اتفاق مرتقب بين ترامب وشي يهز الذهب والأسهم
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
شهد الاقتصاد العالمي الآونة الأخيرة تصاعدا جديدا في حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بعدما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات الصينية بدءا من الشهر المقبل، ردا على تشديد بكين قيودها على صادرات المعادن النادرة التي تُعد أساسية في الصناعات المتقدمة والتقنيات الحديثة.
وفي ظل هذا التصعيد، يقف الاقتصاد العالمي عند مفترق حاسم، إذ لم تعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم مجرد نزاع ثنائي، بل تحولت إلى زلزال اقتصادي يعيد تشكيل سلاسل الإمداد العالمية، ويهدد بزيادة معدلات التضخم وتقويض ثقة المستثمرين بالأسواق الدولية.
لقاء ترامب وشي حدث مفصليويأتي اللقاء المرتقب بين الزعيمين الأميركي ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبيك) الخميس بوصفه حدثا مفصليا، إذ تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن يسفر عنه من تفاهمات أو مفاوضات قد تُعيد بعض التوازن للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، بما ينعكس على أسواق المال والذهب والاقتصاد العالمي بأسره.
وقال الرئيس الأميركي إنه "سيخرج باتفاق" عندما يلتقي الزعيم الصيني، وأوضح للصحفيين بعد زيارته ماليزيا لحضور قمة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، حيث توصّل إلى اتفاقيات تجارية أولية مع ماليزيا وتايلند وكمبوديا وفيتنام: "لدي احترام كبير للرئيس شي… أعتقد أننا سنخرج باتفاق".
ويأتي هذا التصريح بعد توصل مسؤولين أميركيين وصينيين إلى اتفاق مبدئي يُجنب الجانبين تهديدات الرسوم الجمركية الضخمة والقيود التجارية، بينما يستعد زعيما أكبر اقتصادين في العالم للقاء هو الأول من نوعه منذ عام 2019.
وقال ستيفن إينيس من شركة "إس بي آي" لإدارة الأصول إن "هذه ليست مجرد دبلوماسية لالتقاط الصور. وراء هذه الاستعراضات، وضَع كبار المسؤولين التجاريين في واشنطن وبكين بهدوء إطار عمل قد يمنع أكبر اقتصادين في العالم من التنافس بقوة مرة أخرى"، وفقا لصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية.
ملامح الاتفاقاختتم وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير يومين من المفاوضات المكثفة مع هي ليفينغ نائب رئيس الوزراء الصيني والمفاوض التجاري لي تشينغ قانغ، إذ أعلن الجانبان توصلهما إلى توافق أولي حول عدد من القضايا الرئيسية.
إعلانويأتي هذا التطور قبيل اللقاء المرتقب بين ترامب وشي، مما يضفي على الاجتماع أهمية استثنائية في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وحسب مصادر متعددة من بينها "غارديان"، و"إن بي سي نيوز"، و"بي بي سي"، و"سي إن إن"، ومنصة "بوليتكو"، فإن الجانبين توصلا إلى إطار عمل يتضمن عددا من البنود الأساسية:
المعادن الأرضية النادرةيتضمن الإطار ترتيبات تسمح للصين بتأجيل ضوابط التصدير الموسعة على المعادن الأرضية النادرة والمغناطيس، التي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر/كانون الأول.
وقد أثارت هذه القيود مخاوف بشأن اضطرابات سلسلة التوريد عبر الصناعات من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية وتكنولوجيا الدفاع، وقال بيسنت إن الاتفاق يشير إلى أن الصين "ستؤجل" هذه الضوابط لمدة عام، ضمن الهدنة التجارية المؤقتة.
الرسوم الجمركية بنسبة 100%صرح وزير الخزانة الأميركي بأن الرسوم الجمركية المهددة بنسبة 100% على الواردات الصينية لم تعد مطروحة حاليا، في ما يُعد تحولا جذريا عن النهج التصعيدي الذي طبع الأسابيع الماضية، مؤكدا أن الإطار الجديد يمهد لمرحلة أكثر استقرارا في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.
أشار بيسنت إلى أن الصين وافقت على شراء كميات كبيرة من فول الصويا الأميركي، وهو ما يمثل متنفسا للمزارعين الأميركيين الذين عانوا من تراجع حاد في الصادرات إلى الصين خلال المواسم الماضية.
تيك توكوضع المفاوضون اللمسات الأخيرة على تفاصيل عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة، منهين نزاعا استمر منذ أن واجهت المنصة شروطا لبيع أصولها الأميركية.
وأوضح بيسنت أن الاتفاق يتضمن "اتفاقا نهائيا" بشأن بيع "تيك توك"، وأن التفاصيل ستكون جاهزة ليوقعها ترامب وشي خلال لقائهما.
الفينتانيلتوصل الجانبان إلى اتفاق مبدئي بشأن تعزيز التعاون لوقف تدفق المواد الكيميائية الأولية المستخدمة في إنتاج المخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة.
وقال كبير المفاوضين التجاريين الصينيين لي تشينغ قانغ إن الجانبين توصلا إلى "إجماع أولي" سيخضع لاحقا لإجراءات الموافقة الداخلية، مشيرا إلى أن المشاورات كانت "مكثفة وبنّاءة".
سيكون للاتفاق بين الولايات المتحدة والصين أثر بالغ على الاقتصاد العالمي. وقال نايجل غرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة ديفير، إن الاتفاقية "تجسد ما كانت الأسواق تنتظره"، مضيفا أنها المحفز الذي "يحرك كل شيء دفعة واحدة"، وفقا لمنصة "نيوز غانا".
ويرى غرين أن هذا الإطار يُمثل نقطة تحول في الاقتصاد العالمي، إذ إن سلاسل التوريد ظلت رهينة حالة عدم اليقين لأشهر، أما الآن فلدى المصنعين والأسواق مسار واضح للمضي قدما، مع توقع تداعيات واسعة من أشباه الموصلات والشحن إلى السلع الأساسية وديون الأسواق الناشئة.
الأسهم الأميركية والآسيوية تقفز لمستويات قياسيةقفزت الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية في تعاملات ما قبل افتتاح السوق، وسط توقعات التوصل إلى اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة.
إعلانوأدى التفاؤل إلى تراجع الأصول الآمنة مثل الذهب، وتعزيز البورصات العالمية. فقد ارتفعت أسهم الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، منها "علي بابا" و"جيه دي دوت كوم" بنسبة تجاوزت 2.3%، و"بي دي دي" بنسبة 1.9%، و"بايدو" بنسبة 5%، في حين ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي 0.5%، و"ستاندرد آند بورز 500″ بنسبة 0.8%، و"ناسداك 100″ بنسبة 1.1%، وفقا لصحيفة "ذا تلغراف".
وتزامن ذلك مع ارتفاع الأسهم الآسيوية أيضا، حيث تجاوز مؤشر "نيكي 225" الياباني 50 ألف نقطة لأول مرة، بينما استقر مؤشر "ستوكس 600″ الأوروبي و"فوتسي 100" في لندن، وارتفع "داكس" الألماني 0.15%، وفقا لمنصة "يورو نيوز".
عقب الإعلان عن الاتفاق الأولي، ارتفع الدولار إلى أعلى مستوياته في أكثر من أسبوعين مقابل الين، مما جعل الذهب أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
وقال المحلل في "كابيتال دوت كوم" كايل رودا إن الاتفاق التجاري المحتمل بين الولايات المتحدة والصين "جاء بشكل غير متوقع وحمل مفاجأة إيجابية للأسواق، لكنه في المقابل كان سلبيا بالنسبة للذهب".
وأضاف أن العوامل التي حفزت ارتفاع الذهب تلاشت حاليا، مع استقرار معنويات السوق، موضحا أن السبب الوحيد الذي قد يدعم الذهب مستقبلا هو احتمال استمرار السياسات النقدية التيسيرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الولایات المتحدة الاقتصاد العالمی الرسوم الجمرکیة ترامب وشی إلى اتفاق بنسبة 100
إقرأ أيضاً:
اتفاق مبدئي أميركي صيني بشأن المعادن والرسوم قبل اجتماع ترامب وشي
أعد مسؤولون أميركيون وصينيون إطار عمل لاتفاق تجاري تمهيدا لعرضه على الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ في اجتماعهما في وقت لاحق من الأسبوع الجاري سيعلق في حال إقراره الرسوم الجمركية الأميركية على الصين والقيود الصينية على صادرات المعادن الإستراتيجية.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن المحادثات التي جرت على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في كوالالمبور أزالت تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية 100% على الواردات الصينية بدءا من أول نوفمبر/تشرين الثاني.
ويتوقع بيسنت أن تؤجل الصين تطبيق نظام تراخيص المعادن الإستراتيجية لعام حتى تعيد النظر في هذه السياسة.
وكان المسؤولون الصينيون أكثر حذرا بشأن المحادثات، ولم يقدموا أي تفاصيل عن نتائج الاجتماعات.
ومن المقرر أن يجتمع ترامب وشي يوم الخميس على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في جيونج جو بكوريا الجنوبية، وأعلن البيت الأبيض رسميا عن المحادثات المرتقبة بين ترامب وشي، لكن الصين لم تؤكد بعد اللقاء المرتقب.
وقال بيسنت للصحفيين: "أعتقد أن لدينا إطار عمل ناجحا للغاية سيناقشه القادة يوم الخميس".
والتقى بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه لي فنغ وكبير المفاوضين التجاريين لي تشنغ غانغ على هامش اجتماع رابطة آسيان في جولة خامسة من المناقشات بالحضور الشخصي منذ مايو/أيار الماضي.
وقال بيسنت إنه يتوقع تمديد هدنة الرسوم الجمركية مع الصين إلى ما بعد تاريخ انتهائها في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، واستئناف الصين عمليات شراء كبيرة من فول الصويا الأميركي بعد توقفها عن الشراء في سبتمبر/أيلول الماضي واختيارها الشراء من البرازيل والأرجنتين.
وأضاف بيسنت في تصريحات لشبكة (إيه بي سي) أن مزارعي فول الصويا الأميركيين "سيشعرون بارتياح كبير حيال ما يحدث في هذا الموسم والمواسم القادمة لعدة سنوات" بمجرد الإعلان عن شروط الاتفاق.
إعلانمن جهته، قال جرير لبرنامج (فوكس نيوز صنداي) إن الجانبين اتفقا على تعليق بعض الإجراءات العقابية، ووجدا "مسارا للمضي قدما يتيح لنا الحصول على مزيد من المعادن الإستراتيجية من الصين ومحاولة موازنة عجزنا التجاري من خلال المبيعات الأميركية".
حذر صينيأكد لي تشنغ غانغ أن الجانبين توصلا إلى "توافق مبدئي"، وسيخضع الاتفاق بعد ذلك لمراجعات داخلية من كل طرف من أجل الموافقة عليه.
وقال: "كان موقف الولايات المتحدة حازما، في حين كانت الصين صارمة في الدفاع عن مصالحها وحقوقها.. أجرينا مشاورات مكثفة للغاية، وخضنا مناقشات بناءة لاستكشاف الحلول والترتيبات اللازمة لمعالجة هذه المخاوف".
ووصل ترامب إلى ماليزيا اليوم لحضور قمة آسيان، وهي محطته الأولى في جولته الآسيوية التي تستمر 5 أيام، ومن المتوقع أن تختتم بلقاء مباشر مع الرئيس الصيني شي في كوريا الجنوبية في 30 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وبعد المحادثات التي جرت بين الجانبين، تحدث ترامب بنبرة إيجابية قائلا "أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق مع الصين".
وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 100% على البضائع الصينية وغيرها من القيود التجارية بدءا من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، ردا على توسيع الصين ضوابط تصدير المعادن الإستراتيجية.
وتسيطر الصين على أكثر من 90% من إمدادات العالم من هذه المواد، والتي تعد ضرورية لتصنيع التكنولوجيا الفائقة من السيارات الكهربائية إلى أشباه الموصلات والصواريخ، ومن شأن ضوابط التصدير وتهديد ترامب بالانتقام أن يعطل هدنة حساسة دامت 6 أشهر خفضت بموجبها الصين والولايات المتحدة الرسوم الجمركية التي تصاعدت بسرعة إلى معدلات في خانة المئات من كل جانب.
وقال المسؤولون الأميركيون والصينيون إنهم ناقشوا أيضا التوسع التجاري وأزمة الفنتانيل ورسوم دخول الموانئ الأميركية ونقل ملكية تيك توك إلى الولايات المتحدة.
وقال بيسنت لبرنامج (ميت ذا برس) على قناة (إن بي سي) إنه يتعين على الجانبين التوصل إلى تفاصيل صفقة تيك توك، مما يسمح لترامب وشي "بإتمام الصفقة" في كوريا الجنوبية.
نقاط النقاشعلى هامش قمة آسيان، ألمح ترامب إلى احتمال عقد اجتماعات مع شي في الصين والولايات المتحدة.
وقال: "اتفقنا على الاجتماع. سنلتقي بهم لاحقا في الصين، وسنلتقي في الولايات المتحدة، إما في واشنطن وإما في مارا لاغو" في إشارة إلى منتجع الرئيس الأميركي في ولاية فلوريدا.
ومن المسائل التي سيثيرها ترامب مع شي مشتريات الصين من فول الصويا الأميركي والمخاوف بشأن تايوان وملفات أخرى إعلامية.
وأصبح احتجاز مؤسس صحيفة (آبل ديلي) المؤيدة للديمقراطية التي توقفت عن الصدور الآن المثال الأبرز على حملة الصين لمصادرة الحقوق في هونغ كونغ.
واشتعل التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ فشلت الهدنة التجارية الهشة في منع الطرفين من اتخاذ إجراءات متبادلة مثل فرض مزيد من العقوبات وقيود التصدير والتهديد بخطوات أخرى أكثر صرامة.
وجرى التوصل إلى الهدنة بعد جولة أولى من محادثات التجارة في جنيف في مايو/أيار وجرى تمديدها في أغسطس/آب.
إعلانوتسببت الضوابط الصينية الموسعة لصادرات المعادن الإستراتيجية في نقص عالمي، مما دفع إدارة ترامب إلى النظر في حرمان الصين من المنتجات التي تدخل برمجيات أميركية في تصنيعها والتي تتراوح بين أجهزة الكمبيوتر المحمولة ومحركات الطائرات.