تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توترًا متصاعدًا، وسط غياب قنوات تواصل فعّالة بين البلدين، وتزايد القلق الدولي من أن تنزلق هذه التوترات إلى مواجهة عسكرية شاملة.

في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حذر الكاتبان إريك روزنباخ وكريس لي من أن الولايات المتحدة والصين "اقتربتا من مواجهة عسكرية خطيرة"، مؤكدين أن خطر الانزلاق إلى صراع فعلي "لم يكن يومًا أعلى مما هو عليه الآن".

وأشارا إلى أن عمليات الاعتراض الخطيرة والمواجهات غير الآمنة بين القوات الجوية والبحرية لكل من الصين والولايات المتحدة وحلفائها تصاعدت في السنوات الأخيرة، من دون أي مؤشرات على تراجعها.

ففي آب/أغسطس الماضي، نشرت الصين مقطع فيديو لما قالت إنه حادث اقتراب خطير بين مروحيات صينية وأمريكية في مضيق تايوان. كما باتت المواجهات المتكررة بين السفن الصينية والفلبينية في بحر الصين الجنوبي مشهدًا شبه يومي. وفي الأسبوع نفسه، أعلنت أستراليا أن طائرة مقاتلة صينية أطلقت مشاعل مضيئة بشكل خطير بالقرب من طائرة تابعة لسلاح الجو الأسترالي.

انعدام قنوات الاتصال العسكرية

يشير المقال إلى أن أحد أخطر جوانب هذا التصعيد يتمثل في غياب قنوات اتصال عسكرية موثوقة بين واشنطن وبكين، إذ لا توجد عمليًا أي أنظمة فاعلة للاتصال الفوري بين القوات العسكرية للبلدين لتخفيف حدة أزمة محتملة أو احتواء حادث غير مقصود.

وبحسب الكاتبين، أصبحت الصين اليوم أكثر قوةً عسكرية وجرأةً من أي وقت مضى، فيما ازدادت التوترات مع الولايات المتحدة اشتعالًا، تغذيها النزعات القومية في كلا الجانبين. وعلى الرغم من وجود مستوى محدود من التواصل العسكري بين البلدين عبر السنوات، إلا أنه لم يُفضِ إلى إنشاء آليات حماية موثوقة.

الفرقاطة الفلبينية "خوسيه ريزال" (FF150) والسفينة الأمريكية "غابرييل غيفوردز" (LCS 10) خلال تمرين تكتيكي مشترك في بحر الفلبين الغربي، الخميس 23 نوفمبر 2023. AP

ووفقًا للمقال، أقدمت الصين مرارًا على قطع جميع أشكال التبادل العسكري مع الولايات المتحدة، كان آخرها عام 2022 عقب زيارة نانسي بيلوسي لتايوان بصفتها رئيسة مجلس النواب. وفي عام 2023، اتفق الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ على إعادة تأسيس الحوار العسكري، غير أن ذلك جاء متأخرًا في ولاية بايدن ولم يُترجم إلى خطوات عملية.

وحتى اليوم، لا تزال الاتصالات بين البلدين هشة ومحدودة، تقتصر على مكالمات هاتفية متقطعة بين كبار المسؤولين وبعض التفاعلات المتفرقة، وهي اتصالات لا يمكن التعويل عليها لاحتواء أي حادثة مفاجئة في الجو أو البحر، بحسب الكاتبين، كما أنها تبقى عرضة للانقطاع في لحظات التوتر الشديد.

بوادر انفراج حذر ولقاء مرتقب

رغم التصعيد، تلوح في الأفق مؤشرات إيجابية محدودة، إذ أجرى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث اتصالًا بنظيره الصيني دونغ جون، في أول خطوة عملية لإصلاح الخلل القائم في العلاقات العسكرية بين البلدين في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن المقال يحذر من أن المكالمات الفردية أو الإجراءات الرمزية كإنشاء خطوط ساخنة لا تكفي.

كان ترامب، الذي يستعد للقاء نظيره الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل على هامش قمة إقليمية في كوريا الجنوبية، قد أوضح أن أولويته مع الصين هي التوصل إلى اتفاق تجاري. لكنّ التجارة، كما يشير المقال، "تعتمد على السلام والاستقرار".

Related وسط تصاعد الحرب التجارية.. الصين تدعو إلى "حوار متكافئ" مع الولايات المتحدةترامب يتوعد الصين بمهلة نهائية ورسوم جمركية قاسية... وشراكة جديدة مع أستراليا في المعادن والغواصاتهولندا تلجأ إلى قانون الطوارئ النادر لتولي مسؤولية شركة صناعة الرقائق الصينية

بدورها، أبدت الصين انفتاحها على الحوار، إذ قال متحدث عسكري صيني في أواخر أيلول/سبتمبر إن بكين "منفتحة على بناء علاقات عسكرية أفضل مع الولايات المتحدة من أجل مزيد من الاستقرار".

ويجد الكاتبان أنه يُمكن لترامب أن يضمن لنفسه إرث "الرئيس الذي أبعد القوتين عن حافة الحرب العالمية الثالثة" من خلال بناء نظام دائم لإدارة الأزمات مع الصين. ويضيفان أن ترامب مدعوّ إلى استثمار هذا الزخم عبر إنشاء آلية اتصال عسكرية روتينية ومستقرة وفورية، لأن ذلك "قد يكون الفارق بين الحرب والسلام".

يُذكر أن وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت اليوم أن الولايات المتحدة والصين أجريتا في ماليزيا محادثات تجارية "بناءة جدًا"، قبل اللقاء المرتقب بين رئيسي البلدين في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لإحياء الثقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

محادثات أميركية صينية في كوالالمبور

اختُتمت في كوالالمبور، اليوم السبت، محادثات اقتصادية مكثفة بين وفدين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والصين، ووصفتها الجانبان بأنها "بنّاءة"، في خطوة تهدف إلى احتواء التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم وتمهيد الطريق للقاء مرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ على هامش قمة "آبيك" المقبلة في كوريا الجنوبية.

وأعلن متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية أن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي بدأت السبت في كوالالمبور بحثا عن تسوية لحرب الرسوم الجمركية بين البلدين، كانت "بناءة جدا"

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس الصحة دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس الصحة توتر عسكري الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الصين اقتصاد الرسوم الجمركية دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس الصحة روسيا شرطة داء السكري تهريب المخدرات الكاريبي بريطانيا الولایات المتحدة والصین مع الولایات المتحدة بین البلدین

إقرأ أيضاً:

توتر الكاريبي.. واشنطن تنشر حاملة طائرات قرب فنزويلا

كثفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الحشد العسكري في منطقة البحر الكاريبي، الجمعة، من خلال نشر مجموعة حاملة الطائرات جيرالد فورد في أمريكا اللاتينية.

ويُعد هذا الانتشار، الذي يشمل 8 سفن حربية وغواصة نووية وطائرات من طراز إف-35 موجودة بالفعل في المنطقة، تصعيدا كبيرا في ظل التوتر المحتدم مع فنزويلا، التي دأبت واشنطن على اتهام حكومتها بإيواء مهربي المخدرات وتقويض عمل المؤسسات الديمقراطية، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في منشور على منصة إكس: "تعزيز وجود القوات الأميركية في منطقة القيادة الجنوبية سيعزز قدرة الولايات المتحدة على كشف ومراقبة وتعطيل الجهات والأنشطة غير المشروعة التي تهدد سلامة وازدهار الوطن الأميركي وأمننا في نصف الكرة الغربي".

ولم يحدد بارنيل الموعد الذي ستنتقل فيه حاملة الطائرات إلى المنطقة، لكنها كانت تبحر عبر مضيق جبل طارق وفي أوروبا قبل بضعة أيام.

ودخلت فورد الخدمة عام 2017، وهي أحدث حاملة طائرات أميركية وتُعد الأكبر في العالم، ويعمل على متنها أكثر من خمسة آلاف بحار.

ومنذ أوائل سبتمبر، نفذ الجيش الأميركي عشر غارات على سفن، معظمها في منطقة البحر الكاريبي، يقول إنها تهرّب المخدرات، مما أسفر عن مقتل نحو أربعين شخصاً.

وأعاد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو التأكيد على ادعاءاته بأن الولايات المتحدة تسعى للإطاحة به من السلطة.

وحذر مادورو، الخميس، من أنه إذا تدخلت الولايات المتحدة في شؤون البلاد، فإن "الطبقة العاملة ستنتفض وسيعلن عن إضراب عام في الشوارع حتى استعادة السلطة مرة أخرى. ملايين الرجال والنساء سيجوبون البلاد حاملين البنادق".

واشتدت أيضا حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكولومبيا، جارة فنزويلا، خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن اتهم ترامب نظيره الكولومبي غوستافو بيترو بأنه "زعيم عصابة مخدرات" و"شخص شرير"، وهي لهجة تقول حكومة كولومبيا إنها مسيئة.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة على حافة الانهيار الغذائي: 42 مليون أمريكي على حافة الجوع
  • فنزويلا تهدد الولايات المتحدة بصواريخ روسية.. هل يبدأ ترامب حرب أبدية؟
  • توتر الكاريبي.. واشنطن تنشر حاملة طائرات قرب فنزويلا
  • بعد تجميد قمة بوتين – ترامب.. مبعوث الكرملين يحط في واشنطن لبحث مستقبل العلاقات بين البلدين
  • إجراء عاجل من الكرملين بشأن الولايات المتحدة الأمريكية
  • الولايات المتحدة تحذر إسرائيل من أي "مفاجآت عسكرية" في غزة
  • محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين في ماليزيا
  • ترامب: الولايات المتحدة لا تنوي تدريب أي دولة أخرى على استخدام صواريخ توماهوك
  • الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات جديدة على روسيا وتؤكد خياراتها التجارية مع الصين