يسرائيل هيوم: رفض سعودي إماراتي لإعادة إعمار غزة بسبب حماس والسلطة
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
اعتبرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن زيارة ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر، إلى الرياض وأبو ظبي لم تسر كما كان متوقعًا في الولايات المتحدة، بعدما وضع السعوديون شرطين من أجل المشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي سعودي قوله أن السعوديين رفضوا في اجتماع الطلب الأمريكي بتولي دور محوري في تنفيذ خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، بما في ذلك المشاركة في قوات الأمن والإدارة المدنية والاستثمار في إعادة الإعمار.
ووفقًا للمصدر السعودي، كان الرد الذي نُقل إلى المبعوثين الأمريكيين قاطعًا: السعودية لن تشارك طالما لم يُلبَّ شرطان أساسيان: الأول نزع سلاح حماس وتسليمها السلطة؛ والثاني مشاركة السلطة الفلسطينية منذ مرحلة مبكرة في إعادة الإعمار وتولي المسؤولية الحكومية.
وأضاف المصدر: "كان النقاش حول هذا الموضوع مقتضبًا، واستحوذت القضية الثانية التي طُرحت، وهي الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية، على معظم الوقت".
وأضاف مسؤول سعودي رفيع المستوى أن دول الخليج قلقة للغاية من الاتفاقية الأمنية الشاملة الموقعة بين الولايات المتحدة وقطر، قائلا: "هذا يعني أن قطر ستضمن بقاء حماس في غزة وعودتها إلى السلطة في أول فرصة".
وذكرت الصحيفة أنه "سبق أن نشرت انتقادات لاذعة للسعودية والإمارات العربية المتحدة تجاه سعي الأمريكيين إلى تعزيز دور قطر القيادي في المنطقة. ويطالب السعوديون الآن باتفاقية أمنية موازية على الأقل، ولكن بشروط أفضل، ويعربون عن قلقهم من استمرار قطر في دعم فروع جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي تُقوّض الاستقرار في الدول العربية".
وأضافت "يرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الشرط السعودي الأول المتعلق بتفكيك حماس مقبولٌ بصدر رحب، بينما يُثير الشرط الثاني، المتعلق بمشاركة السلطة الفلسطينية، قلقًا بالغًا. تجدر الإشارة إلى أن السعوديين يشترطون أيضًا دعمهم للسلطة الفلسطينية بإجراء إصلاحات واسعة النطاق، بما في ذلك مكافحة التطرف، لكن هذه الشروط لم تُطرح في الاجتماع الأخير".
وأشارت الصحيفة إلى أن "كوشنر وويتكوف نقلا أيضًا رسائل من إسرائيل إلى السعوديين، تتعلق بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب بشكل كامل، والتطبيع، وتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام. وقد أوضح الاجتماع أنه بدون وجود أفق حقيقي لإقامة دولة فلسطينية، وفقًا للخطة السعودية، لن يكون هناك أي تقدم سياسي - أي الانضمام إلى الاتفاقيات".
وقالت إنه "في الإمارات، كالعادة، تتسم التصريحات بطابع دبلوماسي أكثر، وإن كانت تحمل رسالة مماثلة، فالإمارات تشارك بالفعل في إعادة تأهيل وبناء البنية التحتية في المناطق الإنسانية التي تُبنى في الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. ووفقًا للبيان الرسمي، ركزت المحادثة بين المبعوثين الأمريكيين وطحنون بن زايد، مستشار الحاكم محمد بن زايد، على سبل إرساء الاستقرار وضرورة إنهاء الحرب".
وأضافت "لكن تصريحات أنور قرقاش، المستشار السياسي لبن زايد وأحد أبرز الشخصيات في السياسة الخارجية الإماراتية، توضح أن تدخلهم الواسع ينتظر أيضًا خروج حماس من المشهد، حتى لو لم يُذكر اسم المنظمة صراحةً".
وقال قرقاش: "العودة إلى الوضع قبل 7 أكتوبر لن تكون صائبة ولن تُسهم في الحل.. الإمارات تدعم التحركات الأمريكية، ولكن بشرطين: توضيح الوضع السياسي المستقبلي، والحاجة إلى أرضية أمنية مستقرة. لن نرسل أبناءنا إلى ساحة معركة دون فهم واضح للوضع على الأرض".
واعتبرت الصحيفة أن "الرسالة الواضحة هي أن الإمارات ستواصل على الأرجح تقديم المساعدة والتمويل لإعادة الإعمار في المناطق الإنسانية الآمنة، لكنها ستبقى مع السعوديين خارج المشهد السياسي، على الأقل في الوقت الحالي. سيبقى وزن قطر ومصر وتركيا مهيمنًا - وهو بالضبط ما كانت تخشاه دول الخليج".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الإعمار السعودية إسرائيل الإمارات إسرائيل السعودية غزة الإمارات الإعمار صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إعادة
إقرأ أيضاً:
المنصات الرقمية للتمويل الأصغر الإسلامي وإعادة إعمار غزة
شهدت الأيام القليلة الماضية انتهاء الحرب على غزة بعد عامين من العدوان الذي لم يُبقِ حجرا على حجر، تاركة وراءها جراحا عميقة ودمارا شاملا طال كل جوانب الحياة. ومع انقشاع دخان الحرب، ووقف أصوات القصف التي كانت تملأ السماء، برزت مهمة أخرى لا تقل صعوبة ولا قدسية: مهمة إعادة الإعمار وبناء الحياة من جديد. لقد طويت صفحة الحرب -وإن لم تُنسَ فلها ما بعدها- لتُفتح صفحة أخرى عنوانها الصمود والإعمار، إعمار الإنسان الذي أنهكه العدوان وإعمار البنيان الذي هدمه الاحتلال.
وإذا كان وقف الحرب في غزة تم في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، فإنه قبل ذلك التاريخ بأقل من أسبوعين وفقني الله تعالى وفريق عمل مجتهد لتنظيم مؤتمر عن "إعادة الإعمار في الاقتصاد الإسلامي بين التراث والمعاصرة" في جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم التركية، شارك فيه أكثر من خمسين عالما وباحثا، وكان محور المؤتمر إعادة إعمار غزة التي ابتليت فصبرت وضربت أروع الأمثلة في الثبات والرباط في ظل محيط عالمي ما بين متآمر ومتخاذل.
إنه حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2025 بلغ عدد الشهداء نحو 67،938 شهيدا، بينما تجاوز عدد الجرحى 170 ألفا، وتحوّل أكثر من 1.9 مليون فلسطيني إلى نازحين داخليين، يشكّلون ما يقارب 90 في المئة من سكان القطاع. وقد أعلنت الأمم المتحدة رسميا المجاعة في قطاع غزة في الثاني والعشرين من آب/ أغسطس 2025، بعد أن سجّلت منظمة الصحة العالمية وفاة 361 شخصا، بينهم 130 طفلا، بسبب سوء التغذية ونقص الدواء والماء.
وفي خضم هذه المأساة، دُمّر أكثر من سبعين ألف مبنى بالكامل وتضرّر أكثر من 120 ألفا بدرجات متفاوتة، وأُصيبت أكثر من 91 في المئة من المدارس بأضرار جسيمة، فيما يعمل اليوم فقط قرابة 14 مستشفى من أصل 36. أما الخسائر الاقتصادية فتُقدّر وفق التقارير الأممية والبنك الدولي بنحو 52 إلى 70 مليار دولار، وفي رأينا أنها تتجاوز المائة مليار دولار، وهي أرقام تعكس حجم المأساة وضخامة التحدي الذي يواجه غزة في رحلة إعادة الإعمار.
وأمام هذا الواقع، فإن المساعدات الطارئة لا يمكنها أن تفي باحتياجات السكان، فما هي إلا أمور إسعافية، ومن ثم تبدو أهمية التخطيط للانتقال من الإغاثة إلى التمكين، ومن الاعتماد على المساعدات إلى بناء اقتصاد قادر على النهوض الذاتي. وهنا يبرز دور التمويل الأصغر الإسلامي كخيار عملي وإنساني للمساهمة في تحقيق هذه الغاية. فالتمويل الأصغر الإسلامي ليس مجرد وسيلة مالية، بل هو رؤية حضارية متكاملة تستمد روحها من مقاصد الشريعة الإسلامية التي تجعل من المال وسيلة للإعمار لا وسيلة للاستغلال.
ويقوم هذا التمويل على صيغٍ شرعية غير ربحية (خيرية) وأخرى ربحية ولكنها بربحية متواضعة لاستدامة التمويل، وما يهمنا في وضع غزة هو الصيغ التمويلية الخيرية من زكاة وصدقات وقرض حسن، وتوجيه ذلك التمويل نحو المشروعات الصغرى التي لا يتجاوز عدد العاملين فيها أربعة أشخاص، بهدف تحويل الأسر المتضررة إلى أسر منتجة، تُسهم في الاقتصاد المحلي وتحقق الاستكفاء لنفسها، بل وتمد يدها بالخير لمن حولها.
ومع التحول الرقمي الهائل الذي يشهده العالم، باتت المنصات الرقمية للتمويل الجماعي (Crowdfunding) تمثل ثورة في جمع الموارد واستخدامها. وهذه المنصات، حين تلتزم بضوابط الشريعة الإسلامية وتُدار برؤية تنموية، يمكن أن تصبح أداة فاعلة في إعادة إعمار غزة عبر تعبئة التمويل الشعبي من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. فبضغطة زر، يستطيع أي مسلم أو مؤسسة خيرية المشاركة في تمويل مشروع أصغر في غزة، من زكاته أو صدقاته، ضمن منظومة رقمية شفافة تُعرض فيها المشاريع وتقاريرها وأثرها الإنساني والاقتصادي في الوقت نفسه.
وتقوم المنصة الإسلامية المقترحة على ثلاثة أسس رئيسة؛ أولها: المصداقية الشرعية التي تضمن أن التمويل يتم وفق الأحكام الإسلامية، وثانيها: الكفاءة الاقتصادية التي تربط المشروعات الصغرى في سلاسل إنتاجية متكاملة، وثالثها: الكفاءة الاجتماعية التي تعزز مبدأ التكافل والتوازن داخل المجتمع. كما تضم المنصة خمسة أطراف: الممولين من الأفراد والمؤسسات، والمستفيدين من أصحاب المشروعات الصغرى، والمنصة نفسها التي تربط الطرفين، ورقابة مالية وشرعية لضمان الشفافية، فضلا عن الرعاة الذين يقدّمون الدعم التقني والإعلامي والتسويقي.
وتتميّز المنصة باعتمادها على التحول الرقمي الكامل، من إدارة البيانات والتحليل إلى تنفيذ التمويل ومتابعة الأداء. كما يمكنها استخدام العملات الرقمية المشفرة الملتزمة بالضوابط الشرعية لتجاوز الحصار المالي، وتسخير الذكاء الاصطناعي في تقييم المشاريع واختيار الأنسب من حيث الجدوى والأثر الاجتماعي. ومن خلال هذه الآلية، يتحوّل التمويل من جهد موسمي إلى منظومة تنموية دائمة تسهم في بناء اقتصاد مقاوم، يستمد قوته من المجتمع.
ومع أهمية هذه المنصة فإنه لا يمكن أن نتجاهل ما تواجهه من تحديات سياسية وقانونية وفنية، لكنها في جوهرها تجسّد الاقتصاد المقاوم الذي يقوم على الاعتماد الذاتي والإنتاج المحلي والتعاون المجتمعي، ويحوّل المعاناة إلى طاقة بناء. فالإعمار لا يقتصر على إعادة الجدران، بل يبدأ بإحياء الإنسان نفسه، وتأهيله ليكون شريكا في التنمية وصانعا لمستقبله. ومن هنا، فإن نجاح هذه المنصة يتطلب إطلاق برامج تدريبية لريادة الأعمال والتقنية المالية داخل غزة، وتمكين الشباب والنساء من اكتساب مهارات العمل والإدارة والإنتاج.
إن المنصة الرقمية للتمويل الأصغر الإسلامي ليست مجرد مشروع مالي أو تقني، بل هي مشروع حضاري يجمع بين العلم والإيمان، بين الفقه والاقتصاد، بين التقنية والإنسان. إنها تجسيد لمبدأ "وتعاونوا على البر والتقوى"، وتحويل عملي لفكرة الاقتصاد الإسلامي إلى واقع رقمي حيّ يسهم في نهضة الأمة. ومن خلال هذه المنصات، يمكن لكل شخص في العالم أن يكون شريكا في إعمار غزة بضغطة زر، ليصبح التمويل الشعبي المتناثر طاقة جماعية تزرع الحياة من جديد.
إن انتهاء الحرب لا يعني نهاية المعاناة، لكنه يعني بداية الطريق نحو الأمل. ومن بين الركام ينهض الإنسان الفلسطيني حاملا معوله وإيمانه، ليثبت للعالم أن غزة لا تُهزم، وأن الإعمار الحقيقي يبدأ من داخل الإنسان قبل أن يمتد إلى الجدران. وهكذا تتحول المنصات الرقمية الإسلامية إلى جسرٍ بين التقنية والرحمة، بين المال والمقاصد الشرعية، بين الأمة وأهلها في فلسطين، لتكتب فصلا جديدا من فصول الصمود والثبات والبناء والكرامة.
x.com/drdawaba