ثورة خضراء في عالم البناء.. تحويل نفايات القهوة إلى خرسانة أقوى بـ30%
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
في إنجاز بيئي مذهل، أعلن علماء من جامعة RMIT الأسترالية عن اكتشاف طريقة جديدة لاستخدام نفايات القهوة في صناعة الخرسانة، مما يجعلها أقوى بنسبة 30% من الخرسانة التقليدية.
كيف تستخدم نفايات القهوة في صناعة الخرسانة؟وهذه التقنية المبتكرة لا تمثل فقط نقلة في عالم البناء، بل تقدّم حلاً مستدامًا لمشكلتين بيئيتين عالميتين هما تراكم النفايات العضوية ونقص الرمال الطبيعية المستخدمة في صناعة الخرسانة.
ويستهلك سكان العالم مليارات الأكواب من القهوة يوميًا، وينتج عن ذلك نحو 10 ملايين طن من بقايا القهوة سنويًا.
وغالبية هذه النفايات تُلقى في المكبات، فتتحلل مطلقة غازات دفيئة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون، التي تُسرّع تغير المناخ.
وبالتزامن، يتزايد الطلب على الخرسانة عالميًا، ما يستنزف موارد الرمال الطبيعية ويؤدي إلى تآكل ضفاف الأنهار وتدمير البيئات المائية.
وقال المهندس راجيف رويشاند من جامعة RMIT:“التخلص من النفايات العضوية أصبح تحديًا بيئيًا حادًا، ونحن بحاجة إلى حلول مبتكرة تجمع بين الاستدامة والكفاءة”.
واعتمد فريق البحث مبدأ الاقتصاد الدائري الذي يقوم على إعادة تدوير النفايات لاستخدامها في إنتاج مواد جديدة.
ولكن استخدام القهوة الخام مباشرة لم يكن ممكنًا بسبب المركبات العضوية التي تُضعف تماسك الإسمنت، لذلك لجأ العلماء إلى تقنية التحلل الحراري (Pyrolysis)، حيث تُسخن بقايا القهوة عند أكثر من 350 درجة مئوية في بيئة خالية من الأوكسجين.
والنتيجة كانت إنتاج مادة تُسمى البيوتشار (Biochar) وهي مادة كربونية خفيفة ومسامية يمكن دمجها بسهولة في خليط الأسمنت، مما يحول القهوة المستهلكة إلى عنصر بناء قوي وصديق للبيئة.
والخرسانة التي أُضيف إليها بيوتشار القهوة المحترقة عند 350 درجة كانت أقوى بنسبة 30% من الخرسانة العادية.
والعينات التي سُخّنت إلى 500 درجة مئوية أظهرت متانة أقل، ما يثبت أن درجة الحرارة المثالية ضرورية لتحقيق أفضل النتائج.
ويعمل الفريق حالياً على اختبارات إضافية لقياس مقاومة الخرسانة للعوامل البيئية مثل التجميد، الذوبان، امتصاص الماء والتآكل قبل اعتمادها في المشاريع الكبرى.
وقال الباحث المشارك جي لي:“استخدام القهوة ليس سوى البداية. نهدف إلى تحويل نفايات أخرى مثل الأخشاب ومخلفات الطعام إلى مواد بناء مستقبلية.”
كما أضافت الباحثة شانون كيلمارتن-لينش أن الهدف هو خلق دورة حياة مستدامة للمواد، مستوحاة من مفهوم "العناية بالأرض" في الثقافة الأصلية الأسترالية، لضمان تقليل النفايات وحماية الموارد الطبيعية.
ويُظهر هذا المشروع كيف يمكن لفكرة بسيطة أن تتحول إلى حل بيئي ثوري، يحوّل بقايا القهوة اليومية إلى خرسانة صديقة للبيئة تسهم في بناء مدن أكثر خضرة واستدامة.
وفي عالم يستهلك القهوة والخرسانة بكميات ضخمة، قد يكون الدمج بينهما هو المفتاح لمستقبل أكثر نظافة وتوازناً بيئياً.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الخرسانة المستدامة إعادة التدوير الاقتصاد الدائري البناء الأخضر
إقرأ أيضاً:
جسر مطبوع بتقنية ثلاثية البعد مستوحى من العظام.. ما أهميته؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تعد الخرسانة مادة ميسورة التكلفة، ومتعددة الاستخدامات، وقوية للغاية ومتوفرة محليًا، وهي أكثر المواد الصناعية استخدامًا في العالم.
لكنها أيضًا تترك بصمة كربونية هائلة، إذ تسهم بحوالي 8% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا.
ولطالما حاول قطاع الخرسانة والإسمنت التقليل من أثره البيئي من خلال خلطات خرسانية مستدامة أو تصاميم أكثر كفاءة.
والآن، تمكن فريق بحثي في جامعة بنسلفانيا من الجمع بين مواد مبتكرة وتصميم موفّر للمواد من دون المساس بالقوة أو المتانة.
ويستوحي المشروع، الذي يحمل اسم Diamanti، أفكاره من الطبيعة ويستخدم طابعة ثلاثية البعد روبوتية لإنشاء أنماط شبكية معقدة باستخدام خلطة خرسانية مستدامة.
وبخلاف معظم أنواع الخرسانة التقليدية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإن خلطة الخرسانة المحسّنة لمشروع Diamanti تمتص كمية من ثاني أكسيد الكربون تزيد بنسبة 142% عن الخلطات التقليدية.
ويشرح مسعود أكبرزاده، أستاذ مساعد بكلية العمارة في جامعة بنسلفانيا ومدير المختبر الذي قاد المشروع، أن التصميم الأول للمشروع، وهو جسر للمشاة، يستخدم موادًا أقل بـ60% من الخرسانة العادية مع الحفاظ على القوة الميكانيكية.
ومن خلال محاكاة الهياكل الموجودة في أنواع معينة من العظام المسامية، والمعروفة بهياكل السطح الأدنى ثلاثي التكرار (TPMS)، زاد مشروع Diamanti من المساحة السطحية للجسر، ما رفع قدرة الخرسانة على امتصاص الكربون بنسبة إضافية بلغت 30%.
ويقول أكبرزاده: "المساحة السطحية، إلى جانب الخصائص المادية للخلطة، تزيد من التفاعل مع الكربون على المستوى المجهري. وهذا يساهم بشكل كبير في تقليل وامتصاص ثاني أكسيد الكربون".
وأُطلق المشروع في العام 2022، بالتعاون مع شركة "Sika" السويسرية وبتمويل من وزارة الطاقة الأمريكية، ويستعد الآن لبناء أول نموذج بالحجم الكامل في فرنسا.
تطورات في عالم الخرسانةويوضح أندرو مينسون، مدير قسم الخرسانة والبناء المستدام في الرابطة العالمية للإسمنت والخرسانة، أن قوة الخرسانة ومتانتها وسلامتها، ضمنًا مقاومتها للحريق، تعد "السبب الأساسي لاستخدامها على نطاق عالمي واسع".
وقد نجحت صناعة الإسمنت في خفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 25% لكل طن متري بين العامين 1990 و2023. ومع ذلك، فإن الانبعاثات الإجمالية اليوم أعلى مما كانت عليه في العام 2015 بسبب ارتفاع الطلب، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
ويشير دو هونغجيان، المحاضر بالهندسة المدنية في جامعة سنغافورة الوطنية، إلى أن حوالي 90% من الانبعاثات تأتي من الإسمنت نفسه.
والإسمنت هو المادة الرابطة التي تتصلب عند مزجها بالماء، ويُستخدم لربط المكونات الأخرى مثل الرمل والحصى في الخرسانة.
وتتطلب عملية إنتاجه طاقة كثيفة، إذ تُسخن الصخور الجيرية إلى نحو 2000 درجة مئوية، ما ينتج انبعاثات كربونية كبيرة. كما أن الجير، وهو كربونات الكالسيوم، يُطلق ثاني أكسيد الكربون عند درجات الحرارة المرتفعة، الذي يمثل الجزء الأكبر من انبعاثات الإسمنت.
وتبحث العديد من الشركات عن بدائل لتقليل البصمة الكربونية، مثل خلطات خرسانية تمتص الكربون، ومنها الخرسانة السالبة للكربون لشركة "CO2-SUICOM" اليابانية، ومشروع شركة "Seratech" البريطانية التي تستخدم معدن الأوليفين الممتص لثاني أكسيد الكربون.
وقد طوّر قسم علوم المواد في جامعة بنسلفانيا خلطة Diamanti باستخدام التراب المشطورات، وهو مادة طبيعية مسامية غنية بالسيليكا، تتكون من طحالب متحجرة، تُستخدم لاستبدال جزء من الإسمنت.
ويوضح هونغجيان أن هذه المادة الحيوية تخلق "قنوات" داخل الخرسانة تسمح لثاني أكسيد الكربون بالنفاذ تحت السطح. ومع ذلك، فقد بلغ الإنتاج العالمي لهذه المادة 2.6 مليون طن في العام 2023، ما يعني أن التوسّع في استخدامها يتطلب دراسة سلسلة التوريد بعناية.
ويضيف مينسون أن وفرة هذه المادة قد تمثل "حلًا متخصصًا"، لكنها لن تكون حلًا شاملًا، إذ "لا توجد عصا سحرية. يجب اتخاذ إجراءات متنوعة عدة لإدارة الطلب على المواد وتقليل الكربون".
ويشير هونغجيان إلى أن زيادة المساحة السطحية بحد ذاتها تعزز امتصاص ثاني أكسيد الكربون، حتى من دون تغيير المادة.
ويتمثل جانب آخر مبتكر بهذا البحث في زيادة المساحة السطحية؛ فالخرسانة تمتص ثاني أكسيد الكربون، لكن "الطبقة السطحية من الخرسانة، المعرضة للهواء، هي فقط التي تملك القدرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون"، بحسب هونغجيان.
ويضيف هونغجيان أن النهج المزدوج المبتكر لمشروع Diamanti يقدّم للقطاع حلولًا يمكن استخدامها معًا أو بشكل منفصل، موضحًا: "حتى من دون الابتكار في المادة ذاتها، فإن زيادة المساحة السطحية تتيح امتصاصًا أكبر لثاني أكسيد الكربون".
ولا يقتصر المشروع على الجسور فقط، إذ يدرس الفريق استخدام التقنية ذاتها في أنظمة الأسقف الجاهزة وتطبيقات معمارية أخرى.
ويضيف أكبرزاده أنه يأمل أن يفتح Diamanti "بابًا لعالم جديد من الاحتمالات" للخرسانة.
الطباعة ثلاثية الأبعادتصاميمعمارةنشر الجمعة، 24 أكتوبر / تشرين الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.