تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وضمن فعاليات معرض الأقصر الرابع للكتاب الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، احتضنت مكتبة مصر العامة بالأقصر ندوة لمناقشة المسرحية "شجرة الحياة"، بحضور الكاتب كرم نبيه، والناقدين الدكتورة أسماء خليل والناقد بكري عبد الحميد، وأدار الندوة الكاتب والشاعر سيد صدقي، وذلك ضمن محور "جسور الإبداع".

في مستهل الندوة، أشار سيد صدقي إلى أن عنوان المسرحية يحمل أحد أكثر الرموز عمقًا وخلودًا في التراث الإنساني، إذ تمثل "شجرة الحياة" رمزًا كونيًا يجسد العلاقة بين السماء والأرض، والحكمة والنمو والخلود. وأوضح أن هذا الرمز تكرر ظهوره في ثقافات وأديان وأساطير عديدة، محتفظًا بجوهره الدائم الذي يعبر عن السعي الإنساني نحو المعرفة والاتصال بالمطلق.

ثم قدمت الدكتورة أسماء خليل رؤيتها النقدية للمسرحية، معتبرةً أنها عملٌ درامي يقدم منظورًا صوفيًا وإنسانيًا في آن واحد، يتجاوز حدود التصوف إلى التأمل في معنى الوجود ذاته.

وأشارت إلى البناء الدرامي للمسرحية، وما يتضمنه من رموز فلسفية ودلالات روحية، منها رمزية الناي كفرع قُطع من أصله فيبحث عن عودته إليه، بما يجسد الحنين الأبدي للإنسان نحو جذره الأول، ورمزية الببغاء بوصفه تجسيدًا للحرية الروحية، إلى جانب حجر الفلاسفة الذي يعبر عن الحكمة والخلود، وارتباط العشق بالخدمة كقيمة صوفية عميقة.

وأكدت خليل أن المسرحية تحمل صراعًا داخليًا وجوديًا يتجلى في رحلة الأمير الباحث عن "شجرة الحياة"، وهي في جوهرها رحلة الإنسان نحو ذاته، وتحرره من الأنا المادية إلى الوجود الروحي المطمئن، ورأت أن شخصية الحكيم في النص تمثل المرشد الروحي الذي يقود البطل إلى اكتشاف المعنى الحقيقي للحياة، ومن ثمّ فإن المسرحية ليست دعوة للرهبنة بقدر ما هي دعوة للتأمل في الذات والسمو فوق المادي إلى الروحي.

أما الناقد بكري عبد الحميد فقد تناول العرض المسرحي من منظور فني وإخراجي، مشيرًا إلى تشابك الأحداث وتناميها الدرامي، ومغامرة الكاتب في استلهام إحدى قصص المثنوي لجلال الدين الرومي، بما يعمّق السؤال الفلسفي الذي يطرحه العمل: "ما جدوى الحياة إن لم نعرف معناها؟" وأوضح أن إدراج هذا الموروث الصوفي داخل البناء المسرحي أضفى عليه بعدًا فكريًا وروحيًا ثريًا.

كما أشاد عبد الحميد بتوظيف الإضاءة الخافتة في المشاهد التي يتجرد فيها الأمير من متعلّقاته، معتبرًا أنها أعادت المتلقي إلى جوهر الفكرة التي يقوم عليها النص، وهي أن الموت ليس نهاية، بل بداية وراحة وخلود، وهو عين الحكمة ومعرفة الحياة.

وأكد أن الإضاءة والموسيقى والرقصات الصوفية أسهمت في تحقيق توازن بصري وروحي داخل العرض، رغم بعض الملاحظات على اختيار بعض الممثلين الذين لم يجسدوا الشخصيات بدقة كافية، ومع ذلك، رأى أن العرض حقق رؤية الكاتب بوعي وإتقان.

وفي ختام الندوة، تحدث الكاتب كرم نبيه عن التحديات التي واجهته أثناء إعداد المسرحية للعرض، أبرزها الحاجة إلى عدد كبير من الممثلين المتمكنين من اللغة العربية الفصحى، إضافة إلى متطلبات فنية دقيقة مثل الموسيقى والرقصات التي تخدم روح النص.

وأعرب عن تقديره لدعم فرع ثقافة الأقصر والفرقة القومية المسرحية في تنفيذ هذا العمل والمشاركة به في المهرجان الختامي لمسرح الأقاليم 2024.

وقد جاءت الندوة لتؤكد ثراء التجربة المسرحية لشجرة الحياة، وعمق رؤيتها الفلسفية والرمزية، ولتبرز في الوقت ذاته أهمية التكامل بين النص والإخراج والنقد في صياغة عمل فني متكامل ينهل من التراث الإنساني والصوفي ليقدم رؤية معاصرة للحياة والمعرفة والخلود.

طباعة شارك الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة معرض الأقصر الرابع للكتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب شجرة الحياة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب شجرة الحياة شجرة الحیاة

إقرأ أيضاً:

ندوة وورشة عمل "في الحركة حياة" بمكتبة الإسكندرية

تنظم مكتبة الإسكندرية من خلال برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي بقطاع البحث الأكاديمي، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، وبالتنسيق مع  صفاء توفيق عضو المجلس القومي للمرأة فرع الإسكندرية، ندوة وورشة عمل بعنوان "في الحركة حياة: خطواتك نحو صحة جسدية ونفسية متجددة"،  بقاعة الأغراض المتعددة بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية.
 

 

يحاضر في الندوة الدكتورة دعاء شاكر استشاري ورئيس قسم التأهيل والروماتيزم والطب الطبيعي بمستشفيات جامعة الإسكندرية، والدكتورة نسرين علي استشاري المخ والأعصاب والطب النفسي. 

 

وتتناول الندوة التغيرات الجسدية التي تطرأ على السيدات في العمر الذهبي، وتأثيرها على الجهاز الحركي والحياة اليومية، بالإضافة إلى مناقشة الأساليب العلمية والطبية التي تساعد المرأة على التغلب على تلك التغيرات والمحافظة على حيويتها واستقلالها الحركي في هذه المرحلة من العمر.
 

 

أما ورشة العمل فتُقام يوم الإثنين الموافق 27 أكتوبر 2025 في التوقيت نفسه، وتقدمها الأستاذة منى زكريا، المعالج بالفن والحركة، تحت عنوان "من الألم إلى الأمل"، وتهدف إلى تعزيز التواصل بين الجسد والعقل من خلال الحركة الفنية الواعية، وتشجيع المشاركات على استعادة الطاقة الإيجابية والتوازن النفسي والجسدي عبر أنشطة عملية تفاعلية.
 

 

تأتي الندوة والورشة ضمن سلسلة الأنشطة التي ينظمها برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي بمكتبة الإسكندرية في إطار اهتمامه بصحة المرأة النفسية والجسدية، ونشر الوعي بأهمية الحركة كأسلوب حياة يحقق التوازن ويعزز جودة الحياة، خاصة في المراحل العمرية التي تتطلب اهتمامًا خاصًا بالجسد والعقل معًا.

مقالات مشابهة

  • معرض الأقصر للكتاب يحتفي بمشروع الحجاجي في قراءة الهوية الثقافية العربية
  • أمسية شعرية وغنائية في معرض الأقصر الرابع للكتاب تجسد روح الجنوب وعبق الإبداع
  • الأوقاف تنظم ندوة «خطورة الشائعات والتشكيك في الثوابت الدينية»
  • سيرة ومسيرة الحجاجي.. ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب
  • معرض الأقصر الرابع للكتاب.. "شجرة الحياة" رحلة من المادي إلى الروحي في ندوة
  • ندوة وورشة عمل "في الحركة حياة" بمكتبة الإسكندرية
  • ندوة حول التبادل الثقافي بين الإمارات واليابان
  • ندوة وطنية تستعرض الإرث الثقافي غير المادي لسلطنة عُمان
  • عطر الأثرياء الذي لا يشيخ.. رحلة الباتشولي من طارد للحشرات إلى ملابس النبلاء