الدكتور المحامي محمد عوض الزبيدي

خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى المجلس القضائي الأردني، أصدر جلالته العديد من التوجيهات الصريحة والواضحة، كان من أبرزها الإشارة إلى ضرورة تحديث التشريعات والإجراءات القضائية لتتواكب مع التقدم التكنولوجي.
وحيث ان مبدأ ضمانات المحاكمة العادلة ، يشكّل حجر الأساس للنظام العادل ، القائم على قاعدة جوهرية وهي ” أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي قطعي ” ، وهذه القاعدة ليست شعارًا قانونيًا فقط ، بل هي ضمانة إنسانية تحمي كرامة الفرد وحقوقه الأساسية من أي تجاوز أو تعسف في استعمال السلطة من قبل أي جهة كانت.

وهو الركيزة التي تقوم عليها العدالة في الدول الديمقراطية الحديثة .
ومن المبادئ التي رسّختها النظم القانونية المقارنة ومنها النظام القانوني الأردني أن الاعتراف لا يُعتبر دليلاً قاطعًا ما لم يكن صادراً عن إرادة حرة دون أي إكراه مادي أو معنوي، وأمام جهة قضائية ، ولكن السؤال المطروح ، هل يأخذ القضاء بإفادة المتهم او الظنين او المشتكى عليه لدى الشرطة والمتضمن اعترافا بوقائع الجريمة ؟
ان الدول الغربية لا تعتدّ قانونًا بأقوال المتهم المأخوذة لدى الشرطة المنتزعة تحت الضغط أو التهديد ، لأنه يهدم أسس العدالة وينتهك حقوق الإنسان ، بل اصلا لا تأخذ باعترافه حتى لو كان دون ضغط او تهديد لدى الشرطة ، وهذا ما اكدته المواثيق والمعاهدات الدولية ، كرد فعل طبيعي لكافة اشكال التعذيب البوليسي والاستبداد ا التي مورست على المشتبه بهم ” ، فقد جاء في المادة ( 14 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 ، بأن ” لا يكره الشخص على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب اثناء الفصل في أي تهمة قضائية ” وان البرلمان البريطاني اقر هذا المبدأ في عام 1641 ، في قضية Liburn ، والتي تفيد بأن الشخص غير ملزم أن يشهد ضد نفسه ” ، وتم تأكيد هذا المبدأ في التعديل الخامس للدستور الامريكي بشكل واضح وصريح ، وتبعا لذلك فان التشريع الامريكي يلزم الشرطة بتلاوة حقوق ميرندا على المشتبه فيه أو المتهم الذي يخضع لحراسة الشرطة وقبل توجيه أي سؤال اليه ، وذلك لحمايته من الاستجواب البوليسي القسري ، وفي قضية ميرندا ضد ايرزونا ، قضت المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة بأنه ” طالما ان التحذيرات المبلغة بعد الاجراء كانت واضحة ، ففي هذه الحالة اذا لمح الفرد بأي طريقة ، وفي أي وقت سابق على مسائلته أو اثنائها بأنه يرغب بالصمت ، فيجب وقف الاستجواب ، وذلك لسبب بسيط وهو تعبيره عن رغبته في ممارسة حقه الدستوري في عدم تجريم ذاته ، والا فان افادته لن تقبل لاحقا كدليل ضده امام المحكمة ” .
اما الوضع في الاردن ، رغم تأكيد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله وفي أكثر من مناسبة، على أهمية ترسيخ سيادة القانون كمرجعية عليا للدولة، وضمان استقلال القضاء والعمل على حماية الحقوق والحريات، الذي يعكس رؤيةً إصلاحيةً متقدمة تؤكد أن القانون هو الضامن الحقيقي للعدالة، وليس وسيلة للانتقام أو التجريم المسبق ، حيث لدى البحث في نصوص الدستور الاردني وقانون اصول المحاكمات الجزائية ، لا يوجد نص صريح ، يتضمن حماية حق المتهم اثناء اخذ اقواله ( افادته واعترافه ) لدى الشرطة ، حيث إنّ حماية المتهم قبل ثبوت الادلة عليه لا تعني التساهل مع الجريمة، بل هي حمايةٌ للعدالة ذاتها، كي لا يصبح لا قدر الله النظام القضائي والمعروف بنزاهته أداة للإدانة قبل التثبت من الحقيقة، ومن هنا، فإن الاعتراف القضائي امام المدعي العام او المحكمة ، وبمحض الإرادة الحرة، هو وحده الذي يكتسب المشروعية القانونية ويمكن الاعتماد عليه في تكوين القناعة القضائية.
أما الاعتراف الصادر تحت الضغط أو أثناء التحقيقات الشرطية دون تنبيه المتهم او الظنين او المشتكى عليه ، بحقه بالصمت او اخذ اقواله بحضور محامية وتنبيهه عند اخذ اقواله بان هذه الاقوال ستجرمه امام القضاء ، وغير ذلك لا تعدو افادته الا بيانًا مشوبًا بالشك لا ينهض لإثبات الجريمة، بل قد يشكّل في ذاته دليلاً على وقوع تجاوز في إجراءات التحقيق.
وفي ظل التطورات التكنولوجية الحديثة، أصبح من الضروري مراجعة النصوص القانونية ذات العلاقة بقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، بهدف إدراج نصوص صريحة تكرّس حق المتهم في الصمت، وتحظر عليه تجريم الذات، وتؤكد على ضرورة وجود المحامي أثناء التحقيقات الأولية. ، وذلك كون العدالة لا تُقاس بسرعة إصدار الأحكام، بل بمدى احترام حقوق الإنسان أثناء سير العدالة.
إن سيادة القانون والتي نؤمن بها جميعًا ليست مبدأً نظريًا، بل ممارسةٌ يومية يجب أن تبدأ من أول لحظة يُشتبه فيها بأي شخص، وأن تُبنى كل إجراءات التحقيق والمحاكمة على أساسٍ واضحًا من الشفافية، والمشروعية، والضمانات الدستورية.
فالعدالة الناجزة لا تتحقق بالإدانة، بل بالثقة في أن كل حكم صدر كان قائمًا على أدلة مشروعة، وشهادات صحيحة، واعترافات حرة نزيهة.
وهذا الذي ندعو اليه هو من دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله والذي يتحدث جلالته أن جوهر دولة القانون أن تكون العدالة مصانة، والحقوق محفوظة، والإنسان مكرّمًا.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: لدى الشرطة

إقرأ أيضاً:

مراعاة لحقوق الإنسان.. الداخلية تيسر في الحصول على المستندات الشرطية

تواصل الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية  في إتخاذ الإجراءات التى من شأنها التسهيل والتيسير على المترددين والمواطنين راغبى الحصول على الخدمات والمستندات الشرطية بما يتماشى مع إحترام حقوق الإنسان. 

 

يأتي ذلك من خلال رصد الحالات الإنسانية من المترددين على كافة الأقسام التابعة للإدارة بكافة المحافظات ، لتقديم كافة التيسيرات، فى إطار سياسة وزارة الداخلية الهادفة إلى مراعاة حقوق الإنسان والتيسير على المواطنين راغبى الحصول على الخدمات والمستندات الشرطية وخاصةً كبار السن وذوى الإحتياجات الخاصة لهم.


وقامت أقسام الإدارة المختلفة على مستوى الجمهورية بإستقبال عدد من الحالات المرضية والإنسانية وكبار السن وإنهاء الإجراءات الخاصة بهم.

 

وتؤكد الوزارة على مواصلة إتخاذ كافة الإجراءات التى من شأنها التسهيل والتيسير على المواطنين راغبى إستخراج المستندات بكافة المواقع الشرطية.. كأحد الثوابت الجوهرية التى ترتكز عليها المنظومة الأمنية المعاصرة.

 

خلال حملات مكبرة.. الداخلية تضبط 5 ملايين جنيه مع تجار العملة خلال حملات مكبرة.. الداخلية تضبط 110 ألف مخالفة مرورية متنوعة بصحبتهم 19 حدث.. الداخلية تضبط 11 رجل وسيدة لاستغلالهم الأطفال في التسول نصبوا على المواطنين.. الداخلية تضبط 21 مالك لشركات إلحاق العمالة بالخارج سقوط لصوص الـ “سكتور” الكهربائية في منشأة ناصر سرقت مكان أكل عيشها.. ضبط عاملة استولت على مبالغ مالية بالنزهة القبض على لص السبائك الذهبية بالتجمع الخامس القبض على مالك شركة لطمسه لوحات سيارته في الدقهلية| فيديو ضبط قائد دراجة نارية حطم سيارة سيدة بالمنوفية ضبط طرفي مشاجرة في الشرابية بسبب سمسرة إحدى الشقق| فيديو خلال حملات مكبرة.. الداخلية تضبط 5 ملايين جنيه مع تجار العملة خلال حملات مكبرة.. الداخلية تضبط 110 ألف مخالفة مرورية متنوعة بصحبتهم 19 حدث.. الداخلية تضبط 11 رجل وسيدة لاستغلالهم الأطفال في التسول نصبوا على المواطنين.. الداخلية تضبط 21 مالك لشركات إلحاق العمالة بالخارج سقوط لصوص الـ “سكتور” الكهربائية في منشأة ناصر سرقت مكان أكل عيشها.. ضبط عاملة استولت على مبالغ مالية بالنزهة القبض على لص السبائك الذهبية بالتجمع الخامس القبض على مالك شركة لطمسه لوحات سيارته في الدقهلية| فيديو ضبط قائد دراجة نارية حطم سيارة سيدة بالمنوفية ضبط طرفي مشاجرة في الشرابية بسبب سمسرة إحدى الشقق| فيديو

مقالات مشابهة

  • سائق توك توك يشغل النار فى شاب بالدقهلية ردا على الاعتداء عليه بالضرب
  • مراعاة لحقوق الإنسان.. الداخلية تيسر في الحصول على المستندات الشرطية
  • النيابة الإدارية تحيل مدرس تحرش بتلميذات مدرسة ابتدائية بالشرقية إلى المحاكمة
  • أمن حجة يكشف ملابسات وفاة متهم اثناء التحقيق
  • جهات التحقيق بالإسماعيلية: استمرار التحقيقات فى قضية قاتل زميله بالمنشار
  • أبو شقة: القانون أقر ضمانات غير مسبوقة لخروج الانتخابات البرلمانية بشفافية
  • مطر: المفاوضات لا تعني الاعتراف بإسرائيل بل حماية الاستقرار اللبناني
  • بسبب طليقته.. حبس أستاذ جامعي بشبرا الخيمة 4 أيام على ذمة التحقيقات
  • العدالة المتأخرة تنتقم للأطفال.. فصل مؤلم من تاريخ بريطانيا الأسود