ليست مجرد مشاعر عابرة.. أمين الفتوى يوضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
محبة أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليست مجرد شعور عابر أو تقليد اجتماعي، بل هي من أعمق وأصدق تعابير الإيمان التي جُعلت جزءًا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية.
في زمن تتداخل فيه المفاهيم وتختلف التفسيرات، يأتي دور علماء الدين في توضيح أن محبة أهل البيت هي من أوامر الله ورسوله، وأنها تعكس الصدق في الإيمان والالتزام بالمنهج النبوي القويم.
قال الشيخ محمود الطحان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الله سبحانه وتعالى وصف أهل بيت النبي بأنهم "أطهر وأنقى خلق بعده"، مستشهدًا بالآية الكريمة: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا». وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأمة بالمودة في القربى، وهو ما يعني محبة أهل البيت والتعلق بهم.
المحبة الحقيقية تظهر في الأفعال لا الأقوال فقطأوضح الشيخ الطحان خلال حلقة برنامج "مع الناس" أن المودة في قوله تعالى «إلا المودة في القربى» تعني الحب العملي الصادق، وهو أن يُظهر المسلم حبه لأهل البيت بالإحسان إليهم وتعظيم قدرهم، وليس مجرد قول لفظي بلا عمل. فالحب الحقيقي يتطلب التقدير والاحترام والتمسك بسيرتهم وأخلاقهم.
النبي وأهل بيته.. مثال للمودة والرحمةذكر الشيخ محمود الطحان أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في حق أهل بيته، مثل قوله عن فاطمة رضي الله عنها: «فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما يؤذيها ويريبني ما يريبها»، وقوله عن الحسن والحسين: «اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما». وأكد أن محبة أهل البيت هي عبادة تقرب العبد إلى الله وتعزز الإيمان.
نبه أمين الفتوى إلى أن محبة أهل البيت ليست حكرًا على فريق بعينه ولا تعني الانتماء إلى مذاهب بعينها مثل التشيع، بل هي منهج أصيل في أهل السنة والجماعة، حيث كان السلف الصالح يجلّون أهل البيت ويحترمونهم دون غلو أو إفراط.
الاحتفال بذكرى أهل البيت تعبير عن محبة النبي وتعظيمهمأكد الشيخ محمود الطحان أن الاحتفال بذكرى مولد سيدنا الحسين رضي الله عنه وغيره من أهل البيت هو تعبير مشروع عن المحبة والمودة التي أمر بها الإسلام، مشيرًا إلى أن هذا الاحتفال هو من تمام الاتباع ولا يعد من الابتداع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العقيدة الإسلامية دار الإفتاء المصرية
إقرأ أيضاً:
فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (6)
ويستمر الحديث مع فضيلته لأسأله: هل روح الإسلام مع بيعة الحاكم إلى ما شاء الله ما دام حياً، وما دام صالحًا للحكم.. أم أن روح الإسلام مع تحديد مدة حكمه فترة أو فترتين كما يحدث فى الديمقراطية المعاصرة؟ فيقول:
(مسألة ترك الحاكم ليبقى فى الحكم طول حياته أو لفترة أربع سنوات وست سنوات مسألة تخضع لمبدأ المصلحة المرسلة، وليس للإسلام فيها نص معين. فإذا وجدت الأمة أنها شقيت بنظام من الأنظمة فمن حقها أن تستبدل به غيره. هناك عدة صور للديمقراطية فى العالم الآن. ففى إنجلترا ملكية دستورية، وفى الولايات المتحدة الأمريكية نظام رئاسى، وفى إيطاليا نظام آخر. فهذه أمور تتصل بالشكل الديمقراطى ولكل أمة أن تفصل من النسيج ما يصلح لها. المهم ألا تتعرى منه).
– وسط هذا تظهر نغمة تدعو إلى إلغاء المؤسسات الدستورية بذريعة حاجة مجتمعاتنا إلى فترة انتقال تتعرف خلالها على قوانين تلتزم بها لأن الديمقراطية فى مجتمعاتنا قد أثبتت فشلًا ذريعًا لانعدام وعى الكثيرين بها؟
-- (هذا كلام يقوله عشاق الاستبداد لكى تبقى الأمة قاصرة. وإذا كان لا بد للأمم من تدريب على الديمقراطية فإن هذا التدريب لا يكون بالكلام النظرى، وإنما هو كالسباحة يكون داخل التيار والذى يعلم الأمم كيف تسبح وتنجو من الغرق. وهنا ينبغى أن يكون حانيًا عليها حاميًا لها، وليس مريضًا بجنون العظمة أو ملتاثًا يرى الجماهير مكلفة بالخضوع له ما بقى حيا).
– بعض العلماء الأجلاء يقولون إن العصر لا يشرع وإنما منهج الله وحده هو الذى يشرع؟
-- (لعل هذه المقولة يشرحها ما ذكرناه من مواضع الشورى. ففى الأمور العبادية والعقائدية لا يقبل تشريع بشر. التشريع يكون من حقى فى حدود المبادئ الثلاثة.. الأمور المدنية، والوسائل للأهداف المقررة، وما تركه الشارع بدون حكم. هنا من حقى أن أشرع، وهنا تكون طاعة الحاكم من طاعة الله. فإذا رأى الحاكم عن طريق الشورى الصحيحة الحكم بالإعدام على مروجى المخدرات فإن هذا الحكم يكون شرعيًا).
– ماذا عن قضية المعاصرة فى الاسلام. وبتعبير آخر: هل تتنافى الأصالة فى الإسلام مع المعاصرة؟
-- الإسلام كما قال القرآن الكريم: «فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرة الله التى فطر الناس عليه». أى أن هذا الدين عقل لا يعرف الخرافة، وقلب لا يعرف الرذيلة، ونظام لا يعرف العوج ولا الجور. ولو أننا احترمنا هذه الحقائق البسيطة ما شكا أحد. إن تصوير الاسلام على أنه كهانات أو طقوس عبادية تربط الجماهير ببعض الغيبيات الأسطورية لهو تصوير باطل ومغشوش لم يعرفه المسلمون الأوائل. بل إن المفاوض العربى الذى كان يتحدث فى فتح فارس فى السنوات الأولى من الهجرة كان يقول للفرس: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد. جئنا لنخرج الناس من ضيق الأديان إلى سعة الإسلام. أى أن الإسلام هدم فى وقت واحد الوثنيات الاجتماعية والسياسية واستوى لديه أن يهدم الصنم من البشر والصنم من الحجر.
– هناك حديث للرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «هلك المتنطعون" ويفسره العلماء جميعًا بأنه يعنى المتنطعين فى فهم الدين والمتطرفين فى تطبيقه. وهنا أذكر لك تعبيرًا ممتعًا إذ يسمون هذا النوع المتطرف من الدين بأنه تدين دورات المياه. فكيف يعالج المجتمع هذا التطرف؟
-- (الإسلام وأنا أحد المتحدثين عنه دين مظلوم، لأن عرضه اتخذ بوسائل منفرة خسر من جرائها عددًا من العقلاء وأصحاب الأمزجة المعتدلة وأصحاب الفكر الذى يرجى خيره. وأنا أكره أن يعرض الإسلام بطريقة منفرة. فإن نبى الإسلام كان قمة فى شمائله. وقد عرف العصر الحديث أن المعجزة الأولى له هى قدرته على التغيير، وأن الأداة التى استعملها فى هذا التغيير كانت تفجير الطاقة الإنسانية فى الإنسان، أو إنارة الإنسان من داخله واستكشاف الخصائص والمواهب التى زوده الله بها كى تؤدى عملها فى هذا الكون. أى أن الإسلام يجعل الإنسان سيدا فى الكون وعبدا للرب).
– وبهذه الازدواجية سيادة فى الأرض وعبودية لرب السماء يكون الإنسان مؤديًا رسالته الحقيقية على أكمل وجه؟
-- ( نعم.. ليس التدين جموحًا غبيًا صوب بعض الخرافات ولكنه قدرة عقلية على تطويع الكون لخدمة الإنسان الذى يسجد لربه ويؤدى له حقه. الإسلام دين مظلوم لأن أمته تسكن جانبًا أمام شعوب تحيا بالإنتاج. وأنا أشتغل بالدعوة الإسلامية وأشعر بغصة عندما أرى اتباعًا دينيًا فى هذه السفوح الهابطة لا يفهمون من دينهم إلا أنه بعض الهمهمات والحركات. كما يشتد غضبى عندما أرى بعض الذين لا يؤتمنون على فهم حقائق عادية يتكلمون فى الدين ليجعلوه مطية للمستبدين. وهنا ألفت النظر إلى أن بعض من يتكلمون فى الشورى يرجعون إلى الوراء ولا يعرفون من أين يقتبسون الحكم الشرعى).