الأسواق تبحث عن ملاذ آمن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
في مشهد يعكس اضطراب النظام التجاري العالمي وتزايد مخاوف الركود التضخمي، ارتفع الذهب إلى 4213 دولارا للأونصة محققا قفزة تفوق 60% منذ مطلع العام، مدعوما بتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.
ورغم التراجع الطفيف يوم الجمعة، لا تزال الفضة أيضا عند مستويات تاريخية، بعدما لامست 54.
وتقول بلومبيرغ إن موجة الصعود هذه تعكس "اندفاعا قويا نحو الملاذات الآمنة" في ظل الحرب التجارية المتجددة بين القوتين الاقتصاديتين الكبريَيْن في العالم.
وتشير البيانات إلى أن عمليات شراء البنوك المركزية إلى جانب تدفقات قوية في الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، أسهمت في تعزيز الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
توقعات نمو قاتمة رغم تحسّن مؤقتفي المقابل، كشف صندوق النقد الدولي عن رفع توقعاته للنمو العالمي خلال 2025 بفضل عوامل "مؤقتة"، أبرزها تسارع الاستهلاك وتخزين السلع قبل فرض الرسوم الجديدة.
بيد أن التقرير نفسه حذّر من "آفاق قاتمة" للاقتصادين العالمي والأميركي على المدى القريب والبعيد، مشيرا إلى أن التحسن الراهن "ليس إلا انفراجة قصيرة الأمد في ظل ضعف أساسيات الطلب والاستثمار".
وتوضح بلومبيرغ أن التجارة العالمية دخلت مرحلة تباطؤ لا ركود، إذ تتشكل ملامح جديدة للتجارة الدولية مع إعادة رسم التحالفات التجارية.
وتشير بيانات شركة "كلاركسونز" البريطانية إلى انكماش يقارب 3% في حركة الشحن عبر المحيط الهادي -وهو الشريان الرئيسي لتجارة أميركا والصين- مقابل نمو محدود في المسارات التجارية الأخرى.
اقتصادات آسيا بين التباطؤ والتكيفوفي الصين، أظهرت الأرقام تراجعا واضحا في نمو الائتمان خلال سبتمبر/أيلول، نتيجة ضعف الطلب على القروض وتباطؤ مبيعات السندات الحكومية. وتضيف بلومبيرغ أن "المناخ الاقتصادي في الصين بات أكثر حذرا، مع انخفاض شهية المخاطرة لدى الأسر والشركات".
إعلانأما في الهند، فقد سجلت معدلات التضخم 1.54%، وهو أدنى مستوى منذ 8 سنوات، ما يفتح الباب أمام خفض أسعار الفائدة قريبا، في ظل تباطؤ النمو بسبب الرسوم الأميركية المفروضة على الصادرات الهندية.
الولايات المتحدة.. تضخم متجدد وضبابية ماليةوفي واشنطن، رصدت بلومبيرغ ارتفاعا جديدا في مؤشرات الأسعار خلال سبتمبر/أيلول، إذ سجّلت بيانات "أوبن براند" أقوى نمو شهري في الأسعار منذ يونيو/حزيران، خصوصا في سلع العناية الشخصية والأجهزة المنزلية.
وتشير الوكالة إلى أن التضخم بلغ "أعلى مستوياته في عامين"، فيما حذّر محللون من أن الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية قد يؤثر سلبا على دقة جمع بيانات الأسعار، التي تعتمد بنسبة 60% على الزيارات الميدانية المباشرة.
أما التوقعات النقدية، فتشير إلى أن الاحتياطي الفدرالي الأميركي يستعد لخفض الفائدة مجددا في أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، غير أن مسؤولي البنك المركزي "غير مقتنعين بأن وتيرة التيسير ستستمر طويلا" بسبب احتمالات عودة التضخم مجددا، وفقا للمصدر.
أوروبا والاعتماد على الثروة السياديةوفي أوروبا، تواجه وزيرة المالية البريطانية رايتشل ريفز معضلة مالية ضاغطة، إذ أكدت أمام مجلس الوزراء أن "ارتفاع تكاليف الاقتراض سيحدّ من قدرة الحكومة على دعم الخدمات العامة"، في وقت تخطط فيه النرويج لاستخدام حصة أكبر من صندوقها السيادي البالغ قيمته تريليوني دولار لتمويل الموازنة المقبلة.
الذهب عاد ليؤكد مكانته كأداة دفاعية في مواجهة مزيج معقّد من التضخم والتقلب الجيوسياسي
الأسواق الناشئة تبحث عن بدائلأما في الأسواق الناشئة، فترى بلومبيرغ أن البرازيل والهند تتحركان لبناء شراكة تجارية جديدة بقيمة 12.1 مليار دولار لتقليل الاعتماد على الأسواق الأميركية، بعد أن تأثرت صادراتهما بشكل حاد بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية.
وفي خلاصة تحليلها، تعتبر بلومبيرغ أن الذهب عاد ليؤكد مكانته كأداة دفاعية في مواجهة مزيج معقد من التضخم والتقلب الجيوسياسي.
فبينما "تتقلص خيارات السياسات النقدية" في الغرب، و"تتراجع ثقة الأسواق بالاستقرار التجاري"، يبقى المعدن الأصفر -كما تصفه الوكالة- "اللغة المالية الوحيدة التي لا تزال تُفهم في عالم يعيد صياغة نفسه تحت ضغط الرسوم الجمركية والتنافس الإستراتيجي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات بلومبیرغ أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
وسط تصاعد الحرب التجارية.. الصين تدعو إلى حوار متكافئ مع الولايات المتحدة
دعت الصين الولايات المتحدة إلى تجنب التصعيد التجاري والدخول في حوار متكافئ لحل الخلافات الاقتصادية بين البلدين. وقد يتيح اجتماع محتمل بين الرئيسين ترامب وشي جينبينغ فرصة لتخفيف حدة الخلاف التجاري. اعلان
دعت الصين الولايات المتحدة إلى تجنب التصعيد التجاري والدخول في حوار متكافئ لمعالجة الخلافات الاقتصادية بين القوتين، وذلك في وقت تتزايد فيه التوترات بعد أن فرضت بكين قيودًا واسعة على صادرات المعادن النادرة، ردًا على السياسة الأميركية التجارية الأخيرة.
وجاءت هذه الدعوات بالتزامن مع زيارة رئيس شركة آبل، تيم كوك، إلى الصين، وهو السوق الرئيس لشركة التكنولوجيا الأميركية وأحد مراكز تصنيع منتجاتها الأساسية.
Related بعد تهديده بكين بفرض رسوم جمركية "هائلة".. ترامب يخفف لهجته: نريد مساعدة الصين لا إلحاق الأذى بهاهولندا تلجأ إلى قانون الطوارئ النادر لتولي مسؤولية شركة صناعة الرقائق الصينيةترامب يصعّد ضد بكين ويهدد برسوم جمركية "هائلة": لا أرى سببًا للقاء الرئيس الصينيوخلال زيارته، التقى كوك وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو، حيث شدد الأخير على ضرورة "البحث عن حلول للمشاكل عبر الحوار والتشاور على أساس المساواة"، مؤكدًا ترحيب الصين بـ"زيادة استثمارات آبل" في البلاد.
وتزامن ذلك مع تصريحات لكوك، أكّد فيها أن العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة "ذات أهمية كبيرة" على الصعيد العالمي، مؤكدًا دور الشركات متعددة الجنسيات في دعم هذه العلاقات.
كما التقى كوك نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ، كبير المفاوضين التجاريين، الذي شدّد على استعداد الصين لتعميق التعاون المتبادل المنفعة مع دول العالم، في رسالة واضحة للرغبة الصينية في تجنب التصعيد وفتح قنوات للتفاهم التجاري.
وفي سياق مماثل، زار رئيس مجموعة "بلاكستون" ستيفن أ. شوارتزمان بكين والتقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي وصف العلاقات الصينية الأميركية بأنها "أهم علاقة ثنائية في العالم اليوم"، محذرًا من أن فك الارتباط أو قطع العلاقات "ليس خيارًا واقعياً أو عقلانيًا"، وأن المواجهة لن تؤدي إلا إلى الإضرار بالطرفين.
وشدد شوارتزمان على أهمية إزالة سوء الفهم القائم بين الجانبين لضمان استقرار العلاقات الاقتصادية.
وتتأهب الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على بعض المنتجات الصينية اعتبارًا من الأول من نوفمبر، إلا أن اجتماعًا محتملًا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ قد يتيح فرصة للتهدئة والتراجع عن حافة المواجهة التجارية.
ووفقًا لتصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، فإن الرئيس دونالد ترامب لا يسعى لتصعيد الأوضاع مع الصين، مشيرًا إلى أن هناك اتصالات يومية بين المسؤولين الأميركيين والصينيين لترتيب القمة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة