عربي21:
2025-11-02@18:54:18 GMT

الأمم المتحدة في اليمن: من وسيط إلى طرف في المعركة

تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT

من بين أكثر الظواهر التي رافقت الحرب الأهلية والإقليمية في اليمن، الدورُ المثير للجدل للأمم المتحدة ووكالاتها، إذ تكافح من أجل الاستمرار في دورها والإبقاء على المصالح الراسخة لكبار موظفيها ونفقات التشغيل، بعد سنواتٍ من التورط في ترتيبات جعلت من هذه الوكالات شريكا إيجابيّا للغاية مع المشروع الانقلابي، وغطاء لمشروعه السياسي، قبل أن تتبدل الأمور ويدخل الطرفان في مواجهةٍ تأخذ شكل الحرب، بالنظر إلى الاعتقالات والأسرى والخسائر المادية الفادحة التي تكبدتها هذه الوكالات.



لا يمكن لأيٍّ منّا أن يجادل في الأهمية القصوى للدور الإغاثي الذي تؤديه وكالات الأمم المتحدة لصالح الشعب اليمني، لكن دورها -للأسف- ترافق مع انحيازٍ سياسيٍّ فاضحٍ للحوثيين، تجلّى فيما يمكن وصفه بترسيم السلطة غير الشرعية للجماعة، وترسيخ الدور المركزي للعاصمة صنعاء، مما سمح بإبقاء العديد من الصلاحيات السيادية بيد الحوثيين، تدفع الأمم المتحدة ثمنه اليوم، بالإضافة إلى ابتكار سرديةٍ نمطيةٍ تخص الحرب وترويجها على نطاقٍ عالمي، ودائما ما تظهر الأولوية القصوى للشأن الإنساني عمّا عداه من الأولويات.

أدّى مبعوثو الأمم المتحدة إلى اليمن، منذ أربعة عشر عاما، دور البطل المساعد في مسرح الحرب، ويكاد السويدي هانس غروندبرغ، المبعوث الأممي الرابع على التوالي، أن يفقد هذه المكانة، بعد أن قيَّدت التطورات المتسارعة والدراماتيكية حركته، وقلّلت من أهميته وأهمية الدور الذي يؤديه، وأعادت نائبه معين شريم إلى المشهد.

هذه المرة، يعود شريم ليؤدي دورا في خفض التصعيد الحوثي مع الأمم المتحدة، وحلحلة ملف العشرات من موظفي الأمم المتحدة الذين اعتقلتهم جماعة الحوثي، واقتحمت مقرات الوكالات الأممية وصادرت موجوداتها، على خلفية اتهاماتٍ لا يمكن التحقق من مصداقيتها بشأن تورط الوكالات وموظفيها في مهام استخبارية سهّلت الوصول إلى أهدافٍ حيويةٍ في صنعاء، خلال الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على مواقع عسكرية وقياداتٍ تابعةٍ للجماعة.

عقد المبعوث الأممي، رفقة نائبه معين شريم، أواخر الشهر المنصرم في العاصمة العُمانية مسقط، اجتماعاتٍ مع مسؤول المفاوضات في جماعة الحوثي والناطق باسمها، محمد عبد السلام فليتة، تزامنت مع لقاءاتٍ أجراها نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، مع المسؤول الحوثي، ومع وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي.

نجح الجميع تقريبا في التغطية على القضية الرئيسة محل النقاش في هذه اللقاءات، وهي البحث في مصير موظفي الأمم المتحدة والممارسات الخطيرة لجماعة الحوثي ضد مقرات الوكالات الدولية في صنعاء، لينصرف الحديث أكثر إلى إعادة إحياء خارطة الطريق، وهو الموضوع الأبرز الذي يتمنى المبعوث الأممي إعادة البحث فيه وتحقيق اختراقٍ بشأنه من جانب الأطراف المعنية بملف الحرب في اليمن، وخصوصا المملكة العربية السعودية.

للحوثيين وإيران مصلحةٌ في التغطية على موضوع المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة في صنعاء، أملا في تحويل الملف إلى مدخلٍ للمساومة والحصول على المكاسب، مع وجود قابليةٍ لدى مسؤولي الأمم المتحدة لذلك. لهذا سارع مقربون من جماعة الحوثيين إلى إعادة نشر بنودٍ لخارطة طريقٍ سبق أن وُضعت على طاولة المفاوضات في كلٍّ من الرياض وصنعاء عام 2022، غير أن هذه البنود بدت متأخرة جدّا، خصوصا تلك المتعلقة بوقف الحرب جوّا وبحرا وبرّا، وهي صيغةٌ إقليمية للحرب كانت السعودية منخرطة فيها إلى جانب الإمارات، فيما لم تعد هذه الصيغة موجودة أصلا اليوم، وبات الأمر محصورا في المناوشات والاستهداف المتقطعين بواسطة الألغام والقناصة، وهي ممارساتٌ تتم بين الحوثيين وخصومهم الداخليين.

بنود الخطة تتحدث عن انسحاب قوات التحالف من اليمن، وهي نقطة لم يعد لها أي تأثيرٍ على ميزان القوى العسكري الداخلي، بالنظر إلى محدودية تلك القوات المتواجدة في أماكن نائية بعيدة عن مسرح الحرب، ولا يمكن أن يُدفع طرفٌ إقليمي مثل المملكة العربية السعودية إلى تقديم تنازلاتٍ لصالح الحوثيين كما كان الحال منذ ما قبل خمس سنوات، مع وجود بدائل لتلك القوات تتمثل في عشرات الآلاف من القوات الموزعة على تشكيلاتٍ مسلحةٍ مواليةٍ للسعودية والإمارات.

إعادة نشر بنود خارطة الطريق، وإعادتها إلى مفاوضاتٍ يسعى إلى إحيائها الحوثيون وداعموهم مع الجانب السعودي -على وجه الخصوص- دونما التفاتٍ للسلطة الشرعية اليمنية، تندرج في إطار المناورات التي تفرضها حاجة الحوثيين إلى الخروج من نطاق العزلة التي يتعرضون لها، والتدهور الكبير في المصالح الاقتصادية التي حصلوا عليها خلال المرحلة الماضية، وهو التدهور الذي نتج عن الدمار الهائل الذي طال البنية التحتية المدنية من موانئ ومطاراتٍ ومنشآتٍ إنتاجيةٍ حيوية، كانوا يعتمدون عليها في تشغيل سلطة الأمر الواقع وتمويلها.

وفي تقديري أن المبعوث الأممي، الذي أعاد تنشيط جولاته المكوكية، إنما يقوم بمناوراتٍ شبيهةٍ بتلك التي يقوم بها الحوثيون، دفاعا عن منصبه المريح والمربح، ولإبقاء خط المفاوضات ساخنا، بغض النظر عن مدى قابلية الأطراف للعودة إلى النقطة التي توقفوا عندها، وهي نقطة تجاوزتها الأحداث والتطورات، وأعادت ترتيب الوضعية الاستراتيجية للحوثيين من شركاء محتملين إلى مشكلةٍ أمنيةٍ واستراتيجيةٍ يتجاوز تأثيرها الدولة اليمنية.

x.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه اليمن الأمم المتحدة الحوثيين الأمم المتحدة اليمن الحوثي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المبعوث الأممی الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

مجرم الحرب نتنياهو يعتبر اليمن مصدر تهديد كبير جدا لـاسرائيل

جاء ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومة العدو اليوم الأحد. حيث اعترف مجرم الحرب نتنياهو ان اليمن يملك قدرات إنتاج ذاتي للصواريخ الباليستية وأنواع أخرى من الأسلحة، وهي ملتزمة بما تسميه "خطة موت إسرائيل". حد وصفه .

وتوعد نتنياهو بانه "لن يسمح بأن تعود جبهة لبنان مصدر تهديد "لإسرائيل" وسيفعل ما يلزم لمنع ذلك

واضاف:"حماس موجودة في مواقع خاضعة لسيطرتنا في خان يونس ورفح ونعمل للقضاء على عناصرها هناك."

مقالات مشابهة

  • تأثير الحرب العالمية الثانية في تشكيل النظام الدولي الحديث
  • توالي التهديدات الإسرائيلية بضرب الحوثيين في اليمن.. ماذا قال نتيناهو؟
  • مجرم الحرب نتنياهو يعتبر اليمن مصدر تهديد كبير جدا لـاسرائيل
  • الأمم المتحدة: فرار آلاف الأسر السودانية التي تعاني الجوع وسوء التغذية
  • التعاون الخليجي يعلن موقفًا ثابتًا بشأن وحدة واستقرار اليمن
  • الأمم المتحدة: 87% من الأراضي الزراعية في غزة تضررت بسبب الحرب
  • الأمم المتحدة: 87% من أراضي غزة تضررت بسبب الحرب
  • الأمم المتحدة: جهودنا لم ثمر في الإفراج عن 59 من موظفينا محتجزين لدى الحوثيين
  • «الصحة العالمية»: اليمن ثاني أكبر دولة في تفشي «الكوليرا» عالمياً