عشر دقائق فقط.. كيف تعيد الطبيعة ضبط عقولنا؟
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
بين زحام المدن والانغماس في الشاشات وضغوط العمل، يتسرب التركيز والانتباه قطرة وراء الأخرى، مما قد يمثل أكبر معوق للنجاح في الحياة عموما ناهيك عن مجالات مثل العمل والدراسة.
وفي عالم تزداد فيه عوامل الضغط العصبي والذهني، فإن الطبيعة تبرز كوسيلة إنقاذ وعامل شفاء، وفقا لدراسات عديدة أكدت أن التنزه وسط الطبيعة من شأنه أن يحسن المزاج ويشحذ القدرات الذهنية.
ولأهمية الانتباه التي أوضحناها في موضوع سابق، فإنه يبقى هدفا في ظل صخب الحياة، ولذلك فلا مناص من طرح السؤال الذي يقول:
كيف نعيد ضبط عقولنا من جديد وسط تلك المشتتات المتزايدة؟
الإجابة قصيرة وبسيطة، وهي أن 10 دقائق فقط وسط الطبيعة ربما تكفي لتحسين المزاج وشحذ التركيز، وإذا وصلت إلى 50 دقيقة فقد تتحسن الذاكرة العاملة بشكل كبير.
هذه النصائح ليست مجرد كلمات للتحفيز، بل خلاصة عملية وردت في كتاب جديد بعنوان "الطبيعة والعقل"، يشرح فيه الدكتور "مارك بيرمان" لماذا تُعد المساحات الخضراء أداة معرفية لا مجرد مشهد جميل، وكيف أن إدخال الطبيعة في نسيج المدن ضرورة صحية عامة، وليست مجرد أداة تجميلية.
بيرمان الذي يرأس قسم علم النفس بجامعة شيكاغو الأميركية، يرى أننا في زمن يقضي فيه الناس معظم الوقت في أماكن مغلقة، وأن العودة المنتظمة إلى الطبيعة ليست مجرد ترف، بل ضرورة للصحة النفسية والانتباه والإبداع.
وفي حوار حول الكتاب نشره موقع "سيكولوجي توداي" المتخصص في علم النفس والصحة النفسية وتأثيراتها على الحياة اليومية، يؤكد بيرمان أن بناء عادات قصيرة ومتكررة للتعرض للطبيعة يشبه الاستثمار المركب، حيث تتراكم مكاسب صغيرة يوميا لتدعم صفاء القرار والأداء على المدى الطويل.
الطبيعة ترمم الانتباهيلفت أستاذ علم النفس إلى أن نظرية استعادة الانتباه تفسر الترميم الذي تحدثه للطبيعة للعقول، عبر إراحة الانتباه الموجّه، وتنشيط الانتباه اللاإرادي، بما يسميه "الافتتان اللطيف"، مشيرا إلى أن مشاهد مثل تمايل الأغصان أو حركة الغيوم تستدعي الانتباه بلا كلفة معرفية عالية، مما يقلل التعب الذهني ويعيد شحن التركيز.
إعلانويكمن سر راحة الطبيعة في شكلها، فالأشياء الطبيعية مثل تفرعات الشجر أو تموجات الماء، تحمل أنماطا جميلة ومريحة للعين تتكرر بأشكال مختلفة.
هذه الأنماط رغم تعقيدها الظاهري، فإنها -بحسب بيرمان- سهلة جدا على الدماغ لمعالجتها وفهمها، حيث يتجاهل الدماغ التفاصيل غير المهمة فيها تلقائيا، مما يجعل النظر إليها مريحا ولا يتطلب جهدا. ولهذا السبب، يمكن لمهندسي الديكور الآن محاكاة هذه الأشكال في ما يعرف بـ "التصميم الحيوي" داخل المباني لتخفيف الإرهاق الذهني.
الجرعة المفيدةويؤكد بيرمان أن المشي لنحو 50 دقيقة في بيئة طبيعية رفع الذاكرة العاملة بنحو ملحوظ، مقارنة بالمشي في شوارع مزدحمة، في حين تمنح مشاهدة الطبيعة أو الاستماع إلى أصواتها 10 دقائق فائدة أصغر ولكن ذات قيمة. ويشدد على أن الاستمتاع ليس شرطا، فالشعور بالسلامة والراحة الأساسية يكفي لتحقيق المكاسب الإدراكية حتى في طقس غير محبب.
ولكن ماذا عن الصور والنباتات الداخلية؟ يجيب الأكاديمي بأنها تقدم أثرا جزئيا مفيدا، لكن الطبيعة الحقيقية أوسع حسا حيث تجمع بين الرائحة والملمس والحرارة والرطوبة، مما يعمق الأثر الإيجابي. ولذلك فهو ينصح بتنوع التعرض للطبيعة بين حدائق مختلفة وفصول متعددة، للحفاظ على الجدة والتحفيز بشكل دائم.
أيضا يحذر الكاتب من استخدام الهاتف أثناء المشي في الطبيعة، موضحا أن استخدامه بأي شكل يعيد تشغيل الانتباه الموجّه الذي نحاول إراحته، وقد يمحو الفوائد النفسية تقريبا، مضيفا أن الوصفة بسيطة "ضع الهاتف جانبا ودع المشهد يستحوذ عليك".
علاج الاكتئابالأمر لا يتعلق بتحسين المزاج فقط، بل يصل إلى علاج الاكتئاب، حيث أوضح بيرمان أن بعض مرضى الاكتئاب حققوا تحسنا أكبر في الذاكرة والانتباه بعد نزهات طبيعية مقارنة بالأصحاء، مرجعا ذلك إلى أن الطبيعة تقلل التفكير المتمركز حول الذات وتفتح اتصالا أوسع بالعالم، مشيرا إلى تزايد نصائح الأطباء لما يسمى بالوصفات الخضراء مكملا للعلاج والدواء.
كما أكد أن الأطفال الذين يقضون وقتا أكبر في المساحات الخضراء، يظهرون انتباها أفضل ومعدلات أدنى من أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، مع دلائل مبكرة على فائدة التعرض للطبيعة لدى من يعانون ضعفا إدراكيا أو ألزهايمر.
ولهذه الفوائد الجمة ولغيرها، دعا بيرمان إلى غرس مزيد من الأشجار وإنشاء الحدائق في المدن، وإدخال عناصر طبيعية في المدارس والمستشفيات وأماكن العمل، لتخفيف الكلفة الذهنية للحياة اليومية، مؤكدا أن المساحة الخضراء ليست ترفا، بل ضرورة تماثل النوم والرياضة والتغذية.
خطوة عمليةواختتم أستاذ علم النفس حواره مع الموقع بنصيحة مباشرة، مفادها: عندما تشعر بالإرهاق الذهني، قاوم إغراء الهاتف واتجه للمشي لبضع دقائق، انظر إلى شجرة، استمع إلى طائر، راقب غيمة، وإن تعذر فاستعن بمشهد أو صوت طبيعي.
ويؤكد بيرمان أن 10 دقائق واعية في الطبيعة قد تفعل لدماغك أكثر من ساعة تمرير على الشاشة، داعيا إلى اعتبار رؤية الطبيعة كأحد الأدوات الأساسية للعافية النفسية، وليس مجرد ترف اختياري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات نجاح علم النفس
إقرأ أيضاً:
في دقائق.. استخراج شهادة ميلاد 2025
تشهد منظومة الخدمات الحكومية في مصر تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بخدمات الأحوال المدنية، حيث أتاحت وزارة الداخلية ممثلة في قطاع الأحوال المدنية أكثر من وسيلة لاستخراج الوثائق الرسمية، سواء عبر المكاتب التقليدية أو الماكينات الذكية المنتشرة في الشوارع والمولات، أو من خلال الخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت.
يأتي ذلك ضمن خطة الدولة للتحول الرقمي وتيسير حصول المواطنين على الأوراق الثبوتية بسهولة وسرعة، مع ضمان جودة الخدمة ودقتها.
أطلقت وزارة الداخلية ماكينات الأحوال المدنية الذكية كأحد الحلول المبتكرة لتخفيف الضغط على مكاتب السجل المدني وتقديم خدمة سريعة وآمنة للمواطنين.
وتنتشر هذه الماكينات في عدد من المولات الكبرى والمطارات والأماكن الحيوية بعدة محافظات، حيث يمكن من خلالها استخراج وثائق الأحوال المدنية مثل شهادة الميلاد، وشهادة الوفاة، وقسيمة الزواج، وقسيمة الطلاق، خلال دقائق معدودة دون تدخل بشري.
وتعمل هذه الماكينات على مدار 24 ساعة يوميا، مقابل رسوم رمزية قدرها 50 جنيها تدفع نقدا في الماكينة.
وتتميز الخدمة بسهولة الاستخدام ودقة البيانات، ما يجعلها الخيار الأسرع للحصول على المستندات الرسمية في أي وقت دون الحاجة للانتظار في الطوابير.
استخراج وثائق الأحوال المدنية أون لاينوفي إطار التوسع في الخدمات الرقمية، وفرت وزارة الداخلية إمكانية استخراج شهادات الميلاد وباقي الوثائق المميكنة أون لاين عبر موقعها الرسمي، لتسهيل الإجراءات على المواطنين داخل مصر وخارجها.
وتتم عملية التقديم الإلكتروني باتباع الخطوات التالية:
1. الدخول إلى موقع وزارة الداخلية عبر الرابط https://moi.gov.eg/.
2. تسجيل حساب جديد أو تسجيل الدخول للحساب القائم.
3. اختيار خدمة “الإنترنت للمواطنين”.
4. تحديد نوع الوثيقة المطلوبة مثل “شهادة ميلاد”.
5. إدخال بيانات مقدم الطلب، وتشمل الرقم القومي، والبريد الإلكتروني، ورقم الهاتف الأرضي، ورقم الهاتف المحمول، والعنوان الكامل.
6. اختيار وسيلة سداد الرسوم سواء إلكترونيا أو عند استلام الوثيقة من مندوب التوصيل.
تأتي هذه الإجراءات ضمن جهود الدولة لتعزيز التحول الرقمي وتحسين جودة الخدمات الحكومية، حيث تسعى وزارة الداخلية إلى توسيع نطاق الخدمات الذكية لتشمل مختلف الوثائق الرسمية، بما يسهم في تقليل التكدس داخل المكاتب الحكومية، وتوفير الوقت والجهد على المواطنين.
وبذلك، أصبح بإمكان المواطنين استخراج وثائقهم الرسمية بسهولة تامة، سواء من الماكينات الذكية المنتشرة في الشوارع والمولات أو من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية، في خطوة تعكس التزام الدولة بتطوير الأداء الحكومي والانتقال نحو خدمات أكثر مرونة وتطورا تلبي احتياجات المواطنين في أسرع وقت ممكن.