الثورة نت:
2025-11-12@22:08:03 GMT

هل بدأت أمريكا رحلة الهبوط؟

تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT

 

 

بينما تتباهى واشنطن بالكفاءة والنظام والريادة، تكشف الأحداث الأخيرة في الداخل الأمريكي حقيقة مغايرة. فقد أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية توقف الخدمات الأرضية جزئيًا في مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك بسبب نقص الموظفين، فيما واجه مطار رونالد ريغان الوطني في العاصمة واشنطن تعطّلًا مماثلًا، نتيجة النقص في عدد مراقبي الحركة الجوية.

هذه المؤشرات البسيطة على سطح الواقع تعكس أزمة أعمق في إدارة الدولة الأمريكية، دولة كانت طوال عقود نموذجًا للكفاءة والتنظيم، لكنها اليوم تواجه فشلًا إداريًا يطال أساسيات حياتها اليومية.
الإغلاق الحكومي الأخير الذي أدى إلى تأجيل آلاف الرحلات ليس مجرد حدث فني، بل هو إشارة قوية إلى هشاشة المؤسسات الأمريكية. فالخلل في إدارة المطارات — أحد أكثر القطاعات حساسية وصرامة في العالم — يظهر أن الانقسام السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لم يعد مجرد صراع على السياسات، بل أصبح أداة تهدد سير الدولة نفسها. الخدمات الأساسية التي كانت مفترضة أن تعمل بلا توقف باتت رهينة لمساومات سياسية، ما يعكس هشاشة النظام الإداري ومحدودية قدرة الدولة على الحفاظ على استمرارية الأداء.
ما يزيد القلق أن الأزمة ليست اقتصادية بحتة، رغم أن لها أبعادًا اقتصادية واضحة. الولايات المتحدة تواجه ديونًا عامة تتجاوز 35 تريليون دولار، وعجزًا متناميًا في الميزانية، وتراجعًا في ثقة المستثمرين. الإغلاق الحكومي المتكرر لا يوقف الموظفين فحسب، بل يُجمد سلاسل التوريد، ويعطل النقل والتجارة والسياحة، ويترك أثرًا مباشرًا على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت ذاته، تستمر الولايات المتحدة في إنفاق مئات المليارات على الحروب الخارجية وبرامج التسليح، بينما مطاراتها الكبرى تتوقف عن العمل بسبب نقص موظفين، ما يكشف عن فجوة ضخمة بين المظهر الخارجي للقوة والواقع الداخلي الذي بدأ ينهار بصمت.
إن ما يحدث اليوم في أمريكا ليس مجرد عجز إداري، بل رمز لتآكل المؤسسات. فقد أصبحت الدولة التي كانت تُدار بعقل الدولة نفسها تُدار بعقل الحملات الانتخابية، حيث تتحول مؤسسات الخدمة العامة إلى أداة ضغط وحسابات حزبية. الإدارة التي كانت مرجعًا للعالم في التنظيم والكفاءة، أصبحت عاجزة عن أداء أبسط وظائفها الأساسية، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة على قدرة هذه الدولة على الاستمرار في قيادة المشهد العالمي.
التاريخ يعلمنا أن سقوط الإمبراطوريات لا يبدأ بمعركة خارجية، بل حين تنهار المؤسسات وتغيب روح الانضباط الداخلي. من روما إلى بريطانيا، لم تنهض الإمبراطورية إلا حين استعادت مؤسساتها القدرة على العمل بانسجام. أمريكا اليوم تمشي على الطريق ذاته، فبين الانقسام السياسي العميق، ومؤسسات عاجزة، وقيادة منشغلة بتصدير قوتها للخارج، تترسخ فكرة أن الأزمة أكبر من مطارات متوقفة؛ إنها أزمة ثقة ومصداقية وهيبة مؤسسية.
قد تمتلك واشنطن المال والتقنية والإعلام، لكنها بدأت تفقد الثقة بالمؤسسات، والإيمان بالنظام، والقدرة على الإصلاح الذاتي. هذه الركائز الثلاث هي ما يضمن استمرارية أي قوة عظمى. ومتى اهتزت هذه الأعمدة، تبدأ رحلة الهبوط، حتى لو استمر الطيران فعليًا والشعارات معلقة في السماء.
الرمزية هنا لا تقل أهمية عن الواقع المادي: مطارات متوقفة، رحلات معلقة، موظفون غائبون، كلها صور بسيطة لكنها مؤثرة تعكس حجم التحدي الداخلي الذي يواجه الدولة الأكثر تأثيرًا على الاقتصاد والسياسة العالمية. في الوقت ذاته، تُظهر هذه المشاهد أن الولايات المتحدة تعيش حالة من الهشاشة المزدوجة: هشاشة سياسية وادارية، وهشاشة اقتصادية متنامية، مما يجعل السؤال عن مصيرها أكثر إلحاحًا.
السؤال اليوم لم يعد مجرد: هل تتراجع أمريكا؟ بل أصبح: إلى أي مدى تستطيع أن تخفي هذا التراجع بينما تتعطل مطاراتها في قلب واشنطن، وتنهار مؤسساتها الأساسية أمام أعين العالم؟ الواقع يفرض أن نعيد النظر في الصورة المثالية التي لطالما عرضتها أمريكا عن نفسها، ويجعلنا ندرك أن القوة الكبرى تبدأ بفقدانها حين تهمل الداخل، مهما حاولت أن تظهره مهيمنًا في الخارج.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد حادث عرضي، بل إشارة مبكرة لتحولات كبيرة محتملة، وقد يكون مطار جون كينيدي ورونالد ريغان أولى علامات رحلة هبوط طويلة للأمة التي طالما اعتُبرت نموذجًا عالميًا للقوة والإدارة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

اجتماع تاريخي بين الشرع وترامب في البيت الأبيض

دمشق- يعقد الرئيس السوري أحمد الشرع محادثات غير مسبوقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض الاثنين 11 نوفمبر 2025، بعد أيام على شطبه من قائمة واشنطن للإرهاب.

ويعد الشرع الذي قاد ومعه فصائل أخرى عملية عسكرية أطاحت بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض منذ الاستقلال عام 1946.

وقبل عام فقط، كان الشرع الملقّب حينها بأبي محمد الجولاني، يتزعّم هيئة تحرير الشام المنبثقة من جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة قبل إعلان فك ارتباطها به. وشطبت واشنطن الهيئة من قائمة المنظمات الإرهابية في تموز/يوليو.

ومنذ توليها السلطة، سعت القيادة السورية الجديدة إلى قطع الصلة بماضيها العنيف وتقديم صورة أكثر اعتدالا للسوريين العاديين وللقوى الأجنبية.

ورأى مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية مايكل حنا أن زيارة الشرع إلى البيت الأبيض "تحمل رمزية كبيرة للزعيم الجديد للبلاد الذي يأخذ خطوة جديدة في تحوله المذهل من زعيم متشدد إلى رجل دولة عالمي".

التقى الرئيس الانتقالي ترامب أول مرة في السعودية أثناء جولة إقليمية كان الرئيس الأميركي يقوم بها في المنطقة في أيار/مايو.

وبعد وصوله إلى واشنطن، اجتمع الشرع مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا لبحث إمكانية مساعدة سوريا بعد سنوات من الحرب، ومع ممثلين عن منظمات سورية.

وأعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك في وقت سابق هذا الشهر بأن الشرع قد يوقّع اتفاقا الاثنين للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية الذي تقوده واشنطن.

وأنزل التحالف هزيمة عسكرية بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا عام 2019 بالتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد وتتفاوض حاليا للاندماج مع الجيش السوري.

كما أفاد مصدر دبلوماسي في سوريا فرانس برس بأن الولايات المتحدة تعتزم في الوقت نفسه إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من دمشق   "لتنسيق المساعدات الإنسانية ومراقبة التطورات بين سوريا وإسرائيل".

- "تقدّم" -

وكان قرار وزارة الخارجية الأميركية الجمعة شطب الشرع من القائمة السوداء متوقعا.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت إن حكومة الشرع تعاونت مع الولايات المتحدة في العثور على أي أميركيين مفقودين والتخلّص من أي أسلحة كيميائية ما زالت في سوريا.

وأكد بأن "هذه التدابير يتم اتخاذها في معرض الإقرار بالتقدم الذي تظهره القيادة السورية بعد رحيل بشار الأسد وأكثر من خمسين عاما من القمع في ظل نظام عائلة الأسد".

وأعلنت وزارة الداخلية السورية السبت أنها نفذت 61 مداهمة وألقت القبض على 71 شخصا في "حملة استباقية لتحييد التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية"، وفقا لوكالة "سانا" الرسمية.

وذكرت بأن عمليات الدهم استهدفت مواقع حيث توجد خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية بما في ذلك في حلب وإدلب وحماه وحمص ودير الزور والرقة ودمشق.

وتأتي زيارة الشرع إلى واشنطن بعدما زار مقر الأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر ليكون أول رئيس سوري منذ عقود يلقي خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقادت واشنطن الأسبوع الماضي تصويتا لمجلس الأمن رفع العقوبات الأممية المفروضة عليه.

وتسعى سوريا التي خرجت من نزاع مدمّر دام 13 عاما، إلى تأمين تمويلات لإعادة الإعمار التي قدّر البنك الدولي كلفتها بأكثر من 216 مليار دولار.

 إلى تأمين تمويلات لإعادة الإعمار التي قدّر البنك الدولي كلفتها بأكثر من 216 مليار دولار.

مقالات مشابهة

  • فوضى في مطارات أمريكا و إلغاء 1200 رحلة ونقص حاد في المراقبين الجويين.. تفاصيل
  • NYT: أمريكا تعمل للحد من التأثير الإيراني في العراق.. وهذا بشأن الوصاية الشيعية؟
  • الكنز الخفي والثروة الأغلى التي لا تعوَّض
  • فتوى للتعامل مع أمريكا.. مفتي هيئة تحرير الشام: داعش خوارج والتنسيق مع التحالف مشروعٌ لحفظ السيادة
  • لماذا العلاقة متوترة بين أمريكا وفنزويلا؟
  • إدارة التراث بالشرقية تنظم رحلة تعليمية إلى متحف «تل بسطا» لطلاب المدارس
  • اجتماع تاريخي بين الشرع وترامب في البيت الأبيض
  • رويترز: تقديرات بإلغاء 2200 رحلة جوية في أمريكا
  • إلغاء وتأخر آلاف الرحلات الجوية جراء الإغلاق الحكومي في أمريكا