يواجه الاقتصاد الصيني تحديات متصاعدة في ظل استمرار التوتر التجاري مع الولايات المتحدة الأميركية، وتداعيات أزمة العقارات التي عصفت بعدد من كبرى الشركات، إلى جانب الارتفاع القياسي في حجم الديون، ما أثار مخاوف من تفاقم فقاعة ديون قد تُهدد استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

 

وفقًا لبيانات معهد التمويل الدولي، بلغ إجمالي نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين مستوى قياسيًا عند 336% خلال الربع الثاني من عام 2025، وهو ما يمثل زيادة قدرها 78 نقطة مئوية خلال العقد الأخير.

ويعكس هذا النمو السريع في المديونية ضغوطًا متزايدة على الحكومة والقطاعين العام والخاص في وقت تسعى فيه بكين إلى الحفاظ على وتيرة نمو مستقرة amid بيئة اقتصادية عالمية مضطربة.

 

ديون الشركات والحكومة تتضاعف

تُظهر البيانات أن الشركات غير المالية تتحمل العبء الأكبر من إجمالي الدين بنسبة 142% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها الحكومة الصينية بنسبة 93%، وهي نسبة تضاعفت أكثر من مرتين منذ عام 2015، في حين بلغت نسبة ديون الأسر 60% وديون المؤسسات المالية 41%.

 

هذا التراكم المتزايد للديون يأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد الصيني من تباطؤ واضح في وتيرة النمو، حيث سجّل أضعف أداء فصلي خلال عام في الربع الثالث من 2025، بحسب تقارير اقتصادية حديثة. ويرى محللون أن ارتفاع حجم المديونية بهذا الشكل يُقيد قدرة الحكومة على تحفيز الاقتصاد عبر السياسات المالية التقليدية.

 

إجراءات حكومية لتخفيف الأعباء

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، كانت الحكومة الصينية قد أعلنت في نوفمبر 2024 عن برنامج مبادلة ديون بقيمة 12 تريليون يوان (نحو 1.7 تريليون دولار)، يهدف إلى تخفيف أعباء خدمة الديون عن الحكومات المحلية وتوجيه التمويل نحو مشاريع تدعم النمو المستدام.

 

كما أظهرت بيانات الهيئة الوطنية للنقد الأجنبي أن حجم الديون الخارجية غير المسددة بلغ نحو 2.44 تريليون دولار حتى نهاية يونيو 2025، مشيرة إلى أن 52.1% من هذه الديون مقومة باليوان الصيني، وهو نفس المستوى المسجل بنهاية مارس الماضي. في المقابل، ارتفعت نسبة الديون المتوسطة والطويلة الأجل إلى 42.4% بزيادة طفيفة قدرها 0.2% عن الربع الأول من العام.

 

مخاطر على الاستقرار الاقتصادي

ويرى خبراء أن استمرار ارتفاع الديون بهذا الشكل يجعل الاقتصاد الصيني أكثر عرضة للمخاطر، خصوصًا في ظل الضغوط الناتجة عن الحرب التجارية مع واشنطن وتراجع الصادرات. كما أن التباطؤ في سوق العقارات يضيف عبئًا إضافيًا على النمو، في وقت تحتاج فيه بكين إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم الاقتصاد وتقليص الاعتماد على الاقتراض.

 

ويحذر محللون من أن اتساع فقاعة الديون قد يؤدي إلى اضطرابات مالية تمس النظام المصرفي المحلي وتنعكس سلبًا على الأسواق العالمية، خاصة مع الدور المحوري الذي تلعبه الصين في سلاسل الإمداد والتجارة الدولية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مخاطر على الاقتصاد الصيني الولايات المتحدة الأميركية الاقتصاد الصینی

إقرأ أيضاً:

خبير: تصاعد الحديث عن فقاعة عقارية محتملة لم يعد تكهنات إعلامية

حذّر أحمد البطراوي، خبير تطوير عقاري، من أن تصاعد الحديث عن «فقاعة عقارية محتملة» في السوق المصري لم يعد مجرد تكهنات إعلامية، بل مؤشر على خلل هيكلي يستدعي تدخلاً حقيقياً من الدولة لإعادة ضبط المنظومة.

وأكد البطراوي أن مستقبل السوق العقاري المصري لن يتحقق عبر الوعود أو التطمينات فقط، بل من خلال إصلاح هيكلي وتشريعي شامل يضمن الشفافية ويعيد للدولة دورها القيادي في تنظيم القطاع.

وقال البطراوي إن الحديث المتزايد عن "فقاعة عقارية محتملة" لا يمكن مواجهته بالخطاب الإعلامي المتفائل، لأن جوهر الأزمة لا يتعلق بالعرض والطلب أو الأسعار وحدها، بل بمنظومة الإدارة ذاتها ومن يمتلك سلطة القرار داخل السوق.

أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم الأربعاء 22-10-2025الصحراء الغربية.. كشفان بإنتاج 3550 برميل زيت و23 مليون قدم غاز يوميا

وأضاف: "طالما ظلت المنتديات العقارية مقتصرة على المطورين وأصحاب المصلحة فقط، فلن يحدث إصلاح حقيقي، لأن من يستفيد من الخلل لا يمكن أن يكون هو من يصلحه".

وأوضح أن الدولة بدأت فعلياً في اتخاذ خطوات جادة نحو ضبط السوق من خلال تشريعات تهدف إلى حماية المستهلكين ومنع التلاعب، داعياً إلى استمرار هذا التوجه ودعمه من جميع أطراف المنظومة العقارية.

هيئة عليا للعقار المصري... مطلب وطني عاجل


واقترح البطراوي إنشاء "الهيئة العليا للعقار المصري" ككيان مستقل يتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية، يتولى الإشراف الكامل على القطاع، ووضع سياسات متوازنة بين مصلحة المواطن والمستثمر والمطور.

وأوضح أن هذه الهيئة يجب أن تضم في هيكلها ممثلين من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى جانب الهيئة العامة للرقابة المالية، لتكوين منظومة رقابية متكاملة تشرف على جميع مراحل التطوير العقاري من التخطيط إلى التسليم.

وأضاف أن الهدف من الهيئة لا يقتصر على الرقابة فقط، بل يشمل تحقيق التوازن والحوكمة العادلة بين الأطراف كافة، عبر توحيد العقود، ووضع ضوابط للإعلانات، ومنع التعاملات النقدية المباشرة من خلال إلزام المطورين باستخدام حسابات ضمان تخضع للرقابة الحكومية.

وأكد البطراوي أن العقار المصري ثروة قومية تحتاج إلى إدارة رقمية حديثة، مشيراً إلى أن الهيئة المقترحة يجب أن تعتمد في عملها على التحول الرقمي الكامل لتسجيل كل عملية بيع وتمويل في قاعدة بيانات وطنية موحدة، بما يتيح للدولة مراقبة السوق لحظياً وضمان الشفافية الكاملة.

التمويل العقاري... اختصاص البنوك لا المطورين


وشدد البطراوي على ضرورة إعادة هيكلة منظومة التمويل العقاري بحيث تنتقل مسؤولية التمويل من المطورين إلى البنوك، باعتبارها الجهات المؤهلة قانونياً ورقابياً للقيام بهذا الدور، قائلاً: "من غير المنطقي أن يقدم المطورون أنظمة تمويل دون رقابة مالية أو تراخيص واضحة، في حين أن هذه الممارسات تُعد في الأسواق العالمية اختصاصاً حصرياً للبنوك".

وأشار إلى أن السوق يعاني من غياب الشفافية في بعض العقود التمويلية التي تُطرح بأنظمة سداد طويلة الأجل دون توثيق رسمي يحمي حقوق العملاء، مطالباً الهيئة العامة للرقابة المالية بالتدخل لإلزام المطورين بالحصول على تراخيص مسبقة قبل تقديم أي منتج تمويلي.

التكنولوجيا والحوكمة... طريق الإنقاذ


وأكد البطراوي أن التحول الرقمي والحوكمة الشاملة هما السبيل لإنقاذ السوق من الفوضى، موضحاً أن العقارات اليوم أصبحت صناعة متكاملة تحتاج إلى أنظمة مالية وتشريعية رقمية دقيقة تتيح للدولة تتبع كل عملية بيع أو تمويل في الوقت الفعلي.
وأضاف أن إنشاء منظومة إلكترونية موحدة لتسجيل العقود والمعاملات العقارية سيُحدث نقلة نوعية في ضبط السوق، ويكشف المؤشرات الحقيقية للعرض والطلب، ويمنع أي تجاوزات قبل تفاقمها.

وأشار إلى أن الدولة تسير بالفعل في هذا الاتجاه عبر خطوات تنظيمية وتشريعية متقدمة، داعياً إلى دعم هذا التوجه وتسريعه حتى يصبح القطاع العقاري أكثر استقراراً وجاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب.

واختتم البطراوي حديثه قائلاً: "حين تمتلك الدولة زمام المبادرة، ويُدار السوق بعقل رقمي منظم، سنرى صناعة عقارية قائمة على الشفافية والحوكمة، وسوقاً عادلاً ومستقراً وآمناً للجميع".

طباعة شارك السوق المصري العقاري العامة للرقابة المالية للمستثمرين إلكترونية

مقالات مشابهة

  • خبير: تصاعد الحديث عن فقاعة عقارية محتملة لم يعد تكهنات إعلامية
  • ترامب: الحكومة الأمريكية تدين لي بمبالغ كبيرة
  • صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد أبوظبي 6% ودبي 3.4% خلال 2025
  • أشاد بازدهار القطاعات غير النفطية..صندوق النقد: الاقتصاد السعودي سيواصل نموه القوي
  • دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي تطلق محفزات استثمارية
  • أزمة بريكست تضغط على الاقتصاد البريطاني.. الحكومة تعد بتعديلات مالية صارمة
  • مفارقة كبيرة بين متقاعدي الشيخوخة ومتقاعدي المبكر.!
  • أبو الغيط: ريادة الأعمال محرك النمو الاقتصادي وبوابة الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي العربي
  • الاقتصاد الصيني يسجل نمواً 4.8% في الربع الثالث