الإفتاء: عقد الزواج المؤقت باطل شرعا
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
أكدت دار الإفتاء المصرية أنَّ الزواج الذي يُشترط فيه مدة محددة، كأن يقول الرجل للمرأة «تزوجتُك شهرًا» أو «سنة»، هو زواج باطل شرعًا وغير منعقد، لأنَّه يناقض أصل عقد الزواج الذي شرعه الله ليكون ميثاقًا غليظًا ودائمًا يهدف إلى بناء الأسرة واستقرار المجتمع.
جاء ذلك في فتوى فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، حيث أوضح أن تأقيت الزواج (أي تقييده بمدة زمنية محددة) يُخرجه عن طبيعته الشرعية، لأنه يتحول بذلك إلى نكاح متعة، وهو زواج نهى عنه النبي ﷺ تحريمًا أبديًا، مستشهدًا بحديث سبرة الجهني رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (رواه مسلم).
الزواج في الإسلام.. مودة ورحمة لا عقد انتفاع مؤقت
بيّنت دار الإفتاء أن الإسلام جعل الزواج طريقًا لإقامة الأسرة، التي تُعد اللبنة الأولى لبناء المجتمع، مستشهدةً بقول الله تعالى في سورة الروم:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
وأكدت أن المودة والرحمة والاستقرار لا يتحققون في علاقة محددة بزمن، لأن الزواج المؤقت يتعارض مع المقاصد الشرعية الكبرى من الزواج، التي تقوم على الدوام والسكينة والذرية الصالحة.
اتفاق المذاهب الأربعة: النكاح المؤقت باطل
أوضحت دار الإفتاء أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة متفقون على بطلان عقد الزواج إذا تم تقييده بمدة محددة، سواء كانت هذه المدة معروفة (كشهر أو سنة) أو مجهولة (كقدوم الحاج أو انتهاء موسم معين).
وجاء في فتوى الإفتاء استعراض لأقوال كبار العلماء في المذاهب الأربعة:
قال العلامة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: «ومن شروط النكاح التأبيد، فلا يجوز النكاح المؤقت».وقال النفرَاوي المالكي في الفواكه الدواني: «لا يجوز، بمعنى يحرم، نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل».وذكر الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: «يشترط كون النكاح مطلقًا، فلا يصح توقيته بمدة معلومة أو مجهولة».وقال العلامة الحجاوي الحنبلي في الإقناع: «ما يُبطل النكاح... نكاح المتعة، وهو أن يتزوجها إلى مدة معلومة أو مجهولة».الفرق بين تقييد الزواج بمدة واشتراط الطلاق بعد مدة
لفتت دار الإفتاء إلى أن الحنفية فرّقوا بين تقييد عقد الزواج بمدة وبين اشتراط الطلاق بعد مدة معينة:
في الحالة الأولى: إذا قال الرجل «تزوجتك شهرًا» فالعقد باطل لأنه يشبه نكاح المتعة.أما في الحالة الثانية: إذا قال «سأطلقك بعد شهر» فالزواج صحيح والشرط باطل، لأن الأصل أن العقد مؤبد، والطلاق لا يقع إلا بتنفيذه فعلاً.وقال الإمام السرخسي في المبسوط: «التوقيت شرط فاسد يُبطل العقد، بخلاف اشتراط الطلاق بعد مدة، فالنكاح حينها صحيح لأن الطلاق قاطع للعقد وليس شرطًا في إنشائه».
الإفتاء: الزواج المؤقت لا يحقق مقاصد الشريعة
وشددت دار الإفتاء على أن الزواج المؤقت أو المقيّد بمدة يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية، التي تقوم على تحقيق السكن النفسي والاستقرار الأسري، مؤكدة أن من يبرم عقدًا مؤقتًا بهذا الشكل لا يُعد زواجه صحيحًا شرعًا.
وقالت الفتوى نصًا:«الأصل في عقد الزواج أن يكون مطلقًا غير مقيد بمدة معينة، وتقييد صيغة الزواج بمدة معينة ينتهي بانتهائها يناقض هذا الأصل، مما يجعل الزواج حينئذٍ باطلًا غير منعقد».
لا زواج في الإسلام إلا مؤبدًاخلصت دار الإفتاء في فتواها إلى أن الإسلام لا يعترف إلا بعقد زواج مؤبد، قوامه المودة والرحمة والمسؤولية، وأن الزواج الموقّت أو المشروط بمدة محددة يعد باطلًا شرعًا باتفاق جمهور العلماء، لأنه يحمل معنى نكاح المتعة المحرَّم، ويهدم الهدف الأسمى من الزواج في الإسلام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء كبار العلماء دار الافتاء المصرية الزواج المؤقت الزواج في الإسلام الزواج المؤقت دار الإفتاء عقد الزواج
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة غدًا.. حماية الطبيعة عبادة وسلوك حياة
كشفت وزارة الأوقاف المصرية عن نص خطبة الجمعة القادمة، والتي جاءت بعنوان "البيئة الرحم الثاني والأم الكبرى"، مؤكدة أن الحفاظ على البيئة ليس مجرد شعار يُرفع أو فعالية تُقام، بل عبادة نتقرب بها إلى الله تعالى.
وأوضحت الوزارة أن هذه الخطبة تأتي في إطار سعيها إلى رفع الوعي الديني والإنساني بقضايا البيئة، وترسيخ المفهوم الإسلامي في التعامل مع الكون ومكوناته على أنه أمانة في عنق الإنسان، مشيرة إلى أن حماية البيئة تعكس إيمانًا صادقًا وسلوكًا راقيًا يتوافق مع تعاليم النبي محمد ﷺ.
البيئة.. آية من آيات الله في الكونجاء في نص الخطبة التي نشرتها الوزارة:
“البيئة هي كتاب الله المنظور الذي تجلت فيه قدرته سبحانه، فالحفاظ عليها عبادة نتقرب بها إلى الله، والجمال النبوي في التعامل مع البيئة دعوة للتفكر في خلق الله وصنعته”.
وأكدت الخطبة أن الإسلام سبق كل الدعوات الحديثة في حماية الطبيعة، إذ حث النبي ﷺ على الزراعة والإصلاح البيئي من خلال حديثه الشريف:“ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له به صدقة”.
وأشارت الخطبة إلى أن هذا التوجيه النبوي يجعل الزراعة والإصلاح في الأرض عبادة متجددة، حيث يبقى الأجر والثواب ممتدًا ما دامت هناك حياة تنتفع بما زرعه الإنسان.
النظافة عبادة.. والرحمة تمتد إلى الحيوان والطير
تناولت الخطبة مفهوم النظافة في الإسلام بوصفها قيمة دينية واجتماعية، مستشهدة بحديث النبي ﷺ: “إماطة الأذى عن الطريق صدقة”.
وأوضحت أن الإسلام لا ينظر إلى النظافة على أنها مجرد سلوك دنيوي، بل عبادة ومظهر من مظاهر الإيمان والرقي الحضاري، فهي تشمل المظهر والجوهر، والبيئة من حول الإنسان.
كما أكدت الخطبة على الرحمة النبوية بالحيوان والطير، إذ نهى النبي ﷺ عن اتخاذ الكائنات الحية غرضًا للرمي، وحث على سقي كل كبدٍ رطبة، معتبرة أن هذا السلوك يمثل ميثاقًا إنسانيًا خالدًا يجمع بين الفضيلة والمصلحة.
الإسلام.. دين الإصلاح لا الإفساد
شددت الخطبة على أن الإسلام دين عمارة وإصلاح، وأن الله تعالى استخلف الإنسان في الأرض ليكون عامل بناء لا سبب دمار، مستشهدة بقوله تعالى:﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾.
وأضافت أن حماية البيئة واجب ديني وأخلاقي يبدأ من الفرد، في بيته وعمله وطريقه، داعية إلى غرس ثقافة بيئية راقية تبدأ من الأطفال وتستمر عبر الأجيال.
الخطبة الثانية: رسالة ضد العنف تجاه الأطفال
في الخطبة الثانية، وجهت وزارة الأوقاف رسالة قوية ضد العنف الموجَّه للأطفال، واصفة إياه بأنه “زلزال أخلاقي يهدم المجتمع ويقتل البراءة”.
وأكدت الخطبة أن أي شكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو النفسي للطفل هو خيانة للأمانة وتناقض مع الهدي النبوي، مستشهدة بقول النبي ﷺ: “من لا يَرحم لا يُرحم”.
كما دعت الآباء والأمهات والمعلمين إلى احتضان الأطفال بالرحمة والعطف، والابتعاد عن أساليب القسوة والعنف اللفظي أو الجسدي، محذّرة من مخاطر العنف الإلكتروني والمحتوى العدواني الذي يشوه فطرة الطفل ويؤثر في سلوكه.
دعوة لتربية جيل محب للجمال والحياة
اختُتمت الخطبة بدعوة عامة للمجتمع إلى تبني ثقافة الحفاظ على البيئة وحماية الطفولة، معتبرة أن ذلك هو السبيل لبناء جيل صالح، واعٍ، ومحب للحياة والجمال، يعيش في انسجام مع الكون ويعمر الأرض بالخير والرحمة.