حكم من طلق زوجته ثلاث مرات في زواج عرفي.. عطية لاشين يوضح التصرف الشرعي
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، يقول صاحبه: "تزوجت عرفيًا عن طريق الإنترنت ودخلت بها، ثم طلقتها ثلاثًا متفرقات، وبعد أن علم أهلها بذلك أجبروني على الزواج بها رسميًا، فهل الطلقات الثلاث لا تُحسب لأنها وقعت في زواج عرفي؟"
وأجاب الدكتور عطية لاشين قائلًا: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى في كتابه الكريم: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره"، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، الذي قال فيما روت عنه كتب السنة: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به".
وأوضح لاشين أن إسلام المرء لا يكتمل إلا إذا نفّذ حقًّا وصدقًا كل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء وافق هواه أو خالفه، مبينًا أن من يختار من الشرع ما يعجبه ويترك ما لا يريده، فقد آمن بالهوى لا بالإسلام الحق.
وأضاف قائلًا: إن الله تعالى ذمّ من يتعامل مع الدين بهذه الطريقة، فقال سبحانه: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يُردّون إلى أشد العذاب".
وأضاف عضو لجنة الفتوى أن السائل في واقعة سؤاله آمن بالزواج العرفي حين وافق هواه، فاعتبره زواجًا شرعيًا ومارس حقوق الزوجية بناءً عليه، ثم لما طلّق زوجته ثلاثًا في هذا الزواج أراد أن يتجاهل ما صدر منه بدعوى أن الزواج عرفي، وأن الطلقات لا تُحسب.
وقال لاشين موجهًا الحديث للسائل: "لقد صدق فيك قول الله تعالى: وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريقٌ منهم معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين، فأنت حين وافق الزواج العرفي رغبتك تمسكت به، وحين خالف رغبتك أنكرت شرعيته. وهكذا من يتعامل مع شرع الله بانتقائية لا يكون مؤمنًا كامل الإيمان، لأن الدين كلٌّ لا يتجزأ."
وبيّن الدكتور عطية لاشين أن السائل استخدم الزواج العرفي ليحلّ لنفسه المعاشرة الزوجية، ثم لما طلق ثلاثًا في هذا الإطار أنكر وقوع الطلاق بحجة أن العقد غير رسمي، متسائلًا: "كيف قبلت الزواج العرفي حين كان يخدم رغبتك، ثم رفضته عندما أصبح ضد هواك؟"، معتبرًا أن ذلك تناقض واضح يخالف روح الإسلام.
وأكد لاشين أن الزواج العرفي الذي استوفى أركانه وشروطه، من الإيجاب والقبول والشهود والمهر، هو زواج شرعي صحيح تترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الزواج الرسمي، بما في ذلك وقوع الطلاق متى صدر من الزوج.
وأضاف موضحًا: "بما أن السائل قد أوقع ثلاث طلقات متفرقات على زوجته في هذا الزواج العرفي، فإنها قد بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره زواج رغبة لا زواج تحليل، كما قال الله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره."
وشدّد العالم الأزهري على أن العقد الرسمي لا يُبطل ما سبق من طلقات صحيحة وقعت في زواج شرعي عرفي، موضحًا أن محاولة التحايل على أحكام الله لا تُسقط أثر الطلاق ولا تُغيّر من حقيقته الشرعية.
وأكد أن من أراد أن يعيش على منهج الإسلام فعليه أن يلتزم بما أمر الله به في كل الأحوال، لا أن يتبع هواه في الحلال والحرام.
واختتم الدكتور عطية لاشين فتواه بقوله: "لا يجوز لهذا الرجل أن يعقد على هذه المرأة عقدًا رسميًا بعد أن طلّقها ثلاثًا في زواج عرفي، لأنها أصبحت بائنة منه بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تتزوج غيره زواجًا صحيحًا ثم يفارقها ذلك الزوج بعد دخولٍ حقيقي بها."
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عطية لاشين الزواج العرفي الطلاق الثلاث الأزهر الفقه المقارن لجنة الفتوى الدکتور عطیة لاشین الزواج العرفی الله تعالى زواج عرفی فی زواج ثلاث ا زواج ا
إقرأ أيضاً:
هل يجوز بيع الأب هدية ذهبية أُهديت لطفله الصغير؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول حكم أخذ وبيع هدية ذهبية أُهديت لطفل صغير دون علمه، قائلاً إن الهدايا المقدمة للأطفال في مثل هذه الحالات عادةً ما يُقصد بها ولي الأمر، سواء كانت الأم أو الأب، وليس الطفل نفسه، وبالتالي البيع أو التصرف فيها من قبل الأم أو الأب جائز ولا حرج فيه.
حكم أخذ وبيع هدية ذهبية أُهديت لطفل صغير دون علمههل يجوز قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. الإفتاء: غير جائز لهذا السبب
نسيت اليمين بعد الحلف على زوجتي فهل تجب الكفارة؟.. أمين الإفتاء يجيب
منهجنا الوسطية.. رئيس القطاع الشرعي بالإفتاء: المفتي لا يصدر فتواه بمعزل عن أهل التخصص
حكم رد الهدية من دون سبب شرعي .. الإفتاء توضح
وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية اليوم الأربعاء، أن جرت الأعراف على أن مثل هذه الهدايا تُقدّم للطفل بصورة تمثل الأم أو الأب، فالمقصود بالهبة هو ولي الأمر، وليس الطفل نفسه.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أن الغالب في مثل هذه المواقف أن بيع الهدايا يكون عند الحاجة، أما إذا لم توجد حاجة فيُفضل الاحتفاظ بها أو استبدالها بهدايا أعلى قيمة لاحقًا، لتُوظف في صالح الأطفال في التعليم أو الزواج أو ما ينفعهم مستقبلًا.
وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء أن الشرع الشريف أباح هذه التصرفات للأم إذا كانت الهدية وصلت إليها، وللأب إذا كانت وصلت إليه، مشددًا على أن الأصل في هذه الأمور "الغنم بالغرم"، أي من يغنم يتحمل ومن يغرم يغنم، للحفاظ على التوازن بين المكسب والمسؤولية في التعامل مع الهدايا العائلية.
ما حكم رد الهدية من دون سبب شرعي؟وكان ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال مضمونه: ما حكم رد الهدية من دون سبب شرعي؟ فأنا أهديت صديق لي بعض الهدايا ولكنه رفض قبولها، وقد سبَّب هذا لي حزنًا شديدًا، فهل يجوز شرعًا رفض الهدية وعدم قبولها من دون سبب؟ وهل هذا يتفق مع سنة النبي عليه الصلاة والسلام؟.
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: حثَّ الشرع الشريف على التهادي؛ لأنَّه من بواعث المحبة وزيادتها، وإثبات المودة والوئام بين الناس، وإذهاب الضغائن، وتأليف القلوب، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحضُّ على التهادي ويقبل الهدايا.
رَوى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ».
والذي عليه جمهور العلماء أنَّ قبول الهَدِيّة أمرٌ مستحبٌ؛ يقول الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 134-135، ط. دار إحياء التراث العربي): [اختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أو يندب؟ على ثلاثة مذاهب: والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور: أنه يستحب] اهـ.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن رد الهدية إذا لم يكن هناك سبب يدعو لذلك؛ فرَوى الإمام أحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ».
ورَوى الإمام أحمد في "المسند" عن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ، وَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ».
قال الإمام ابن حبان في "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" (ص: 242، ط. دار الكتب العلمية): [زجر النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وسلَّم في هذا الخبر عَن ترك قبول الهدايا بين المسلمين؛ فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية أن يقبلها ولا يردها، ثم يثيب عليها إذا قدر ويشكر عنها، وإنَّي لأستحب للناس بعث الهدايا إلى الإخوان بينهم إذ الهدية تورث المحبة، وتذهب الضغينة] اهـ.
وبينت بناء على ذلك؛ ان قبول الهدية أمرٌ مستحبٌ، ويكره ردُّها إلا إذا وُجد مانع شرعي من قبولها، ويستحب لمَن امتنع عن قبول هدية لعذرٍ أن يُبَيِّن عذره للمُهدي؛ تطييبًا لقلبه وجبرًا لخاطره.