ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: السلام يبدأ من سلامة النفس والمجتمع والإنسانية
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
واصل ملتقى «الأزهر للقضايا المعاصرة» فعالياته الأسبوعية، امس، في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت عنوان: «نظرة الإسلام إلى السلام»، وذلك في إطار جهود الأزهر الشريف لنشر قيم الرحمة والتعايش الإنساني، ودحض المفاهيم المغلوطة التي تسيء إلى سماحة الإسلام وتُشوّه مقاصده.
وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر.
وشارك في الملتقى كلٌّ من: الدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.
وأكّد الدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، أن موضوع السلام يُعدّ من أهم القضايا التي ينبغي للأمة أن تستوعبها وتُجسّدها في واقعها، مشيرًا إلى أن أصل الكلمة في اللغة العربية يكشف عن معاني الرحمة والوئام والمحبة، فكل الكلمات المشتقة من الجذر (س ل م) تدور حول السكينة والطمأنينة والأمان، ومنها الإسلام والسلام والسلامة، وهو ما يبرز أن هذا الدين في جوهره دعوةٌ للسلام مع النفس ومع الآخر ومع الكون كله.
وبيَّن أنَّ السلام في الإسلام ليس مجرد شعار، بل هو اسم من أسماء الله الحسنى، وهو تحية المؤمنين في الدنيا والآخرة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾، وبحديث النبي ﷺ في رحلة الإسراء والمعراج حين قال: «التحيات لله والصلوات والطيبات»، فردّ الله تعالى عليه بقوله: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، ثم قال الملائكة: «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين»، موضحًا أن هذا الحوار السماوي الشريف يُجسّد أن السلام صلةٌ بين الأرض والسماء، وبين العبد وربّه، وأنه دعاء مستجاب ورحمةٌ دائمة تفيض على المؤمنين في حياتهم وبعد مماتهم.
من جانبه، أوضح الدكتور حبيب الله حسن أحمد، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، أن كلمة «السلام» من أكثر الكلمات تداولًا على الألسنة في العصر الحديث، حتى أصبحت شعارًا تتبناه المحافل الدولية والإقليمية، وتردده وسائل الإعلام في كل مكان، غير أن واقع البشرية يشهد تناقضًا صارخًا بين القول والعمل، وكأن الناس قد وقعوا فيما حذّر الله منه في قوله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، مشيرًا إلى أن أكثر من يرفعون شعارات السلام هم في الواقع أكثر من ينتهك حرماته ويعتدون على الإنسانية في أبشع صورها.
وبيَّن أنَّ السلام في الإسلام لا يقتصر على الخطب والشعارات، بل هو منهج حياةٍ شامل، يبدأ من سلام النفس مع ذاتها، ويمتد إلى سلام المجتمع في علاقاته، ثم إلى سلام الأمم في تعاملها، مؤكدًا أن السلام الحقيقي هو الذي يصدر عن الإيمان بالله واحترام كرامة الإنسان، وأن الإسلام حين جعل «السلام» تحيةً للمؤمنين إنما أراد غرس هذا المعنى في السلوك قبل اللسان، ليكون المسلم داعيًا للسلام بفعله لا بمجرد قوله، فسلام الفرد هو أساس سلام الإنسانية جمعاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جهود الأزهر الجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر لرئيس إيطاليا: لا سلام في الشَّرق الأوسط بدون إقامة الدولة الفلسطينيَّة المستقلَّة
أوضح بسام راضي سفير مصر في روما أن الرئيس الإيطالي سيرجيو ما تاريلا حرص بعد ظهر اليوم على لقاء شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر احمد الطيب بالقصر الجمهورى الايطالي صباح اليوم، وذلك بحضور السفير المصرى والمستشار محمد عبد السلام والدكتورة سحر نصر امين عام بيت الزكاة والصدقات بالأزهر الشريف، وذلك على هامش مشاركة فضيلة شيخ الأزهر للعاصمة روما للمشاركة فى المؤتمر العالمى المنعقد حاليا فى روما تحت عنوان "ايجاد الشجاعة لتحقيق السلام".
وأكَّد شيخ الأزهر أثناء اللقاء على إنه لا سلام في الشَّرق الأوسط بدون إقامة الدولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس الشَّريف وحصول الفلسطنيين على حقوقهم كاملة معربا عن تقديره للدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية خلال وأحييها على هذه الشُّجاعة التي تُجسِّدُ صحوة الضَّمير الإنساني وانتصاره للحَقِّ الفلسطيني المسلوب، معربا عن الأمل أنْ يكون هذا الاعتراف خطوةً عمليَّةً على طريق حل القضية.
كما اشار فضيلته إلى وثيقة الأخوة الإنسانيَّة التي وقعها مع الراحل البابا فرنسيس والتى جسَّدت ضمير العالم الحر عام 2019م. موضحا انه تم التوضيح فيها أن السلام ليس أمرًا سلبيًا يتمثل في غياب السلاح، فهذا مما لا سبيل إليه بحال، بل هو أمر إيجابي ووجودي يتمثل في حضور العدل، وبينّا أن العدل ليس انتصارًا لطرف على آخر، وإنما هو انتصار للإنسان على نوازع الأنانية والهيمنة والأطماع المادية التي تسيطر على مسرح حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية.
ومن جانبه اكد الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا ترحيبه وسعادته بلقاء فضيلة شيخ الأزهر مثمنا دور الأزهر كمنارة عالمية لنشر مباديء صحيح الدين الاسلامى ومبادئه التى تدعو للتعايش السلمى والسلام، وكذلك دور مصر المحورى بقيادة الرئيس السيسي فى منطقة الشرق الأوسط والذى تجسد مؤخرا في بلورة اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار فى غزة موكدا انه يقدر ضرورة اتساع الأفق السياسي لحل شامل وكامل للقضية الفلسطينية وفق المرجعيات الشرعية الدولية لإنهاء تلك الحالة من الحروب في المنطقة التى لم تتوقف منذ القرن الماضي وان إيطاليا دوما ما تدعو الي السلام والتهدئة والتعاون مع مصر لبلوغ تلك الأهداف المنشودة.
وقد قدم فضيلة شيخ الأزهر الشريف هدية الي الرئيس الايطالى عبارة عن لوحة فنية تعبر عن ما تضمنته من قيم ومعانى وثيقة الاخوة الإنسانية الموقعة بين الأزهر الشريف والفاتيكان ولقيمة وعظمة الإيمان بالله مع صورة لكل من الأزهر الشريف والفاتيكان، الأمر الذي كان له صدي وتقدير عميق لدي الرئيس الإيطالي.