علي جمعة يرد على منتقدي التصوف: لا نُدين التصوف بجهل أدعيائه
تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن التصوف الأصيل هو جوهر الإحسان في الدين، وهو طريق التزكية والتهذيب، وليس كما يظنه البعض من مظاهر محدثة أو ممارسات بعيدة عن روح الإسلام، مشددًا على أن الإسلام لا يُقاس بتصرفات بعض المنتسبين إليه، تمامًا كما لا يُحاكم التصوف بأفعال من انحرفوا عن نهجه.
                
      
				
الخلط بين التصوف وأفعال بعض المنتسبين إليه
أوضح جمعة في منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك أن كثيرًا من الناس في هذا العصر خلطوا بين التصوف الصحيح وبين تصرفات بعض الصوفية، كما خلط كثيرون بين أفعال المسلمين وبين الإسلام ذاته.
وأضاف: «أفعال المسلمين في أي زمان أو مكان لم تكن حجة على الإسلام، فالنبي ﷺ حذّر الناس من فساد الزمان والبعد عن السنة، وأرشد إلى التمسك بجماعة المسلمين وإمامهم وقت الفتن».
واستشهد بحديث حذيفة رضي الله عنه، الذي رواه البخاري ومسلم، وفيه أن النبي ﷺ وصف حال الأمة في أزمنة الفتن والاختلاف، مبينًا أن النجاة تكون بالتمسك بالجماعة والابتعاد عن دعاة الضلالة.
التصوف اجتهاد منضبط بالكتاب والسنة
وأشار جمعة إلى أن العلماء من أهل التصوف قيدوا سلوكهم بالكتاب والسنة، واجتهدوا في فهم مقاصدهما كما اجتهد الفقهاء والمتكلمون، مؤكدًا أن منهجهم لم يخرج عن أصول الدين.
وقال: «العلماء من أهل التصوف اجتهدوا في تزكية النفوس على ضوء القرآن والسنة، فليس في منهجهم ابتداع ولا خروج عن الشريعة، وإنما هو اجتهاد مقيد بالوحي الإلهي».
منهج النبي في تصحيح الانحرافات
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن المنهج النبوي في الإصلاح قائم على التمييز بين الأصل والانحراف، لا على هدم الكل بسبب البعض، ضاربًا المثل بموقف النبي ﷺ من الأصنام التي كانت حول الكعبة؛ إذ لم يهدم الكعبة، بل أزال الأصنام وأبقى الأصل.
وأضاف: «كذلك علينا أن نُخلّص التصوف من البدع لا أن نهدمه، كما خلّص النبي ﷺ شريعة إبراهيم من الشوائب التي ألصقها بها المشركون».
وأشار إلى قوله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]،موضحًا أن الصحابة كانوا يتحرّجون من السعي بين الصفا والمروة لأن المشركين كانوا يفعلونه، فأنزل الله الآية لتوضيح أن العبادة الأصلية تبقى مشروعة إذا خُلِّصت من مظاهر الشرك والبدع.
التصوف في جوهره تربية للنفس لا مظهر خارجي
وبيّن جمعة أن التصوف في جوهره حفظ مرتبة الإحسان، وأنه قائم على التزكية والزهد والورع والتقوى وأعمال القلوب، مشيرًا إلى أن كبار الأئمة كتبوا في هذه المعاني، مثل الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الجنيد، وسفيان الثوري، والحارث المحاسبي وغيرهم.
وقال: «لكن في عصرنا الحاضر اختلط الأمر على كثيرين، فهناك من أدخل البدع والانحرافات في التصوف، وهناك من هاجم التصوف كله بسبب هؤلاء، والتصوف الحق بريء من الطرفين».
تحذير من المتشددين وأدعياء السلفية
وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن من أخطر ما ابتُليت به الأمة اليوم وجود من يتزيّا بزيّ الدين في الظاهر، لكنه يخالف المنهج النبوي في الباطن، فقال:
«تراه يطلق لحيته ويقصر ثوبه ويضع السواك فوق أذنه، فيظن الناس أنه من السلف الصالح، لكنه في الحقيقة مخالف للمنهج النبوي، يقول من كلام خير البرية ولا يجاوز إيمانه تراقيه»، في إشارة إلى حديث النبي ﷺ عن الخوارج.
وختم بقوله: «التصوف هو المنهج الذي يربط بين الشريعة والحقيقة، بين العبادة والسلوك، وهو السبيل إلى تزكية النفس التي أمرنا الله بها في قوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 9-10]».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جمعة الأزهر الأزهر الشريف التصوف منهج النبي النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: حجة الوداع لقاءً مهمًّا بين النبي ﷺ والمسلمين
حجة الوداع.. قالت دار الإفتاء المصرية إن حجة الوداع لقاءً مهمًّا بين النبي ﷺ والمسلمين، وفيها أرسى رسولُ الله ﷺ القواعدَ التي تضمن للإنسان والمجتمع حياة آمنة ومستقرة، وكذا التطور والنَّماء للفرد خاصة وللمجتمع بصفة عامة.
حجة الوداع:وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى في حَجَّةِ الوداع: «إنَّ دِماءَكُم وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا» أخرجه مسلم.
دروس حجة الوداع
وقال النبي ﷺ في خطبة الوداع: «..وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.. [أخرجه مسلم]
تفسير حجة الوداع:
وأوضح الأزهر أن المعنى أنه ﷺ يقول لأمَّته في آخر كلماته من خطبة وداعه: إنْ انتهت مُهمتي، وخُتمت رسالتي، واقترب أجلي؛ فلا تخافوا من الضلال أو الهلاك فقد تركت فيكم سبب اعتصامكم وثباتكم وهدايتكم ألا وهو كتاب الله عز وجل، فاستمسكوا به، وأحلوا حلاله، واجتنبوا حرامه، وقفوا عند حُدوده.
ثم سأل ﷺ الحاضرين -بأبي هو وأمي- عن قولهم فيه إن سألهم الله عنه؛ حتى يعرف شهادتهم عليه أمام الحق سبحانه.
حجة الوداع 
فقال له السامعون من الصحابة رضوان الله عليهم: سنشهد أمام الله أنك قد بلغت وأديت ما عليك، فأَشْهَدَ ﷺ اللهَ عز وجل على مقالتهم فيه، وقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد.
وألقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خطبة الوداع في يوم عرفة، ونزلت الآية الكريمة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا" في 9 من ذي الحجة سنة 10 هجرية.
إحرام النبي محمد ﷺ في حجة الوداع
أحرم النبي ﷺ وصلّى ركعتي الإحرام بمسجد ذي الحليفة، فعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ». [أخرجه البخاري]
إحرام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:
ثُمَّ رَكِبَ النبي صلى الله عليه وسلم-ناقته- الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ. [أخرجه مُسلم]
والنبي ﷺ حج حجَّةً واحدة في عُمره، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة بعد فتح مكة، ودَّع فيها أصحابه وأُمَّته؛ ولذلك سميت بحجة الوداع، فقال لهم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا». [أخرجه البيهقي]
 
 جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي
جلسة تحفيزية من ممدوح عيد للاعبي بيراميدز قبل لقاء التأمين الأثيوبي