صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (7)
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
صورٌ ومشاهد من #غزة بعد إعلان #انتهاء_العدوان (7)
استمرار #التدمير_الممنهج والنسف المنظم
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
قد تكون الحرب الطاحنة على قطاع غزة قد توقفت، وانتهت الغارات اليومية الجوية العنيفة، وتوقفت المسيرات الآلية المفخخة، وتراجعت حدة عمليات القصف المدفعي، وتوقف عداد الشهداء اليومي والجرحى، لكن العدو الإسرائيلي الذي لا زال موجوداً بكامل آلياته العسكرية خلف الخط الأصفر في 53% من مساحة قطاع غزة، ما زال يطلق النار على المواطنين الذين يقتربون من الخط الأصفر، التي هي مناطقهم التي كانوا فيها وأجبروا على الخروج منها، وفيها بيوتهم ومساكنهم أو ما تبقى منها، فيقتل بعضهم رغم أنهم لا يشكلون خطراً عليه، حيث يبدو عليهم من بعيد وإذا اقتربوا، أنهم أطفالٌ ونساءٌ وشيوخٌ وشبانٌ، مدنيون نازحون عابرون، ولا يحملون معهم غير ما استطاعوا الحفاظ عليه من فراشٍ ومواعين.
ما زال جيش العدو يصر على ارتكاب المزيد من جرائمه رغم إعلان انتهاء الحرب، والاتفاق على خطة ترامب للسلام، والتزام قوى المقاومة الفلسطينية وحركة حماس بها، ومباشرة تنفيذهم الأمين والدقيق لبنود مرحلتها الأولى، لكنه يتحجج ويخلق الأعذار ويخرق الاتفاق ولا يلتزم ببنوده، فيقصف ويطلق النيران غزيرةً على جموع الفلسطينيين فيقتل بعضهم ويصيب آخرين بجراحٍ، وكأنه يريد العودة إلى الحرب واستئناف العدوان السافر، بعد أن استعاد أسراه الأحياء وأغلب جثامين قتلاه، الذين ما كان ليستعيدهم بالقوة لولا الاتفاق، وبالحرب لولا المفاوضات، ومع ذلك فهو يدعي أنه حقق أهداف الحرب التي أعلن عنها.
لكن الجريمة الكبرى التي ما زال العدو يمارسها بصمتٍ وبعيداً عن الأضواء، فهي تلك التي ينفذها في المناطق التي يسيطر عليها شرق القطاع وجنوبه، حيث تقوم وحداته العسكرية الهندسية وغيرها، بعمليات تدميرٍ ممنهجٍ ومنظم لما بقي من مباني ومنشآت الفلسطينيين في المنطقة، حيث تعمل جرافاته الضخمة فيها ليل نهارٍ، تهدم وتجرف، وتقوم وحداته الهندسية بتفخيخ المباني وتفجيرها، ويحتفي الجنود بمشاهد التفجير والتدمير، ويتباهون بنقل صورها ومظاهر ابتهاجهم بها، ويرسلون مقاطع الفيديو التي توثق جرائمهم إلى عائلاتهم وأصدقائهم، وإلى بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تنشرها وتعلق عليها.
لا يكتفي العدو الإسرائيلي بتكليف جيشه الهمجي بتدمير ما بقي من المساكن والبيوت والمساجد والمدارس والأسواق والمحال التجارية وغيرها، وإنما يسمح للمستوطنين بممارسة هواياتهم المريضة ورغباتهم الخبيثة والمساهمة بأنفسهم في عمليات النسف والتدمير، والهدم والتجريف، فضلاً عن شركاتٍ أخرى، إسرائيلية ودولية، تمتلك معداتٍ وآلياتٍ ضخمة، تعاقدت مع جيش العدو على القيام بأوسع عملية تدمير وتخريب في مناطق القطاع التي يسيطر عليها، ولعل الصور الفضائية التي تلتقط على مدى الساعة لهذه المناطق تبين بوضوحٍ حجم التغيير اليومي الحادث فيها، نتيجة عمليات النسف والتدمير والجرف والهدم والتخريب.
ربما كانت مدينتا رفح وخانيونس وبلداتهما الشرقية، وأحياء الشجاعية وتل المنطار والصبرة والزيتون ومناطق الشريط الشرقي كلها على امتداد الخط الفاصل، هي من أكثر المناطق التي تتعرض لعمليات النسف والتدمير الممنهج، وكأن العدو يسابق الزمن ويتحدى المجتمع الدولي قبل استحقاقات المرحلة الثانية، التي ستفرض عليه الانسحاب من كامل أرجاء قطاع غزة، فأخذ يعمل بجنونٍ على تدمير كل مظاهر الحياة في المنطقة، ليجعل العودة إليها صعبة والحياة فيها مستحيلة، خاصةً في موسم الشتاء الذي بدأت تباشيره، وأخذت نذره تحذر من صعوبة الحياة في المنطقة، التي أصبح أغلبها ركام مبانٍ، وتلال رمالٍ، وشوارع محفرة، وأكوام قمامة ونفاياتٍ مبعثرة ومنتشرة في كل مكان.
أو كأنه ينفذ اتفاقاً سرياً ربما لا نعلمه، بينه وبين الإدارة الأمريكية، وقد يكون هذا هو الأرجح، يخلي فيها المنطقة التي يسيطر عليها خلف الخط الأصفر من السكان، ويدمر ما بقي فيها من مبانٍ، تمهيداً للبدء في مشاريع إعمار وإسكان منظمة، تخضع لقوانين وضوابط أمنية صارمة، يشرف عليها الكيان وحلفاؤه، وتنفذها القوات الدولية المنوي انتشارها في القطاع، وخلال فترة إعادة الإعمار فيها يحشر المواطنون في المناطق الأخرى قبل انتقالهم إلى المناطق المعمرة، بالشروط الأمنية الجديدة، التي تراعي المصالح الإسرائيلية، وتجور كثيراً على الفلسطينيين وحقوقهم، وتقيد حريتهم، وتحرمهم من حقهم في الحياة الكريمة في أرضهم وفوق تراب وطنهم.
يتبع ……
بيروت في 27/10/2025
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: غزة انتهاء العدوان التدمير الممنهج
إقرأ أيضاً:
الفزع الأكبر من انتهاء الحرب وحكاية “العلاقات الثنائية”..!
الفزع الأكبر من انتهاء الحرب وحكاية “العلاقات الثنائية”..!
د. مرتضى الغالي
العالم كله يتحدث عن المفاوضات غير المباشرة التي تجري في واشنطون بين سلطة بورتسودان والبرهان وقواته المسلحة وبين قوات الدعم السريع حول إيقاف الحرب. إلا إعلام البلابسة و(صحفجية اريتريا).. فقد أعلن كبيرهم إن وفد البرهان ذهب لواشنطون ليبحث (العلاقات الثنائية).. وقال وهو يرتجف ما معناه: انه يريد أن يطمئن السودانيين بأنه (لا توجد أي مفاوضات لإحلال السلام وإيقاف الحرب)…!
العالم كله يعلم أن وفد نظام البرهان ووفد الدعم السريع موجودان في واشنطن.. فهل هي زيارة سياحية؟ أم تم ذلك بالمصادفة..؟! هل اطمأن البلابسة إلى كلام البرهان الذي قال فيه لن نفاوض ولن نقبل بالرباعية.. فقام مجلس سيادتهم (بما فيه بت عبد الجبار المبارك) بإصدار البيان الفضيحة في ورق مصقول وهو يؤكد على (عدم وجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة لإيقاف الحرب) ثم كذّب وزير خارجية البرهان بيان “مجلس سيادة البرهان” وأعلن في بيان علني مضاد عن وجود مفاوضات مع أمريكا بواشنطون (لدعم السلام في السودان)..!!
ثم يأتي كلام المبعوث الأمريكي المقرّب جداً من الرئيس الأمريكي “مسعد فارس بولس” الذي قال إن المباحثات تناقش (إنهاء الحرب في السودان وتبحث ملفات الإرهاب والعلاقات الثنائية)..!
وكل المراقبين في العالم يعلمون انه أضاف كلمة “مفاوضات ثنائية” من أجل إرضاء البرهان أو (زحلقته) لقبول المسعى الأمريكي والرباعية..! ولكن إعلام مؤيدي الحرب تجاهلوا عمداً الفقرة الأولى والثانية (إنهاء الحرب وملفات الإرهاب) ومسكوا في (العلاقات الثنائية).. وظهرت على وجوههم قترة وعلى شفاههم جفاف ونزل عليهم وجوم شديد. مع صعوبة بائنة في (بلع الرق)..!
إن خوفهم الأكبر أن تتوقف الحرب وينقطع باب المنفعة.. فانتهاء الحرب يعنى صفعة مدوية على الوجه وركلة طرشاء على القفا..!
هل هناك شك في وجود وفد البرهان بواشنطون وهم يعلمون أنه هناك؛ وأنه يضم وزير خارجيته محيي الدين سالم ورئيس هيئة استخباراته العسكرية محمد علي صبير ونائب مدير جهاز مخابراته العامة عباس بخيت وسكرتيره الخاص في مجلس سيادته عمرو أبو عبيدة..!
هذا هو الوفد.. وهذه هي المفاوضات… سواء نجحت أو تأجلت أو فشلت.. وسواء كانت مباشرة أو (عبر لفة الكلاكلة).. وسواء سحب البرهان وفده أو أبقاه.. فما داعي الكذب على النفس وعلى الناس بأن السفر إلى واشنطن كان من اجل (المباحثات الثنائية)..؟!
وحتى لا يخدع (البراهنة والكماملة والبلابسة) وقادة الحرب مناصريهم المنتفعين أو (المخمومين) فإن الرباعية التي يجلس في خيمتها وفد البرهان هي دول (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات).. وان مرامي هذه المفاوضات (أو إذا أردت أن تسميها المباحثات أو اللقاءات أو المشاورات أو المداولات) تتضمّن أربعة أهداف إستراتيجية أكدها المبعوث الأمريكي ولخّصها الصحفي الاستقصائي المتخصّص في كواليس الإدارة الأمريكية عبد الرحمن الأمين” وهي:
تحقيق وقف دائم لإطلاق النار
تأمين هدنة إنسانية عاجلة
وقف الدعم الخارجي لطرفي الحرب
المضي نحو انتقال للحكم المدني.
هذه ليست تخريجات أو تحليلات.. إنما (ترجمة حرفية) لما ذكره المبعوث الأمريكي مسعد بولس في تغريدته؛ ويلفت عبد الرحمن الأمين النظر إلى ما ختم به بولس تغريدته حيث ذكر الرئيس ترمب شخصياً وليس الإدارة الأمريكية بقوله: (الرئيس ترمب يريد السلام ونحن “متحدون” في التزامنا بإنهاء معاناة الشعب السوداني)..!
ويفسّر الأستاذ الأمين القصد من عبارة (نحن متحدون) بأن بولس عنى بها انه لا تباين في مواقف شركاء الرباعية..! ثم يشير أن الرباعية بمجمل عضويتها أقرّت إنشاء لجنة تشغيلية مشتركة لتعزيز التنسيق بشأن الأولويات العاجلة..!
طيّب.. هل نحن كسودانيين مناصرين لثورة ديسمبر ومصطفين ضد هذه الحرب الفاجرة نعوّل على أمريكا في إقامة الحكم المدني وإعادة الاستقرار للسودان..؟! (أبداً والله)..!
هذا أمرٌ من شأن السودانيين وثورتهم وقواهم المدنية.. ولكننا مع إيقاف الحرب (بأعجل ما تيسّر).. صوناً لدماء السودانيين وحذراً من المآلات المُظلمة كقِطع الليل..! ولا احد يستطيع أن يمنع تفاعلات العالم الخارجي والأسرة الدولية مع هذه الكارثة الدموية المريعة…!
وإذا كانت جماعة الحرب وسلطة البرهان والكيزان لا تؤمن بذلك وترى أنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم.. وأنهم قادرون على تحدي الإرادة الدولية.. فما الذي يدفعهم للذهاب إلى جنيف والمنامة وواشنطون..؟! وما الذي دفع جماعتهم الإعلامية للذهاب إلى لندن (للدفاع عن الحرب) والترويج لها بأنها (ندوة عن السلام)..!
نهاية الحرب معناها إغلاق طاحونة الاسترزاق والنهب.. ومنع الكيزان من استباحة الوطن.. ولسنا في حاجة لتذكير أصحاب (الأوداج المنتفخة) بدماء السودانيين وكرامتهم المهدورة.. ولنتركهم لفزعهم الأكبر من فكرة نهاية الحرب..! تباً لمستجدي النعمة.. سارقي اللقمة… أصحاب القلب الخاوي و(الفك المفتري)… الله لا كسّبكم…!
الوسومالإمارات الرباعية الدولية السعودية السودان المجتمع الدولي المنامة الولايات المتحدة ترمب جنيف د. مرتضى الغالي مسعد بولس مصر واشنطن