شهد البرلمان العراقي تحولات كبيرة بدأت بالتعددية الحزبية التي انتهت بانقلاب 1958، مرورا بانقلابات 1963 و1968، وصعود صدام حسين إلى السلطة عام 1979، وصولا إلى الغزو الأميركي عام 2003، وانتهاء بتقاسم السلطة بين المكونات السياسية وفق التفاهمات التي قامت عليها العملية السياسية بعد سقوط النظام السابق.

فقد انتُخب أول برلمان عراقي عام 1925 باسم "مجلس الأمة" في العهد الملكي، قبل أن يُلغى بانقلاب 1958.

وأعاد صدام حسين إحياءه عام 1980 باسم "المجلس الوطني" حتى عام 2003، ثم تشكّل لاحقا باسم "مجلس النواب العراقي".

المرحلة الأولى: النظام الملكي

أعلن الملك فيصل بن الحسين عند تتويجه ملكا على العراق في 23 أغسطس/آب 1921، أن أول خطواته ستكون إجراء انتخابات لتشكيل أول مجلس تأسيسي في البلاد.

وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول 1922، أعلن الملك تشكيل المجلس التأسيسي وحدد الانتخابات في 24 من الشهر نفسه، وأجريت الانتخابات فعليا في 25 فبراير/شباط 1924، وضم المجلس 100 عضو برئاسة عبد المحسن السعدون.

وشغل المثقفون (من العسكريين والموظفين ورجال الدين والمحامين والأطباء) نسبة 29% من المقاعد، بينما حاز التجار على 21%، وحصل شيوخ القبائل وملاك الأراضي على نصف المقاعد تقريبا.

حدد الملك مهام المجلس في 3 بنود وهي: وضع دستور المملكة العراقية والبت في المعاهدة البريطانية العراقية ووضع قانون الانتخابات.

وبحسب الدستور الذي أقره المجلس التأسيسي، أصبحت السلطة التشريعية في العراق منوطة بمجلس الأمة، المكون من مجلسي الأعيان والنواب.

وتكون مجلس الأعيان من 20 عضوا عينهم الملك، وحدد مدة العضوية في 8 سنوات، مع تجديد نصف الأعضاء كل 4 سنوات.

أما مجلس النواب فينتخب بالاقتراع العام، مع تقسيم العراق إلى 3 مناطق انتخابية حسب عدد السكان.

بعد اعتماد قانون انتخاب مجلس النواب في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1924، أصدر الملك قرارا بإجراء الانتخابات في 22 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، وانتهت في 23 يونيو/حزيران 1925 بفوز 88 نائبا، وانتخاب رشيد عالي الكيلاني رئيسا للمجلس.

شهد العهد الملكي إقامة 16 انتخابا برلمانيا، كان آخرها في الخامس من مايو/أيار 1958، التي قاطعتها جبهة الاتحاد الوطني دعما لحزب البعث والحزب الشيوعي بعد حظرهما. وفاز المؤيدون للحكومة في تلك الانتخابات بـ140 مقعدا من أصل 145، مقابل 5 مقاعد للمرشحين المستقلين.

إعلان

ومن بين المجالس التي شهدها العهد الملكي، لم يكمل سوى المجلس التاسع (الدورة 1939-1943) مدته الرسمية، بينما حُلت بقية المجالس قبل انتهاء دوراتها.

المرحلة الثانية: ما بعد انقلاب 1958 حتى 1979

في 14 يوليو/تموز 1958، ألغى العراق النظام الملكي وأعلن الجمهورية، وفي اليوم نفسه حُلّ مجلس الأمة بجناحيه. ولم تُجر أي انتخابات تشريعية في هذه الفترة بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي.

وفي 1963 نفّذ حزب البعث العراقي أول انقلاب له، وأصبح عبد السلام عارف رئيسا، وشُكّل المجلس الوطني لقيادة الثورة، الذي تولى السلطة التشريعية والتنفيذية معا.

لاحقا، وفي 1968، نفّذ البعثيون انقلابهم الثاني، وتولى أحمد حسن البكر الرئاسة، واستمرت البلاد دون انتخابات تشريعية في هذه الفترة.

المرحلة الثالثة: عهد صدام حسين

في أوائل عام 1980، أسس صدام حسين هيئة تشريعية باسم المجلس الوطني، يتبع مجلس قيادة الثورة، ويضم 250 عضوا. وكان المجلس الوطني مقتصرا على تقديم التوصيات فقط، دون أن يكون لمجلس قيادة الثورة أي التزام بتنفيذها.

وفي 20 يونيو/حزيران 1980، أُجريت أول انتخابات بعد انقلاب 1958، بمشاركة نحو 860 مرشحا، فاز 187 منهم من حزب البعث. ومنذ ذلك التاريخ، انتظمت الانتخابات كل 4 سنوات حتى عام 2000، مع سيطرة حزب البعث على معظم المقاعد.

وانتقدت جهات دولية هذه الانتخابات ووُصفت بأنها "شكلية ولا تمثل كامل الطيف السياسي العراقي"، خاصة مع اشتراط مجلس قيادة الثورة موافقة القيادة السياسية على أي مرشح قبل السماح له بخوض الانتخابات البرلمانية.

المرحلة الرابعة: ما بعد غزو العراق

بعد غزو العراق عام 2003، حُلّ المجلس الوطني وشكّل الحاكم المدني الأميركي بول بريمر مجلس الحكم الانتقالي. وفي مارس/آذار 2004، وقع المجلس على الدستور المؤقت، الذي نص على انتخاب الجمعية الوطنية الانتقالية في موعد لا يتجاوز نهاية يناير/كانون الثاني 2005، لتتولى صياغة الدستور العراقي الدائم.

أُجريت انتخابات الجمعية في 30 يناير/كانون الثاني 2005، وفاز فيها الائتلاف العراقي الموحد بأغلب المقاعد (140 مقعدا)، وشغلت النساء 85 مقعدا. وعقدت الجمعية أول اجتماع لها في 16 مارس/آذار 2005، وتولى رئاستها ضاري الفياض ثم حاجم الحسني، في حين شغل جلال الطالباني رئاسة مجلس الرئاسة، وإبراهيم الجعفري رئاسة الحكومة.

وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005، أُقرّ الدستور الدائم في استفتاء شعبي، ودخل حيز التنفيذ في العام التالي، وأصبح النظام العراقي جمهوريا نيابيا برلمانيا، مع مجلسي النواب والاتحاد:

مجلس النواب: يتكون من 325 عضوا يُنتخبون بشكل مباشر مدة 4 سنوات، مع فصلين تشريعيين سنويين مدة كل منهما 8 أشهر.

مجلس الاتحاد: يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، لكنه لم يُشكل فعليا ولم يشرع له قانون خاص به، كما نص دستور 2005.

وفق التفاهمات السياسية بعد 2003، يُخصص منصب رئيس مجلس النواب للسنة، ورئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة.

ومنذ 2005، شهد البرلمان العراقي أحداثا عدة أبرزها:

في ديسمبر/كانون الأول 2005: أجريت أول انتخابات بموجب الدستور، وعقد البرلمان أولى جلساته في مارس/آذار 2006، مع توترات طائفية وأعمال عنف، منها تفجير أبريل/نيسان 2007 الذي أسفر عن مقتل النائب محمد عوض وإصابة 22 آخرين. في يونيو/حزيران 2007: قاطعت جبهة التوافق العراقية جلسات البرلمان احتجاجا على محاولة تنحية رئيسه محمود المشهداني، قبل أن تعود بعد إعادة تعيينه. في ديسمبر/كانون الأول 2008: استقال المشهداني احتجاجا على مطالبة بعض النواب بمناقشة قضية الصحفي منتظر الزيدي الذي رمى الرئيس الأميركي جورج بوش الابن بالحذاء. في مارس/آذار 2010: أسفرت الانتخابات عن فوز ائتلاف العراقية بزعامة إياد علاوي. إعلان في أبريل/نيسان 2014: أجريت الانتخابات التشريعية الثالثة، وعقد المجلس أولى جلساته بعدد أعضاء بلغ 328 عضوا. في مايو/أيار 2018: أجريت انتخابات على وقع تظاهرات شعبية ضد الفساد والبطالة، مع خلافات حادة بين النواب واستقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي. في أكتوبر/تشرين الأول 2021: عقدت انتخابات برلمانية مبكرة، تصدّر فيها التيار الصدري بـ73 مقعدا قبل انسحابه لاحقا بعد أن منعته الكتل الأخرى من تشكيل الحكومة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2025: أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة في الاقتراعين العام والخاص تجاوزت 55%، وبلغ عدد المصوتين 12 مليونا و3143 ناخبا.

وشهد النظام الانتخابي تعديلات عدة أبرزها:

عام 2020: أقر قانون الانتقال من نظام الدائرة الواحدة إلى نظام الدوائر المتعددة (بحيث يكون هناك 329 مقعدا موزعة على 83 دائرة، منها 9 للأقليات الدينية والقومية). عام 2023: أقر مجلس النواب تعديلات قانونية أعادت جزءا من نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة وإلغاء نظام الدوائر المتعددة. في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بعد دعوى تزوير، مما ترك المنصب شاغرا أكثر من عام. رؤساء البرلمان منذ 2005

تولى منصب رئاسة مجلس النواب العراقي منذ إقرار دستور 2005، عدد من الشخصيات على النحو التالي:

محمود المشهداني: في الفترة بين مارس/آذار 2006 وديسمبر/كانون الأول 2008. إياد السامرائي: بين أبريل/نيسان 2009 ويوليو/تموز 2010. محمد معصوم: في الفترة بين يونيو/حزيران 2010 ونوفمبر/تشرين الثاني 2010. أسامة النجيفي: نوفمبر/تشرين الثاني 2010 ويوليو/تموز 2014. سليم الجبوري: يوليو/تموز 2014 وسبتمبر/أيلول 2018. محمد الحلبوسي: شغل فترتين، الأولى من سبتمبر/أيلول 2018 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، والثانية من يناير/كانون الثاني 2022 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2023. محسن المندلاوي: من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024. محمود المشهداني: من أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2025.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات نوفمبر تشرین الثانی أکتوبر تشرین الأول المجلس الوطنی العهد الملکی یونیو حزیران مجلس النواب مارس آذار

إقرأ أيضاً:

إغلاق صناديق الاقتراع في العراق.. تعرف إلى تاريخ الانتخابات البرلمانية

أغلقت، مساء الثلاثاء، صناديق الاقتراع لـ "التصويت العام" في الانتخابات البرلمانية العراقية.

وجاء الإغلاق للأجهزة الانتخابية بشكل إلكتروني في تمام الساعة السادسة مساء دون تمديد، وفق ما هو مقرر من مفوضية الانتخابات.

وكانت المفوضية أعلنت في وقت سابق أنه سيجرى تخزين بيانات الاقتراع، وإجراء عدّ وفرز إلكتروني ويدوي للمطابقة.

كما بينت أن النتائج الأولية ستعلن خلال 24 ساعة من عملية الإغلاق، فيما ستعلن النتائج النهائية بعد عدة أيام عقب الانتهاء من فحص الطعون.



وأغلقت، مساء الثلاثاء، صناديق الاقتراع لـ"التصويت العام" في الانتخابات البرلمانية العراقية.

وجاء الإغلاق للأجهزة الانتخابية بشكل إلكتروني في تمام الساعة السادسة مساء دون تمديد، وفق ما هو مقرر من مفوضية الانتخابات.

وفي وقت سابق الثلاثاء، شهد العراق انطلاق التصويت العام في الانتخابات البرلمانية، بمشاركة أكثر من 20 مليون ناخب، لاختيار ممثليهم في مجلس النواب.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي.

ويتنافس في الانتخابات 7 آلاف و743 مرشحًا، بينهم 5 آلاف و496 رجلًا، وألفان و247 امرأة.



بينما يحق لـ 20 مليون ناخب و63 ألفا و773 الإدلاء بأصواتهم، في 8 آلاف و703 مراكز اقتراع تتوزع في جميع محافظات البلاد، لاختيار 329 عضوًا بمجلس النواب هم المسؤولون عن انتخاب رئيس الجمهورية ومنح الثقة للحكومة.

يُذكر أن الدورة الحالية لمجلس النواب بدأت في 9 كانون الثاني/ يناير 2022، وتستمر 4 سنوات، ووفق القانون العراقي، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية.

تاريخ الانتخابات العراقية 

خاض العراقيون في 2005 أول اقتراع تشريعي بعد سقوط نظام البعث، وانتخابٌ لهيئة انتقالية تكتب الدستور وتدير المرحلة الجديدة في البلاد بـ6655 مرشحًا مسجّلًا. وصوّت نحو 8.4 ملايين شخص بنسبة تقارب 58%.

بعده بأشهر أُجري الاستفتاء على مسوّدة الدستور في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2005، تمهيدًا لانتخابات برلمان دائم. ثم جاءت انتخابات 15 كانون الأول/ديسمبر 2005 التي شهدت مشاركة أوسع وأرقاماً مشاركة مرتفعة؛ تراوحت بين “قرابة الثلثين” و”فوق 70%”، مع تسجيل برلمانيين 275 مقعدًا ومرحلة سياسية جديدة تحت دستور 2005.

وفي 7 آذار/مارس 2010 أُجريت انتخابات مجلس النواب بمشاركة قُدِّرت بأكثر من 62%. و6,529 مرشحًا. ودخلت القوى السياسية مرحلة مفاوضات مطوّلة أفضت إلى تشكيل حكومة ائتلافية.

وفي 30 نيسان/أبريل 2014 أُجريت انتخابات مجلس النواب بتنافس 9032 مرشحاً على 328 مقعدًا بنظام القوائم المفتوحة والتمثيل النسبي. سُجِّل نحو 62% إقبالًا من هيئة ناخبين بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. تغيّر احتساب المقاعد إلى أسلوب سانت ليغو المعدّل لتوزيع المقاعد، على مستوى المحافظات، وهو تعديل هدف إلى زيادة التناسُب وتقليص أفضلية القوائم الكبرى وفتح المجال لتمثيل أوسع داخل كل محافظة؛ كما أُعيد توزيع المقاعد التعويضية لتُمنَح للمحافظات مباشرة، ما عزّز حصة الكيانات ذات الأصوات المتوسطة والصغيرة داخل الدوائر المحلية.



وفي 12 أيار/مايو 2018 أُجريت انتخابات مجلس النواب بمشاركة 6986، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عبر وكالة الأنباء العراقية أن عدد من يحق لهم التصويت ناهز 24.35 مليونًا، وأن نسبة المشاركة بلغت 44.52% من المسجّلين، وعقب إعلان النتائج الأولية دخلت القوى السياسية في مفاوضات ممتدة لتشكيل حكومة ائتلافية وفق الآليات الدستورية المعتمدة.

وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021 أُجريت انتخابات مبكّرة استجابة لمسار إصلاحي أعقب احتجاجات 2019، مع اعتماد دوائر أصغر ومتعددة بدل الدوائر الواسعة. بلغت المشاركة الرسمية نقلا عن المفوضية، نحو 41% من أصل هيئة ناخبين تقارب 22.1 مليونًا، وبـ 3249 مرشحاً. جرت العملية بإشراف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومراقبة أممية موسّعة. 

استُخدمت في انتخابات 2021 إجراءات تقنية أوسع مثل التسجيل البيومتري وأجهزة التحقّق، واعتمد القانون صيغة الدوائر المتعددة بما عزّز التنافس المحلي داخل المحافظات ضمن الأطر الدستورية والإجرائية المعمول بها.

وفي 2025 تجدّد الاقتراع لاختيار مجلس نواب من 329 مقعدًا وفق التمثيل النسبي المعدَّل، بإدارة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ودعم فني من "يونامي". 

مقالات مشابهة

  • المستقلون يقتصرون على 75 فقط.. 7740 مرشحاً يتنافسون على مقاعد البرلمان العراقي
  • إغلاق صناديق الاقتراع في العراق.. تعرف إلى تاريخ الانتخابات البرلمانية
  • اليوم الثاني لانتخابات البرلمان.. إقبال كثيف على لجنة ميت عقبة بالجيزة
  • عاجل| مراسل الجزيرة: مجلس الشيوخ الأميركي يقر تشريعا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد
  • حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025‎
  • غرفة عمليات "القومي لحقوق الإنسان" تتابع اليوم الأول لانتخابات النواب
  • غرفة عمليات القومي لحقوق الإنسان تتابع اليوم الأول لانتخابات النواب
  • القضاء يدعو إلى ضرورة تعديل الدستور العراقي
  • مجلس الشيوخ الأميركي يصوت لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد