاً بنسبة 0.53% في آخر جلسات الأسبوع، بينما صعد مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 0.52%، وأنهى ناسداك الأسبوع على ارتفاع 0.7% بدعم من أسهم التكنولوجيا الكبرى.
أما مؤشر راسل 2000، الذي يقيس أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة، فقد تراجع بنسبة 0.6% في آخر جلسات الأسبوع، مما يعكس استمرار الضغوط على القطاعات الأكثر حساسية لأسعار الفائدة.
وجاءت هذه التحركات على وقع اضطرابات متجددة في القطاع المصرفي الأميركي، بعدما كشفت بنوك إقليمية عن تسجيل خسائر بملايين الدولارات نتيجة تعثر عدد من القروض.
أسواق أوروبا
شهدت الأسواق الأوروبية أسبوعاً ضعيفاً نسبياً، إذ تراجعت الأسهم بشكل واسع يوم الجمعة الماضية لتبدد المكاسب التي تحققت في الأيام السابقة.
وانخفض مؤشر ستوك 600 الأوروبي بنحو 0.95% في نهاية الأسبوع، بينما فقد مؤشر فوتسي 100 البريطاني حوالي 0.86%، وتراجع دكس الألماني 1.8%.
ويرى محللون أن المخاوف الخاصة بانتقال العدوى الائتمانية من البنوك الأميركية إلى نظيراتها الأوروبية دفعت المستثمرين إلى تقليص تعرضهم للقطاع المصرفي، وسط تحذيرات من صندوق النقد الدولي بشأن احتمال تصحيح غير منظم في الأسواق العالمية إذا تدهورت جودة الأصول المالية.
الأسواق الآسيوية
انعكست المخاوف الائتمانية بسرعة على مؤشرات الأسهم في آسيا، إذ أغلق مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ متراجعاً بنحو 2.3%، فيما انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنحو 1.9%، ونيكاي الياباني خسر نحو 1.4% متأثراً بعمليات بيع واسعة في أسهم البنوك وشركات التصدير.
كما تزايد الضغط بفعل التوترات التجارية بين واشنطن وبكين بعد أنباء عن فرض تعريفات جديدة على بعض المنتجات الإلكترونية، مما زاد من المخاوف بشأن تباطؤ التجارة الآسيوية.
الذكاء الاصطناعي
استحوذ قطاع التكنولوجيا على النصيب الأكبر من الزخم الإيجابي، خاصة بعد إعلان Broadcom عن شراكة جديدة مع OpenAI، وتعزيز أوراكل استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بشراكة كبرى مع AMD.
كما قدّمت Salesforce وOracle توقعات نمو طويلة الأجل متفائلة، مما دعم التفاؤل بمزيد من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي المقابل، تعرضت أسهم الطاقة لضغوط واضحة مع تراجع أسعار النفط، بينما شهدت أسهم الشركات الدفاعية والسيارات بعض الارتدادات المحدودة.
خفض الفائدة
يترقب المستثمرون قرارات وبيانات خلال الأسبوع الحالي، حيث ارتفعت التوقعات بشأن احتمال قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، وذلك بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، الذي أوضح أن الاقتصاد لا يزال يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة.
كما أكد محافظ البنك المركزي، كريستوفر والر، أنه يدعم خفضاً بنحو 25 نقطة أساس في اجتماع لجنة السوق المفتوحة المقبل، بسبب ضعف سوق التوظيف.
ورغم استمرار تأثير الإغلاق الحكومي في أميركا على إصدار البيانات الاقتصادية، فإنه من المنتظر صدور بعض البيانات عن إدارة معلومات الطاقة ومؤشر أسعار المستهلك في أميركا.
وتتابع الأسواق المالية التصعيد التجاري بين أميركا والصين، بعد الإعلان عن زيادة إضافية بنسبة 100% في الرسوم الجمركية على الصين اعتباراً من نوفمبر المقبل، بعدما صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن معدلات الرسوم الجمركية المرتفعة غير مستدامة، مما أعطى بعض الآمال، إما في إمكانية خفض التصعيد، أو ربما تمديد فترة تعليق الرسوم الجمركية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
إقرأ أيضاً:
هل يصمد تعافي أسواق غزة بعد وقف إطلاق النار؟
غزة – بعد سنتين من حرب إسرائيل على قطاع غزة تشهد أسواق القطاع تحولًا اقتصاديًا ملموسًا مع إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، تجلّى في انخفاض الأسعار التي كانت قد ارتفعت بنسب فاق بعضها 8 آلاف بالمئة.
على سبيل المثال، تراجع سعر كيلو السكر بصورة حادة خلال الأيام الأخيرة، من 500 شيكل إلى 5 شواكل، كما انخفض سعر كيس الطحين من 600 شيكل إلى 45 شيكلًا، وتراجع سعر كيلو الأرز من 100 شيكل إلى 17 شيكلًا، والعدس من 80 شيكلًا إلى 9 شواكل، في حين هبط سعر الشامبو إلى 8 شواكل بعد أن وصل إلى 70 شيكلًا. (الدولار يعادل 3.3 شواكل).
يرتبط التحسّن في الأسعار مباشرة بالتوقعات حول تدفق البضائع بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وزيادة عدد الشاحنات التي يُنتظر إدخالها يوميًا إلى نحو 400 شاحنة كبداية، ترتفع تدريجيًا.
ورغم أن هذا الرقم لا يغطي كامل احتياجات الغزيين، فإنه يُعد قفزة ضخمة مقارنةً بفترة الحرب التي لم يتجاوز فيها عدد الشاحنات 70 شاحنة في أفضل الحالات.
وأحدث هذا التدفق المتوقع حالة من "البيع السريع" لدى التجار لتصريف المخزون قبل أي هبوط إضافي في الأسعار، وهو ما يفسر نشاط الأسواق رغم استمرار ضعف السيولة العامة.
ورغم الانفراج النسبي، فإنه من غير المتوقع أن يستمر التحسن ما لم يتم الحفاظ على وتيرة دخول الشاحنات بشكل دائم، فما زالت الأسواق تعاني من تشوهات عميقة، بما يشمل اختلال توازن بين العرض والطلب، وتباين بين مناطق الشمال والجنوب، وضعف القدرة الشرائية حتى مع انخفاض الأسعار.
تحسّن القدرة الشرائيةيؤكد الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر أن الأسواق في غزة أصابها خلل اقتصادي خلال عامي الحرب، وأصبحت لا تسير بالديناميكية الطبيعية، وذلك بسبب عوامل متعددة مثل الخوف، والإغلاق، وندرة البضائع، والاحتكار من قبل بعض التجار.
وقال في حديث مع الجزيرة نت إن الأسواق في غزة كانت تتأثر بالخبر لا بالحدث، وبالتالي فإن التحسّن الحالي في الأسعار مرتبط بعدة أسباب، على رأسها وقف الحرب، مما يسمح بعودة دورة الحياة إلى طبيعتها عبر تدفق البضائع وانخفاض الأسعار.
إعلانوأضاف: "لو أجرينا مقارنة بسيطة للأسعار أثناء الحرب وبعدها، سنلاحظ تراجعا دراماتيكيًا كبيرًا في كثير من السلع الأساسية التي كانت قد وصلت إلى أسعار خيالية، إلا أنها رغم ذلك ما تزال أعلى من أسعارها الطبيعية بنسبة تتراوح بين 30% و50%، لأن الأوضاع لم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار الدائم".
وأشار إلى أهمية هذا الانخفاض لا سيما فيما يتعلق بالقدرة الشرائية للغزيين، التي تحسّنت من الانعدام الكامل إلى مستوى التكيّف النسبي، رغم استمرار ارتفاع نسب الفقر والبطالة، مما أسهم في تراجع حالات المجاعة، كما شهدت الأسواق تحولا ملحوظا من البيع النقدي إلى البيع الإلكتروني عبر التطبيقات البنكية، مما ساعد في التغلب على مشكلة نقص السيولة.
وخلال جولة في عدد من الأسواق، لاحظ مراسل الجزيرة نت حركةً لافتة للمواطنين الذين بدأوا يتوافدون لشراء احتياجاتهم بعد فترة طويلة من الانقطاع، وعادت البضائع لتملأ الرفوف بعد أن كانت نادرة أو مفقودة خلال الحرب.
وشهدت الأسواق طرح أنواع جديدة من السلع والمستلزمات التي لم تكن متاحة سابقًا، مع انخفاض كبير في الأسعار مقارنةً بفترة الحرب.
العديد من المواطنين الذين التقتهم الجزيرة نت بدت على وجوههم علامات التفاؤل، مؤكدين أن تحسّن حركة البيع ووفرة البضائع مؤشرٌ على بداية تعافي السوق المحلي، وأعربوا عن ارتياحهم لعودة الأسواق إلى نبضها المعتاد، آملين أن تستمر الانفراجة الاقتصادية وأن تُفتح المعابر بشكلٍ دائم لتسهيل دخول المواد الأساسية والبضائع.
وقال المواطن معتز رباح للجزيرة نت: "المشهد اليوم يبعث على الأمل والتفاؤل. الأسعار انخفضت بشكل كبير بعد توفر البضائع، خاصة المواد الغذائية والمنظفات".
وأضاف: "منذ شهور طويلة لم نرَ هذا التنوع في السلع، الناس اليوم يشترون بثقة أكبر، وهناك إحساس بأن الحياة بدأت تعود تدريجيًا رغم الأوضاع الصعبة التي عشناها خلال الحرب".
أما المواطن محمود صالح فكان له رأي مختلف، إذ أشار إلى أن تحسّن الأسواق ما زال نسبيًا ولا يعكس بالضرورة تعافيًا حقيقيًا.
وقال للجزيرة نت: "صحيح أن بعض الأسعار انخفضت، لكن القدرة الشرائية للناس ضعفت كثيرًا، فمعظم العائلات فقدت مصدر دخلها خلال الحرب، وما زالت الأولويات تتركز على الضروريات فقط".
وأضاف: "وجود البضائع في السوق لا يعني بالضرورة تحسّن الوضع المعيشي، فالكثير من الأسر تشتري بالكاد ما تحتاجه بسبب ضيق الحال وغياب فرص العمل".
خسائر كبيرةمن جهته، اعتبر مالك مول أبو دلال التجاري فضل أبو دلال أن استمرار فتح المعابر وتسهيل دخول البضائع سيسهم في استقرار الأسعار وتنشيط الحركة التجارية، مؤكدًا أن الغزيين يتطلعون إلى مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنواتٍ من الحصار والحروب.
وأوضح في حديث مع الجزيرة نت أن انخفاض الأسعار في الأسواق خلال الفترة الأخيرة يعود إلى زيادة كميات السلع الواردة عبر المعابر وتحسّن وتيرة التدفق، مما أدى إلى وفرة في المعروض وتراجع تكاليف النقل والتخزين، وهو ما انعكس إيجابًا على المستهلكين.
إعلانوبيّن أن مركزه التجاري تعرض للقصف وتدمّرت أجزاء كبيرة منه واحترقت كثير من البضائع، فضلًا عن فترة الإغلاق الطويلة خلال سنتَي الحرب، مما سبّب له خسائر كبيرة.
في المقابل، اشتكى عدد من التجار من الخسائر التي لحقت بهم بعد انخفاض الأسعار بشكل كبير عقب وقف إطلاق النار، وكانوا اشتروا بضائعهم خلال فترة العدوان بأسعار مرتفعة بسبب الندرة وصعوبة إدخالها عبر المعابر وخزنوا كميات كبيرة منها واضطروا لبيعها بالسعر الحالي.
بدوره، شدّد شلبي اللحّام، المساهم في مول ومذبح لحوم، على أهمية ضمان استمرارية تدفق السلع الأساسية وتسهيل عمليات التوريد، حتى تستمر الأسعار في الانخفاض.
وقال لـ(الجزيرة نت): "قطاع اللحوم والمواد الغذائية يعتمد بشكل أساسي على انتظام الإمدادات، وأي تأخير في دخولها يؤدي إلى نقصٍ في المعروض وارتفاعٍ في الأسعار، الأمر الذي يُرهق المستهلكين ويؤثر سلبًا على النشاط التجاري".
طمأنينةولّد انخفاضُ الأسعار إحساسًا فوريًا بالارتياح النفسي والطمأنينة، حتى بدأ المواطنون يشعرون بأن الظروف بدأت تتغير لصالحهم.
وفي هذا السياق، ألمحت عايدة صالح، أستاذةُ الصحة النفسية في جامعة الأقصى، إلى أن توفّر البضائع والاحتياجات الأساسية بأسعارها الطبيعية يُولّد شعورًا بالقوة والاستقلالية، إذ يتمكّن المواطنون من التخطيط والاختيار والشراء بحرية أكبر، مما يعيد إليهم الإحساس بالكرامة والسيطرة الذاتية، وهو عنصر أساسي في تحقيق التوازن النفسي.
وقالت لـ(الجزيرة نت): "يُعدّ هذا التحوّل مهمًا جدًا، لأنه يخفّف من حالة القلق المستمرة التي صاحبت فترات الحرب والحصار، ويُعدّل المزاج العام ويزيد من التفاؤل".