حذر مستشار قانوني سابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) من أن وقف الحرب على قطاع غزة تحت ضغط أميركي، قلب رأسا على عقب جميع مخططات اليمين المتطرف، مما ينذر بانفجار داخلي يتمثل في موجة عنف أو "إرهاب يهودي" واسع النطاق.

ودعا المستشار إيلي بشّار -في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت- الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى التعامل مع النشاط السياسي المتسارع باعتباره إنذارا خطيرا بوقوع أعمال عنف داخلية.

واعتبر أن وقف الحرب في غزة، نتيجة ضغط أميركي مباشر، أنهى فعليا حلم اليمين المتطرف بطرد الفلسطينيين من القطاع إلى دول أخرى، وهو "الحلم الذي رافق دوائر قومية متشددة منذ بداية الحرب".

وأوضح أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام أعادت الاعتراف بدور السلطة الفلسطينية في إدارة قطاع غزة بعد تنفيذ إصلاحات مطلوبة، وهو ما "يقوض تماما سياسة الفصل بين غزة والضفة الغربية" التي تبنتها الحكومات اليمينية المتعاقبة في إسرائيل.

الكاتب قال إن خطط اليمين المتطرف ممثلا بوزراء مثل بتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير انهارت (رويترز)خطط اليمين المتطرف

وأشار الكاتب إلى أن الخطة نفسها تنص على ضرورة دخول إسرائيل والفلسطينيين في حوار سياسي حول الأفق المستقبلي، والاعتراف بالتطلعات الفلسطينية لإقامة دولة مستقلة، مؤكدا أن الرئيس الأميركي رد بوضوح على مشروع قانون تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وقال إنه "لن يكون هناك ضم".

وأضاف بشار أن هذا التحول الدبلوماسي أدى إلى "انهيار كل خطط اليمين المتطرف" الذي يمثله وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين كانت مشاريعهم تقوم على طرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وزرع المستوطنات في مكانهم.

أما الواقع الجديد -بحسب الكاتب- فهو معاكس تماما: الفلسطينيون سيبقون على أرضهم، والقطاع والضفة سيعودان إلى كيان سياسي واحد، فيما بات حلّ الدولتين هدفا سياسيا لا يمكن تجاوزه، بدعم المجتمع الدولي.

إعلان

ويضيف الكاتب أن الدمار الهائل الذي خلفته الحرب أعاد الوعي العالمي بضرورة إيجاد حل سياسي للصراع، لكن إسرائيل لا تزال ترفض الاعتراف بهذه الحقيقة. وبدلا من استثمار اللحظة الدبلوماسية، تواصل الحكومة سياسة "الهروب من الواقع" من خلال تجنب أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وهي سياسة تضر بمصلحة إسرائيل وتُعزز موقع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تماما كما فشلت من قبل سياسة إدامة الخلافات بين الفلسطينيين.

إرهاب يهودي

لكن الأخطر، في رأي بشّار، هو أن اليمين المتطرف يدرك تماما معنى هذه التطورات، ولذلك يسعى إلى منع أي تقدم نحو اتفاق سياسي مع الفلسطينيين عبر تصعيد العنف على الأرض.

وأوضح أن تزايد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة، في ظل "عجز مطلق للجيش والشرطة" وغالبا أمام أعين الجنود، يمثل مؤشرا خطيرا على انفجار محتمل للعنف اليهودي المنظم.

وحذر المستشار من أن هذا المسار سبق أن ظهر في الماضي، مشيرا إلى مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 مثالا على انتقال التحريض إلى إرهاب دموي.

ومع استمرار حكومة نتنياهو الحالية، وضعف الشرطة، ووجود وزراء "خارجين عن القانون" كما وصفهم، وجيش "فقد السيطرة جزئيا على بعض وحداته"، فإن احتمالات اندلاع موجة عنف يهودي وردود فعل فلسطينية عليه باتت أعلى من أي وقت مضى.

وأكد أن المسؤولية الأساسية تقع على الجيش والشرطة والشاباك في إحباط هذا الخطر، مبينا أن أداء هذه المؤسسات في مواجهة الإرهاب اليهودي كان ضعيفا في السابق، ويبدو الآن عاجزا تماما.

ودعا إلى تحرك عاجل وحاسم من قبل الأجهزة الأمنية كافة "للقيام بواجبها ومسؤوليتها"، مضيفا أن أي فشل في التعامل مع العنف والإرهاب اليهودي "أمر لا يُطاق وسيقود حتما إلى تصعيد خطير".

وطالب بشّار بأن تُعامل التحركات الدبلوماسية الجارية باعتبارها مؤشرا استخباريا على احتمال اندلاع إرهاب داخلي، لا مجرد تطورات سياسية.

وأوضح أن على الشاباك خصوصا أن يتحمل مسؤولياته كاملة، وأن يتصرف بحزم في مواجهة التحريض والعنف في صفوف المستوطنين.

دعوة للتحرك

كما وجه المستشار القانوني السابق في مقاله دعوة مباشرة إلى قادة الأجهزة الأمنية، قائلا إن الواجب المهني والشخصي يفرض عليهم التحرك حتى إن كانت الحكومة عاجزة أو متواطئة.

ونادى رئيس الأركان وقائد القيادة المركزية ومفوض الشرطة ورئيس الشاباك للتحرك الفوري لمنع الانزلاق إلى موجة عنف يهودي واسعة.

وأضاف أن "خروج الحكومة على القانون لا يلغي واجب تنفيذ القانون من قبل من يمثلونه في الميدان"، مشددا على أن العمل الحازم ضد مثيري الشغب والمستوطنين المتورطين في العنف واجب شخصي لا يمكن التهرب منه.

وختم بشّار بالقول إن إسرائيل اليوم تقف أمام خيارين: إما مواجهة التطرف اليهودي الذي يتغذى على إحباط اليمين المتطرف من فشل مشاريعه، أو الدخول في دوامة عنف داخلي قد تقوض ما تبقى من استقرار سياسي وأمني في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الیمین المتطرف

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تصعد عملياتها الميدانية في القنيطرة ودرعا وسط استنفار أمني واسع

إسرائيل تصعد عملياتها الميدانية في القنيطرة ودرعا وسط استنفار أمني واسع

مقالات مشابهة

  • ندوة في لندن تحذر من تمدد اليمين المتطرف واستهداف أنصار فلسطين في بريطانيا
  • يمثل خطرا أمنيًا.. محلل سياسي عراقي: قرار ترامب بتفكيك مخيم الهول خطوة صحيحة
  • تراجع الدعم لحزب اليمين المتطرف في هولندا
  • أبين .. الأمن يضبط مسؤول أمني وأفراد متورطين في ابتزاز سائق شاحنة مصري
  • صناعة الوعي.. الأوقاف تنظم 1010 قافلات دعوية بمراكز الشباب
  • اجتماع أمني بين ضباط الأمن العام وقوى الأمن الداخلي ووفد من وزارة الداخلية السورية
  • إسرائيل تصعد عملياتها الميدانية في القنيطرة ودرعا وسط استنفار أمني واسع
  • انتخابات هولندا.. هل تقودها إلى اليمين؟
  • محلل سياسي إسرائيلي: أوهام اليمين الإسرائيلي بشأن غزة تحوّلت إلى شعارات فارغة غير قابلة للتحقيق