أولى عملياتها النوعية بإعلان القبض على شبكة تجسسية متعددة الارتباطات تعمل لصالح أجهزة استخبارات معادية، هي الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات الأمريكية والمخابرات السعودية، تديرها غرفة عمليات مشتركة مقرها في الأراضي السعودية.

البيان الذي أعلنه اللواء علي حسين الحوثي، وكيل وزارة الداخلية لاستخبارات الشرطة، كان أكثر من مجرد إعلان رسمي عن نجاح أمني، فقد مثل في جوهره إعلاناً عملياً عن ميلاد جهاز استخباراتي جديد، يعكس نقلة نوعية في هيكل الأمن الوطني اليمني وتطور أدواته التحليلية والميدانية في مواجهة الحروب الاستخباراتية المعقدة.

توقّف كثير من المراقبين عند اللغة الواثقة التي تحدث بها اللواء علي حسين في إعلانه، حيث عكست لغة الجسد والنبرة الثابتة إيماناً مؤسساً بشرعية الإنجاز وتكامله، لا سيما أن ظهوره الشخصي في المشهد الأمني حمل دلالات رمزية تتجاوز البعد الإعلامي، فهو تأكيد مباشر على أن قيادة الاستخبارات الجديدة تمتلك الجرأة والمسؤولية لتكون في طليعة المواجهة مع أعداء الداخل والخارج، بما ينسجم مع المفهوم الحديث للأمن الوقائي القائم على الشفافية والانفتاح المدروس مع الرأي العام.

لقد مثّل هذا الظهور أيضاً رسالة ردع استخباراتية مدروسة، مفادها أن الدولة انتقلت من موقع رد الفعل، إلى مرحلة الفعل الاستباقي القادر على تفكيك الخلايا التجسسية قبل أن تحقق أهداف مشغليها.

البيان الرسمي لوزارة الداخلية الذي حمل عنوان العملية “ومكر أولئك هو يبور” قدّم سرداً ممنهجاً للجهد الاستخباراتي الممتد على مراحل، من الرصد إلى الملاحقة فالضبط، بأسلوب يعكس تراكماً مؤسسياً في أدوات التحليل والمتابعة، ويرتقي بمستوى الأداء إلى المعايير المهنية المتعارف عليها في العمل الأمني العالمي.

ومن زاوية أكاديمية أمنية، فإن تحديد وزارة الداخلية للجهات المعادية وأدواتها وأساليبها يكشف عن نضج في جمع وتحليل المعلومات وتقييم المخاطر، كما يظهر تطوراً في مفهوم “الاستخبارات التكاملية” التي تمزج بين التحليل الاستراتيجي والتتبع الفني والميداني.

وفي الجانب الأخلاقي، كان لافتاً قرار استخبارات الشرطة في المادة المصورة الخاصة باعترافات الشبكة إخفاء أسماء عائلات المدانين، وعدم الإشارة إلى قبائلهم أو مناطقهم، في سلوك ينسجم مع قيم المجتمع اليمني الراسخة في تحميل الفرد مسؤولية فعله دون أن تمتد العقوبة المعنوية إلى أسرته أو محيطه الاجتماعي.

كما أن إخفاء هوية الفتاة المشاركة في الشبكة وعدم إظهار وجهها أو ذكر اسم عائلتها مثّل موقفاً أخلاقياً وإنسانياً يعكس التزام المؤسسة الأمنية بالضوابط القيمية، ويقدّم نموذجاً ناضجاً للتوازن بين مقتضيات الأمن العام واحترام الخصوصية الفردية.

هذه المقاربة الأخلاقية وإلى جانب ما تحمله من أبعاد إنسانية، تشكل كذلك عنصراً من عناصر الأمن الاجتماعي الذي يهدف إلى تحصين الجبهة الداخلية من ردود الفعل السلبية أو الانقسامات الاجتماعية التي قد تنجم عن تناول القضايا الحساسة بشكل غير منضبط.

ومن الناحية القانونية، فإن إحالة ملفات الشبكة إلى القضاء في اليوم التالي مباشرة لإعلان العملية تمثل ممارسة مؤسسية راقية تؤكد مبدأ الفصل بين السلطات واحترام الإجراءات القانونية. إن سرعة الانتقال من التحقيق الأمني إلى المسار القضائي تعكس إدراكاً مؤسسياً لأهمية ترسيخ شرعية الدولة في مواجهة الاختراقات الاستخباراتية، كما تعزز ثقة المواطن اليمني بأن الإنجاز الأمني لا يتحول إلى عقوبة خارج القانون، بل يُقدَّم وفق مسار العدالة المؤسسية.

وبذلك، يمكن القول إن العملية لم تكتفِ بتحقيق هدفها الأمني المتمثل في كشف شبكة تجسس واسعة، بل قدّمت نموذجاً عملياً للتكامل بين الجهاز الأمني والقضائي في إطار دولة القانون. على المستوى الاستراتيجي، تحمل العملية دلالات متعددة.

فهي تكشف أن معركة اليمن أصبحت استخباراتية بامتياز، وأن المواجهة تجاوزت ميادين القتال، إلى ميدان المعلومات، حيث تسعى الأطراف المعادية لاختراق الوعي الجمعي ودوائر القرار الداخلي.

ومن هذا المنطلق، فإن إنشاء “استخبارات الشرطة” بحد ذاته لم يأتِ كخطوة طارئة، بل يمثل استجابة مؤسساتية متقدمة لتحديات الحرب المركّبة، وتجسيداً لتحول الأمن اليمني من مفهوم الدفاع التقليدي إلى الأمن الوقائي المبني على التنبؤ بالمخاطر واحتوائها.

إن إعلان اللواء علي حسين لم يكن مجرد خطاب إعلامي، بل قراءة أمنية وطنية تعيد صياغة الوعي الأمني في الذاكرة الوطنية وتكسر كل محاولات العدو الذي عمل خلال الفترة الماضية على تشويه رجال الأمن والإساءة لهم.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: استخبارات الشرطة

إقرأ أيضاً:

مجلس الشورى يبارك العملية الأمنية النوعية “ومكر أولئك هو يبور”

الثورة نت /..

أعرب مجلس الشورى عن تقديره للجهود المتميزة للأجهزة الأمنية وتمكنها من تنفيذ عملية “ومكر أولئك هو يبور” والإيقاع بالشبكة التجسسية التابعة لغرفة عمليات مشتركة للمخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، والاستخبارات السعودية.

وعبر المجلس في بيان له اليوم، عن الفخر والاعتزاز بهذا الإنجاز الأمني الكبير، وبما وصلت إليه الأجهزة الأمنية من قدرات عالية ويقظة وحس أمني أسهمت في كشف المتورطين في سفك دم اليمنيين بعمليات إجراميه شنها العدو الأمريكي الإسرائيلي على الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية والأحياء السكنية والأسواق.

وبارك هذا الإنجاز النوعي، الذي مثل انتصارا لدماء الشهداء والجرحى وتضحيات الشعب وصموده وثباته في مواجهة قوى الشر ومؤامراتها الخبيثة المنفذة عبر الخلايا الإجرامية التي استهدفت أمن واستقرار الشعب اليمني لثنيه عن مواقفه المشرفة خلال معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.

ولفت البيان إلى أن هذه العملية كشفت عن حجم حقد النظام السعودي وما يقوم به من أعمال عدوانية وتآمرية على الشعب اليمني تتماهى مع مخططات ومؤامرات العدو الصهيوني والأمريكي على اليمن نتيجة الثبات على الموقف في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني.

وثمن عالياً تلك الانتصارات التي تحققت للشعب اليمني في ظل حكمة وشجاعة القيادة الثورية والسياسية في زمن الخنوع والتطبيع، ومكنته من الثبات والصمود وتجاوز معركة الدفاع عن الوطن إلى تحقيق معادلة الردع الإقليمية ومواجهة الهيمنة والصلف الأمريكي والصهيوني في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان والحراك الجنوبي يباركان الإنجاز الأمني في عملية “ومكرُ أولئكَ هو يبور”
  • السامعي يُشيد بالإنجاز الأمني لوزارة الداخلية في عملية “ومكرُ أولئكَ هو يبور”
  • تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان يبارك الإنجاز الأمني في عملية “ومكرُ أولئكَ هو يبور”
  • مجلس النواب يُبارك الإنجاز الأمني النوعي في عملية “ومكرُ أولئكَ هو يبور”
  • مجلس الشورى يهنئ الأجهزة الأمنية على نجاح العملية النوعية “ومكر أولئك هو يبور”
  • مجلس الشورى يبارك العملية الأمنية النوعية “ومكر أولئك هو يبور”
  • الرئيس المشاط يبارك الإنجاز الأمني الكبير الذي حققته العملية النوعية (ومكرُ أولئكَ هو يبور)
  • الإنجاز الأمني اليمني الكبير .. عملية ’’ومكر أولئك هو يبور’’ تكشف أخطر شبكات التجسس المشتركة ضد اليمن
  • وزارة الداخلية بصنعاء تعلن نجاح عملية «ومكرُ أولئكَ هو يبور» وتكشف شبكة تجسّس مرتبطة بـ«غرفة استخباراتية» في السعودية