أستاذ قانون دولي: دارفور تنزف والعالم يكتفي بالمشاهدة.. والتدخل الدولي لم يعد خيارا بل واجبا
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف الدامي في إقليم دارفور، وتتحول مدينة الفاشر إلى مسرح مفتوح لواحدة من أبشع الكوارث الإنسانية، تتزايد التحذيرات من وقوع إبادة جماعية شاملة تهدد حياة عشرات الآلاف من المدنيين العزل.
فمع عجز المجتمع الدولي عن وقف نزيف الدم المستمر، وتعثر الجهود الإقليمية في احتواء الأزمة، تبدو الأوضاع في السودان عامة، ودارفور على وجه الخصوص، أمام مفترق طرق حاسم سيحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، أن مدينة الفاشر تقف على “مفترق طرق خطير”، وأن العالم أمام “خيارات مصيرية” لا تحتمل التأجيل، مطالبًا بتحرك دولي عاجل تحت مظلة الأمم المتحدة لوقف المجازر المستمرة وإنقاذ الأرواح.
أستاذ قانون دولي: الفاشر على مفترق طرق والعالم أمام خيارات حاسمةقال الدكتور محمد محمود مهران أن مدينة الفاشر السودانية تقف على مفترق طرق خطير بعد الإبادة الجماعية المستمرة وأن المجتمع الدولي أمام خيارات حاسمة ستحدد مصير آلاف الأرواح البريئة.
حدد الدكتور مهران عدة إجراءات عاجلة من منظور القانون الدولي يجب اتخاذها فورا، تبدأ بإصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع من الميثاق يفرض وقفا فوريا لإطلاق النار وحماية المدنيين، موضحا أن المادة 39 من الميثاق تمنح المجلس صلاحية تحديد وجود تهديد للسلم والأمن الدوليين واتخاذ التدابير اللازمة.
واضاف أنه يجب نشر قوات حماية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي لحماية المدنيين ومنع استمرار الجرائم، مؤكداً أن مبدأ مسؤولية الحماية المعتمد في قمة الأمم المتحدة 2005 يلزم المجتمع الدولي بالتدخل عندما تفشل الدولة في حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وأشار أيضا الي ضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة فورا لإيصال المساعدات الغذائية والطبية العاجلة ووقف استخدام التجويع كسلاح حرب، لافتا إلى أن القانون الدولي الإنساني يلزم أطراف النزاع بتسهيل مرور المساعدات الإنسانية وأن منعها يشكل جريمة حرب.
كما أكد علي أهمية إحالة الوضع في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي الجرائم، موضحا أن مجلس الأمن سبق أن أحال الوضع في دارفور للمحكمة عام 2005 ويجب تفعيل هذا الملف وإصدار مذكرات اعتقال جديدة بحق المسؤولين عن الجرائم الحالية.
وتابع: مع فرض عقوبات اقتصادية وسياسية صارمة على القادة المسؤولين عن الجرائم بما في ذلك تجميد الأصول ومنع السفر وحظر توريد الأسلحة، مؤكدا أن المادة 41 من الميثاق تمنح مجلس الأمن صلاحية فرض تدابير لا تتطلب استخدام القوة المسلحة، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم وجمع الأدلة لاستخدامها أمام المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية.
وحول السيناريوهات المحتملة للفترة القادمة حدد أستاذ القانون الدولي ثلاثة احتمالات رئيسية، متمثلة فى السيناريو الأول والأسوأ: استمرار التقاعس الدولي مما يؤدي لإبادة جماعية كاملة في الفاشر وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا وتهجير قسري لمئات الآلاف، محذار من أن هذا السيناريو سيكرر مأساة رواندا ويلطخ سمعة المجتمع الدولي للأبد.
ولفت الي أن السيناريو الثاني يتمثل فى تدخل إقليمي محدود من دول الجوار أو الاتحاد الأفريقي لوقف المجزرة دون غطاء دولي كامل موضحا أن هذا قد يوقف النزيف مؤقتا لكنه لن يحقق حلا مستداما دون التزام دولي شامل.
أما السيناريو الثالث والأكثر إيجابية أشار إلي امكانية تحرك دولي حاسم بقيادة مجلس الأمن يوقف المجزرة ويفرض حلا سياسيا شاملا، مؤكدا أن هذا السيناريو يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة والصين وروسيا للتغلب على خلافاتها وإنقاذ الأرواح.
وختم الدكتور مهران بنداء عاجل للمجتمع الدولي مؤكدا أن الوقت ينفد والفرصة الأخيرة لإنقاذ الفاشر قد تضيع قريبا. وشدد على أن القانون الدولي يوفر جميع الأدوات اللازمة لكن المطلوب هو إرادة سياسية وضمير إنساني حي محذرا من أن التاريخ لن يرحم الصامتين على هذه المجزرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفاشر دارفور السودان الإبادة الجماعية المساعدات الإنسانية مجلس الأمن الدولي القانون الدولی المجتمع الدولی مجلس الأمن مفترق طرق
إقرأ أيضاً:
خالد عكاشة: ما يحدث في السودان بات يتطلب رسم خط أحمر جديد لحماية الأمن الإقليمي
قال الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن ما يحدث في السودان بات يتطلب رسم خط أحمر جديد لحماية الأمن الإقليمي، محذرًا من أن سقوط مدينة الفاشر يمثل تطورًا بالغ الخطورة على وحدة الدولة السودانية.
مركز للصراعات المسلحةوأوضح "عكاشة" خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "المشهد" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأربعاء، أن الفاشر تُعد آخر نقطة كانت تمارس فيها الدولة السودانية سيادتها داخل إقليم دارفور، الذي وصفه بأنه مساحة هائلة تعادل نصف مساحة مصر تقريبًا، وتاريخيًا هو مركز للصراعات المسلحة وعدم الاستقرار.
وأشار إلى أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ارتكب مجازر في دارفور خلال فترة حكم البشير، وهو ما يعكس استمرار دوامة العنف التي لم تنجح الدولة السودانية في احتوائها.
وقال: “دارفور لم تمتد إليها يد الدولة لتحديثها أو تطويرها بسبب ضعف الإمكانيات، وهو ما شجع الميليشيات على التمرد والانقضاض على مؤسسات الدولة”.
سيولة سياسية وأمنيةوأضاف أن إقليم دارفور يعيش ما يمكن تسميته باللعنة الجغرافية، إذ تحيط به دول هشة تعاني من سيولة سياسية وأمنية، مما جعل الإقليم ساحة مفتوحة للصراعات والتدخلات الإقليمية.
وأوضح أن هذه العوامل "حولت دارفور إلى بؤرة توتر مزمنة يصعب السيطرة عليها دون تدخل إقليمي منظم ورسم خطوط واضحة تحمي الأمن القومي العربي والإفريقي."