السياسة العمانية.. صوت «الحياد» الشجاع
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
خلال أكثر من خمسين عامًا، كانت السياسة الخارجية العُمانية سياسة ثابتة، ترتكز على مرتكزين هامين، الأول: الحياد التام في جميع القضايا السياسية، والثاني: عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. وعلى هذه الثوابت مضت سلطنة عُمان في طريقها الطويل نحو السلام والأمن الدوليين.
ولم يكن هذان المرتكزان مجرد شعارات تُرفع، كما هو الحال عند بعض الدول، ولكنهما كانا عمودين أساسيين بنت بهما الدولة علاقاتها مع جميع دول العالم.
غير أن هذا الحياد ليس حيادًا سلبيًا كما يتوهم البعض، بل كان حيادًا إيجابيًا، خاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية ومناصرة القضية الفلسطينية.
وهذا ما نلمسه في مواقف الدولة وخطابات وزارة الخارجية والتصريحات الرسمية، التي لم تكن حيادا صامتا وهي ترى المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الغاصب، بل فعلت ما يستوجب عليها فعله، وما يرضاه ضميرها السياسي والأخلاقي، فارتفع صوتها في المنابر الدولية، وأوضحت موقفها الصريح والحازم الذي يتوافق مع صوت الشارع العُماني والضمير الإنساني.
في المقابل، لم تؤيد سلطنة عُمان أي تدخل في شؤون الدول الأخرى منذ قيامها، ولم تكن طرفا في أي صراع مسلح في العالم.
وهذه المواقف الثابتة والراسخة انطلقت من مبدأ حازم وواضح، وهو أن السلاح لا يحل المشكلات، وأن الدبلوماسية والحوار هما المبدآن اللذان بإمكانهما إحلال السلام الدائم وإطفاء نار الخصومات.
ولذلك ظل موقفها ثابتا كجبل راسخ في أحلك الظروف، ولم تنجرّ وراء العواطف السياسية أو المغامرات غير المحسوبة أو الضغوطات الإقليمية.
وفي كل مرة أثبتت سلطنة عُمان أنها كانت على الجانب الصحيح، وأنها كانت تفكر بعقلانية وواقعية بعيدا عن العنتريات الفارغة التي ارتأتها دول أخرى.
وفي التاريخ السياسي العربي الحديث، كان صوت سلطنة عمان المحايد عاليا وسط ضجيج وصخب الصوت العربي الهادر، ولم يكن أبدا صوتا انفعاليا أو شعارا شعبيا ترفعه لإرضاء طرف ضد آخر.
ورغم الضغوطات السياسية التي مورست ضدها في بداية قيام الدولة العُمانية الحديثة، وفي ظل حاجتها آنذاك للمساندة السياسية العربية، إلا أنها لم تركب موجة المقاطعة ضد مصر التي ركبتها معظم الدول العربية، واحترمت القرار السيادي الذي مارسه الرئيس محمد أنور السادات من خلال زيارته التاريخية لفلسطين المحتلة عام 1977م.
وبعد حين من الدهر، كان الموقف العُماني واضحا ومحايدا أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وكان أيضا حياديا صارما أثناء حرب تحرير الكويت، ولذلك اكتسبت سلطنة عُمان احترام وثقة جميع الأطراف.
ووقفت الدولة العُمانية موقفا رافضا للتدخل العسكري في اليمن، ولم تقاطع دمشق بعد أن عُلقت عضويتها في جامعة الدول العربية، وسر على ذلك الكثير من شواهد الحياد السلبي في ظاهره، والإيجابي في جوهره، الذي يحترم سيادة الدول الأخرى.
وفي المقابل، لم تتردد سلطنة عُمان أثناء معركة تحرير الكويت في المشاركة في الحرب، لأنها كانت حربا عادلة ومشروعة، ولم تقف الدولة صامتة أثناء المجازر الإسرائيلية -كما أشرتُ في البداية- فكان موقفها صريحا وواضحا من القضايا العادلة للشعوب، وصوتها عاليا بما يكفي لتبيين وجهة النظر العُمانية.
إن مبدأ الحياد يحتاج إلى كثير من الشجاعة، كما تحتاج القرارات الصعبة والمصيرية إلى إرادة حازمة وحاسمة، لا تتقنها سوى الدول ذات التاريخ السياسي التراكمي، الذي أتى عبر سنوات طويلة من التجربة السياسية على مر العصور.
وهذا ما تفعله سلطنة عُمان دائما، ولا تفرط فيه أبدا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الع مانیة
إقرأ أيضاً:
منال عوض: النجاح المحقق في مواجهة التحديات البيئية نتيجة دعم القيادة السياسية
أعلنت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، عن الانتهاء من تقرير حالة البيئة في مصر لعام ٢٠٢٣، وإطلاقه على الموقع الإلكتروني لوزارة البيئة، وذلك في إطار تعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى حماية البيئة وصون الموارد الطبيعية، ليكون تجسيدًا لالتزام الدولة المصرية بدمج البعد البيئي في كافة مسارات التنمية، تحقيقًا لرؤية مصر 2030، واستجابة للتحديات المحلية والقضايا البيئية الإقليمية والدولية.
وأكدت عوض أن النجاحات التي نراها اليوم جلية لم تكن لتتحقق لولا الدعم غير المسبوق من القيادة السياسية، وإيمانها العميق بأهمية حماية البيئة كركيزة أساسية في بناء الجمهورية الجديدة.
لفتت د. منال عوض إلى أن التقرير يعرض جهود مواجهة التحديات البيئية المختلفة، ومنها مواجهة التحديات المرتبطة بندرة المياه وتلوث نهر النيل والموارد المائية، حيث تبنت الدولة سياسات متكاملة للحد من التلوث وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية. حيث شهد عام 2023 تعزيز الرقابة على الصرف الصناعي، ورفع كفاءة محطات المعالجة، وتوسيع مشروعات تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة في الأغراض التنموية. وقد واكبت هذه الجهود التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية والإجهاد المائي الذي تعاني منه المنطقة بأسرها.
وأشارت الدكتورة منال عوض فيما يتعلق بصون التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية،أن الدولة حرصت على تعزيز حماية النظم البيئية الهشة من خلال تطوير المحميات ورفع كفاءتها وتفعيل السياحة البيئية كأداة للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية في آن واحد . كما واصلت الوزارة جهودها في حماية الأنواع المهددة بالانقراض وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، تأكيدًا لالتزام مصر بالاتفاقيات الدولية المعنية.
وأضافت د. منال عوض أن مصر حققت في مجال ادارة المخلفات الصلبة والخطرة تقدمًا ملموسًا في تفعيل منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات، بما يشمل إنشاء المدافن الصحية، المحطات الوسيطة، ومصانع معالجة وتدوير المخلفات،إلى جانب تطوير آليات التخلص الآمن من المخلفات الخطرة والطبية. وتعكس هذه المنظومة استجابة حقيقية لمتطلبات التحول نحو الاقتصاد الدائري وتقليل الأثر البيئي للمخلفات. كما تم تطوير السياسات الوطنية فيما يخص الإدارة البيئية للمواد الكيميائية والملوثات العضوية الثابتة، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لمصر، مع تنفيذ مشروعات للتخلص الآمن من المواد الخطرة والملوثات ذات التأثير الممتد على صحة الإنسان والبيئة.
وأوضحت وزيرة التنمية المحلية والقائم باعمال وزير البيئة أن التقرير أولى أهمية بالغة للبعد الاقتصادي والاجتماعي للبيئة، حيث واصلت الدولة دعمها لمفهوم الاقتصاد الأخضر، من خلال تحفيز الاستثمارات الصديقة للبيئة، وتبني مشروعات الاقتصاد الدائري، وربط الحوافز الاقتصادية بالأداء البيئي، بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل خضراء للشباب.
وقد دعت عوض كافة الشركاء وأصحاب المصلحة من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى مواصلة الشراكة الفعالة من أجل بيئة أكثر استدامة وعدالة للأجيال القادمة.
للاطلاع على التقرير يرجى الدخول إلى الرابط التالي:
https://www.eeaa.gov.eg/Reports/1147/Details