اقتصاد العدو يترنح جراء الضربات اليمنية..العزلة الدولية لسلطات الاحتلال تتفاقم بالحظر اليمني الفعّال
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
يأتي الحديث عن تداعيات عملية «طوفان الأقصى»، التي مرت ذكراها الثانية قبل أيام، ليؤكد على أن الفعل الجهادي قد مثّل نقطة تحول كبرى أحدثت اختلالات عميقة في بنية الكيان الإسرائيلي، خاصة على الصعيد الاقتصادي. وأصبح الكيان الغاصب يعيش عزلة دولية كواقع ملموس، لا تقتصر على الإدانات السياسية فحسب، بل تتجسد في تحولات غير مسبوقة على الساحات الاقتصادية والدبلوماسية والأكاديمية، لتتكامل مع استراتيجية مقاومة جديدة فُرضت من البحر الأحمر، إضافة إلى الحظر الجوي الذي فرض من قبل اليمن وأحدث هزة اقتصادية غير مسبوقة، وتكبد العدو خسائر اقتصادية كبيرة، بحسب تقارير وخبراء اقتصاد.
الثورة / يحيى الربيعي
تعميق العزلة الاقتصادية
يصف الخبير والمحلل الاقتصادي اليمني سليم الجعدبي، في تصريح خاص لـ«الثورة»، اقتصاد الاحتلال بـ»الهش وسهل الاستهداف»، كاشفاً عن خسائر مالية تجاوزت الـ 250 مليار شيكل خلال عامين، وتراجع حاد في قطاعات حيوية، مدعومة بحصار فاعل من قبل قوات صنعاء على الملاحة البحرية.
وأكد الخبير الجعدبي أن قوة استراتيجية المقاومة تتجسد في البحر الأحمر، حيث نجحت عمليات صنعاء في فرض حظر بحري فعال على ملاحة سلطات الاحتلال والسفن المرتبطة بها. وفي ظل اعتماد سلطات الاحتلال على الشحن البحري بنسبة 99 % من حركة وارداتها التي كانت تُقدر بنحو 107 مليارات دولار سنوياً، وأصبح اقتصاد الكيان الصهيوني -وفق الجعدبي- في حالة استنزاف تدريجي، ومع عمليات فصائل المقاومة وحصار سلطات صنعاء البحري والجوي، انخفضت واردات الكيان الإسرائيلي من 107 مليارات دولار إلى حوالي 90 مليار دولار.
ولقياس الأهمية الاستراتيجية والحجم المتصاعد للعمليات اليمنية، سواء البحرية أو في العمق الإسرائيلي، تؤكد القيادة اليمنية في صنعاء أن القرار السيادي بفرض الحصار البحري، هو ترجمة عملية لموقف الإسناد للشعب الفلسطيني، وقد أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ارتفاع عدد السفن المستهدفة في إطار عمليات الإسناد لغزة إلى مائتين وثمانٍ وعشرين سفينة، وهذا الحظر حقق «نتيجة مهمة جداً» في تعطيل ميناء أم الرشراش (إيلات)، الذي يوصف بـ»الرئة التنفسية للكيان» خاصة في مجال النفط، والذي شهد إغلاقاً كاملاً وتسريح آلاف الموظفين، مما أحبط مخطط الكيان لفتح قناة «بن غوريون» كبديل لقناة السويس.
وحسب الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي، فقد أدى انقطاع سلاسل الإمداد البحري إلى «ارتفاع أسعار المواد والأسعار الغذائية وأسعار المواد الأساسية وارتفعت مستويات التضخم إلى حد غير مسبوق، مما أدى إلى «حنق وتذمر كثير من المستوطنين»، وهو ما يُظهر الأثر الفعلي للحصار على الجبهة الداخلية لسلطات الاحتلال.
ولعل من أبرز تداعيات الحظر اليمني على سلطات الاحتلال حسبة الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي هو فشل الحماية الدولية، إذ لم تُفلح القوى الغربية في حماية السفن المرتبطة بسلطات الاحتلال رغم التحشيد العسكري الهائل. وقد أدت سياسة الحظر إلى شلل اقتصادي، لاسيما بعد توقف حركة ميناء «إيلات» كلياً، وانسحاب شركات الشحن الكبرى من البحر الأحمر، وارتفاع كلفة التأمين البحري. بل واعترفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» ووسائل إعلامية عبرية بأن جيش الاحتلال أنشأ وحدتين استخباريتين جديدتين لمتابعة «الخطر اليمني المتزايد».
خلاصة القول إنه ونتيجة لهذا الحصار المزدوج، الذي يُقدر فيه الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي أن الخسائر الحقيقية قد تتعدى التريليون ومائة مليار دولار، تشهد أوساط سلطات الاحتلال انقساماً حاداً، وقد أفضت حالة الإحباط الأمني والاقتصادي إلى تزايد الدعوات داخل سلطات الاحتلال لإجراء انتخابات مبكرة، في ظل نزوح داخلي قسري لعشرات الآلاف من المستوطنين من المناطق الحدودية شمالاً وجنوباً، وتآكل الثقة بالمؤسسة العسكرية وتراجع معنويات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
بالنتيجة النهائية، تدخل سلطات الاحتلال العام الثالث من حرب العدوان على غزة وهي تواجه تحولاً جذرياً في مكانتها الدولية وتصدعاً داخلياً في شرعيتها السياسية، ما يجعلها عالقة بين واقع الحصار الدولي المتزايد وتحديات داخلية تهدد تماسكها، لاسيما وأن صمودها يعتمد على «حبل من الله وحبل من الناس»، وهذا الأخير يتمثل في الواردات والبضائع.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: سلطات الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الاحتلال بعد عامين من العدوان.. سقوط الكيان المنبوذ وولادة وعي عالمي جديد
بعد عامين على العدوان الإسرائيلي على غزة، تتضح ملامح مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بل وفي الوعي العالمي تجاه ما يسمى "الكيان الإسرائيلي". لم يعد الاحتلال يملك ما يسوّقه من أكاذيب حول "حقه في الدفاع عن نفسه"، ولا ما يبرر جرائمه الممنهجة ضد المدنيين. فالعالم الذي كان يصمت لعقود بدأ اليوم ينطق بالحقيقة، ويتعامل مع إسرائيل كدولة مارقة خارجة عن القانون الدولي.
عزلة دولية غير مسبوقة
الكيان اليوم يقف في مواجهة عزلة دولية خانقة. فقد باتت إسرائيل ملاحقة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، بينما يواجه عدد من قادتها ملفات في محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب.
العقوبات والمقاطعات الشعبية والرسمية تتوسع يوماً بعد يوم، من المقاطعة الأكاديمية والرياضية والثقافية إلى المقاطعة الاقتصادية الواسعة التي تضرب قطاعات إسرائيلية حساسة.
الكيان اليوم يقف في مواجهة عزلة دولية خانقة. فقد باتت إسرائيل ملاحقة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية في غزة، بينما يواجه عدد من قادتها ملفات في محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب. ولعل أهم ما تحقق على الصعيد الدولي هو الاعتراف المتزايد بدولة فلسطين من قبل معظم دول العالم، وهو اعتراف لم يعد رمزياً بل أصبح جزءاً من تحول سياسي وأخلاقي عالمي في فهم طبيعة الصراع: من نزاع بين "طرفين"، إلى قضية احتلال واستعمار وتمييز عنصري.
منذ عامين فقط، كانت وسائل الإعلام الغربية تتعامل مع الرواية الإسرائيلية كحقيقة مطلقة. أما اليوم، فباتت السردية الفلسطينية تتصدر الإعلام العالمي، وتفرض مصطلحاتها على الخطاب الدولي: "الاحتلال"، "الإبادة"، "الاستعمار الاستيطاني".
جيل جديد من الصحفيين والناشطين والأكاديميين الغربيين أصبحوا أكثر وعياً، وأكثر جرأة في فضح التضليل الإسرائيلي، ما جعل صورة إسرائيل تهوي أخلاقياً حتى في المجتمعات التي كانت تعتبرها حليفاً ثابتاً.
تآكل الداخل الإسرائيلي
أما في الداخل، فالمشهد أكثر قتامة. المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة انقسام حاد غير مسبوقة، ليس فقط بين اليمين واليسار، بل بين التيارات الدينية والعلمانية، وبين اليهود الشرقيين والغربيين.
الجيش الذي كان يُقدَّم كـ"الجيش الذي لا يُقهر" يعاني من أزمة ثقة وانهيار في منظومة الردع، بعد إخفاقاته العسكرية، وتراجع قدرته على تحقيق أي نصر ميداني حقيقي.
لقد خسر الاحتلال جزءاً كبيراً من شرعيته السياسية والدبلوماسية، حتى بين أنصاره التقليديين، وأصبح يُنظر إليه كـ"نظام أبارتهايد استعماري" لا يختلف كثيراً عن نظام جنوب أفريقيا قبل سقوطه بل اشد اجراما و عنصرية.. الاقتصاد الإسرائيلي بدوره دخل في دوامة انهيار: الشركات الكبرى تنسحب، الاستثمارات الأجنبية تتراجع، ومئات الآلاف من المستوطنين يغادرون الأراضي المحتلة بحثاً عن الأمان والاستقرار المفقودين.
حتى القطاع السياحي انهار بالكامل، بعدما أوقفت عشرات شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بن غوريون، خشية من المخاطر الأمنية.
مستقبل بلا تطبيع
في ظل هذا الانهيار، لم يعد الحديث عن "التطبيع" مجدياً. فالدول التي هرولت نحو إسرائيل باتت اليوم تراجع مواقفها تحت ضغط شعوبها، وتدرك أن العلاقة مع كيان متهم بالإبادة لم تعد مكسباً سياسياً، بل عبئاً أخلاقياً.
لقد انتهى مفهوم التطبيع بالمعنى التقليدي، الذي كان يهدف إلى أن تصبح إسرائيل دولة طبيعية في المحيط العربي والإسلامي، من خلال تكامل ثقافي وتجاري وسياحي، وغيرها من العلاقات التي يعكسها التفاهم والتواصل بين الشعوب. ومع ذلك، فإن التطبيع الذي جرى حتى الآن، أصبح أقرب إلى اتفاقات أمنية بين الدول. ويظل الشعب الفلسطيني، خاصة سكان قطاع غزة، يواجهون جرائم وانتهاكات مستمرة من قبل الاحتلال، مما يجعل من المستحيل رؤية هذا الكيان كجزء طبيعي من المنطقة. فالشعوب في المنطقة، بعد كل هذا الظلم والعدوان، لا يمكنها أن تتقبل وجود كيان يمارس القتل والتنكيل بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
لقد خسر الاحتلال جزءاً كبيراً من شرعيته السياسية والدبلوماسية، حتى بين أنصاره التقليديين، وأصبح يُنظر إليه كـ"نظام أبارتهايد استعماري" لا يختلف كثيراً عن نظام جنوب أفريقيا قبل سقوطه بل اشد اجراما و عنصرية..
ما حدث خلال العامين الماضيين ليس مجرد تحول ظرفي، بل تحول تاريخي في الوعي العالمي. القضية الفلسطينية استعادت جوهرها: قضية شعب يُحتل ويُطرد ويُقتل لأنه يطالب بحريته.
لقد سقطت كل الأقنعة، ولم يعد ممكناً العودة إلى خطاب "السلام الزائف" أو "حلول التسوية السابقة". فالعالم بات يرى الحقيقة كما هي: الاحتلال هو أصل المأساة و الجريمة، والطريق الوحيد للسلام العادل هو زوال الاحتلال وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الثابتة في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا ..